الحمد لله والصﻼة والسﻼم على افضل خلق الله عجبا لـ ابن أدم يحيط به الخير من كل صوب وإن كان مبتﻼء غير ان الشيطان يجري فيه بمجرى الدم...أخترت موضوع اﻻحتساب لما له من فضل عظيم ...ورقي بمكانة وعُليّ بكل وقت وكل مكان وكل عمل وكل فعل ....أجر وأجر وأجر وثروة من الخير
لنبدأ بتعريفه اوﻻ..
ما معنى اﻻحتساب ؟
يجيبك ابن اﻷثير قائﻼً:
"اﻻحتساب في اﻷعمال الصالحة وعند المكروهات هو البدار إلى طلب اﻷجر وتحصيله بالتسليم والصبر، أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلباً للثواب المرجو منها".
فاحتسب أعمالك اليومية كفعل الطاعات... والصبر على المكروهات... والحركات والسكنات..
ليحسب ذلك من عملك الصالح...
إن اﻻحتساب عمل قلبي، ﻻ محل له في اللسان، ﻷن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن النية محلها القلب... وأنت عندما تحتسب اﻷجر من الله ذلك يعني أنك تطلبه منه تعالى، والله عز وجل ﻻ يخفى عليه شيء قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} (آل عمران:29).
والعمل ﻻبد فيه من النية... فالذي يحتسب وينوي بعمله وجه الله فهو لله، والذي ينوي بعمله الدنيا فهو للدنيا فاﻷمر خطير جداً.. جداً. و"النيات تختلف اختﻼفاً عظيماً وتتباين تبايناً بعيداً كما بين السماء واﻷرض، من النساء من نيته في القمة في أعلى شيء، ومن الناس من نيته في القمامة في أخس شيء وأدنى شيء. فإن نويت الله والدار اﻵخرة في أعمالك الشرعية حصل لك ذلك، وإن نويت الدنيا فقد تحصل وقد ﻻ تحصل.
قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} (اﻹسراء:18).
ما قال عجلنا له ما يريد!! بل قال ما نشاء ـ أي ﻻ ما يشاء هو ـ لمن نريد ـ ﻻ لكل إنسان ـ فقيد المعجِّل والمعجَّل له.
إذا من الناس من يعطى ما يريد من الدنيا ومنه من يعطى شيئا منه ومنهم من ﻻ يعطى شيئا أبدا. وهذا معنى قوله تعالى: {عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} .
أما قوله تعالى:{وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً} (اﻹسراء:19).
ﻻبد أن يجني هذا العمل الذي أراد به وجه الله والدار اﻵخرة". وهذا يعني أن نحرص على اﻻحتساب.
وﻻ تنس كذلك أجر احتساب النية الصالحة الذي ﻻ يضيعه الله أبدا حتى وإن لم تتمكن من أداء العمل الصالح الذي تنوي القيام به!!
" إن اﻹنسان إذا نوى العمل الصالح ولكنه حبسه عنه حابس فإنه يكتب له اﻷجر، أجر ما نوى. أما إذا كان يعمله في حال عدم العذر، أي: لما كان قادرا كان يعمله ثم عجز عنه فيما بعد فإنه يكتب له أجر العمل كامﻼً، ﻷن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما".
فمثﻼ إذا كان من عادته أن يصلي تطوعا ولكنه منعه مانع،ولم يتمكن منه فإنه يكتب له أجر كامﻼ.
أما إذا كان ليس من عادته أن يفعل فإنه يكتب له أجر النية فقط دون أجر العمل.
ولهذا ذكر النبي عليه الصﻼة والسﻼم فيمن أتاه الله ماﻻ فجعل ينفقه في سبيل الخير وكان رجل فقير يقول لو أن لي مال فﻼن لعملت فيه عمل فﻼن، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فهو بنيته فهما في اﻷجر ســواء".
أي سواء في أجر النية أما العمل فإنه ﻻ يُكتب له أجره إﻻ إن كان من عادته أن يعمله".
