أشهر فتاة مجهولة في العالم عراقية
عندما كتبتُ عنها هنا في 4 سبتمبر عام 2003 لم أكن أتوقع قطعاً أنها ستصبح أشهر فتاة مجهولة في العالم. كنتُ عثرتُ صُدفة على موقعها في "الإنترنت"، واستشهدت بها في مقالة بعنوان "فتاة بغدادية تكشف سر إفلاس سلطات الاحتلال الأميركي". وكتبتُ عنها ثانية في العيد الماضي مقالة بعنوان "أيّ هدية في العيد للفتاة البغدادية؟". لم يخطر في ذهني آنذاك أن هديتها قيد الطبع في نيويورك. وها هي بين يدي الآن، كتاب يضم يومياتها المنشورة عبر الإنترنت عن حياة أسرتها وسكان حيّها تحت ظل الاحتلال. عنوان الكتاب "بغداد تحترق" Baghdad Burning، وهو اسم موقعها في الإنترنت، مؤلف الكتاب "ريفربند"، وهذا اسمها المستعار، الذي يعني بالإنجليزية "منعطف النهر" Riverbend. كل ما يُعرف عنها أنها مبرمجة كومبيوتر، في منتصف العشرين من العمر، تعيش في بغداد مع أبويها وشقيقها الصغير، ترعرعت في الخارج، حيث أتقنت الإنجليزية.
"جبهة الحرب هي منازلنا، وضحايا الحرب هم أصدقاؤنا وأسرنا". يتأمل عبارتها هذه جيمس ريجواي، الكاتب الأميركي المعروف بمؤلفاته عن البيئة والطاقة والموارد الطبيعية. كتب ريجواي في مقدمته لكتاب "بغداد تحترق" أن "مؤلفته المجهولة تصف واقع الحرب والاحتلال بشكل يتمنى كل صحفي محترف أن يحققه". ويضيف "إذا قرأت لها مرة، فحربها تصبح حربك، وتشرع برؤية الأشياء بعينيها وعيون أفراد أسرتها. وعندما تتحدث الأخبار عن هجوم على منطقة في بغداد تُهرع لمراجعة موقعها في الإنترنت متوسلاً أن لا يكون منزلها في تلك المنطقة. وتسمع بهجوم جوي على بغداد فتفكر بعصبية، ما إذا كانت أمها قد أنزلت أخاها الصغير من سطح المنزل في الوقت الملائم".
هذا الخوف عليها اعتصر قلبي عندما تأخرتْ أكثر من أسبوعين في إرسال تهنئتها الجوابية على مقالتي "أيّ هدية في العيد للفتاة البغدادية؟". الآن أعرف لماذا تأخرت. كتابها في يدي مصافحة من يد ابنة حبيبة.
أسلوبها العذب في رواية يومياتها أسر قلوب أشهر نجوم السينما والأدب والفن المناهضين للحرب. سوزان ساراندون، وهي من أثقف نجوم هوليود، وضعت اسمها على الغلاف مع عبارة: "جدير بكل من تهمّه الحرب في العراق قراءة هذا الكتاب". استخدمت ساراندون، الحاصلة على 4 جوائز أوسكار لغة سينمائية في الحديث عن الكاتبة: "إنها تحكي بصوت درامي مشدود عن الجانب الشخصي من الحرب، وتنفذ بالنكتة إلى الأعماق، بشكل لا يفعله أي مصدر آخر أعرفه".
سينثيا إينول، أستاذة جامعة بيركلي في الولايات المتحدة تنصح القارئ "اشترِ هذا الكتاب. اقرأه، شاركه مع الآخرين، أوصِ به، تمثله، واعملْ بموجبه". إينول، المشهورة بكتابها "الأنثى الفضولية" تعتبر يوميات الفتاة العراقية "هدية مدهشة تمنحها لنا، مترعة بالعفوية السياسية، والصدق الشخصي، والتأمل الأنثوي". الروائية المصرية البريطانية أهداف سويف كتبت في توطئتها للكتاب "إنه لابد يُخزي كل من يُقلل من شأن العراقيين، أو العرب أو المسلمين.. فالكاتبة لا تُضاهى برصدها الذكي، وتحليلها الحاد الذهن، وتفسيرها الثاقب لما يجري في العراق".
فوزيه أفضال خان، أستاذة الأدب الإنجليزي في جامعة "مونتكلير ستيت" في نيوجيرسي بالولايات المتحدة تدهش لشجاعتها في وصف حقائق الحياة اليومية للعراقيات "من دون أن تفقد روح النكتة وسط الرعب والحرمان اللذين تصفهما لنا بأسلوب غير صقيل وفكه في آن". وتبارك فوزية خان قدرة"هذه الفتاة على نسف التصورات النمطية عن المرأة العربية، أو العراقية المضطهدة. إنها تروي لنا كيف كان لها عمل جيد، واستقلالية في الحياة قبل الاحتلال، بينما هي الآن عاطلة عن العمل، وتخاف الخروج من دون مرافقة رجل". وتعلق خان بسخرية على ادّعاءات واشنطن: "هكذا حرّرنا العراق ونساءه!".
