أحاديث زوجية خاصة جداًَ !!

الأسرة والمجتمع

بسم الله الرحمن الرحيم


مجالس النساء .. أحاديث زوجية خاصة جداًَ

لم أكن أتخيل مجرد خيال أن يحظى هذا الموضوع بنصيب الأسد من اهتمام زميلاتي الجديدات .. تعليقات ونكت وأخبار يتناقلنها بكل فرح وسرور عبر الهاتف والجوال والأوراق أحياناً والطامة الكبرى أنه مؤخراً كسرن الحواجز فصار الحديث يدور في فلك الأخبار الشخصية .
الشكوى هذه لا تمثل حالة خاصة وذلك أن كثيراً من المجالس – وللأسف يدور فيها الحديث عن الأمور الزوجية الخاصة سواء بالتلميح أو التصريح وعبر طرق شتى وأساليب متنوعة .. وفي تحقيقنا اليوم نتناول هذا الموضوع مع ملاحظة أن الطرح خاص بمجالس النساء فقط حيث قمت بحمل استبانة دونت فيها عدداً من الأسئلة للتوصل إلى جملة من الحقائق المهمة المتعلقة بالموضوع فإلى نتائجها :
منتشر ومرغوب :
في رأيك ما مدى انتشار الكلام في الأمور الزوجية الخاصة سواء بالتصريح أو التلميح – التعليقات والنكت – وذلك في مجالس النساء ؟
كثير 70% - وسط 20% - قليل 10%
بالنسبة للنساء المستمعات لهذه الأحاديث برأيك ما موقفهن تجاهها ؟
1- الرغبة للخوض فيها 55%
2- اللوذ بالصمت 25%
3- الرفض والإنكار 20%
أسباب ومسببات
أزاحت المشاركات في التحقيق الستار عن الأسباب الواقفة خلف انتشار هذه المواضيع فجاءت على النحو التالي :
1- ضعف وازع الحياء .
2- الفراغ .
3- مخالطة قرينات السوء .
4- كثرة الاجتماعات النسائية سواء بسبب الوظائف أو العلاقات الخاصة .
5- الجهل بالحكم الشرعي .
6- الغفلة عن الآثار السلبية المترتبة على الموضوع .
7- القنوات الفضائية التي كانت سبباً مباشراً في بث الجرأة لدي الكثير مما يعرض فيها من مشاهد ساقطة وأغان وكلمات بذيئة .
8- حب الاستطلاع لدى البعض .
9- ظن بعض النساء أنهن بخوضهن في هذا الموضوع يكتسبن قلوب من حولهن ممن لديهن ميل إليه.
10- اعتقاد البعض أنه مجال مفتوح للحصول على ما تود من معلومات وحقائق تخص الموضوع .
11- قلة الإنكار وضعف جانبه من قبل الحاضرات غير المحبذات له .
12- عدم طرح المواضيع الهادفة والمسابقات المتنوعة وتوجيه كلمات النصح وغيرها من وسائل الدعوة في مجالس النساء .

أين التقوى .. وأين الحياء ؟
الشيخ محمد بن عبد الله الهبدان – إمام وخطيب جامع العز بن عبد السلام ومدرس العلوم الشرعية بثانوية الأندلس – اطلع على التحقيق ووافانا مشكوراً بالتعليق الآتي :
الحمد لله الذي خلق لنا من أنفسنا أزواجاً لنسكن إليها وجعل بيننا مودة ورحمة , أحمده حمد الشاكرين وأصلي وأسلم على خير البرية وأزكي البشرية صلاة وسلاماً دائمين ما دامت السموات والأرض أما بعد :
أرقام مفزعة ونسب مروعة وحقائق تدل على المستوى المتدني في أخص جوانب حياتنا الزوجية, سبعون بالمائة من النساء يرين انتشار الحديث في الأمور الخاصة بين الزوجين سواء كان ذلك تصريحاً أم تلميحاً !! وخمس وستون بالمائة منهن يرغبن في الخوض في مثل هذه الأحاديث !
ولم يقتصر الأمر على المجالس فقط , بل تعدى ذلك إلى أن تنقل الجمل الهابطة والعبارات الساقطة والتي يستحي الزوج أحياناً أن يقولها لزوجته .. من خلال الجوال ! فلا حول ولا قوة إلا بالله .. ماذا بقى من أسرار لم تفش .. وماذا بقي للإنسان من أخبار لم تبد .. كيف يليق بالمسلمة أن تخوض في الأحاديث الرخيصة ؟ كيف يليق بالعاقلة الرزان أن تنزل إلى مستوى الاستهتار والمجون والكلام التافه ؟ .
أين الحياء الذي هو جمال المرأة ورونقها ؟! أين العفة التي هي بهاء الفتاة وحسنا ؟! أين مراقبة الله تعالى والخوف من عقابه ؟!
فيعلم الله .. كم من المشاكل وقعت وكم من المصائب حلت وكم من الزيجات انفصلت بسبب هذه الأحاديث والأخبار التي تدور في فلك فراش الزوجية المصون من العزيز الجبار .. أيليق بالمسلمة التي عرفت عظم الوقت وأنه أثمن من أن يضع في مثل هذه الأعمال الوضيعة التي لا تصدر إلا عن الفارغين والفارغات والتافهين والتافهات .
أي فخر يكون بكشف السوءات ؟ وقد قيل إنها سميت السوءة سوءة لأنه يسوء الإنسان كشفها .. والمرأة العاقلة تأبى كشف سوءتها فطرة وعقلاً مع ما جاء في الشرع من تأكيد ذلك فكيف يسوغ إبداؤها بالحديث عنها , كأن السامع ينظر إليها ؟
لابد للمسلمة أن تربأ بنفسها أن تكون من هذا النمط من الناس الذين وصفهم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بشر الناس في قوله : "إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر أحدهما سر صاحبه " رواه مسلم .
بل إفشاء هذه الأسرار قد يؤدي بالمرأة إلى النار كما روى الإمام أحمد في مسنده (3/353) عن جابر قال :"بينما نحن مع رسول الله ـصلى الله عليه وسلم ـفي صفوفنا في الصلاة ـصلاة الظهر أو العصرـ فإذا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتناول شيئاً ثم تأخر فتأخر الناس فلما قضى الصلاة قال له أبي بن كعب شيئاً صنعته في الصلاة لم نكن نصنعه ؟ قال : عرضت على الجنة بما فيها من الزهرة والنضرة فتناولت منها طبقاً من عنب لآتيكم به فحيل بيني وبينه ولو آتيتكم به لأكل منه من بين السماء والأرض لا ينقصونه شيئاً ثم عرضت على النار فلما وجدت سقمها – يعني حرها – تأخرت عنها وأكثر من رأيت فيها النساء اللاتي إن ائتمن أفشين وإن يسألن بخلن وإن يسألن الحفن" .
وهل أعظم من أمانة فراش الزوجية والاحتفاظ بأخباره ومجرياته ؟ فلماذا تفتحين على نفسك باباً إلى النار ؟ هل تودين يا أخية أن تكوني من أهل النار .؟
يا أخية : تأملي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم" رواه البخاري .
هل يا ترى تلك الأحاديث التي تتحدث عن أسرار الزوجين الخاصة من رضى الله تعالى أم من سخطه ؟ هل إبداء أسرار فراش الزوجية يؤدي إلى النعيم أم إلى نار الجحيم ؟
إذن لماذا تسلكين هذا المسلك الذي نهايته مظلمة وخاتمته بائسة ؟.
يا أخية : قد تتصورين أن الكلام في مثل هذه القضايا الخاصة يجذب إليك الأنظار , ويلفت إليك الأبصار ؟
وأقول : ثم ماذا بعد ... ماذا بعد أن يسخط عليك العزيز الجبار .. ماذا بعد أن أغضبت الملك القهار .. ماذا لو رضي الخلق كلهم ورب الناس عليك ساخط ! كيف تحرصين على إرضاء من هو تراب بسخط الملك الوهاب ؟
عن عائشةـ رضي الله عنهاـ أن رسول الله ـصلى الله عليه وسلم ـ قال "من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس , ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس " رواه ابن حبان في صحيحه والترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع.
ثم اعلمي – يا رعاك الله – أن كل الذين يتناقلون هذه الأخبار وتلك المواقف والأسرار والتي تغضب الملك الجبار ستحاسبين أنت عليها لأن النبي ـصلى الله عليه وسلم ـ يقول :"من سن في الإسلام سنة سيئة فعمل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء" رواه مسلم .
فهل أنت بحاجة إلى أن تحملين نفسك أوزار غيرك من الناس ؟ إذن التزمي وصية نبيك محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ حينما قال :"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت" رواه مسلم .
أحكام إفشاء أسرار الزوجية ؟
بعد هذه الجولة الإيمانية بقي أن نتعرف على ما يجوز وما لا يجوز نقله من أخبار الحياة الزوجية فأقول وبالله التوفيق :
إفشاء أسرار الزوجية على أقسام :
القسم الأول : أن تكون هذه الأسرار فيما يتعلق بأمور الاستمتاع بين الزوجين ,ووصف التفاصيل الراجعة إلى الجماع وإفشاء ما يجري من المرأة من قول أو فعل حالة الوقع . فهذا الحديث فيها نوعين :
النوع الأول : إذا كان الحديث بلا حاجة فلا يجوز الكلام
النوع الثاني : إن كان الحديث فيها لإثبات حق أو رفع ظلم كأن تكون أمام القاضي أو من اتفقا على أن يكون المصلح بينهما فتنكر المرأة نكاح الزوج لها وتدعي عليه العجز عن الجماع أو نحو ذلك فهذا لا بأس بالحديث فيه لما يلي :
- روى البخاري في صحيحه أن رجلاً ادعت عليه امرأته العنة فقال : والله يا رسول الله إني لأنقضها نقض الأديم ولكنها ناشز تريد رفاعة ولم ينكر عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

