أصول المعاصي
أصول المعاصي كلها كبارها وصغارها .ثلاثة : تعلق القلب بغير الله .وطاعة القوة الغضبية والقوة الشهوانية .وهى الشرك والظلم والفواحش .
فغاية التعلق بغير الله شرك وان يدعى معه أله آخر .وغاية طاعة القوة الغضبية القتل .وغاية طاعة القوة الشهوانية الزنــا.
ولهذا جمع الله سبحانه وتعالى بين الثلاثة في قولة ) والذين لا يدعون مع الله إله اخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون )الفرقان 68
وهذه الثلاثة يدعو بعضها الى بعض ،فالشرك يدعو الى الظلم والفواحش كما ان الاخلاص والتوحيد يصرفهما عن صاحبه قال تعالى (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه من عبادنا المخلصين ) يوسف
فالسوء :العشق ,والفحشاء :الزنا
وكذلك الظلم يدعو الى الشرك والفاحشة ،فان الشرك اظلم الظلم ,كما أن اعدل العدل التوحيد.فالعدل قرين التوحيد ,والظلم قرين الشرك ،ولهذا يجمع سبحانه بينهما .أما الأول ,ففي قوله (شهد الله انه لا إله الا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط)آل عمران :18 ،وأما الثاني ,فكقوله تعالى ( إن الشرك لظلم عظيم) لقمان:13
والفاحشة تدعو إلى الشرك والظلم , ولا سيما إذا قويت إرادتها ولم تحصل إلا بنوع من الظلم والاستعانة بالسحر والشيطان .وقد جمع سبحانه بين الزنا والشرك في قوله ( الزَّانِي لاَ يَنْكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنْكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى المُؤْمِنِينَ) النور:3
فهذه الثلاثة يجر بعضها إلى بعض ‘ ويأمر بعضها ببعض . ولهذا كلما كان القلب اضعف توحيدا وأعظم شركا كان أكثر فاحشة وأعظم تعلقا بالصور وعشقا لها. ونظير هذا قوله تعالى( فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِخَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَوَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) الشورى 36_37
فأخبر أن ما عنده خير لمن آمن به وتوكل عليه , وهذا هو التوحيد . ثم قال ( وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ), فهذا اجتناب داعي القوة الشهوانية . ثم قال : (وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ),فهذا مخالفة القوة الغضبية ، فجمع بين التوحيد والعفة والعدل التي هى جماع الخير كله.
من كتاب الفوائد
لابن القيم
Sumood @sumood
عضوة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
مرة عنتر
•
الله يجزاك خير ويكتب لك بكل كلمة حسنه
الصفحة الأخيرة