5 - ( ما ) المعظمه بين رحمه النبي صلى الله عليه وسلم وغضب المؤمنين
ما هي دلاله حرف ( ما ) في كتاب الله تعالى والتي يقال عنها بأنها زائده,وليست كذلك ؟
أ- الميم حرف شفهي , يجمع الناطق به شفتيه فوضعته العرب علما على الجمع لاجتماع الشفتين عند النطق به ..
ب - الالف عند الفظ به يمتد به الصوت , فهو يفيد الامتداد والاستمرار .
في قوله تعالى (( فبما رحمه من الله لنت لهم ))
اي قد جمعت فيك رحمه عظيمه حانيه وهي رحمه المسامحه والعفو ورحمه الهدايه والارشاد الى طريق الفوز في الدارين .
قال الرافعي ( فيها تصوير لين النبي صلى الله عليه وسلم لقومه وان ذلك رحمه من الله فجاء هذا المد في ( ما ) وصفا لفظيا يؤكد معنى اللين ويفخمه.
وفي قوله (( مما خطيئاتهم أغرقوا فادخلوا نارا ))
ذكر الله ذلك في حق قوم نوح اذ لبث فيهم الف سنه الا خمسين عاما يدعوهم الى الله تعالى وهم يردون عليه اشد الرد واقبحه ويسخرون منه .. الى ان عظمت ذنوبهم وتكالبت عليهم خطاياهم فقال تعالى ( مما خطيئاتهم ) اى بلغت خطاياهم مبلغا الله اعلم به ..
وفي قوله تعالى ((والذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش , واذا ما غضبوا هم يغفرون ))
يصف الله تعالى المؤمنين ممتدحا لهم .. و( ما ) هنا للدلاله على كمال الغضب أي
اذا امتلؤا غضبا وغيظا فانهم يغفرون ويتجاوزون ..
6 - ( أن ) الزمنيه بين تردد موسى ووله يعقوب ...
في قوله تعالى عن موسى عليه السلام بعد قتله للفرعوني
(( فاصبح في المدينه خائفا يترقب فاذا الذي استنصره بالامس يستصرخه قال له موسى انك لغوي مبين فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى
أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالامس ))
ليست ( أن ) الاولى زائده في قوله تعالى (( فلما أن أراد أن يبطش ))
فقد يتهيا ان المعنى لن يتغير لو حذفت فقيل (( فلما اراد أن يبطش ))
وليس الامر كذلك,بل اذا وردت ( لما) وورد الفعل بعدها بإسقاط (أن ) دل ذلك على الفور , واذا لم تسقط لم يدلنا ذلك على ان الفعل كان على الفور ,وانما كان فيه تراخ وابطاء . ففي الآيه دليل على ان موسى عليه السلام لم تكن مسارعته الى قتل الثاني كما كانت مسارعته الى قتل الاول , بل كان عنده إبطاء في بسط يده إليه ..
ذلك ان موسى بالامس راى هذا الاسرائيلي يتشاجر مع الفرعوني( من طبقه ملوك مصر )وبنو اسرائيل مستضعفون مستخدمون لديهم , فتبادر الى ذهن موسى ان الاسرائيلي مظلوم , وان المعتدي هو الفرعوني , فنصره موسى وضرب الفرعوني الذي سقط صريعا ولم بقصد موسى قتله فقال (( هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين , فقال رب اغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم , قال رب بما أنعمت على فلن أكون ظهيرا للمجرمين ))
فوصل الخبر الى الفراعنه بمقتل الفرعوني ولم يعلموا من قتله .
فأصبح موسى في المدينه خائفا يترقب ,كثير اللتفاف برقبته يتوقع المكروه ,,
واذا بالاسرائيلي الذي طلب نصرته بالامس يسترصخه مره أخرى ويستنجده على فرعوني آخر حصلت بينهما مشاجره فقال موسى (( إنك لغوي مبين ))
فتردد موسى فيي نصره الاسرائيلي إذ ربما يكون هو الظالم , ولكن بعد هذا التردد تصل الى غلبه الظن أن الاسرائيلي مظلوم فذهب موسى لنجدته ..
