( أربع مواقف مزعجة جدا في حياة بعض المسلمين)..خطبة جمعة

أما بعد أيها المسلمون

أن المسلم الحق عندما يعيش في هذه الحياة خصوصا في هذا الزمن ليتضايق ويحزن وينزعج عندما يشاهد بعض المناظر ، ويقف على بعض المواقف ، والتي تخالف شرع الله تعالى ، وتخالف الذوق السليم .
وذلك لأن الأصل في المجتمع المسلم أن يكون أفراده ملتزمون بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، بالتالي فجميع أفراده مسئولون عن أي تصرف يصدر منهم ، سواء أمام الناس أو بمفردهم .

ومما يؤسف له أن بعض المسلمين هداهم الله ، لا يفكرون إلا في ما يروق لهم ، ويحقق شهواتهم ورغباتهم ، بغض النظر عن رضى الله تعالى ، أو رضى الناس من حولهم ... وهذا خطأ كبير في السلوك والتفكير ، يؤدي في النهاية إلى التخلف والانانينة وسوء الخاتمة والعياذ بالله .

إخواني في الله : وفي هذا اليوم سيكون الحديث عن بعض المواقف والمناظر المزعجة جدا ، والتي تلاحظ على عدد من المسلمين هداهم ، نناقشها هذا اليوم حتى لا نقع فيها ، وحتى ننصح من يقوم بها ويمارسها .

فالمنظر المزعج :
أن تشاهد رجلا يقود سيارته ومعه زوجته وأولاده الأبرياء ، وهو يدخن السيجارة ، ويزداد الأمر سوأ إلى إذا كان مغلقا للنوافذ ، والمكيف يدير الهواء داخل السيارة.
، وقد يتكرر المشهد في المنزل والمكتب وغيرهما .. فبالله عليكم أي جريمة يمارسها ذلك الأب ؟؟!!
أطفال أبرياء وزوجة مسكينة ، ليس لهم حول ولا قوة ، يرغمون على استنشاق أول أكسيد الكربون السام ، وغيره من مخلفات السيجارة .. وممن ؟؟ من اقرب الناس إليهم ، من القدوة لهم ، من المربي الأول لهم ..
الم يعلم ذلك الأب انه يقول لأبنائه وأهله بلسان حاله ، عليكم بالدخان فهو خير لكم لو كنتم تعلمون .

ألم يعلم انه بذلك يسبب لهم أمراضا عديدة اشد من الأمراض الناتجة عن عملية التدخين نفسها ، فقد ثبت أن التدخين السلبي ، وهو استنشاق مخلفات عملية التدخين ، يؤدي إلى الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي ، ويقلل من القدرة على الإنجاب إلى غير ذلك من الأمراض البيئية والجسمية والنفسية.

ولقد كشفت دراسة عالمية جديدة أن التدخين السلبي أصبح مشكلة عالمية خصوصا في أماكن العمل. وتشير الدراسة الأخيرة إلى أن التدخين السلبي يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي.
فقد قام باحثون بدارسة تأثيرات التدخين السلبي على 8000 شخص بالغ من 13 بلدا أوروبيا بالإضافة إلى أستراليا ونيوزيلندة والولايات المتحدة. ووجد الباحثون أن للتدخين السلبي علاقة بضيق التنفس الليلي، وضيق التنفس الذي يتبع القيام بأي نشاط جسدي وزيادة في تأثر الشعب الهوائية.
وصرح كبير الباحثين : بان شركاء المدخنين وجلساءهم يكونون معرضين بنحو خمسة أضعاف المعدل الاعتيادي للإصابة بالربو ن بفعل التدخين السلبي ..
وتوضح الدراسة أن أولئك المعرضين لأثار التدخين في مواقع العمل بسبب زملائهم المدخنين هم أكثر عرضة بمعدل الضعف للمشاكل الصحية في الجهاز التنفسي

أما مخاطر التأثر من التدخين السلبي، أو غير المباشر، على الأطفال فهي من الأمور المعروفة والموثقة عند العلماء.

أيها الإخوة في الله : وفي دراسة جديدة أيضا أجرتها جامعة بريستول على ثمانية آلاف وخمسمائة من الأزواج الذين تعرضوا للتدخين السلبي أثناء العمل، أثبتت أن 14 في المائة من النساء أصبحن أقل قدرة على الحمل

وإذا كان الزوج يدخن أكثر من عشرين سيجارة في اليوم فإن نسبة تأخر الحمل ترتفع إلى 34 في المائة

أيها الإخوة في الله : لسنا هنا في مقام بيان أضرار التدخين وحكمه ، فالمجال لايتسع لذلك .. ولكن لعلع من المناسب أن يوجه الخطاب لجميع المدخنين فيقال أيها المدخنون :

اتقوا الله في من حولكم من المخلوقات ، اتقوا الله في الملائكة الكرام الذين يرافقونكم في كل مكان ، أكرموهم إكراما لله ..

اتقوا في أولادكم وزوجاتكم وأهليكم لا تظلموهم وتسببوا لهم الأمراض المتعددة ، فيعيشوا حياتهم في بؤس وشقاء ، خصوصا إذا ورثوا تلك العادة السيئة ..

أيها المدخنون: اتقوا الله في إخوانكم المسلمين في العمل والسوق والمكتب وغيرها .. لا تحرموهم حق التنفس الطبيعي ، وترغموهم على استنشاق الأمراض المختلفة .

إخواني المدخنين اتقوا الله في أنفسكم فانتم محاسبون عن أي شيء يصيبها ، فالنفس ليست ملكا للإنسان بل هي ملك لله ، لا يجوز التصرف فيها إلا بإذن من مالكها عز وجل ..

وأخيرا اتقوا الله في أموالكم التي تصرفونها في التدخين ، فانتم محاسبون عنها يوم القيامة ، خصوصا إذا علمتم إنها تذهب إلى جيوب الشركات اليهودية والنصرانية ، والتي تعيدها لكم رصاصا يقتل إخوانكم المسلمين وقد يقتلكم يوما من الأيام .

أيها الإخوة في الله : انتهى التعليق على المنظر المزعج الأول ..

أما المنظر المزعج الثاني : هو أن تقام الصلوات المفروضة ، وعدد من الرجال المسلمين في بيوتهم أو الأسواق ، أو في السيارات ، ولا يقومون أو يقفون لأداء الصلاة جماعة حيث ينادى بها ..

بالأمس تأخرت عن إمامة الجماعة في مسجدنا هذا لسبب قاهر ، ووقفت عند الإشارة على الجسر ، والمسجد يقرأ في الركعة الأولى ، مع العلم أن مسجدنا هذا يتأخر عن المساجد خمس دقائق ،فماذا شاهدت ؟؟ شاهدت العجب

عشرات السيارات عن كل إشارة ، وعشرات السيارات تمر في الطريق السريع ، ولما دخلت الحارة ، وجدت السيارات تخرج منها ، وانأ اجزم بأن الجميع لم يصلوا تلك الصلاة .
لقد آلمني هذا المنظر كثيرا ..... مسلمين بالعشرات لا يصلون في المساجد مع أن المساجد تحيط بهم منك جانب ؟؟

الأصل انه لا يوجد في الشوارع وقت إقامة الصلوات إلا كافر أو معذور بترك الجماعة ، أما أن يوجد هذا العدد الهائل من المسلمين ، فهذا شيء خطير جدا ، ونذير شؤم ، وبداية شر على هذه البلاد وأهلها .
أيها الإخوة في الله : إن التهاون في أمر الصلاة ، وأدائها في أي وقت أو مكان بدون التزام بالصلاة مع الجماعة خصوصا صلاة الفجر لهو منكر عظيم وجريمة كبيرة ..تدخل صاحبها في التهديد الإلهي الوارد في قوله تعالى ( فويل للمصلين ، الذين هم عن صلاتهم ساهون ) فهم يصلون ، ولكنهم يصلونها على حسب فراغهم ومزاجهم ..وقد يجمعون ثلاث صلوات أو أربع في وقت واحد بدون سبب قاهر.
هذا بالنسبة للمتهاون ..أما تارك الصلاة فمعلوم كفره والوعيد الشديد له ..ويكفينا في ذلك قوله تعالى ( كل نفس بما كسبت رهينة إلا المتقين .. في جنات يتساءلون عن المجرمين ؟؟ ما سلككم في سقر ؟؟ أي ما أدخلكم في النار ؟؟ قالوا لم نك من المصلين ، ولم نك نطعم المسكين ، وكنا نكذب بيوم الدين ، وكنا نخوض مع الخائضين حتى أتانا اليقين )