الشاعرة والمغنية جوي هاريو تتعرف في يوميات الفتاة العراقية على ما جرى من نهب وتدمير لقومها الهنود الحمر، سكان أميركا الأصليين. "ها كل شيء يحدث مرة أخرى". والمعلقة كاثيا بوليت المشهورة بعمودها اليومي الساخن في صحيفة "واشنطن بوست" تعترف بأن يوميات الفتاة العراقية علّمتها أكثر من أي مصدر آخر عن حقيقة ما يجري في العراق. "هذه الفتاة البغدادية في عمر 24 سنة تكتب عن كل شي، من سكان حيّها ذوي الأنفة، حتى تفاقم عمليات الاختطاف والقتل ومهاجمة المتعصبين للنساء غير المحجّبات".
صحيفة "الغارديان" البريطانية أعادت نشر مقاطع كاملة من اليوميات تتضمن معلومات عن وضع المرأة تحت حكم الأحزاب الدينية الطائفية. تعليقها اللاذع على إشاعة عن ترشيح السيد السيستاني لجائزة نوبل تردفه تحليلات سياسية جريئة واستقراء ذكي للنفسية العراقية في الظروف الحالية. السيستاني في رأيها "رجل دين إيراني يتابع بهدوء أجندة مخيفة نشعر بضغطها كل يوم". وتعتبر "ما يُقال عن دوره في الحيلولة دون نشوب حرب أهلية محض لغو". فهي تعرف، كسليلة أسرة بغدادية مختلطة، شيعية سنية أن "العراقيين متسامحون، ونحن أيضاً تعبون جداً. كأننا قضينا حياتنا في صراع مع هذه الجهة، أو تلك. الصراع ما بيننا ليس خياراً مغرياً الآن".
جائزة نوبل للسلام يستحقها برأيها "أحمد الجلبي أكثر من أي شخص آخر". وكالعادة تسبق اسم الجلبي كلمة التعريف "دُمية الاحتلال"، وهو اللقب الذي تستخدمه في التعريف بالسياسيين القادمين مع القوات الأميركية منذ بدأت يومياتها بالإنترنت في أغسطس عام 2003. لماذا جائزة نوبل للجلبي؟! لأنه برأيها "النكتة السقيمة، التي بعث بها جورج بوش مع الجيش الأميركي". المبررات التي تقدمها لترشيح الجلبي تتضمن وصفاً لسجالات العراقيين الحادة، التي تعود برأيها إلى عدم معرفتهم كيف يتناقشون. "أحياناً يبدأ الجدال حول موضوع تتفق تماماً الأطراف المتناقشة حوله، ثم ترتفع حدة الجدال وتصبح مباراة زعيق". وأسوأ ما ينتهي إليه نقاش العراقيين الزاعق هو الصمت المشحون بالغضب. "العيون مبحلقة والشفاه مزمومة بازدراء". الطريقة المثلى، التي اهتدت إليها للحفاظ على مشاعر الصداقة والقرابة بين المتناحرين، هي "إنهاء الصمت الخطير بشتيمة عن أحمد الجلبي، هكذا كما لو صدرت عفو الخاطر". "آه لو تعرفون كم هو سيئ"! و"ماء ورد على وجهك"، كما يقول العراقيون. "كالسحر يصفو الجو، وترتفع الحواجب بعلامة التأييد، ويهز الجميع رؤوسهم موافقين على هذا الرأي، وتنطلق ضحكات متوترة، ونكات ساخنة عن مؤتمراته الصحفية، وسخف أزيائه التي يظهر بها. وها نحن جميعاً أصدقاء من جديد، وعائلة واحدة مرة أخرى. باختصار عراقيون متفقون ومسالمون كالحمائم. لهذا فأحمد الجلبي يستحق جائزة نوبل للسلام"!
هل يمكن قهر شعب ينجب فتيات بهذا القلب الذكي المرح الشجاع؟ يومياتها الساخرة عن الجلبي سبقها انفجار مريع في الصباح اهتزت له بغداد، وفاجأها وهي نصف مستيقظة في السرير. و"الجزرات المنقذة"، عنوان فكرة ليوم بدأ بانفجار مرعب كاد يودي بحياة ابن خالتها، لولا توقفه عند بائع الخضروات أمام المنزل لشراء الجزر الذي طلبته أمه!.
mijo @mijo
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
قلب الدلع :الله يعافيك اختي...الله يعافيك اختي...
مشكووووووووووووووره إختي على الموضوع بصراااحه أول مرة أسمع فيها
لكن هذا شرف للعراقيين بالدرجة الأولى ثم للعرب ...إن عربيه ومسلمة تكتب بهذه البراعه
ويوصل كتابها لهذ الدرجة من الشهره ويقرأة ملاييييييييين من الناس ...عقبال ما يترجم عندنا ونقرأة بعد ...
على فكره تعتبر مجاهده ويمكن قوتها أكبر من قوة صاحب الدبابه لأن سلاحها القلم ..
الله ينصر كل العراقيييييين ويفرج همهم وينصر حتى رئيسهم على عدو الله ..اميييييييين
:26: :26: :26: :26: :26: :26: :26: :26:
لكن هذا شرف للعراقيين بالدرجة الأولى ثم للعرب ...إن عربيه ومسلمة تكتب بهذه البراعه
ويوصل كتابها لهذ الدرجة من الشهره ويقرأة ملاييييييييين من الناس ...عقبال ما يترجم عندنا ونقرأة بعد ...
على فكره تعتبر مجاهده ويمكن قوتها أكبر من قوة صاحب الدبابه لأن سلاحها القلم ..
الله ينصر كل العراقيييييين ويفرج همهم وينصر حتى رئيسهم على عدو الله ..اميييييييين
:26: :26: :26: :26: :26: :26: :26: :26:
الصفحة الأخيرة
http://riverbendblog.blogspot.com/