فمنذ بدايه الاستغاثه الى اراده موسى البطش بالفرعوني ,حصل نوع من التردد في فتره من الوقت فهذا الفاصل من الوقت ,تم التعبير عنه بفاصل من الاحرف ( أن ).
اما في قوله تعالى (( فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا ))
بعد ان فرق الاخوه بين يوسف وابيه فتره من الزمن , قال لهم ابوهم بعدما فقد بنيامين (( يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف واخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون ))
فذهب قسم من الاخوه الى مصر للبحث عن يوسف ومعرفه امكانيه استرجاع بنيامين ,فدخلوا على عزيز مصر والقصه مذكوره في سوره يوسف حيث تعرفوا الى اخيهم يوسف .. وعندما خرجوا من مصر (( قال ابوهم اني لاجد ريح يوسف ))
فيعقوب عليه السلام يشعر ان يوسف قريب منه , لقد وجد رائحته فجاشت عاطفته وتحرك وجدانه تجاه يوسف وازداد شوقه للقائه فاستعجل لقاءه .... ولكن الوقت يمشي بطيئا والدقائق تمر كانها ساعات والساعه تمر عليه كانها يوم كامل ,
الى ان جاء البشيرفالقى قميص يوسف على وجه يعقوب فارتد بصيرا , فكانه استبطأه , وكأن وقتا طويلا مر عليه منذ ان وجد رائحته الى ان جاء البشير , وهذا الفاصل من الوقت تم توضيحه بفاصل من الاحرف ( أن ).
7 - توحيد الضمير بين متابعه هارون و حب أبي بكر ...
* (( فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين ))
لماذا وردت كلمه الرسول مفرده على لسان موسى , بالرغم ان المقصود بها موسى وهارون ؟؟
ذلك اشاره الى تعاضدهما واتحادهما كالنفس الواحده واتفاقهما على شريعه واحده .
والمتكلم - أي موسى - الاصل , والآخر -هارون - تابع له .فنحن بمثابه رجل واحد .
* (( فانزل الله سكينته عليه ))
نزلت هذه الايه في شان هجره النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينه بصحبه ابي بكر رضي الله عنه , عندما لجآالى غار ثور فاختبآ,وكان ابو بكر مهموما على النبي صلى الله عليه وسلم خشيه ان يطلعوا عليه , فكان النبي صلى الله عليه وسلم هو المتبوع المطاع وابو بكر محب تابع مطيع معروف بكمال ملازمته ومصاحبته للنبي
صلى الله عليه وسلم .
فبو بكر وصف بالصحبه المطلقه الكامله في حال الخوف الشديد وفي حال النصر والتأييد .. فاذا حصل للمتبوع وهو النبي سكينه وتأييد كان ذلك للتابع ايضا .


الله يسلم عمرك يا دانه عمان وشكرا للمتابعه
اكمل الموضوع
8 - الفعل بين نسيان النعمه واستحضار النقمه ...
ذكر الله تعالى من احوال الفراعنه مع موسى عليه السلام انهم (( إذا جاءتهم الحسنه قالوا لنا هذه , وإن تصبهم سيئه يطيروا بموسى ومن معه ))
فالملاحظ من الآيه المذكوره ما يلي :
1 - عندما ذكر المولى تعالى الحسنه قال ( إذا ) ولما ذكر السيئه قال ( إن ) 0
2 - عرف الحسنه بال فقال ( الحسنه ) ونكر السيئه فقال ( سيئه ) بدون لام التعريف 0
3 - مع الحسنه أتى الفعل الماضي ( قالوا ) ومع السيئه اتى الفعل المضارع ( يطيروا )0
وتوضيحه فيما يلي :
1 -( إ ذا )تفترق عن ( إن ) من انها تدل على كثره وقوعها وتكرارها , بينما تدل
( إ ن ) على حدث نادر الوقوع ... فالمصائب نادره الحدوث مقابل النعم التي يتقلب فيها المرء في حياته .
2 - تعريف الحسنه يدل على عظمها , فكل الناس يراها ظاهره وعظيمه لذلك فهي معروفه , بينما ( سيئه) منكره غير معرفه لصغرها فهي مصيبه صغيره اصيبوا بها .
