.
.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله المتفرد بالعزة والبقاء، الذي كتب على كل المخلوقات الفناء
فقال: { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ . وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ }
سورة الرحمن:26-27
أختي الغالية ياقرة عيني
قد مضت سنتان لم نتقابل وكان يخفف أشواقنا الاتصالات طوال اليوم لبعضنا
كم فرحت بحملها وتخبرني بتخطيطها لولادتها وكيف وعدها زوجها ببناء بيت العمر لها
يرن الجوال وأرد على عجل
فإذا بهم يبلغوني بمرض حبيبة قلبي ورغبتها الشديده بلقائي
كيف حدث هذا ولما .. لقد اتصلت بها قبل يومين وكانت تشتكي من صداع والوحام
كيف حصل هذا
إنها مشيئة الله .. نعم أحبها الله فإبتلاها
كانت حامل بالشهر الثالث
أُصيبت بجلطة ونزيف بالدماغ
لم أعد أستطيع التفكير أحسست حينها بالضياع
ذكرت الله ودعيته ان يشفيها فلا قدرة لي ع الحياة بدونها
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله - صل الله عليه وسلم – قال:
حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس
رواه البخاري
وعن علي - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صل الله عليه وسلم - يقول: ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلَّى عليه سبعون ألف ملك حتى يُمْسِي، وإن عاده عشية صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريف {ثمر} في الجنة رواه الترمذي
جهزت شنطتي لسفر وحرصت على أخذ مبلغ مالي معي
توسطوا لنا أهل الخير لتوفير تذاكر لي ولأبنتاي وتركت أولادي مع ابيهم
مع التوتر والقلق وهول الصدمة التي احاطت بي بمرض اختي الغالية
لم اعلم ماذا وضعت بالشنطه من ملابس لي ولأبنتاي فكل شيء كان على عجله
صرفت مبلغ مالي ووزعته بأظرف بيضاء صغيره ونويته صدقه لأختي لعل الله يتقبله مني قبولا حسناً ويرفع عنها مصابها
وصلت للمطار وكلما وجدت عاملة نظافة اعطيتها ظرف مالي واشتريت لها وجبة إفطار وحرصت أن أقدمها لهم وأبتعد سريعاً حتى لايدخل بنفسي الرياء
قال حبيبنا رسول الله صل الله عليه وسلم "داووا مرضاكم بالصدقة " حسنه الألباني في صحيح الجامع
صعدنا الطائرة استغللت وقتي بالاستغفار والدعاء لها .. لكن الحقيقة الموجعه .. على انه عندي خلفية ممتازة بالدين الإسلامي لكن سبحان الله عندما وجدت نفسي داخل الحدث نسيت كيفية التصرف .. تاهت افكاري
بعد مايقارب التسع ساعات والتنقل بين المطارات وصلت لبيت أخي كل ماكنت افكر فيه حينها أن لا أظهر ضعفي وحزني امام أمي وأبي فلابد أن أٌقويهما رغم ان قلبي حزين مجروح على حبيبة قلبي
وضعت الأظرف بشنطتي الصغيرة وذهبنا للمشفى وكلما مررت من عند ممرضه أو عامل بالمشفى أعطيتهم ظرف وأسال الله أن يخفف عن أختي ماأصابها اللهم تقبلها مني قبولاً حسناً
وانا أمشي بالممر المؤدي لغرفتها .. احظر الكلام الذي سأخبرها به وكيف ستسعد برؤيتي
دخلت ووجدتها لاتعي ماحولها والتنفس الصناعي بحلقها والاجهزة موصله بها
صدمة الله لا يريها لأحد .. اقتربت منها .. رقية .. رقية انا جيت ردي علي
افتحي عيونك شوفيني ... لكنها لم ترد علي
قالوا لي بأنها تسمعني لكنها لاتستطيع الرد علي
أقتربت منها وبدأت أقراء ماأحفظه من القرآن الكريم
لأني أعرف ان القرآن الكريم شفاء
يقول الله تعالى ( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء)
ويقول سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)
ويقول سبحانه وتعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً)
ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها
وفي رواية لمسلم أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات
كانت تهتز مع الرُقية الشرعية اقسم بالله ان بطنها يتحرك بطريقة غريبه
كنت اقترب من إذنها واذكرها بحديث رسول الله
ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه – قال : دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يوعك فقلت : يا رسول الله إنك توعك وعكا شديدا، قال: ( أجل، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم، قلت : ذلك أن لك أجرين، قال : أجل ذلك كذلك، ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها، إلا كفر الله بها سيئاته كما تحط الشجرة ورقها
رواه البخاري
استمررنا بزيارتها يومياً نتحدث لها وكأنها تسمعنا نخبرها عن أبنائها ونحاول أن نسعدها
إلى أن جاء اليوم الذي مسكت به يدي بقوة وضمتها لصدرها آآآآآآآه ياحبيبتي وماهي الا ثواني حتى اسقطت يدي وعادت كما كانت
اليوم الثاني دخلت بغيبوبة وأخبرنا الطبيب بأنها النهاية وباليوم التالي توفيت رحمها الله وغفر لها
مدت الحدث منذ مرضها لوفاتها 10 ايام فقط
ووالله اني اختصرت الكثير مما حدث حتى لا أثقل عليكن مع ان عندي رغبة ملحه لأخرج مابنفسي لعلي أرتاح قليلاً
عشت بنظرة سوداويه للحياة الى ان استشعرت معنى هذا الحديث
قال رسول الله : عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا المؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له رواه مسلم
لم أعد كما كنت سابقاً فهذا صعب ولكني بدأت أتحسن كثيراً
اخواتي الغاليات خسرت اختي الوحيدة التي عشت معها منذ طفولتي خسرت من ستشاركني كبر سني وضعفي
لكن ثقتي بالله كبيره لانه سيجمعني بها بالفردوس الأعلى بلاحساب ولا سابقة عقاب بصحبة حبيبنا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم على سرر متقابلين
لكني خرجت من هذه التجربة القاسية وانا على يقين أننا كلنا سنذهب لنفس المصير
أصبحت على يقين بأننا مهما حملنا مشاعر للبشر سواء حب أو بغض فأنها بالنهاية ستكون مجرد ذكرى ولن تنفعنا إذا أصبحنا بالقبور وتوقفت أعمالنا حينها سنتمنى أن نعود وأن نسامح الجميع ونطلب منهم أن يسامحونا ويحللونا بالمقابل
كم هي تافهه تلك المشاعر البائسة التي سببت لنا كراهية وحقد للأخرين وتناسينا أن هناك حساب وعقاب
أختي الحبيبة علمتني التسامح والرضا بالقليل فقد سامحت من أذوها بحياتها وسببوا لها الألم
تغاضت عن الكثير لتعيش ولله الحمد ماتت شهيده أحسبها كذلك والله حسيبها
الله يرحمها ويغفر لها ويجعل قبرها روضه من رياض الجنة
اذكركن ونفسي بهذا الحديث الذي كلما قرأته شعرت بالرضا بالقضاء والقدر
في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يقول الله عز وجل: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صَفِّيَه من أهل الدنيا، ثم احتسبه إلا الجنة "
نسأل الله تعالى أن يشفي مرضانا، ويمتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبدا ما أحيانا
نسأل الله أن يعافي المسلمين من كل مكروه وسوء، وأن يرزقنا وإياهم الصبر والرضا، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين