
من بعيد..
من بيداءِ الدهشة
وتلّ الرَّماد
أتوا حاملون فوانيسهم الضريرة،
وحفنةٌ من سكونِ اللَّيل..!
وفي الردهةِ العتيقة..
شمعتان تنصهران عبثاً في قعرِ الأنين..!
أتوا كـــــــ سرابٍ يتضورُ جوعاً في فاهِ فقير،
وكــــ أنشودةِ حزنٍ تعجُ بمقابرِ البائسين..!
أرواحٌ مهاجرةٌ..
أتوا في حلمٍ متخثر بالعقوق
هزني.. بعثرني..
واقتحمَ حدود جمودي،
وأقامَ مراسمُ عزاء الذهول..!
زمهريرٌ ذاكَ الرحيّل..
شتاءان متتاليان،
ووجعٌ انشطر لنصْفين
نصفٌ طوقني بلقبِ " أُنثى بألفِ رجل "
ونصفٌ مترعٌ بالاغتراب حدّ استجداء الظمأ..!
حفيدةُ الغيم أنا..
روايةٌ بنزفِ شتات،
ولغزٌ شاردٌ
قالوا من زمنِ الأساطير كان،
وتجاوزَ مدارات عقول فارغي الجماجم..!
ورغم تفاقم الألم..
باتت آهاتي سجينةٌ
مابين سكونٌ وضوضاء
وانتفاضةُ ذكرياتٌ تخطّت سن الفطام..!
وحانَ قرع نواقيس الانسحاب
بلا عودةٌ.. بلا انْكسار
بلا تمتماتٌ قلبٍ غائر الجراح..!
وفي لحظةِ احْتياج..
سقطت دمعة
توارت خلفُ شظايا الوجع،
وغفت بين أكُف الصبر سنوات،
وكان النسيان " تذكرةُ رحيّل " باهظةِ الثمن،
والضحيةُ.. بقايا كيان..!
أرواحٌ مهاجرةٌ..
سفكوا دماء الوعد،
وغرقوا في لجةِ الوهم ورحلوا،
وانتحلوا هوية السادرون في رمضاءِ الشقاء،
وكأن أجْسادهم خاويةٌ من نبضِ إنْسان
وقاطنةٌ بين قبائل الأنا..!
وقُبيل الفراق بثوانٍ..
أفاقت روحي من أضغاثِ الحُلم،
وأنتهت فصول روايةُ " حفيدةُ الغيم "
كــــــ مسافاتِ سفرٍ أرهقت كاهل الياسمين
وكــــ شهقاتِ روحٍ استعطفت نبضات الساعة،
وبعثرت أشلاء الانفعالات..!
وبقيتُ كــــ دُميةٍ بساقٍ واحدة..
تبيتُ بين كُثبان الأسرار،
وتقرأُ اعترافاتُ وطنٌ جريح
فقدَ جوارح عروبتهُ
وبقي مثلي بساقٍ واحدة..
يأبى الاستسلام،
وإشاعاتُ الانهزام..!