القسم الثاني : إن كانت الأسرار فيما عدا ذلك فهو أيضاً على أنواع :
النوع الأول : إن كان الحديث في وصف الأزواج خلقياً فلا يجوز لقول النبي ـصلى الله عليه وسلم ـ : لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها" رواه البخاري. والمحذور نفسه موجود عند النساء فإذا استغرقت المرأة في وصف زوجها وجماله وبهائه قد يحدث في نفوس الحاضرات ما لا تحمد عقباه من الحسد ونحوه .
النوع الثاني :إن كان الحديث في وصف الأزواج خلقياً فهو بين أمرين :
الأول : إن كان الحديث ذماً : كوصفه بالبخل أو الجهل أو الغلظة فهذا لا يجوز إلا إذا كان على سبيل الشكاية لمن يريد الإصلاح كالقاضي ونحوه لأنها من الغيبة والغيبة كما هو معلوم ذكرك أخاك بما يكره وهي محرمة .
الثاني : إن كان الحديث مدحاً : فهذا على حسب المصلحة إن كان في الحديث عن صفاته منفعة فلا بأس وإلا فلا خوفاً من ترتب المفاسد
وأخيراً لابد أن تعلم المرأة المسلمة أن حفظ السر بحد ذاته من الفضائل والكمالات ,وإفشاءه من المثالب والأخطاء والعيوب , وقال الشاعر في ذلك :
إن المرء أفشى سره بلسانه .. ولا عليه غيره فهو أحمق
إذا ضاق صدر المرء عن سر نقدمه .. فصدر الذي يستودع السر أضيق

ولقد أدى إفشاء الحديث الذي أسره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى حفصة ونقلته إلى عائشة وما تبع ذلك من تآمر ومكايدات في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اعتزال النبي صلى الله عليه وسلم نساءه شهراً من شدة موجدته عليهن وفي ذلك يقول الله تعالى "وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير" التحريم 3 .
ثم يواجه المرأتين بخطئهما ويدعوهما إلى التوبة لتعود قلوبهما إلى الله بعد أن بعدت عنه بما كان منهما وإلا فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة "إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير" التحريم .
إن في هذا الحادث لتوجيهاً بليغاً للمرأة المسلمة بقيمة حفظ سر زوجها وأثر هذا الحفظ في استقرار النفوس والضمائر والبيوت . فهل تعي ذلك نساؤنا ؟
أسال الله تعالى ذلك وأن يستر عوراتنا ويؤمن روعاتنا والله أعلم وصلي الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .


مجلة الدعوة
منقول


و الحمد لله رب العالمين.....
8
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

معتزه بالاسلام
جزاك الله خيرا على طرح هذا الموضوع الطيب وليت الجميع مثلك يكتبن مثل هذه المواضيع الهادفه
والسلام
*اخت النجوم*
*اخت النجوم*
جزاك الله خيرا اختي وبارك فيك
الحنان الدافئ
الله يجزاكي كل الخير يا أختي ......
أم خالد
رواااسيـم
رواااسيـم
:27: :24: :26: :26:
*جهينه*
*جهينه*
السلام عليكم
جوزيتي خـــــــــيراًَ وأنجــــــــبتِ شيخاًََ