3 - مجيء الفعل الماضي ( قالوا ) مع الحسنه , ذلك لان طبيعه الانسان نسيان النعمه والمنافع التي يتلقاها من غيره الا من رحم الله تعالى . كما قال تعالى:
(( ان الانسان لربه لكنود ))... فهي في طي النسيان ومن حكم الماضي .
بينما الضرر لا ينسى ولو مرت عليه مده طويله وسنون مديده فيكون حاضرا في ذهن المتضرر, فلو اخطأت في حق انسان ابغت عليه من النعم , تجده يستحضر خطأك ولا يستحضر منفعتك له , فالمنفعه في خبركان بينما الضرر حاضر في ذهنه ..
وقد بين الله تعالى اخلاق الفراعنه انهم اذا جاءتهم النعم العظيمه نسوها واعرضوا عن شكرها . بينما اذا اصابتهم بعض الاضرار نادره الحدوث لن ينسوها ودائما يعيرون موسى بها وانها من شؤمه ..
9 - الواو بين المفآجأه والاستغاثه ...
* ( فتحت ) و ( وفتحت )
قال الله تعالى (( وسيق الذين كفروا الى جهنم زمرا حتى اذا جاؤها فتحت ابوابها ))
وقال سبحانه عن اهل الجنه (( وسيق الذين اتقوا ربهم الى الجنه زرا حتى اذا
جاؤها وفتحت ابوابها ))
فحذفت الواو عن الكفار ؟, وذكرت في حق المؤمنين !!
إن الكفار يوم القيامه يدفعون ويساقون سوقا الى نار جهنم ,فاذا انتهوا اليها في ظلمه حالكه وابوابها مغلقه ... فتحت في وجوههم !! ففاجاتهم وبغتهم لهيبها وشهيقها وفولرانها وغليانها وفورانها وعذابها ... فهم في منزله من وقف على باب لا يدري بما يفتح له من انواع الشر , الا انه متوقع منه شرا عظيما ففتح في وجهه , وفاجأه ما كان يتوقعه وما لا يتوقعه ..
هذا بخلاف اهل الجنه , فانهم لما كانوا مساقين الى دار الكرامه وهي مأدبه الله تعالى , وكان من تمام إكرام الضيف المدعو الزائر أن يقتح له باب الدار , فيجيء فيلقاه مفتوحا . فلا يلحقه الم الانتظار ..
* ( قال ) و ( وقال )
قال الله تعالى (( ألقيا في جهنم كل كفار عنيد . مناع للخير معتد مريب الذي جعل مع الله إها آخر )) ثم صدر الامر الاهي الذي لا مرد له ولا مبدل لكلماته بالنتيجه النهائيه لمصير العبد الكافر (( فألقياه في العذاب الشديد )) ... أعلنت النتيجه بعد انتظار في يوم طوله خمسون الف سنه ,,, هنا صرخ الكافر وصاح دون تمهل بعد الاعلان
(( قال قرينه : ربنا ما اطغيته ولكن كان في ظلال بعيد )) فلم يقل الله عن القرين
( وقال قرينه ) .... ثم اتاه الرد سريعا دون تمهل ..لقطع الرجاء والامل (( قال : لا تختصموا لدي وقد قدمت اليكم بالوعيد )) فلم يقل عن نفسه ( وقال ) ..
10 - العلو في الذل ....
قال الله تعالى (( يا ايها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف ياتي الله بقوم يحبهم ويحبونه , أذله على المؤمنين , أعزه على الكافرين ))
فالعلو يناسب العزه , ولكن ما مناسبه العلو للذل ؟؟ ولماذا لم يقل ( أذله للمؤمنين )
ان رباط الاخوه في الله تعالى من اوثق الروابط بل لا انفصال لها في الدنيا ولا في الآخره . لذا كلما بذل الاخ لاخيه في الله كلما ازداد قربا من الله تعالى ..
