

الـــحياة مكابدة و مجاهدة و قلما تأتي على سجاد مخمليّ أوطبق من ذهب
لتكون هنيّة مريّة و لكن هل الحياة المريحة الثرية ماديّا فعليا تشرح النفس
و تحقق التوازن و تمدّ بساط السعادة مدّا؟؟؟؟؟ ..............................
لو كانت السعادة أرصدة و مادة لكان أصحاب المليارات و العقارات هم الأسعد
و الحقيقة من يمتلك الثروة لا يكتفي و يسعى لتكديسها و مهما تتضاعف الأرقام
تتضاعف اللهفة لتكويم إيرادات ثانية و عاشرة و تمويلات أخرى ..................
و لن يستكفي و لن يشبع و يظل يجري و يهرول ليس خشية النقصان
بل رغبة و طمعا في الاستزادة

بعض الأزواج تراه يعقد الصفقات و يتصفح أسواق العملات و يبحث عن الترويج
و تتعقد حياته ولا يملك حتى الوقت لعائلته يخرج أول البكور
و يعود آخر السحور فتتذمر الزوجة ويتضرر الأبناء ولكن من الخارج
تبدو حياتهم ملوكية و الكل يتمناها سفريات و مشتريات و اكسسوارت
ومجوهرات و سيارات وقد ينجرف المراهق أمام هذا الترف و يسلك
طريق الانحراف في غياب الأب المرشد الذي حرم حتى من النوم
والتنعم بحياة أسرية مستقرة و هو يسابق و يلاحق البورصات و الأسواق
فهل فعلا هذه أسرة سعيدة؟؟............

نموذج أخر من الآباء قد يميل إلى النهم من الملذات و شراء اللحم الرخيص
و يعاقر الخمر و يعيش الليالي الحمر و ربما يقامر وينغمس في المحرمات
وقلما يلتفت للعائلة و يكتفي بارسال المال ليسد الأفواه فيكون مجرد جيب
مدرار لا الأب الربان القائد و المثال الــفعلي في حياتهم فلا تـقــدير
و لا احترام و ينقلب نظام الأسرة رأسا على عقب !!!!!!!!!!!!!!
بل قيمته من قيمة ما يوفره لهم من ماديات, لا بحجم المُعاملات بل إلى كم العملات
ويظل بالظاهر ذلك التماسك المزعوم و السقف مخروم و كم من طلاق كشف المستور
و أسقط القناع اللامع بعد أن تهدم البنيان واتضحت الحقيقة للعيان !!!!!!!!!!
ومن يرى هذه الأسرة من بعيد يكاد يجزم أنها في النعيم المستديم
و هي في فجوات و منحدر خطير
فهل هذه أسرة سعيدة ؟؟..........

هناك نموذج آخر من يمتلك الكثير , الكثير لكنه شحيح ويبخل حتى على نفسه
و يتقشف و يحسب حساب كل مليم لا يريد لأحد مشاركته فهي ثروته و له حرية التصرف
و يلعن التبذير وأهله و يحرم العائلة من بحبوحة العيش و يضيّق عليها الخناق و يدخر
بدعوى الادخار نصف المعيشة و يذيقهم الكبت والحرمان
و ربما ترضى الزوجة بهذا الأمر أملا في الاستمتاع بثروته بعد موته و كأنها
ضمنت أنها ستحيى بعده !!!ويمني الأبناء أنفسهم بالميراث بل يتمنون موته العاجل!!!!!
و ينغمسون في بناء و أحلامهم المستقبلية و تظل صورة خارجية مغلفة بطبقة ناصعة
و بالمكانة الاجتماعية البراقة رغم أن حياتها شاقة و الأفراد منشقين
و بالاسم طبعا عائلة السيّد فلان وظاهريا أن هذه العائلة بخير و أمورها تسرّ الناظرين
ولكن هل حقا هذه أسرة سعيدة ؟؟