فيا إخواني جميعا : علينا أن نعظم من أمر الصلاة ، فلا نتهاون في أدائها مع الجماعة مهما كانت الأحوال ، ومهما سمعنا من فتاوى في ذلك .. ولنستمع إلى نصيحة الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود ، والذي عاش نزول القرآن وائتمنه رسول الله على الوحي حيث يقول (من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن. فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى. ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم. ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم. ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم

وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة. ويرفعه بها درجة. ويحط عنه بها سيئة.

ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق، معلوم النفاق ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق، معلوم النفاق
. ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف .. ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف)

كما إن علينا أن نأمر أولادنا ونساءنا بعد أن نربيهم على أهمية الصلاة ، نحثهم على الصلاة في وقتها استجابة لأمر الله تعالى حيث قال ( وأمر اهلك بالصلاة واصطبر عليها )

ثم علينا أن نقوم بالإنكار على جميع من يعمل أو يقف في الشوارع والأسواق إذا قرب وقت الإقامة ، ولا ننتظر حتى تأتي رجال الهيئة .. فكلنا أيها الإخوة هيئة..كل مسلم يعتبر من رجال الحسبة الذي يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ( مهما كان لونه أو جنسه أو موقعه الاجتماعي ) .. وليس لنا الخيار في ذلك ، بل نحن ملزمون بقرار الهي عممه علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح حين قال ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده. فإن لم يستطع فبلسانه. ومن لم يستطع فبقلبه. وذلك أضعف الإيمان".) وفي رواية صحيحة (وليس وراء ذلك من الإيمان مثقال ذرة )

أيها الإخوة في الله هذا ما تيسر وللحديث بقية ..اسأل الله تعالى أن ينفعنا جميعا بما نسمع وبما نقول ..واسأله تعالى أن يغفر لنا ذنبنا كله ..دقه وجله ..سره وعلانيته ..انه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية
الحمد لله ولي الصالحين ولا عدوان إلا على الظالمين..واشهد ألا اله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله لعيه وعلى اله وأصحابه أجمعين.. أما بعد أيها المسلمون .

المشهد المزعج الثالث :

أن ينشغل الأب عن أبنائه وزوجته بأمور الدنيا ، ويتركهم لوحدهم دون توجيه أو مراقبة أو تربية ، ويزاد الأمر سوء إذا كان يتركهم لأمور تافهة أو محرمة ، كالسهر مع الزملاء والأصدقاء في الاستراحات والمخيمات على لعب الورق وشرب الشيشة ومتابعة الأفلام ونحو ذلك ، وقد يتطور الأمر إلى سفره لعدة مدن داخلية وخارجية بدون حاجة ضرورية ، قد يتخللها ما يغضب الله عز وجل .
وهذا التصرف والإهمال من قبل الآباء قد سبب مشاكل سلوكية وأخلاقية ودينية ، بدت تظهر على سطح المجتمع ، ويزداد الأمر خطورة إذا انشغلت الأم أيضا عن أولادها ..

إخواني في الله : أولادنا أمانة في أعناقنا ، وسنسأل عنهم يوم القيامة بنص حديث رسول الله حيث قال ( كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته. ..يقول راوي الحديث عبد الله بن عمر: وحسبت أنه قد قال : والرجل راع في مال أبيه ومسئول عن رعيته، وكلكم راع ومسئول عن رعيته. ) أخرجه البخاري

إخواني : لقد بدت المدارس تشتكي من سلوك الطلاب والطالبات ، والشوارع والشواطئ باتت تشهد تجمعات وتصرفات غير مسئولة من قبل الجنسين ، وهذا كله ناتج عن تخلي أولياء الأمور عن تربية ومتابعة أبنائهم .

