قد تتعرض لكثير من العقبات أثناء محاولتك التمكن من وقتك، ولكن لابد أن تعلم: أن المرونة تعتبر من أهم مبادئ ومقدمات نجاحك في استثمار وقتك، فالإنسان المرن في التعامل مع الآخرين ومع تحديات الحياة ستكون له القوة والتحكّم في الأمور. أما الإنسان الذي يُصرّ على آرائه ولا يحاول التعايش مع التغييرات المُحيطة به سيكون نصيبه الأحاسيس السلبية وضياع الفرص.
ولنأخذ مثالاً من الحياة العملية: في الستينات كانت الساعات السويسرية منتشرة في العالم وكان نصيبها أكثر من 90% من السوق العالمي، هل تعتقد أنها لا زالت تتمتع بهذا المركز؟طبعاً لا !! فالساعات اليابانية أصبحت تحتل أكثر من 35% من الأسواق العالمية بينما الساعات السويسرية أصبح نصيبها 10% فقط !!! والسبب هو عدم مرونة الإدارة السويسرية وعدم التعديل السريع في خطط عملها لكي تتماشى مع احتياجات المستهلك.
دعنا نأخذ مثالاً آخر من حياتنا الشخصية: لماذا نرى أن حالات الطلاق في تزايد مستمر في أنحاء العالم؟ من ضمن أسبابالطلاق هو عدم المرونة في التعامل بين الزوجين، فعندما تقابلهم بعض التحديات يلجأون إلى أسهل وأسرع الحلول وهو الطلاق، وللأسف فإن المشكلة لا تقف عند هذا الحد فنرى أن بعض الناس يتزوج أكثر من مرة وينتهي به الأمر إلى الطلاق أكثر من مرة !!!
ومن ناحية الاتصال بالآخرين نجد أن من الناس من يثور بسرعة شديدة إذا واجه تحديات الحياة أو إذا تعامل مع شخص يختلف عنه ولا يتوافق مع آرائه، ولذلك ينتهي به الأمر إلى أن يصاب بأمراض خطيرة مثل أمراض القلب والقرحة والصداع المُزمن وضغط الدم المرتفع... إلى آخره، هذا معناه أن المرونة في التعامل مع الأشياء ومع الآخرين هو أساس قوىنحتاج إلى أن نتعلمه ونمارسه حتى يصبح طبيعة ثانية في شخصياتنا، ويقول "ويليام بلاك": "إن من لا يغيّر آراءه مثله مثل الماء الراكد يسمح للزواحف أن تنمو في عقله".واعلم أنه عندما تفعل ما اعتدت أن تفعله، فإنك ستحصل على نفس النتائج التي أعتدت أن تحصل عليها.
فأنت تحدد ما تريد، وتبحث عن المعلومات اللازمة لمساعدتك على تحقيق ما تريد، ومن ثم تقرر البدء في تطبيق ما تريد، وهنا تدخل في سلسلة من التجارب، وتحدثنا في الفقرة السابقة على ضرورة الصبر، وعلى ضرورة أن تجد في كل مرحلة نتيجة تتعلم منها، لا أن تعاملها كفشل، ويُشبه فولر هذا بقيادة دفة السفينة حيث أن القبطان يضطر دائماً (وحسب الأمواج) إلى إجراء عدة تعديلات في الدفة بين الوقت والأخر وعادة لا ينجح من التعديل الأول، تصوّر هذا الوضع في مخيلتك: قائد دفة يوجه سفينته نحو وجهتها في بحر هادئ الأمواج من خلال التغلب على آلاف المرات من انحرافها عن مسارها، وهذا الانحراف أمر حتمي"، يا لها من صورة جميلة، إنها نموذج رائع لعملية العيش بنجاح، ولكن معظمنا لا يفكر بهذه الطريقة، فكل خطأ يلقي بظلاله على وجداننا، وإدراكنا، ويعد فشلاً له انعكاساته السيئة علينا، ولكن لا بد من التكيّف والتغيير دائماً حتى تصبح أكثر تحكّماً في الوصول إلى ما تريده، إن ما أكتبه الآن قد أغيّره غداً، ففي الغد سأكون أكثر نضجاً (إن شاء الله)، أثبتت الدراسات أن الأنواع الأكثر مرونة وتكيّفاً مع الحياة هي الأكثر بقاءً على وجه الأرض، مثل سمك القرش وعلى العكس من الديناصورات التي انقرضت بسبب عدم تكيّفها، ولقد لخص الرسول الأعظم هذا المعنى فقال: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نُزع من شيء إلا شانه".
كن مرناً في علاقاتك مع الآخرين تكسب وقتاً.
كن مرناً مع نفسك، وغيّر منهجك إن لم يكن يعمل لصالحك.
ابحث دائماً عن سبل وطرق أفضل لاستثمار وقتك.
د محمد بدرة
ام الحكاوي @am_alhkaoy
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️