{ سمو }

{ سمو } @smo_4

محررة ذهبية

● ○ أخي اللدود ... عدوي الحبيب ○ ●

الأدب النبطي والفصيح

. . .


وسط شوارع قريتنا الصغيرة .. أسير بقلقٍ مخيف . لا أدري لماذا ينتابني اليوم خوفٌ من المجهول !!
رغم أني تعودتُ الذهاب للشاطيء كلما أنتابني اليأس والضيق ،،
حتى الحمام الذي أتلذذ بسماع هديله قد تغير حنينه و أنينه .. وكأنه ينذرني بحدوث شيءٍ ما .... !!


حاولت تجاهل مشاعري الغريبة و يممتُ وجهي شطر الساحل كي أراقب الغروب لعلي ارتاح ..
وما أن جلستُ قـُبالة البحرِ الهائج مثلي .. وأخذت أتأمل غضبَه .. صراخَ موجه .. حتى هاجت بداخلي براكينُ الغضب
مرّ شريط حياتي على ذاكرتي البالية ..


أواه يا بحر .. لو تعلم ما بي .. لو تعيش معي لحظةً من لحظات أيامي المترعة بالألم ..
أمي .. أبي .. محمد .. وآه ٍ من محمد ..! كل ذنبه أنه أخي .. وكل بؤسي أنني أخوه ..!!


عادت بي الذكريات للطفولة .. كنا كالتوائم .. لم نفارق بعضنا أبدا .. غير أن ذلك سبب بؤسي ..
لطالما سمعتُ المقارنات تـُتلى عليّ بكرةً وعشيا .. محمد أذكى منك .. محمد أكثر وسامة ...
محمد يـُعتمد عليه .. ليتك كنت َ مثل محمد .......!


كلمات تقتل كياني .. تشعرني بالعجز !


ومع ذلك كنت أحبه وكان يحبني أكثر لدرجة أنه تأخرعن دخول المدرسة عاماً .. كي
نلتحق بها سوياً ..

في آخر العام نجحنا .. عدنا إلى المنزل ركضاً .. لا تكاد الدنيا تسعُ فرحتنا ..
وبين يدي والدي ألقى كلٌّ منا شهادته ،،
ونحن نحاول التقاط أنفاسنا ،، نترقب منه بسمته ،، ننتظر كلمته ..

ابتسم أخيرا .. وحضن محمداً :
مبارك يا محمد .. أريدك الأفضل دائماً ..


ثم .... نظر إليّ وأطال النظر .. تثاءبت الكلماتُ على شفتيه .. فسقطت الحروف منها باردة باهتة ..
بطيئة ً مملة .. لا لشيء سوى أنني حصلتُ على درجاتٍ أقل من محمد .. ولم تكن أقل بكثير ..!!!!


يومها تركتُ شهادتي .. وفرحتي .. وخرجتُ لا أذكر أين ذهبت .. كل ما أذكره أنني بكيتُ كثيراً .. بكيتُ طويلا ً ..
والألمُ في داخلي كالبحر كلما اغترفت ُ منه غرفة .. عاد فامتلأ ..


ومن بين دموعي لمحته أمامي .. محمداً .. لم أتمالك نفسي ضربته وضربته .. حتى خرًّ من بين يدي مغشياً عليه ..
انتشيت .. وتعالت ضحكاتي المجنونة .. نظرتُ إليه ، تأملته جيداً ،

لا... لم يكن محمداً
بل طيف محمدٍ يلاحقني حتى في خلوتي ..!!!

. . .

أواه يا بحر.. لا أدري كيف اجتمعت بداخلي كل متناقضات القلب .. !
أحبه وأبغضه .. أشتاق إليه في الوقت الذي أتمنى بعاده ..
هو أخي اللدود !! .. و عدوّي الحبيب فكيف ذاك ؟!!

. . .

مرت السنوات .. وكانت الأيام أبطأ ما يكون .. والأحزان أثقل ما يكون ..
و في كل يومٍ مقارنة .. أكون الخاسر فيها بلا شك..!!!

وكـبـرنـــــــــــا ..

قرر محمد أن ينتقل للمدينة كي يكمل تعليمه .. أما أنا فقررتُ أن اختطّ لنفسي طريقاً آخر غير طريقه ..
بحثتُ لي عن عملٍ في القرية.. بعيداً عن كبرياء المدن .. وعجرفة مبانيها العالية ..