فمن سبق اخاه فتنازل له وبذل نفسه ليتصافى معه , يزيل ما حال بينهما من كدر ,
كان ارفع عند الله وافضل , بل هو اولى بالله من اخيه . وذللك لئلا يشعر انه قد ذل نفسه لاخيه فاصبح في مرتبه ادنى , بل هو ارفع منه لانه تواضع لله تعالى فرفعه الله , قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله )
وفي الآيه (( أذله على المؤمنين )) فهذا في حال تذلله لاخيخ يصبح في نمرتبه أعلى منه لانه بذل نفسه لله تعالى فرفعه ..
قال البقاعي ( لما كان هذا اذل صادرا عن الرفق ولين الجانب لا الهوان , كان في الحقيقه عزا )
11 - الحب ينطق والحياء يسكت ...
(( وما تلك بيمينك يا موسى ))
هكذا خاطب الله تعالى موسى عليه السلام , والجواب (( هي عصاي )) ...
لكن موسى استطرد واطنب في الجواب وذكر امورا لم يساله الله عنها فقال
(( أتوكأ عليها واهش بها على غنمي )) ثم توقف .. ولم يكمل .. فقال (( ولي فيها
مآرب أخرى ))
فلماذا لم يستطرد في فوائد العصا ؟؟؟
في ظلمه الليل حيث البروده الشديده .. رأى موسى عليه السلام نورا يأخذ باللب ,
فشعر بالانس والراحه تجاهه فقال (( اني آنست نارا ))
وعنما وصل اليه صوتا جميلا جليلا يخاطبه(( يا موسى اني انا ربك فاخلع نعليك انك بالواد المقدس طوى . وانا اخترتك فاستمع لما يوحى , انني انا الله لا إله إلا انا فاعبدني ))
تحركت مشاعر موسى , وفاض قلبه بمشاعر الحب وعلم ان الذي يخاطبه هو الله تعالى الذي تفطرت القلوب بمحبته .
ثم خاطبه سبحانه متلطفا (( ما تلك بيمينك يا موسى ))
فاجاب مسرعا لما أذن الله له بالكلام معه فقال (( هي عصاي )) ثم استطرد استئناسا بلذيذ المخاطبه ونسى نفسه فقال (( اتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ......)
ثم انتبه وأفاق و استحيا لهذا الاستطراد فقال باستحياء وتلطف (( ولي فيها مآرب أخرى )) أذكرها لك ربي إن شئت سبحانك . وكما قيل : الحب ينطق والحياء يسكت .
انتهت الرساله وقد عشت معكم أحبتي لحظات عطره جميله في رحاب القرآن الكريم
ولله درك يا شيخنا الفاضل عدنان عبد القادر . يا لأجمل ما كتبته يداك
جزاك الله كل خير وجعله في موازين حسناتك ...
اكمل الموضوع
8 - الفعل بين نسيان النعمه واستحضار النقمه ...
ذكر الله تعالى من احوال الفراعنه مع موسى عليه السلام انهم (( إذا جاءتهم الحسنه قالوا لنا هذه , وإن تصبهم سيئه يطيروا بموسى ومن معه ))
فالملاحظ من الآيه المذكوره ما يلي :
1 - عندما ذكر المولى تعالى الحسنه قال ( إذا ) ولما ذكر السيئه قال ( إن ) 0
2 - عرف الحسنه بال فقال ( الحسنه ) ونكر السيئه فقال ( سيئه ) بدون لام التعريف 0
3 - مع الحسنه أتى الفعل الماضي ( قالوا ) ومع السيئه اتى الفعل المضارع ( يطيروا )0
وتوضيحه فيما يلي :
1 -( إ ذا )تفترق عن ( إن ) من انها تدل على كثره وقوعها وتكرارها , بينما تدل
( إ ن ) على حدث نادر الوقوع ... فالمصائب نادره الحدوث مقابل النعم التي يتقلب فيها المرء في حياته .
2 - تعريف الحسنه يدل على عظمها , فكل الناس يراها ظاهره وعظيمه لذلك فهي معروفه , بينما ( سيئه) منكره غير معرفه لصغرها فهي مصيبه صغيره اصيبوا بها .
3 - مجيء الفعل الماضي ( قالوا ) مع الحسنه , ذلك لان طبيعه الانسان نسيان النعمه والمنافع التي يتلقاها من غيره الا من رحم الله تعالى . كما قال تعالى:
(( ان الانسان لربه لكنود ))... فهي في طي النسيان ومن حكم الماضي .
بينما الضرر لا ينسى ولو مرت عليه مده طويله وسنون مديده فيكون حاضرا في ذهن المتضرر, فلو اخطأت في حق انسان ابغت عليه من النعم , تجده يستحضر خطأك ولا يستحضر منفعتك له , فالمنفعه في خبركان بينما الضرر حاضر في ذهنه ..
وقد بين الله تعالى اخلاق الفراعنه انهم اذا جاءتهم النعم العظيمه نسوها واعرضوا عن شكرها . بينما اذا اصابتهم بعض الاضرار نادره الحدوث لن ينسوها ودائما يعيرون موسى بها وانها من شؤمه ..
9 - الواو بين المفآجأه والاستغاثه ...
* ( فتحت ) و ( وفتحت )
قال الله تعالى (( وسيق الذين كفروا الى جهنم زمرا حتى اذا جاؤها فتحت ابوابها ))
وقال سبحانه عن اهل الجنه (( وسيق الذين اتقوا ربهم الى الجنه زرا حتى اذا
جاؤها وفتحت ابوابها ))
فحذفت الواو عن الكفار ؟, وذكرت في حق المؤمنين !!
إن الكفار يوم القيامه يدفعون ويساقون سوقا الى نار جهنم ,فاذا انتهوا اليها في ظلمه حالكه وابوابها مغلقه ... فتحت في وجوههم !! ففاجاتهم وبغتهم لهيبها وشهيقها وفولرانها وغليانها وفورانها وعذابها ... فهم في منزله من وقف على باب لا يدري بما يفتح له من انواع الشر , الا انه متوقع منه شرا عظيما ففتح في وجهه , وفاجأه ما كان يتوقعه وما لا يتوقعه ..
هذا بخلاف اهل الجنه , فانهم لما كانوا مساقين الى دار الكرامه وهي مأدبه الله تعالى , وكان من تمام إكرام الضيف المدعو الزائر أن يقتح له باب الدار , فيجيء فيلقاه مفتوحا . فلا يلحقه الم الانتظار ..
* ( قال ) و ( وقال )
قال الله تعالى (( ألقيا في جهنم كل كفار عنيد . مناع للخير معتد مريب الذي جعل مع الله إها آخر )) ثم صدر الامر الاهي الذي لا مرد له ولا مبدل لكلماته بالنتيجه النهائيه لمصير العبد الكافر (( فألقياه في العذاب الشديد )) ... أعلنت النتيجه بعد انتظار في يوم طوله خمسون الف سنه ,,, هنا صرخ الكافر وصاح دون تمهل بعد الاعلان
(( قال قرينه : ربنا ما اطغيته ولكن كان في ظلال بعيد )) فلم يقل الله عن القرين
( وقال قرينه ) .... ثم اتاه الرد سريعا دون تمهل ..لقطع الرجاء والامل (( قال : لا تختصموا لدي وقد قدمت اليكم بالوعيد )) فلم يقل عن نفسه ( وقال ) ..
10 - العلو في الذل ....
قال الله تعالى (( يا ايها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف ياتي الله بقوم يحبهم ويحبونه , أذله على المؤمنين , أعزه على الكافرين ))
فالعلو يناسب العزه , ولكن ما مناسبه العلو للذل ؟؟ ولماذا لم يقل ( أذله للمؤمنين )
ان رباط الاخوه في الله تعالى من اوثق الروابط بل لا انفصال لها في الدنيا ولا في الآخره . لذا كلما بذل الاخ لاخيه في الله كلما ازداد قربا من الله تعالى ..
فمن سبق اخاه فتنازل له وبذل نفسه ليتصافى معه , يزيل ما حال بينهما من كدر ,
كان ارفع عند الله وافضل , بل هو اولى بالله من اخيه . وذللك لئلا يشعر انه قد ذل نفسه لاخيه فاصبح في مرتبه ادنى , بل هو ارفع منه لانه تواضع لله تعالى فرفعه الله , قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله )
وفي الآيه (( أذله على المؤمنين )) فهذا في حال تذلله لاخيخ يصبح في نمرتبه أعلى منه لانه بذل نفسه لله تعالى فرفعه ..
قال البقاعي ( لما كان هذا اذل صادرا عن الرفق ولين الجانب لا الهوان , كان في الحقيقه عزا )
11 - الحب ينطق والحياء يسكت ...
(( وما تلك بيمينك يا موسى ))
هكذا خاطب الله تعالى موسى عليه السلام , والجواب (( هي عصاي )) ...
لكن موسى استطرد واطنب في الجواب وذكر امورا لم يساله الله عنها فقال
(( أتوكأ عليها واهش بها على غنمي )) ثم توقف .. ولم يكمل .. فقال (( ولي فيها
مآرب أخرى ))
فلماذا لم يستطرد في فوائد العصا ؟؟؟
في ظلمه الليل حيث البروده الشديده .. رأى موسى عليه السلام نورا يأخذ باللب ,
فشعر بالانس والراحه تجاهه فقال (( اني آنست نارا ))
وعنما وصل اليه صوتا جميلا جليلا يخاطبه(( يا موسى اني انا ربك فاخلع نعليك انك بالواد المقدس طوى . وانا اخترتك فاستمع لما يوحى , انني انا الله لا إله إلا انا فاعبدني ))
تحركت مشاعر موسى , وفاض قلبه بمشاعر الحب وعلم ان الذي يخاطبه هو الله تعالى الذي تفطرت القلوب بمحبته .
ثم خاطبه سبحانه متلطفا (( ما تلك بيمينك يا موسى ))
فاجاب مسرعا لما أذن الله له بالكلام معه فقال (( هي عصاي )) ثم استطرد استئناسا بلذيذ المخاطبه ونسى نفسه فقال (( اتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ......)
ثم انتبه وأفاق و استحيا لهذا الاستطراد فقال باستحياء وتلطف (( ولي فيها مآرب أخرى )) أذكرها لك ربي إن شئت سبحانك . وكما قيل : الحب ينطق والحياء يسكت .
انتهت الرساله وقد عشت معكم أحبتي لحظات عطره جميله في رحاب القرآن الكريم
ولله درك يا شيخنا الفاضل عدنان عبد القادر . يا لأجمل ما كتبته يداك
جزاك الله كل خير وجعله في موازين حسناتك ...

الصفحة الأخيرة
3- نقصان الحرف بين عفاف مريم وعجز يأجوج ...
* اسطاع واستطاع :
الزياده في الاحرف تعني زياده في المعنى والنقصان فيها تدل على النقصان في المعنى .
كلمه ( استطاع ) تدل على القدره الكامله ونفيها ( لم يستطع ) يدل على عدم وجود كمال القدره,
ولكنها قد توجد بصوره ناقصه وقد لا توجد .
اما كلمه ( اسطاع ) فتدل على وجود قدره ناقصه غير كامله , ونفيها ( لم يسطع ) يدل على ذهابها كليه ,إذ نفي القدره القليله يقتضي عدم وجود ايصوره من صورها .
قال الله تعالى عن يأجوج ومأجوج ومحاولاتهم للخروج من السد المنيع:
(( فما اسطاعوا أن يظهروه , وما استطاعول له نقبا ))
من المعلوم بان الخروج من السد يحصل اما بالعلو عليه وتسلقه , أو بفتح نقب كبير فيه
( اي فتحه كبيره ) يستطيع المرء الخروج منه ..
اما العلو عليه وتسلقه , فقد نفى الله تعالى القدره عليه نفيا قاطعا , إذ نفى كل انواع القدره وكل صورها وذلك بنفيه لأدنى انواع القدره فقال سبحانه (( فما اسطاعوا ان يظهروه )) أي فلن يأتي اليوم الذي يعلون فيه على السد , ولم يقل سبحانه (( فما استطاعوا أن يظهروه ))
وأما فتح النقب وحفره , فلم ينف المولى عز وجل جميع انواع القدره وصورها ,وإنما نفى القدره الكامله فقال سبحانه (( وما استطاعوا له نقبا ))
قال البقاعي : ( وزياده التاء هنا تدل على ان العلو عليه اصعب من نقبه لارتفاعه وصلابته والتحام بعضه ببعض حتى صار سبيكه واحده من حديد ونحاس في علو الجبل )
فلم ينف المولى عز وجل القدره الناقصه وذلك لوجود القدره على النقب , ولكنها قدره ناقصه , تتحقق بعد مئات السنين , وبعهد محاولات متكرره , وهذا الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم
ومصداق ذلك قوله تعالى (( حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ))
* يكن و يك :
معناهما معروف , وحذف النون يدل على نقصان في معنى الكلمه , فإذا سبقها حرف نفي اقتضى ذلك نفي المعنى بكل وجوهه وصوره وأشكاله .
