السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
للرقة أسباب وللقسوة أسباب ، ولكن الله تبارك وتعالى تفضل وتكرم بالإشارة إلي بيانها في الكتاب ، فما رق القلب سبب أعظم من سبب الإيمان بالله تبارك وتعالى .
ولا عرف عبد ربه بأسمائه وصفاته إلا كان قلبه رقيقا لله عز وجل ، وكان وقافا عند حدود الله ، لن تأتيه الآية من كتاب الله ويأتيه حديث عن رسول الله (صلي الله عليه وسلم ) إلا قال بلسان الحال والمقال : سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير .
فما من عبد عرف الله بأسمائه الحسنى وتعرف علي هذا الرب الذي بيده ملكوت كل شئ وهو يجير ولا يجار علية إلا وجدته إلي الخير سباقا ، وعن الشر محجاما .
فأعظم سبب تلين به القلوب لله تعالى وتنكسر من هيبته هو :
1- المعرفة بالله تبارك وتعالي :
أن يعرف العبد ربه ، وما من شئ في هذا الكون إلا ويذكره بهذا الرب ، يذكره الصباح والمساء بذلك الرب العظيم ، وتذكره النعمة والنقمة بذلك الكريم الحليم ، ويذكره الخير والشر بمن له أمر الخير والشر سبحانه وتعالي ، فمن عرف الله رق قلبه من خشية الله تبارك وتعالي !!!!
والعكس ، فما وجدت قلبا قاسيا إلا وجدت صاحبه أجهل العباد بالله عز وجل وأبعدهم عن المعرفة ببطش الله وعذاب الله ، وأجهلهم بنعيم الله عز وجل ورحمة الله .
حتى إنك تجد بعض العصاة أقنط ما يكون من رحمة الله ، وأيأس ما يكون من روح الله والعياذ بالله !! لمكان الجهل بالله ، فلما جهل الله جزء علي حدوده ، وجزء علي محارمه ولم يعرف إلا ليلا ونهارا وفسوقا وفجورا ،فهذا الذي يعرفه من حياته !!وهذا الذي يعده هدفا في وجود ومستقبله !! لذلك فالمعرفة بالله عز وجل طريق لرقة القلوب ........
ولذلك كلما وجدت الإنسان يديم العبرة ، يديم التفكر في ملكوت الله ، كلما وجدت قلبه فيه رقة !!
وكلما وجدت قلبه فيه خشوع وانكسار إلي الله تبارك وتعالي ..
والسبب الثاني الذي يكسر القلوب ويرققها ويعين العبد علي رقة قلبه من خشية الله عز وجل :
2- النظر في آيات هذا الكتاب :
النظر في هذا السبيل المفضي إلي السداد والصواب .. النظر في كتاب وصفة الله بقوله : ( كتاب أحكمت آياته من لدن حكيم خبير ) .(هود)
فما قرأ العبد هذه الآيات وكان عند قراءته حاضر القلب مفكرا متأملا إلا وجدت العين تدمع ، والقلب يخشع ، والنفس تتوهج إيمانا من أعماقها تريد المسير إلي الله تبارك وتعالي ..
وإذا بأرض ذلك القلب تنقلب بعد آيات القرآن خصبة طرية للخير ، ومحبة لله عز وجل وطاعته .
فما قرأ عبد القرآن ولا استمع لآيات الرحمن إلا وجدته بعد قراءتها والتأمل فيها رقيقا ، قد خفق قلبه واقشعر جلده من خشية الله تبارك وتعالي : ( كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذي يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلي ذكر الله ذلك هدي الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد ). (الزمر )
إن هذا القرآن لعجيب !! بعض الصحابة تليت عليه بعض آيات القرآن فنقلته من الوثنية إلي التوحيد ، ومن الشرك بالله إلي عبادة رب الأرباب سبحانه وتعالي .
هذا القرآن موعظة رب العالمين وكلام إله الأولين والآخرين ، فما قرأه عبد إلا تيسرت له الهداية بقراءته ، ولذلك قال الله في كتابه : ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ).. (القمر)
هل هناك من يريد الذكري ؟!
هل هناك من يريد العظة الكاملة والموعظة السامية ؟!
إنه كتــــــــــــــابنا .
لذلك ما أدمن قلب ولا أدمن عبد علي تلاوة القرآن وجعل القرآن معه إذا لم يكن حافظا يتلوه آناء الليل ،وآناء النهار ، إلا رق قلبه من خشية الله تبارك وتعالي..
ومن الأسباب التي تعين علي رقة القلب وإنابته إلي الله تعالي :
3-تذكر الآخرة ....
4-أن يتذكر العبد أنه إلي الله صائر .... وأن يذكر أن لكل بداية نهاية وأنه ما بعد الموت من مستعتب وما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار .!!
فإذا تذكر الإنسان أن الحياة زائلة ، وأن المتاع فان وأنها غرور زائل دعاه – والله – ذلك إلي أن يحتقر الدنيا ويقبل علي ربها إقبال المنيب الصادق ،وعندها يرق قلبه .
ومن نظر ألي القبور وإلي أحوال أهلها انكسر قلبه ،وذهب من قلبه ما يكون من القسوة ومن الغرور والعياذ بالله ،لذلك لم تجد إنسانا يحافظ علي زيارة القبور والتفكر والتأمل ، إذ يرى فيها الآباء والإخوان والأصحاب والأحباب ويتذكر أنه قريبا سيكون بينهم ،وأنهم جيران بعضهم لبعض ، قد انقطع التزاور بينهم مع الجيرة ، وأنه قد يتدانى القبران كما بين السماء والأرض نعيما وجحيما !!
ما تذكر عبد هذه المنازل ولا وقف علي شفير قبر فرآه محفورا فهيأ نفسه علي ماذا يغلق ؟! وعلي من يغلق ؟! وعلي أي شئ يغلق ؟!
أيغلق علي مطيع أم علي عاصي ؟!
أيغلق علي نعيم أم علي جحيم ؟!
فلا إله ألا الله ، هو العالم بأحوالهم وهو الحكم العدل الذي يفصل بينهم ..
ما نظر عبد هذه النظرات ،ولا استجاشت في نفسه هذه التأملات إلا اهتز القلب من خشية الله ، وأنشط هيبة لله تبارك وتعالي ، وأقبل إلي الله تعالي إقبال صدق ..
اللهم أجعل خير عمري آخره وخير عملي خواتمه وخير أيامي يوم لقاءك .
اللهم أجعلني صبورا واجعلني شكورا واجعلني في عيني صغيرا وفي أعين الناس كبيرا رب أغفر وارحم وأهدني السبيل الأقوام . اللهم أجعل أوسع رزقي عند كبر سني وانقطاع عمري .

عين اليقين @aayn_alykyn
عضوة نشيطة
هذا الموضوع مغلق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️