
من الجميل أن يكون للمرء حلم يسعى لتحقيقه
كلما كبر يكبر معه ..
ويسعى لنيله جاهداً
حتى يتحول في يوم ما إلى حقيقة ينال منها ثمرة تعبه
بعد أن كان مجرد حلم .
يقول الشاعر:
ومانيل المطالب بالتمني * ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
الأحلام تتطلب السعي لأجلها ، والجهد والتعب لنجعلها واقعاً
الأحلام تتطلب التوكل على الله ، ثم مواصلة الكفاح لأجلها
لا التواكل والكسل والركون إلى زاوية التمني والإستسلام للتصور لتحقيقها
وإطلاق العنان للخيال ليجول فيها ويرسمها ويخدعنا أنها واقع يوشك أن يكون
هذا أمر غير مجدي ، لأنه لابد أن يصحو يوماًمن تصوراته ، فيجد أنه لم يتقدم خطوة
بل تراجع خطوات ، وأن الأيام سبقته ، وفاته الركب ، وتخلف عن المسير
وهو لم يزل في مكانه ..
وسيجد أن كل ماتبقى له من أمنيات الخيال واقعٌ اسمه اليأس..
وأن الأحلام تبخرت في الأوهام ،
وأن الصرح العالي الذي بناه بتمنياته دون أن يحول الأمنيات إلى واقع
قد هوى وتقوضت اركانه .
في التراث العربي قصص وعبر لكل موقف من الحياة
وهنا أحب أن أذكر هذه القصة التي تبين مصير الأحلام التي تظل حبيسة
ونتهاون في تحقيقها بسبب ضعف العزيمة أو التكاسل :
يحكى أن راعياً فقيراً كان يجري عليه رزق
من تاجر غني
عبارة عن سمن وعسل
كان هذا الراعي يبقي منهاشيئاً كل يوم .. في كوز علّقه
حتى أمتلأ الكوز .. بالعسل والسمن
فصار يمنّي نفسه ويحدثها قائلاً:
سأبيع ما في الجرة بإقل من سعر السوق
وسأشتري بثمنهاعشر أعنز يحملن ويلدن
وبعد خمس سنين سيصبحن أربعمائة عنزٍ
وسأبيعها وأشتري بثمنها مئة بقرة وثور أنتفع به في الزرع
وبعد خمس سنين سأبني بيتاً فاخراً، وأشتري عبيدأ
وأتزوج بامرأةٍ ذات حسب ونسب
تلد لي إبناً وسوف اؤدبهُ فأحسن تأديبه
فإذا رأيته يوماً عاقاً أضربه بالعصا
هكذا ...وهكذا..
ورفع العصا..
فأصابت الكوز وانكسر
وانصب مافيه ..
وتحولت أحلامه إلى سمن وعسل
ولكن فوق رأسه !
قصة ماتعة جداً ...
وصدقت ما نيل المطالب بالتمني...
تقبلي مروري