إخواني في الله شباب اليوم هم رجال المستقبل ، فإذا نحن أهملناهم فستتلقاهم القنوات الفضائية ، وسيستقبلهم أهل الفجور والانحراف ، وأهل الاعتقادات الباطلة ، وعندها يتحول هذا المجتمع إلى قطعة من بلاد الغرب الكافر، كما هو حاصل في بعض بلاد المسلمين ..وعندا يندم الآباء ولكن لاينفع الندم .
فعلينا أولا أن نصلح من أحوالنا حتى نكون قدوة لأبنائنا وأبناء غيرنا..ثم نقرب من أبنائنا ونتحسس أمالهم وآلامهم ، ونزودهم بالنصائح الأبوية الحانية ، ونحاول أن نوجد لهم البديل المناسب لمصادر التلقي ،وندعوا لهم في السر والعلن بالهداية والصلاح ، ونستشير أهل الخبرة في مجال التربية إذا واجهتنا أي صعوبة في ذلك .. وهنا نقول أنا قد بذل الأسباب ، ولم نقصر في وجبنا ..
أيها الإخوة في انتهى المشهد الثالث ..

أما المنظر الرابع فهو أن تشاهد بعض الآباء وهم يحضرون إلى بيوتهم ما يكون سببا في فساد الأولاد والزوجة وانحرافهم عن الصراط المستقيم ، يقوم بذلك غير مبال بالعواقب الوخيمة التي تحصل من جراء تسير سبل الفساد والانحراف .

فمن الآباء من يشتري الأطباق الفضائية المتصلة بالأقمار الصناعية ، والتي تُبث من خلالها مناظر الفحش والدعوة إلى الفساد ، وبعد أن يهيأ لهم تلك القنوات سواء بحسن نية أو بضغوط منهم ، ثم يتركهم يتنقلون بين المحطات الفضائية بدون رقيب ولا حسيب ، بل ربما جعل في كل غرفة من غرف الأولاد والبنات والزوجة تلفازا خاصا بكل منهم ، وقل ذلك في خطوط الانترنت .. وهنا تحل الكارثة ، وتحصل المصيبة . وعندي من القصص التي يبوح بها الأبناء البنات والزوجات ما يثبت خطر هذا التصرف من الآباء .

وهناك أيضا من يحضر الخدم والسائقين ، وقد يكونوا من الكفار ، ويسلم لهم مقاليد التصرف في البيت ، يسرحون ويمرحون كيف يشاءون ، وقد يضع بعض الآباء بعض القيوم الشكلية ، ولكنها لا تصمد أما حيل وألاعيب المنحرفين منهم .. والتي تصل إلى العبث بأعراض الفتيات والنساء والشباب ، إضافة إلى أعمال السحر والسرقة وغير ذلك

إخواني في الله : وكما سمعنا عن أهمية القرب من الأبناء وتربيتهم تربية حسنة ، فان توفير الوسائل المعينة على الصلاح أمر مهم ، ومساعد كبير على التربية ، أما الاستجابة لطلبات الأولاد الجهال ،والنساء الضعيفات في الغالب ، وإحضار كل ما طلبوا ، وكل مانزل على الساحة من قنوات أو أفلام أو جوالات أو ملابس أو ير ذلك مما يغضب الله تعالى ويساعد على الانحراف ..فهذا جريمة كبيرة جدا في حق الأولاد وفي حق المجتمع وفي حق الأمة، وقبل ذلك جريمة في حق الله تعالى ..
وختاما فلنراجع أنفسنا ، ونطهر بيوتنا من جميع ما يغضب الله تعالى ، حتى لا نموت ونحن غاشين لرعيتنا ، فيحرم الله علينا الجنة ، فنخسر خسارتين في الدنيا والآخرة خصوصا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حذرنا بقوله ( ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة )

اسأل الله تعالى أن يدلنا على الخير وان يعننا على فعله ، وان يدلنا على الشر ويعننا على تركه ..انه سميع مجيب