تأهيل طفلي نجران وأسرتيهما نفسيا والصحة تتكفل باستئجار منزلين متجاورين لهما

الطفل السعودي يعقوب تحتضنه أخته التركية

الطقل علي "التركي" لدى الأسرة السعودية
الرياض، نجران: محمد العواجي، صالح آل صوان، مانع آل هتيلة
أصدر وزير الصحة الدكتور حمد بن عبدالله المانع صباح أمس توجيهات بتشكيل لجنة برئاسة مدير عام الصحة النفسية والاجتماعية بالوزارة لإعداد برنامج علمي تأهيلي للطفلين وعائلتيهما لتجاوز آثار محنة التبديل النفسية، على أن تتحمل الوزارة تكاليف البرنامج بما في ذلك استئجار منزلين متجاورين للأسرتين إن رأت اللجنة والأسرتان.
كما وجه لجنة التحقيق مع المتسببين في وقوع الخطأ بسرعة إنهاء التحقيق وإنزال أقصى العقوبات بحق من تثبت مسؤوليته عن الحادثة، مشيرا على أنه سيتم إعلان نتائج التحقيق حال الانتهاء منها.
أوضح ذلك المتحدث الرسمي لوزارة الصحة مدير عام الإعلام الصحي الدكتور خالد بن محمد مرغلاني، مشيراً إلى أن الوزارة تطبق إجراءات صارمة للتعريف بالمواليد ومنع الالتباس حيث يتم فور ولادة الطفل تطبيق المعايير الطبية الدولية المتعارف عليها في هذا الشأن وقت الولادة وأثناء تواجده مع الأم في غرفة العمليات والولادة إضافة إلى اتخاذ العديد من الإجراءات منذ دخول الأم للمستشفى، حيث يتم وضع سوار تعريفي خاص بالأم الحامل يكتب عليه الاسم ورقم الملف الطبي والتاريخ كما يعد ملف خاص بالطفل يتبع لملف الأم مرفق معه سوار مطابق لسوار الأم وسؤال الأم عن الاسم ثم قراءته على مسمع للتأكد مع صحته مع أخذ بصمة الإبهام الأيسر للأم في النموذج الخاص بذلك في ملف الطفل الذي يشمل تقريراً مفصلاً عن حالة الطفل الصحية.
وقال المرغلاني إنه عند ولادة الطفل يتم عرض المولود على والدته بشكل تستطيع معه التأكد من جنسه وسؤالها عن ذلك قبل قطع الحبل السري حيث يتم بعد قطع الحبل السري وضع السوارين في كاحلي رجلي الطفل اليمنى واليسرى عن طريق الممرضة التي قامت بالتوليد مع أخذ طبعات أقدام المولود لحظة الولادة ويوقع من قام بذلك في النموذج المعد له في ملف الطفل حيث تتم كتابة هذه البيانات في ملف الطفل ويتم التأكد من جميع المعلومات المطلوب تعبئتها في النماذج الخاصة بالملف.
وبين أنه يتم بعد ذلك وضع الطفل في غرفة خاصة بالمواليد (حضانة) وهو مكتمل التعريف.
وأشار إلى أنه قبل مغادرة الأم للمستشفى يتم إنهاء إجراءات الخروج وأخذ طبعات أقدام المولود وتوقع الممرضة التي قامت بأخذها في نموذج ملف الطفل حيث يتم تسليم الطفل للأم أو الأب بعد التأكد من الاسم في الأساور وجنس المولود ويوقع ولي الأمر في نموذج خاص لاستلام المولود، كما أن ملف المولود يظل في المستشفى لمتابعة حالته الصحية أثناء مراجعة المستشفى.
وأضاف أنه بالرغم من الإجراءات الاحترازية والمشددة التي وضعتها وزارة الصحة فيما يخص عملية تسليم المواليد فقد حصل خطأ غير مقصود من العاملين في غرفة الولادة بمستشفى الملك خالد بنجران وتم تسليم الطفل السعودي للعائلة التركية والطفل التركي للعائلة السعودية وقد اتضح لاحقاً عبر تحليل الحمض النووي في كل من تركيا والمملكة أن هناك خطأ حيث قامت الوزارة بالتنسيق مع إمارة وشرطة منطقة نجران بتشكيل لجنة تبين لها وجود خلط بين الأسرتين وعليه فسيتم رفع الموضوع للقضاء الشرعي للبت في هذه القضية.
وكشف المرغلاني لـ "الوطن" أن التسليم سيكون بطريقه نظامية وليست عشوائية بالتعاون مع الجهات المختصة ذات العلاقة، وقال إن الوزارة تعلن استعدادها التام لتحمل جميع ما يحكم به القضاء الشرعي بهذا الخصوص سواء كان تعويضاً مالياً أو غيره.
من جانبه، أوضح مدير عام الصحة النفسية والاجتماعية بالوزارة الدكتور عبدالحميد الحبيب أنه سيتم وضع خطة عمل لإعداد برنامج علمي تأهيلي للطفلين وأسرتيهما لمساعدتهما نفسياً واجتماعيا لتجاوز هذه المحنة، مشيراً إلى أن الخطة قد تستغرق شهرين قد تزيد أو تنقص.
من جهة أخرى، أوفد وزير الصحة الدكتور حمد المانع أمس مستشار وزارته الدكتور عبد العزيز نيازي إلى منطقة نجران للوقوف على حالتي طفلي نجران والالتقاء باللجان المشكلة للتحقيق في قضية الطفلين، وعلمت "الوطن" أن الدكتور نيازي الذي وصل إلى نجران صباح أمس واستمرت زيارته خمس ساعات ونصف الساعة، زار خلالها إمارة نجران سيرفع تقريرا عاجلا إلى وزير الصحة لوضع الحلول المناسبة والآلية المستقبلية لضمان استقرار العائلتين نفسيا واجتماعيا فيما يختص بعملية التبادل،ومعاقبة المتسبب.
ومن المتوقع أن تطال العقوبة مجموعة من قيادات صحة نجران، وإعادة هيكلة لأطباء مستشفيات المنطقة.
على صعيد آخر، وردت لـ"الوطن" معلومات عن اعتزام صحة نجران نقل موظفي مديرية الصحة بالكامل بعد مطالبة مالك المبنى بإخلائه، إلى مقر مستشفى النساء والولادة بالمنطقة وتحويل المركز الترفيهي بالمستشفى إلى مقر لمديرية الصحة، في مخالفة لنظام الإسكان بوزارة الصحة حسب المادة 11 برقم 28964 في 16/2/1426 والتي تنص على أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال استخدام أو تحويل السكن أو المرافق التابعة له مثل المركز الترفيهي لغير الغرض الذي أنشئت من أجله، ويعطي هذا النظام مهلة سنة من تاريخ اعتماده لجميع المناطق لإعادة السكن والمرافق التابعة له إلى أصلها.
واستمرارا لتفاعل أفراد المجتمع مع قضية طفلي نجران أعلنت مجموعة آل عمر عن تبرعها بسيارة يوكون موديل 2008 لنقل أي من العائلتين السعودية أوالتركية إلى أية منطقة من مناطق المملكة سواء في الأعياد أو المناسبات أو في فصل الصيف وإسكانهم في سكن المجموعة في المنطقة الشرقية ولمدة سنة كاملة،وقال مالك المجموعة مجاهد المعمر إن الوقوف إلى جانب الأسرتين ودعمهما معنويا واجب
............................................................

الأب السعودي المتنازع في نسب طفله: يعقوب وعلي ابناي فكيف أتخلى عن أحدهما
محمد المؤيد، قايد آل جعرة (نجران)
رن الهاتف فلم يتردد آل منجم في رفع السماعة، ليأتيه الصوت من الصرف الآخر، يطالبه بالحضور لمركز صحي الخالدية. استفسر عن السبب فوجد الرد هادئاً فالأمر يتعلق باجراءات استكمال تطعيم ابنائه ضد الحصبة. وللمرة الثانية لم يتردد آل منجم في مراجعة المركز، حرصاً منه على صحة اطفاله. هناك وجد طبيباً سودانياً، فانتهز آل منجم الفرصة لعرض حالة ابنه «علي» الذي يعاني من حساسية مفرطة لكنه لم يجد اجابة من ذاك الطبيب بل وجد اجابة من طبيب آخر دعاه الى مراجعته في مستشفى الملك خالد لفحص حالة علي، عندها رد آل منجم «جزاك الله خيراً». عاد آل منجم بطفله علي الى المنزل وفي اليوم الثاني بكّر في المراجعة للمستشفى سأل عن الطبيب «م» فلم يجده، فعرض حالة ابنه على اخصائية جلدية قدمت له العلاج، ليظهر بعدها الطبيب «م» ورغم علمه بأن ابنه علي تم عرضه على الاخصائية الا ان الطبيب اصر على رؤية الطفل وفحصه بنفسه فلم يتسرب الخوف الى قلب آل منجم كما لم يتسرب الشك الى ضميره عاد لمنزله ثم راجع المستشفى في اليوم التالي وذهب مباشرة الى مكتب الطبيب «م».
هناك سلم على شخص عرفه بنفسه بأنه موظف بإمارة نجران فأدرك آل منجم ان الامر ليس اعتيادياً فالمستشفى يجمع موظف البلدية وموظف الإمارة وبعد لحظات دخل ضابط من شرطة نجران سلم على آل منجم والذي بدوره انسحب لمراجعة عيادة العيون لكن موظف الإمارة طلب منه العودة لاحقاً فاعتقد آل منجم ان الرجل آنس منه حديثاً فرد بالموافقة على طلبه.
خرج آل منجم ثم عاد الى مكتب الطبيب «م» وما ان جلس حتى سمع مالم يتوقعه قال له موظف الإمارة: يا آل منجم «هناك مقيم تركي تقدم بشكوى يفيد فيها ان الطفل الذي معه ليس ابنه وان الطفل الذي معك هو ابنه، ويجب ان تلتقي الاب التركي ليرى طفله ويطمئن عليه».
حرك آل منجم رأسه لعل أذنه اصابها لغط ونظر الى الطبيب «م» لعله يعيد له ترتيب الاوراق او الكلمات المغلوطة فلم يجد سوى طأطأة الرأس منه مؤيدا ما دار ومؤكدا ان الحديث يخصه ويتعلق بطفله بل زاد الأمر تعقيداً بإصراره على انهاء القضية بشعار «سلم وتسلم».
عندما شعر آل منجم بوقع الصدمة ونزول الصاعقة على رأسه، ارتجف، ولم يشعر بما يفعل، وقف سريعاً وضاعف حضنه لطفله علي فارتمى الصغير في جنبات والده وهو لا يعرف ماذا يدور حوله لكنه ايقن ان الارتماء في حضن الاب الذي اعتاد عليه لأربع سنوات سعادة لا توصف.
انتابت آل منجم هستيريا الخوف والقلق، ولم يرد على اي حديث سوى بمزيد من الاحتضان للصغير الذي يرتمي في احضانه وسارع بالخروج، الا انه قبل ان يخرج سمع جيدا طلب موظف الإمارة «عليك وزوجتك والطفل الذي معك الحضور لعمل تحليل للحمض النووي». لم يودع آل منجم احدا فكيف يودع من فجروا قنبلة في وجهه، وكيف يودع من القوا الصاعقة على جسده.
الصراع النفسي
عاش آل منجم صراع النفس وآهات العذاب فمن جهة لا يعرف ماذا يرد على تساؤلات طفله «ماذا بك أبي» ومن جهة لا يعرف ماذا سيقول لأم تنتظر في لهفة وشوق طفلاً ارضعته واحتضنته وتنتظر عودته من المستشفى على أحر من الجمر لتعرف سر حساسية جلده ولسان حالها يقول اللهم اذهب الداء عن فلذة كبدي.
ماذا يقول لها انه ليس فلذة كبدك ادرك آل منجم ان الصدمة التي تعرض لها يجب ان يحتويها داخل نفسه لكنه هيهات ان يتحمل ما يقع بعيداً عن البال او الخاطر.
حاول اخفاء الامر عن زوجته في بادئ الأمر اوهمها عند عودته للمنزل ان ما به من «هستيريا» ليس سوى رد فعل على انفعال ومشاجرة كانت بينه وبين موظف في المستشفى. لكن قلب الزوجة ابتلع الطُعم برضاه، عندها حاول ال منجم اقناع زوجته بأن ترافقه في اليوم التالي لعمل تحاليل الحمض النووي فلم يخبرها بنوع التحليل حرصا منه على عدم صدمتها خاصة انها حامل في الشهر السابع، وحاول ايهامها بأن هناك تحاليل لمن ولدوا في تاريخ 10/7/1424هـ لكن قلب الام لم يبتلع هذه المرة الطُعم فانفجرت في وجهه واحتضنت صغيرها علي بقوة واجهشت البكاء لتبدأ اول جرعة من الازمة النفسية.
اليوم التالي
لم يراجع آل منجم المستشفى في اليوم التالي لأنه دخل في حيرة من امره كيف يخرج زوجته من المعاناة النفسية التي اصابتها ليرن الهاتف مجدداً، ويطلب منه الطرف الآخر الحضور لاجراء تحليل الحمض النووي وذلك من خلال الادلة الجنائية بشرطة نجران».
لم يتحمل آل منجم الاتصال فصرخ وفي نفسه الكثير. أتطالبونني ان احضر زوجتي لتسجيل صك شرعي بتخليها عن فلذة كبدها.. أتدعونني لان اتعهد على رحيل طفلي عن احضاني وفراقه عن احضان أمه.. أتلزمونني بأن أقتل ابوتي واذبح أمومة زوجتي انتظارا لتحاليل تثبت هذا أو تنكر ذاك.. ولان النفس حملت كل هذا وذاك، فضل الصمت واعتصرها في قلبه.
اما الصوت الذي استطاع آل منجم ان يخرجه من احشائه فكان عبارة عن طلب بمهلة لزوجته لعلها تشفى وتستطيع قدماها أن تحملاها الى مختبر التحاليل.
وبعد أيام اصطحب آل منجم زوجته والطفل علي الى المختبر الجنائي.
اجرى الفحص المطلوب دون ان يجد من يربت على كتفه ليشاطره حزنه فاستفسر آل منجم عن مصير التحاليل فاقنعوه انها (سري للغاية) فالعينات سترسل الى الرياض والنتيجة ستعود سرية للجنة المختصة.
عودة وانتظار
فضل آل منجم الا يفكر في شيء فالصدمة غيبت تفكيره وشلت عقله. وعاد للمنزل ينظر لطفله الذي انشغل باللعب أمام الأم فانهارت من هول المفاجأة وكأنها في حلم، لملمت ملابسها وخوفا على بقائها وحيدة في منزلها حيث يخرج آل منجم لعمله صباحا اتفقا على ان تبقى في هذا التوقيت تحت رقابة والدتها لعلها تخفف عنها المصاب.. فالأم تعرف كيف تعالج ألم عذاب الأم. واعتصر آل منجم وزوجته الخبر الفاجعة في جوفهما خوفا من تسربه الى الطفل علي وعندها يخسران كل شيء.
تسرب النتائج
ومضى العيد كئيبا على الأسرة التي عرفت الضحكات في جنبات منزلهما.. وبعد أيام قليلة، طالع آل منجم احدى الصحف ليرى صورة التركي (صاحب الدعوى) يحمل طفلا والخبر يقول ان الحمض النووي يؤكد وجود خطأ في نسب الطفلين ويعقوب الذي تربى مع الأسرة التركية هو ابن آل منجم.. وعلي الذي رباه آل منجم هو ابن الأسرة التركية.
استفسر آل منجم من زوجته هل اتصلت اللجنة، نفت، سأل نفسه ماذا حدث. لماذا لم يخبرونني بالنتائج ولماذا تجاهل أسرة تنتظر أصعب لحظات حياتها.
اختلى آل منجم بنفسه يفكرفي مصير طفل يجب ان يتخلى عنه (اذا صدقت تنبؤات الصحف).. وطفل يجب ان يحتضنه بعد غياب 4 سنوات.. صرخ في جوفه (علي ابني ويعقوب ابني.. فكيف أتخلى عن أحدهما).. وواصل صراخه (علي ابن التركي ويعقوب ابن التركي.. فكيف يتخلون عنهما)!! وظل محمد آل منجم الأب السعودي الذي وجد نفسه طرفا في قضية خطأ استبدال طفلين احدهما يزعمون انه تركي رغم انه رباه لأربع سنوات والآخر يقولون انه سعودي في احضان أسرة تركية.. ظل الأب يتجرع الألم في انتظار تدخل الجهات المختصة والاخصائيين النفسيين لعلهم ينقذون ما يمكن انقاذه.
...........................................


آل منجم مع الطفل التركي علي
سبحان الله ...