ابي الاسلام

ابي الاسلام @aby_alaslam

مفكرة المجلس

أزواج وزوجات !!!! وَصِيّة حَكِيم ( لا تحرموا انفسكم من قراءة هذا المقال)

الملتقى العام

يوسف العمري



الوصايا بالمحبّة والموّدة وإحسان العِشرة قبل الزّواج ومن الوالديْن أوْ أولياء الأمور لها دورها في الأدب والتوجيه السّديد؛ لأنّها قبل الزواج تخرج من قلب شفوق، وتتجاوز الآذان إلى القلوب، ومن أولى الأمر أدعى بالقبول والاحترام، وأجدر بالإبقاء عليها وممارستها عمليًّا بعد ذلك.
وقد كان للعرب – وهم أمّة أُميّة- وصايا في هذا الجانب خلدت على الزمن، لأنّها وافقت فطرة الطبيعة، وسنن الكمال، والتجرِبة التي امتحنت عمليًّا وكانت نتائجها طيّبة في مسيرة الحياة السّعيدة للأسرة الناشئة، ويجدُر بنا أنْ نسوق بعضها لتكون نِبراسًا يهدي، وقوّة تُتّبع.. فما زالت على قدمها حديثة، وعلى بداوتها مدنيّة، وعلى بساطتها عميقة، فحبّذا لو حفظها أولياء الأمور ليُلقّنوها فِلْذات الأكباد، وتشيّعها وسائل الإعلام لعموم النفع، وندرّسها للشّبان والشابات لترسخ في الأذهان، وتعيها القلوب، وتنفعل بها حياتهم، فتكون سننًا سهلاً للمِران والدّربة والسلوك بعد الانفعال على نحو ما يربّي الغرب أبناءه على طاعة القانون، والأمانة، والسّلوك القويم، فأصبح مضرِب المثل في ذلك، والمسلمون أولى بذلك منهم في كلّ مكان يحِلّون فيه؛ لأنّها من وصايا الإسلام وشعائره وهديه وتعاليمه.
روى البيهقي في الشعب عن أسماء بن خارجة الفزاري – وكان من حكماء العرب- أنه قال لابنته عند زفافها:
- يا بُنَيّة قد كانت والدتك أحقّ بتأديبك مني أنْ لو كانت باقية، أما الآن فأنا أحقّ بتأديبك من غيري، فأفهمي عنّي ما أقول:
- إِنّك خرجت من العُشّ الذي فيه دَرَجْت، وصِرت إلى فراش لا تعرفينه وقرين لا تألفينه.
- فكوني له أرضًا مطيعة يكنْ لك سماء. ( أي كوني منقادة له يظلّل عليك برأفته وإحسانه).
- وكوني له مِهادًا يكن لك عمادًا. ( أي كوني له فراشًا مطيعة يكنْ لك عونًا في كلّ أمرك).
- وكوني له أمَة يكنْ لك عبدًا ( أي تفاني في خدمته يتفانى في الإحسان إليك).
- ولا تلحفي به فيقلِيك. ( أي لا تلحّي عليه في أشياء لا يودّها فيكرهك ويبغضك).
- ولا تباعدي عنه فينساك. ( أي كوني دائماً قريبة منه، مستعدّة لتلبية حاجياته).
- إنْ دنا منك فادني منه ( أي إنْ كان منبسطًا ومنشرحًا، فاقتربي منه كما اقترب منك).
- وإنْ نأى عنك فابعدي عنه ( لعله يكن مهمومًا أو في شغل شاغل عنك فلا تشغليه بأمرك).
- واحفظي أنفه وسمْعه وعيْنه، فلا يشمّ منك إلا طيباً، ولا يسمع إلا حسنا، ولا ينظر إلا جميلا).
- وكوني كما قلت لأمّك ليلة ابتدائي بها:

خذي العفو مني تستديمي مودّتي
ولا تنطقي في ثروتي حين أغضب

ولا تنقريني نقرة الدّف مــرّة
فإنّك لا تدرين أين المغيـــب

ولا تكثري الشكوى فتذهب بالهـ
ـوى فيأباك قلبي والقلوب تقلّـــب

فإنّي رأيت الحبّ في القلب والأذى
إذا اجتمعا لم يلبث الحـبّ يذهـب

قام هذا لشيخ الحكيم مقام الأم – لموتها- والأمّ أقرب إلى قلب البنت وأعرف.. فقدّم وصايا وتجارب عاشها الشيخ، وعاشتها الأجيال قبله، فكانت العيشة راضية والرّحلة هنيئة، والمسيرة حكيمة.
فالطاعة والانقياد تفجّر الإحسان في قلوب العظماء، وتستدني مودة وحلم الإنسان بينما الشّجار والعِصيان يدفع إلى مثله، فتستعصي العُقدة على الحلّ، بل تزداد تعقيدًا، والمصير قد يكون الهجر والانفصال.
وللتضحية من الجانبين شأنها من استدامة الحياة الزوجيّة، أمّا الأنانية والأثَرَة فلا تأتي بخير إطلاقًا، ولكن يحس كل من الزوجين بشعور الآخر، حتى يقول له: ( يا أنا) كما يقولون، فيكون التفاني من كل جانب لإسعاد الآخر، وينعكس ذلك بالتالي عليه غبطة وسرورًا.
ولبعض الزوجات عادات في الإلحاف والإلحاح، تنفّر الزوج حتى من أداء الواجب، وتدعوه إلى العِناد وعدم القيام به، أو القيام به على كُرْه.. فلو قلّ الإلحاف لصدر كل شيء بدافع ذاتيّ وعن طواعية واحترام.
وتُسرف بعض النسوة –أحيانًا- في البُعد عن الزوج والمنـزل، ولا تُبالي بما يترتب على ذلك وتحسبه هيّنًا، ولكنّه حين يتراكم يترك أسوأ الآثار.
وسبحان مقلّب القلوب قبْضًا وبسْطًا– فالإنسان يضيق بمن يطارده وهو في شغل وهمّ ، ولا يتصف بذلك عادة إلا الذين لا يدركون من الأطفال و أشباهم، وإنْ كانت لهم جسوم الكبار- وقد تلبّي أمر الصغير وقتئذٍ، وقد يدعونا ذلك إلى الحِرمان تأديبًا له.
وغالباً ما تتألق النساء زينة وعناية بالمظهر واللّفظ قبل الزواج، أما بعده فكثيرات يُهملْن كلّ شيء، فتذبل المحبّة، وتضعف المودّة وكأنّما الزّينة وحُسْن الهندام والعناية للغرباء والأجانب أو من هم في الشارع، أمّا الزوج فلا عناية به ولا بشأنه والأمر بالعكس.. وإلا فتحنا له بابًا للمقارنة، وآخر للنظر، وثالث للتفكير المهلك والمردِي.
ولئن سرّنا ذلك من أبٍ حكيم ناب مناب زوجه التي لحقت بربّها، فحمل رسالتها مع رسالته، فإنّا نسوق مثلاً آخر لامرأة لا تقلّ حكمة عن الرّجل السابق، إنْ لم تزدْ، لأنّها نفذت إلى بواطن الأمور، ولها إحاطة وشمول، وتبثّ المعرفة في صورة العِظة ممزوجة بالحكمة والتجرِبة.
يحدّث التاريخ أنّ الحارث بن عمرو ملك كندة تزوّج ابنة عوف بن محلم الشيباني فأوصتها أمّها ليلة زفافها إليه بقولها:
- أيْ بُنَيّة، إنّ الوصية لو تُرِكت لفضل أدب تركت لذلك منك، ولكنها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل.
- ولو أنّ امرأة استغنت عن الزّوج لغنى أبويها، وشدّة حاجتهما إليها كنت أغنى الناس عنه، ولكنّ النساء خُلِقْن للرّجال، ولهن خُلق الرّجال.
- أيْ بُنَيّة، إنّك فارقْت الجوّ الذي منه خرجْت ، وخلّفْت العشَّ الذي فيه درجْت إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملْكه عليك رقيبًا ومليكًا. كوني له أمة يكن لك عبدًا وشيكًا،
- يا بنيّة، احملي عني عشر خِصال، تكنْ لك ذخرًا وذكرًا:
- الصّحبة بالقناعة، والمعاشرة بحُسن السّمع والطاعة.
- والتعهّد لموقع عينه، والتفقّد لموضع أنفه؛ فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشمّ منك إلا أطيب ريح، والكُحل أحسن الحُسن، والماء أطيب الطّيب المفقود.
- والتعهّد لوقت طعامه، والهدوء عند منامه.
- والإرعاء على نفسه وحشمه وعياله، فإنّ الاحتفاظ بالمال حسن التقدير، والإرعاء على العيال والحشم جميل حسن التدبير.
- ولا تفشي سرّه ؛فإنّك إنْ أفشيت سرّه لم تأمني غدره، وإنْ عصيت أمره أوغرْت صدره.
- ثم اتقي – مع ذلك- الفرح إنْ كان ترِحًا، والاكتئاب عنده إنْ كان فرحًا ؛فإنّ الخصلة الأولى من التّقصير، والثانية من التّكدير.
- وكوني أشدّ ما تكونين له إعظامًا يكن أشدّ ما يكون لك إكرامًا.
- وكوني أشدّ ما تكونين له موافقة يكنْ أطول ما تكونين له مرافقة.
- واعلمي أنّك لا تصِلين إلى ما تحبّين حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك، فيما أحببت وكرهت، والله يخير لك.
ويحدثنا التاريخ أنها حُمِلت إليه، فعظُم موقعها منه، وولدت له الملوك السّبعة الذين ملكوا اليمن بعده.
فأيّ امرأة حكيمة وعظيمة هذه، وأيّ ابنة سامعة ومطيعة هذه!!
إنّها تشيد بابنتها في أوّل الأمر لتعظّم إليها نفسها وتكبر، وإنّ مفارقتها تعِز عليهم -لا شك في ذلك- لمنزلتها في الأسرة، ولكنّ عِمارة الكون تتم بامتزاج الذكر والأنثى، وتكميلهما لبعضهما.
ولنُدرة الطّيب ومشتقاته في ذلك الوقت.. ناب الماء عنه، فنعم الطّهور هو.
ثم تتوالى النصائح ذكيّة مضيئة وضيئة، سُلِكت في سلك منظوم، تعين على حُسْن العِشرة، ودوام الأُلفة، وتمكين الروابط والمودّة.. وتدفع كلّ ما من شأنه يكدّر الصّفو، ويزعزع البِناء، ويُنَمّي المُنَغّصات والمُزعجات التي تقصّر الأجل، وتعجّل بِفَصْم عُرى الحياة الزوجيّة.
فأين هذه الوصايا العاقلة، مما شاع وذاع واستشرى في دنيانا اليوم، من موروث جاهل، أو مألوف عابث، أو معتاد باطل، أدّى إلى فشل كثير من الزيجات أو جعل الملل يتخلّلها، وللمناكفات تعتريها، وقد تصل إلى المحاكم.. الخ.
فالمرأة التي نالت قِسطًا من الثقافة اليوم، لا تحاول إطلاقًا تنميته، والتزام العبرة منه أو التماس العِظة فيه، وتكون الثقافة حينئذٍ حجّة عليها لا لها ، وعامل استنامة وتثبيط.
وبعض من نلن درجات علميّة استكنّ إلى ذلك، ورُحْن يبحثن عن قضايا أملاها الوهم وسوء الفهم، كالطّلاق، وتعدّد الزوجات.. الخ. ولو تدبّرتها المرأة لعلمت أنّها قضايا كانت قبل الإسلام في منتهى القسوة والاستعمال السّيئ فهذّبها الإسلام وأصبحت – لو تدبّرتها المرأة- لعدتها من محاسن الإسلام وإحسانه إلى المرأة.
لقد كنا نؤمّل أنْ تكون كل تكتّلات النّساء، في جمعيّات الخير والبرّ والرّحمة، وكل ما من شأنه أنْ يخفف من صعوبات الحياة في المراحل الحرِجة التي تحياها أمتنا الإسلاميّة.
لقد احترم الإسلام المرأة عاملة في مجالها حين تُلجئها الحاجة، أو تضطرّها الظروف، وعلى المجتمع حينئذٍ صيانتها ورعايتها وتمكينها في عفّة واحتشام واحترام من أداء مهمّتها.
وقدّرها الإسلام صاحبة تجارة وصناعة ومهارة تغني النساء في مجالها وخبرتها.. واحترمها الإسلام عالمة ومثقّفة ونافعة، فالكلب المعلم 0 لا الإنسان فقط- نأكل صيده، ويحترم أكثر من غيره.
خير للمرأة أنْ تنسى وصايا ظالمة وجاهلة، مثل:
(قصقصي طيرك حتى لا يلوف بغيرك)، فتهلك نفسها وزوجها في تكديس شراء ما لا لزوم له، فتجني على الاقتصاد العام قبل الخاص.
وألا تسمع إلى من ينصحها بأنْ تغلبه بكثرة الخلف حتى لا يهرب.. ففي هذا قد يكون هلاكها وفراره.
وإذا أردنا أن تكون للمرأة حياة عزيزة كريمة – كما شاء الإسلام لها- فلنحاول أنْ نفهم وصايا الإسلام، من كتاب الله، ومن سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أفعال وأقوال الراشدين والحكماء، حتى ترتقي إلى المستوى الفاضل في الإنسانيّة الرشيدة، ويرتقي معها المجتمع.
ولا ننسى في هذا المقام أنْ نحذّر المرأة المسلمة مما يبهرها في حياة المرأة الغربيّة: فهي هنا تعيش في ضوء و وضاءة، ويحفظ لها الإسلام كرامتها واعتبارها كإنسانة في مكانة لائقة ومشرّفة.
أما المرأة في الغرب فقد شقيت وأشقت بما زيّن لها شياطين الإنس والجنّ، من مزالق وقعت فيها؛ فانسلخت عن أنوثتها، ولم تعدْ أنثى بكل معنى هذه الكلمة، وبالتالي لم تصبح جنساً آخر له كلّ المقوّمات والخصائص التي هي من شأنه، ومعنى آخر أصبحت بهذا الانسلاخ مسخًا مشوّهًا، وتبكي مصيرها، وتحسد الشرقيّة أو المسلمة من بنات جنسها، على ما تتمتع به من حفظ وكرامة وصِيانة ومكانة وفّرها لها الإسلام بتعاليمه، والشّرق بتقاليده، والرّجل بمهمته وشرفه وموروثه.
والله يقول الحق وهو يهدي السّبيل.
0
628

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️