إن تعويدك نفسك على احتساب اﻷعمال خير على خير... فمن فضل الله ورحمته بعباده أنه ]من كان من نيته عمل الخير، ولكنه اشتغل بعمل آخر أفضل منه، وﻻ يمكنه الجمع بين اﻷمرين: فهو أولى أن يكتب له ذلك العمل الذي منعه منه عمل أفضل منه، بل لو اشتغل بنظيره وفضل الله تعالى عظيم.
لماذا من المهم أن نحتسب اﻷجر في كل شيء؟
حتى نحقق الغاية التي خلقت من أجلها، ﻷن خروجك إلى الحياة حدث عظيم ترتب عليه أمور كُلفت بها وتحاسب عليها... لذلك "فإنه ينبغي للمسلم أن يكون همه وقصده في هذه الحياة تحقيق الغاية التي خلق من أجلها، وهي عبادة الله تعالى، والفوز برضى الله ونعيمه، والنجاة من غضبه وعذابه، وأن يحرص، على أن تكون نيته في كل ما يأتي وما يذر خالصة لوجه الله تعالى سواء في ذلك اﻷمور والعبادات الواجبة أم المندوبة، أم المباحات، أم التروك فحينئذ تتحول المباحات إلى عبادات ويثاب على تركه للمحرمات، وقد دل على ذلك أدلة كثيرة...".
إن حرصك على احتساب اﻷجر في جميع أمورك سوف يجعلك في عبادة مستمرة ﻻ تنقطع فتكون ـ بإذن الله ـ قد قمت بما خلقك الله له، قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56) .
1) اﻻحتساب مهم جداً ﻷنه سوف يميز عباداتك عن عاداتك... "وﻻبد أيضا أن يميز العادة عن العبادة، فمثﻼ اﻻغتسال يقع نظافة أو تبردا، ويقع عن الحدث اﻷكبر، وعن غسل الميت، وللجمعة ونحوها، فﻼ بد أن ينوي فيه رفع الحدث أو ذلك الغسل المستحب... فالعبرة في ذلك كله على النية".
2) أنت بحاجة ماسة كذلك إلى احتساب النية الصالحة ﻷن جميع اﻷعمال مربوطة بالنية قبوﻻ وردا وثوابا وعقابا، ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم "إنما اﻷعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى".
اﻵن... أﻻ يبدو لك اﻷمر مهما وخطيرا؟... إذن. هيا لنحتسب كلنا...
لماذا الحديث عن اﻻحتساب ؟
قد تزهد في العمل الصالح أحياناً...!
بمعنى أنك ﻻ تجد حماسة له، ولربما كان السبب في ذلك أنك ﻻ تعلم أهمية هذا العمل وﻻ الثواب المترتب عليه، أو أنك تجهل أن بعض اﻷعمال البسيطة قد تبلغ بك المنازل العالية فتستهين بها...!
وفي الغالب يُفسر ذلك كله بعدم وجود اﻻحتساب في حياتك...
فلربما ﻻ تدرين ما هو اﻻحتساب؟ وﻻ ماذا نحتسب ؟.
وقد نشعر عندما نقوم ببعض اﻷعمال الصالحة بوجود من ينكر عليك ويقول لك: ﻻ تتعب نفسك... يكفي ما قمت به سابقاً... لماذا كل هذا المجهود؟ اﻷمر ﻻ يستدعي ذلك... ﻻ تحرم نفسك فأنت ما زلت شابا... إلخ.
سبحان الله! وهل العمل إﻻ في الشباب؟.
لو علم هؤﻻء أنهم هم المحرمون، وأنت من يقول لهم: كفى... كفى أريحوا أنفسكم من اللهو والعبث... وﻻ تتعبوها بالغفلة... وارحموها من حمل أثقال المعاصي المتراكمة...
أما إن كان ما تقوم به من أعمال صالحة فيه منفعة لﻶخرين كقضاء حاجات المسلمين من أقارب وأخوات في الله والتودد إليهم، فستسمع من ضعافاﻹيمان عبارات من نوع:
إنهم ﻻ يستحقون ما تفعله ﻷجلهم... في كل مرة تساعدهم وهم لم يساعدوك مرة واحدة... هل سبق أن قدمت لك فﻼنة هدية حتى تهديها تلك الهدية القيمة؟... إلخ.
وكأننا خلقنا لنعمل من أجل الناس!
فإن أرضونا تفانينا في اﻹحسان لهم، وأن أغضبونا تفانينا في اﻹساءة إليهم!...
إذا ماذا بقي لﻶخرة؟...
ما الذي ستجده في صحيفتك إذا كانت أعمالك كلها منصرفة للبشر حسب عﻼقتك الشخصية بهم وليست لله وحده!...
إن اﻷيام لتذهب سريعاً فﻼ تفاجأ بخلو صحيفتك من اﻷعمال التي تبتغي بها وجه الله...
أشعرت بأن هناك من يزهد جدا في العمل الصالح، بل ربما يعتبر بعض اﻷعمال الصالحة ضعفا ومهانة ! كالعفو والحلم مثﻼ... !
ﻷجل ذلك كله كان الحديث عن احتساب اﻷجر أمرا نحتاج إليه...
لنقف هنا مع هذة القصة ...
العريفي مع رجل فقد ستة من أبنائه ويرى في المنام أحدهم
http://www.safeshare.tv/w/AhBhMhnIcX
ما اﻷمور التي تدفعك للحرص على احتساب اﻷجر في أعمالك كلها؟
1) سرعة مرور الوقت وهذا يعاني منه الجميع فاستغلّ الدقائق قبل الساعات وقد قيل: (أمسك الذي مضى عن قربه، يعجز أهل اﻷرض عن رده).
2) موت الفجأة {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُﻼقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (الجمعة:8)
3) تغير اﻷحوال من صحة إلى مرض... ومن غنى إلى فقر... ومن أمن إلى خوف... ومن فراغ إلى شغل... ومن شباب إلى شيخوخة... ومن حياة إلى موت... !
4) ﻷنك محتاج إلى أعمال كثيرة تثقلين بها ميزانك، فاﻹنسان سرعان ما يفسد أعماله الصالحة بلسانه من كذب وغيبة ونميمة وسخرية... وهل يكب الناس في النار على وجوههم إﻻ حصائد ألسنتهم، فقد تأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال فتجد لسانك قد هدمها عليك... فﻼ تكون ممن لهم النصيب اﻷكبر من ويﻼت اللسان... فما أحوجنا إلى حسنة واحدة يثقل بها الميزان...
5) استشعر التقصير والتفريط في جنب الله {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} (الزمر:56).
6) الخوف من الله.. {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَﻻ شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (اﻷنعام:51).
إن الخوف من الله دافع قوي للعمل الصالح عموما.
7) الرغبة في حصول اﻷجر والثواب... قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}(العنكبوت:58).
8) أن فرصة العيش في الحياة الدنيا واحدة ﻻ تتكرر لتعويض ما فات... {أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (الزمر:58). ومع أنها فرصة واحدة إﻻ أنها تنقضي بسرعة أيضا... !، فعندما تجلس عند جدك وتقول له: احكِ لي قصة حياتك خﻼل الستين سنة الماضية فسيكيها لك في ساعة أو ساعتين!... أين ذهبت تلك السنون الطوال؟!...
ﻻ شك أن الحديث عنها سينتهي في يومين على أكثر تقدير...! قال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ...} (يونس:45). "أي اذكر يوم نحشرهم {كأن لم يلبثوا}

سفيرة نفسي @sfyr_nfsy
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

bessso
•
جزاك الله خيير ولازم ننتبه لموضوع النيه



سفيرة نفسي :
الله يجزاكم الف خير ...مشكوووراتالله يجزاكم الف خير ...مشكووورات
رفع الموضوع للفائده

الصفحة الأخيرة