هناك الأب المتغطرس الآمر الناهي المكشّر الأنياب و لا يستعمل غير لغة العنف و التعنيف و السباب
فيبث الرعب في قلوب الأبناء والخوف يتمكن من الأم التي لا تسلم لا من يده و لا لسانه
و يعتقد أنه صاحب الحول و الطول و لا أحد يعارض أو يمانع
ويظن بذلك يحقق الهيبة لنفسه خصوصا وهو وصاحب المليارات فيعامل أهله كما يعامل العمال و الخدم
فيتقوى على الجميع و يتبجح و الويل و الثبور لمن يخالفه يفرض عليهم أدق خصوصياتهم
و يطمس شخصياتهم و يحدد اختياراتهم و يلزمهم بقراراته التعسفية ليظل هو السيد وهم عبيد
عليهم الولاء و الطاعة و بالطبع الانطباع الخارجي أنها العائلة المثالية و الفضل لسواعد الأب المفتولة
و لا أحد يعلم أنهم يتآكلون من الداخل ومصابون بأمراض وعقد نفسيّة وقلوب كسيرة على أسِرّة حريرية
فهل هذه أسرة سعيدة؟؟...........

يتبـــــــــــــع

المال زينة الحياة وبهجة ألوانها وليس أساسها وعمادها فكم من أمثلة أسرية تحيى بالكماليات
وقد نتوهم أنها حققت السعادة و الواقع أنها تائهة عن الخيط الحقيقي وتتشبث بخيط وهمي
كخيط الفجر الكاذب فيشمر من على هذه الشاكلة لتعبئة الفراغ الداخلي و الحرمان العاطفي
بالشراء و اللهاث وراء الملهيات
لملء النقص و لإشباع الذات رغم حاجتها الملحة لترميم الجدران المتداعية و العواميد
الآيلة للسقوط و ربما تندم بعد فوات الفوت و لا ينفع العقار فيما أفسده الدّهر !!!!!!!!!!
حينما تصبح المادة غاية وهدف بالتأكيد يميل الشخص و ينحرف لست أدعي
هنا المثالية لأن حياتنا تتطلب ماديات و لكن نسعى لها كوسيلة وسيلة
تساعدنا على حياة أفضل و أسهل لا للمراء والمبالغة لاظهار قدراتنا الشرائية
من أغلى الأسعارومن ماركات عالمية حتى يقال أني إنسان متطورو تقدّمي
لكأنها مقياس للطبقة الأرستقراطيّة و العوائل النموذجية فعلى العكس هو غباء واندفاع
من المستهلك الذي يشتري بلاهوادة ويستفحل إدمان التسوق حتى البسطاء
ركبوا هذه الموجة الهائجة و الرابح هوالمنتج و المروج
و يلعب على العقول و الأوتار لاستدرار الجيوب فليس كل ما ارتفع سعره ارتفعت جودته
هذا (مجرد قوس) فتحته لأذكّر أننا نحتاج المادة لبناء مقومات حياة عزيزة و كريمة
فكلنا نبحث عن الاستقرار و التوازن النفسي و عن البيت الحاوي لا الخاوي و يظل الزواج
حلم يدغدغ كل فتاة وكل شاب وإنجاب الأبناء وحمل الأمانة بمسؤولية تامة و عناية جمّة
وضمان لهم حياة رضية ثرية بالعواطف و الحنان غنية بالحب متشبعة بالعطاء ليكون
لكل فرد من أفرادها دوره الريادي فالأب ليس الأب الشكلي الصوريلا الهيّن و لا المُهيمن
بل يساهم في تربية أبناءه و شحنهم بالقيم و المبادئ ويشاركهم يومهم ويقاسمهم
مخططاتهم و يساعدهم على النجاح و الأم الراعية لحق الزوج
الباحثة عن أسرار السعادة و الاستقرار والمشاركة بالرأي و القرار
الحاضنة للأبناء بإرضاعهم عطفها و حرسها عليهم و تشبيعهم روحيا و إروائهم نفسيا
ومحاولة إمتاعهم ماديّا كمحفز و باعث على الحماس والنجاح يدعّم النماء و الإنتماء
ملاحظــــــــــة
أسوقها لا لوم على زوج يسعى و يعمل و موارده قليلة ـــ وليس بيده حيلة ـــ لا نجعل منها
تعلّة للعيش بالتأسي وتحطيم الرجل و تسجيل المقارنات بينها و بين الأخريات
و التغاضي عن تضحيات الأب المكافح ومصافحة جهوده بالجحود
فالفهم العميق للحياة يدفعنا لحسن التصرف و عدم التبذير وتصريف المال بحكمة وحنكة
و بجداول محكمة بحسن الاستغلال الايجابي
مع فيض من القناعة و الرضا و الشكر و الثناء فربنا بالتأكيد سيطرح البركة
فكم من أصحاب الألوف قبل أن ينتصف الشهر و يدخلون معممة التداين!!!!!!!!!!!!!!!!
ومتاهة الاقتراض وغصات و ومنغصات فلا يستطعمون قرشا و لا يهنؤون بعيش
و الحقيقة التي لا يمكن أن نحجبها أن الحياة في غلاء و لكن بالذكاء ممكن أن نوفر الكثير
ونبتعد عن تقليد فلانة و أختها علانة و ننظر إلى ما بين أيدينا لا إلى ما عند غيرنا
وعلى قدر كسائي أمدّ ساقي و لنتذكر ليس كل من يسافر ماليزيا و هواي و جنيف سعـيد
ليس كل من ينفق و يشتري الأغلــى سعيد ليس كل من يتلاعب بالمـــــــلاييــن سعـــــيد
وليس كل من يسكن قصر منيف ويســـوق سيارة فارهــة ويلبس ماركة مسجـلة سعيـــد
كلا و ربي ففيهم علل نفسية و أسقام روحية و الصحة تاج على رؤوس الأصحاء
فحالهم كمن يسدّ الفراغ بالفراغ كصبّ الماء على الرمل و يفغر الفاه من أسلوبهم الباذخ
وحياتهم المرفهة و هم يتمنون الحياة البسيطة الممتعة بلا كلفة
ولا بدّ من التنويه بمن امتلك الثروة و جعل من عنصر قوة لتمتين لبنة الأسرة و التأسي
بالأسوة الحسنة ولم تغيّر المادّة في نفسياتهم بل أحسنوا فيها صنعا
وبانت عليهم النعمة وجرت في أيديهم الصدقة فهذه فعلا الأسرة السعيدة حقا
فالمال بالنهاية فتنة وامتحان من الله عزّ وجل و المال أحيانا يدبر و أخرى يقبل
فلو خيرنا أنفضل زوجا كبنك متحرك ومصرف متنقل ؟أم رجل ذو دين عقل ؟؟
أترك للعقول الممحصة و القلوب المتفحصة حرية الخيار والادلاء بالرأي و القرار......
الله يرفع من يشاء و يذل من يشاء و كم عزيز قوم ذلّ و كم من فقير
أغناه الله و الله الغنيّ فوق عباده لنسخرها في طاعة لا في معصية لنجعلها في
خدمة الدين والبناء التعمير لا أن نعبدها و نؤله أصحابها فكم أعمت النقود من أعين
وكم صرعت أصحابها و أهلكتهم و أفسدت النفوس و كم ولدت ضغائن و حسد وأحقاد
وكم من يجمع و يجمع و هو متشتت و ممزق و آخره في التراب و كم من يعدّ يحسب
و لا يحسب لله حساب و كم من لا يعجبه العجب العجاب ولا يملأ عين ابن آدم إلا التراب
تمّ بحمد الله و فضله و أسأله لي و لكم التوفيق
اللهم اكفني بحلالك عن حرامك و اغنني بفضلك عمّن سواك
بقلم و امضاء : أختكن روح الفن
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته