

أيتها المؤمنة : قد تجدين وحشة في قلبك ، أو بينك وبين ربك ، وقد تحرمين نوعاً من الطاعات
كنت تثابرين عليها فانقطعت عنها ، لنتوقف هنيهة . إنها صفارة إنذار ، إنها علامات تحذيرية ،
يجعلها الله جل جلاله لعباده رحمة منه لعلهم يلتفتون إلى ما أحدثوا من معصية ، ويتدبروا ما
وقعوا فيه من خطيئة ، ويتفكروا فيما جد فحال بينهم وبين رب حبيب طالما أذاقهم من رضاه ألوانا .
فإن وجدت أيتها المؤمنة تراجعاً في حفظك ، أو لاحظت ثقلاً في نفسك عن حضور مجالس العلم
ومواضع التذكير بالله ، فأنتبهي ، وانظري في أمر نفسك ، فلعلها زلة قدم في معصية أو خطيئة
غفلت عنها ، وخاصة تلك المعاصي التي هي في أعيينا صغيرة وهي عند الله كبيرة . كالكذب
والنميمة والغيبة . فإن هذا الثقل عن حضور مجالس العلم أثر من آثار المعاصي فإن العلم نور
يقذفه الله في قلوب عباده . والمعصية تطفئ نوره في قلب العبد . ولهذا لما رأى الإمام مالك
توقد ذكاء الشافعي ، وشدة فطنته قال له " إني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً فلا تطفئه
بظلمة المعصية " . وقد تلقى الشافعي نصيحة مماثلة في هذا الشأن من أستاذه وكيع بن
الجراح حيث يرويها فيقول :
شكوت إلى وكيع سوء حفظي
فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور
ونور الله لا يهدى لعاصــــيً
فإذا علمت ذلك أيتها المذنبة فأكثري من الاستغفار والتوبة والوبة .
ومما يجب ألا تغفلي عنه تلك الوحشة التي يجدها البعض في قلبه ، بينه وبين ربه ، ولو
اجتمعت لك الدنيا بأسرها ما محت تلك الوحشة . ولو لم يكن من آثار المعاصي إلا تلك الوحشة
لكان جديراً بالعاقل أن يتركها خوفاً من هذه الوحشة فليس على قلب المؤمن أمر منها . ومن
علامتها ألا تستشعر المؤمنة لذة في ذكر ولا في صلاة ، وأنها مهما اجتهدت في ذكر الله أو
طاعته فإنها تجد الباب موصداً . فإن وجدت مثل ذلك فاستشعري الندم ، وتدبري فيما وقع منك ،
وأكثري من التوبة والإنابة .
ومما ينبغي ألا تغفل عنه المؤمنة : إحساسها بظلمة قد تجدها في قلبها وتحس بها كما تحس
بظلمة الليل البهيم . فمن وجدت مثل ذلك فلتعلم أنها ظلمة المعصية . فإن للحسنة ضياءً في
الوجه ونوراً في القلب . وإن للسيئة سواداً في الوجه وظلمة في القلب . كما يقول ابن عباس -
رضي الله عنه - فإن أحسست بداية الظلمة فراجعي نفسك وأنظري في أمرك ، ولا تنسي أنها
علامة تحذير لعل العبد أن يتوب قبل أن تعم الظلمة وجهه . وأما أخطر علامات التحذير التي
ينبغي ألا تفوت على المؤمنة أو تغفلها : فهي حرمان الطاعات - وما أكثر من يشتكي ذلك -
ولو لم يكن للذنب عقوبة أكبر من أنه يصد عن طاعة الله لكفى بها مصيبة . فبذنب تقع فيه
المؤمنة تحرم من طاعات كثيرة كانت تلتذ بها خير من الدنيا وما فيها . وما أكثر من تفوتها
صلاة الضحى ، أو قيام الليل أو أذكار الصباح والمساء ، أو غيرها من القربات بعد أن
لازمتها . فلا يكون ذلك إلا بذنب أحدثته فلم تلتفت إليه بتوبة ، ولم تتراكه بأوبة . فتحرم من
بعض الطاعات ليكون ذلك علامة من الله لعلها تتدارك ما بدر منها .
وقد يلج العبد في المعاصي ، فيضعف القلب ، وتقوى في الروح إرادة المعصية ، وتتلاشى من
فؤاده الرغبة في التوبة والإنابة ، وقد يتوب ويستغفر استغفار الكذابين ، ويتوب توبة اللسان ،
غير ان القلب والروح معقودان على الذنوب والمعاصي وهذا سبيل الهلاك .
ولا تنسي أيتها المؤمنة أن المعاصي التي يرتكبها العبد مهما كانت صغيرة تصبح في قلبه
كالبذرة تولد أمثالها فلا ينتهي من معصية حتى يقع في غيرها ، حتى يصل الحال بالعبد أن يعز
عليه مفارقة تلك المعصية . وهذه علامة خطيرة . فمن علامة السيئة السيئة بعدها . ومن
ثواب الحسنة الحسنة بعدها . حتى تصبح الطاعة للمؤمن والمعصية للعاصي كالماء للسمك .
ومن علامة القلوب الحية أن المؤمن إذا ترك حسنة أعتادها ضاق قلبه ، وأكتأبت نفسه حتى
تضيق عليه الأرض برحبها حتى يعود إلى حسنته التي فارقها . أما المعاصي - نسأل السلامة
والعافية - فلو ترك معصية أعتادها ضاقت عليه نفسه حتى يعود إلى معصيته التي فارقها .
وهذه علامة القلب الميت . فالتفتي أيتها المؤمنة دائما لمثل هذه العلامات ، وسارعي بالتوبة
والأوبة والندم والاستغفار . وللاستزادة من هذا ، اصحبي كتب ابن القيم - رحمه الله - لا سيما
الداء والدواء. والله يغفر لي ولك .
وصلتني بالبريد الاليكتروني أعجبتني فأحببت أن اهديها لكم
والله لمن قراءت الموضوع ............حسيت ..اني لازم ارد اقولك موضوع جميل جميل جداااااااااا
مااقول غير جوزيتِ خيراً
:::::::::::::::::::::::
جمانة