عملتُ واجتهدتُ .. ساعدت والدي في مصروف البيت بل وحتى
في مصروفه على محمد .. كنتُ أشعر أنني الأقوى .. كيف لا وهو يعيش من كدي وجهدي .!

خلال سنوات غيابه .. أحسستُ بقرب والدي مني .. صار يقدرني أكثر .. ويحبني أكثر وأكثر ..
لم نرَ فيها محمداً إلا في زياراتٍ قصيرة ..


غير أن أيام السعد تمر كاللحظة الخاطفة .. !!


ذات يوم أخرجتُ كل ما ادخرته من ما جنيته من عملي .. حملته وكأنني أحمل كنوز كسرى وقيصر ..
ألقيت كل ما املك بين يدي والدي .. أردتُ أن أسعده .. أن أشعره بأنني صرتُ رجلا ً يُـعتمد عليه ..
أتيته كصفحةٍ بيضاء متعطشة لمدادٍ دافيءٍ دافق ..


لحظات .. وسمعتُ صوت طرقات على الباب ..


- من ؟
- أنا محمد ..


نبضات .. بل إعصار نبضاتٍ اجتاح قلبي .. و بلهفةِ عصفور لعُـشّ قديمٍ قديم .. فتحت الباب

هو.. محمد .. عاد بكامل روعته .. ووجهه الحبيب تزينه نظراته الوديعة ..
مع ابتسامةٍ زادته ألقاً على ألق .. لا شيء يشبهه غير القمر إذا اتسق ..

أردت ان ارتمي في حضنه .. أن استنشق عبير أخوةٍ .. وشذى محبة ..

غير ان والدي سبقني إليه أخذه في حضنه .. لا تكاد الأرض تحمله من فرطِ سعادته ..
نظر إلى شهادته .. رفع رأسه عاليا :
لا زلت الوحيد الذي افتخر به يا محمد ..


وكأن كلمته تلك كانت صفعة ًعلى وجهي .. أطفأت بداخلي كل اشتياق
بهذه السرعة نسي جهدي وكدي معه ..!!
اعتصر قلبي .. خرجتُ مسرعاً وتركتهما وسط دوامةٍ من الذهول ..

. . .

وهاأنذا أجلس أمامك أيها البحر .. أحاول أن أُغرقَ بك كل حزني ..
أراقب الغروب الذي يلقي على السماء رداءً أحمر كالجراح ..


انتهت الشمس من لعبة الاختفاء خلف الأفق .. أظلمت السماء .. وهممت بالعودة .. ولكن ..
رأيته واقفا أمامي .. محمد .. تسارعت أنفاسي .. و علا وجيف قلبي .. لم أتمالك نفسي ..

أمسكته بقوة .. ضربته وضربته حتى خر من بين يدي مغشيا عليه ..
ضحكت .. ورددت الجبال صدى ضحكاتي المجنونة .. ونشوة ٌعارمة انتابتني وأنا واقفٌ
كالأسد الهصور فوق فريسته ..

ولكــــن ..

صوتٌ خافتٌ قطع عليّ نشوتي ..
صوتٌ حبيب يئنّ ويستغيث .. نظرتُ إليه .. تأملته جيدا ..
صعقتني المفاجئة .. وألجمني الندم والحسرة ..


لا .. لا .. لم يكن طيف محمد هذه المرة ..
لم يكن طيفه ...!!!

. . .
. .
.


أجمل تحية :26:


33
3K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

عرعوره
عرعوره
خطيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرة

مره ماشاء الله

راجعة لك
سيدةحب
سيدةحب
رائعه جدددددددددددددددددااااااااا
بحر الوفاا
بحر الوفاا
اكثر من رائع

لا عدمناك
متأمل
متأمل
اكثر من رائع لا عدمناك
اكثر من رائع لا عدمناك
سمو الهمة

رااااائـعة .. كما عهدتك ..
جميل جداً ماكتبتِ ..

ما أكثرهم من أمثال
أخو محمد !! أعـانهم اللـه ..

ــــــــــــــــــــ وفقتِ ،،
حلا البسمة
حلا البسمة
رائع جدا جدا ماكتبتي ونطمح بالمزيد