ففي قصه مريم : جاءها جبريل عليه السلام وبلغها بحكم الله تعالى أنها ستلد عيسى عليه السلام بلا أب , فقالت وقد نزل بها الهم والغم (( أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أكن بغيا قال : كذلك )) إذ كيف يحدث مثل هذا ولم يمسسني بشر ,ولا يحصل الحمل الا بالجماع ,
ولست بذات زوج ,(( ولم اك بغيا )) البغي من البغاء وهو الزنى , والزنى مراتب :
منها ما هو مقدمات له , كنظر الاعجاب واللمس وكلام الغزل واعلاه هو الجماع ,
فنفي ادنى مراتب الزنى يقتضي نفي الجماع . ويقتضي كذلك الطهاره الكامله , لذا
نفت مريم عليها السلام أدنى المراتب بقولها (( ولم أك بغيا )) فهي قد نفت ادنر مراتب الكون من البغاء , كيف ولم أنظر الى رجل نظره شهوه ولا كلمت أحدا غزلا
ولم يمسسني بشر , فكيف أحمل بمولود ؟؟ فوافقها جبريل على كل ما ذكرته من طهارتها ونقاوتها فقال (( كذلك ))
أما في حق ابراهيم عليه السلام فقد قال تعالى (( ولم يك من المشركين ))
فنفى عنه ادنى مراتب الشرك ومقدماته ,كيف وهو الذي أراد ذبح ابنه الوحيد - بعد بلوغه - تقربا الى الله تعالى وتصفيه لقلبه من كل شيء إلا من حبه وعبوديته
فسماه الخليل (( واتخذ الله ابلااهيم خليلا ))
4- الحذر بين القنوت وسقوط السماء ...
قال الله تبارك وتعالى لخليله وصفيه (( ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا ))
ذلك لان المرء يأوي في الليل الى فراشه بعد تعب وكد النهار فيستغلرق في نومه ,
لكن الله تعالى أمر النبي صلى الله عليه وسلم ,أن يستيقظ من نومه ويقوم لله تعالى وهذه أصعب الاحوال وأشدها , فالقيام أول الليل قبل التلذذ بالنوم أمر أهون من اقتلاع
النائم من نوم عميق ,إ ذ قال الله تعالى (( قم الليل الا قليلا نصفه او انقص منه قليلا
او زد عليه ورتل القرآن ترتيلا )) ثم قال (( إن ناشئه الليل هي اشد وطئا واقوم قيلا ))
فالناشئه هي القيام بعد نوم فهي اشد على النفس ولكن اثرها اعظم واقوم ..
فناسب ذلك صعوبه اللفظ في امره للنبي (( وسبحه ليلا طويلا )) حيث تقارب المخرجين - الحاء والهاء - يجعل في لفظالكلمه شيئا من الثقل ,لذا يشدد عليها علماء التجويد في اظهار حروفها ...
وكذا في قوله تعالى عن نفسه (( ويمسك السماء ان تقع على الارض إلا بإذنه ))
فعند التلفظ ب ((السماء أن )) و (( تقع على )) تأخذ نوعا من الحذر لاتقاء الهمزتين وكذا ( العينين ) والتي سبقتها ( القاف ) والتي تشير الى اخذ الحذر خشيه
سقوط السماء على الارض .. فالذي حفظها هو الله تعالى فلو لم يمسكها سبحانه وعاقب الناس على معاصيهم وشركهم لوقعت على رؤوسكم فاحذروا..
وللموضوع بقيه ..