أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الحلقة (61)

ملتقى الإيمان

أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي (61)

المبحث الثالث: في حقوق المرأة على الزوج والولي

وفيه تمهيد وأربعة مطالب:

المطلب الأول: حقوق المرأة قبل الزواج.

المطلب الثاني: حقوق المرأة عند البناء بها.

المطلب الثالث: حقوق المرأة في فترة الحياة الزوجية.

المطلب الرابع: حقوق المرأة بعد الفراق.

تمهيد:
إن الذي يتأمل الحقوق التي شرعها الله في هذا الدين لكل واحد من الزوجين، يرى فيها كمال علم الله وحكمته، وكمال عدله ورحمته، وأنه سبحانه وتعالى قد منح كلاً منهما من الحقوق ما تقوم به الحياة الزوجية على أكمل وجه، والحياة الأسرية على أتم حال.

وإن الذي يطالع حقوق الزوج مستقلة يظن أنه قد منح من الحقوق، ما لم تنل الزوجة مثلها، فإذا طالع حقوق الزوجة مستقلة ظن أنها منحت من الحقوق ما لم ينل الزوج مثلها، ولكنه إذا نظر إلى هذه وتلك، ظهر له كمال العناية الربانية بالجانبين، ولما كان من الصعب هنا التفصيل في حقوق الزوجة، كما هو الحال في حقوق الزوج، فقد سلكنا في حقوقها مسلكنا في حقوق الزوج من الاختصار، حسب المطالب الأربعة، وفي كل مطلب فروع تذكر فيه:

المطلب الأول: حقوق المرأة قبل الزواج.

وفي هذا المطلب خمسة فروع:

الفرع الأول: التحقق من رضاها بالزواج منه:
لا يجوز إجبار المرأة على الزواج بشخص لا ترضاه، لما في إجبارها من فقد الحياة المطمئنة والراحة النفسية والمودة والسكن والرحمة، وتلك من أهم أهداف الزواج في الشريعة الإسلامية، فلا بد من استئذانها في الزواج.

وإذن البكر يدل عليه سكوتها، لأنها تستحي في الغالب أن تصرح بالقول، أما إذن الثيب فلا بد أن يكون بالقول الصريح بقبول الزوج الخاطب.

كما في حديث أبي هريرة، رضي الله عنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن ) قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: ( أن تسكت ) .

وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، قالت:
"قلت: يا رسول الله، يستأمر النساء في أبضاعهن؟ قال: ( نعم ) قلت: فإن البكر تستأمر فتستحي، فتسكت، قال: ( سكاتها إذنها ) .

فإذا زوج الولي المرأة البالغة بدون إذنها، بكراً كانت أم ثيباً، فلها فسخ النكاح إذا لم ترضه.

كما في حديث ابن عباس، رضي الله عنهما:
"أن جارية بكراً أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم. .

وقد أثبتت إحدى الصحابيات هذا الحكم بالسنة النبوية، قاصدة بذلك سد الباب في وجه الأولياء المستبدين بالأمر مخالفين بذلك شرع الله، في إكراه المرأة على زوج لا ترضاه.

فقد روى بريدة، عن عائشة، رضي الله عنها قالت:
"جاءت فتاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته، قال: فجعل الأمر إليها، فقالت: قد أجزت ما صنع أبي، ولكني أردت أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء "..

بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر استشارة المرأة من تثق به وترى أن يشير عليها بما ينفعها، عندما ذكرت له فاطمة بنت قيس، رضي الله عنها أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، أنكحي أسامة بن زيد ) فكرهته، ثم قال: ( انكحي أسامة بن زيد ) فنكحته، فجعل الله فيه خيراً، واغتبطت " .

ومع ذلك فان المرأة ليست مطلقة الحرية في استبدادها بزواج نفسها ممن تشاء، كما أن وليها ليس مطلق الحرية في تزويجها بمن يشاء، بل يجب عليها أن تعود إلى وليها ليلي عقد نكاحها، وقد اشترط الجمهور الولي في النكاح، إلا إذا عضلها عن النكاح بغير حق، فإن الولاية تنتزع منه وتعود إلى الحاكم، حتى لا يضر الأولياء قريباتهم بالعضل، وقد وردت نصوص كثيرة تؤيد رأي الجمهور، خلافاً لأبي حنيفة رحمه الله. .

لأن المصلحة وان كانت تعود إلى المرأة بالدرجة الأولى وكذلك المضرة، فإن وليها وأسرتها تعود إليهم مصلحتها ومضرتها أيضا، لأنها قد تزوج نفسها من غير كفء، فيكون ذلك عاراً على أسرتها كلهم. .

وللولي أن يزوج الصغيرة إذا وجد الكفء الصالح الذي يخشى فواته، كما فعل أبو بكر رضي الله عنه في تزويج بنته عائشة رضي الله عنها، برسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت ست سنين، وإن كان لم يدخل بها إلا وهي بنت تسع .

وبما تضمنه هذا الفرع تأمن المرأة على حياتها الزوجية، فلا يملك عصمتها من لا ترضاه زوجاً لها.
0
326

هذا الموضوع مغلق.

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️