أفلام الكرتون الإسلامية الهادفة

الملتقى العام

مما يبشر بالخير أنه ظهر في السنوات القريبة الماضية عدة مؤسسات أرّقها انصراف الأجيال المسلمة لمتابعة الأفلام الكرتونية الغربية المدبلجة مع ما فيها من محاذير سيأتي الحديث عنها ، فبدأت هذه المؤسسات في إنتاج بعض الأفلام الكرتونية التربوية الهادفة والتي أنتجت من أساسها بصبغة إسلامية ، ومن هذه المؤسسات : الندوة العالمية للشباب الإسلامي، ومؤسسة نداء ، ومؤسسة آلاء ، ومؤسسة قرطبة ، ومؤسسة الإيمان ، وهذه كلها في المملكة العربية السعودية ، ومنها كذلك مؤسسة الوعد ، ومركز الأمل في الأردن ، ومؤسسة النظائر في الكويت .
وقد أنتجت هذه المؤسسات عدداً من الأفلام متفاوتة الجودة والقوة من الناحية الفنية والتربوية ، فبعضها إخراجها أقرب إلى الصورة البدائية للرسوم المتحركة ، وذلك يعود إلى ضعف الإمكانات ، وبعضها استطاعت أن تصل بإنتاجها إلى مستويات منافسة للشركات العالمية العاملة في هذا المجال ، وحصلت على جوائز عالمية في ذلك .
ولعل أبرز هذه المؤسسات العاملة في هذا المجال مؤسسة آلاء للإنتاج الفني ، وهي تعد المؤسسة الأبرز من نواحٍ عدة ، أولها جودة إنتاجها الذي حصدت به جوائز عالمية ويظهر فيه روعة الرسم والإخراج وأداء الحركة ، وثانيها اهتمامها باللغة العربية وحرصها على الالتزام بها في كل إنتاجها ، وثالثها تركيزها على المعاني التربوية المناسبة الأطفال ، ورابعها استمرارية العطاء وذلك أن كثيراً من المؤسسات التي دخلت في هذا المجال لم تقدم إلا عملاً أو اثنين ثم توقفت بسبب عوامل كثيرة أهمها ضعف الإمكانات المالية والفنية ، أما مؤسسة آلاء فقد أنتجت عدداً من الأفلام تجاوز العشرة ، وهي مستمرة في الإنتاج وإن كان إخراجها للأفلام يتم بصورة متباعدة ، لكن ذلك لم يمنعها من الاستمرار .
وقد ركزت مؤسسة آلاء في عدد من منتجاتها على قصص التاريخ الإسلامي والأحداث البارزة فيه ، فصاغتها بصورة مناسبة لتعرض كفيلم كرتوني مناسب للأطفال ، وقد بدأت المؤسسة باكورة إنتاجها بفيلم (محمد الفاتح) الذي يحكي قصة البطل محمد الفاتح ونشأته وفتحه للقسطنطينية . ثم أعقبته بعدد من الأفلام في ذات المجال فأنتجت فيلم (رحلة الخلود) الذي يحكي قصة أصحاب الأخدود التي وردت في القرآن الكريم الإشارة إليها وورد تفصيلها في حديث النبي r ، وأنتجت بعد ذلك فيلم (أسد عين جالوت) الذي يحكي قصة معركة عين جالوت الشهيرة والبطولات التي كانت فيها ، وفيلم (فتح الأندلس) الذي يبرز أمجاد المسلمين وعزتهم وسماحة الدين الإسلامي في فتوحاته ونشره للخير . لكن الملاحظ على هذه الأفلام التاريخية أنها تخاطب فئة كبيرة نسبياً من الأطفال ، فالطفل الذي يقل عمره عن ثمان سنوات قد لا يتفاعل مع مثل هذه الأفلام .
كما أنتجت المؤسسة عدداً من الأفلام التربوية ، ومنها على سبيل المثال مسلسل (الأشبال) الذي صدر منه ثلاثة أشرطة كل شريط يحتوي على عدة حلقات ، وهو مسلسل ترفيهي تربوي هادف يحكي رحلة ثلاثة من الأشبال مع أستاذهم يزورون فيها عدداً من دول العالم يقدمون فيها الخير والمساعدة والمعاملة الطيبة في صور مختلفة .
وقد كانت مؤسسة آلاء تعتمد في رسم هذه الأفلام على عدد من الرسامين الأتراك من خلال معامل للرسم في تركيا ، لكنها اتجهت في الآونة الأخيرة للتعاون مع مؤسسة عربية أخرى جل العاملين فيها والقائمين على الرسم والإخراج والتلوين وغير ذلك من الأعمال ، جلهم من العرب ، وهي (مؤسسة النجم للإنتاج الفني) بسوريا ، وقد أنتجت بالتعاون مع مؤسسة آلاء فلمين اثنين حتى الآن لقيا قبولاً واسعاً ، أولهما فيلم (الجرة:حكاية من الشرق) وهو فيلم يحكي قصة عربية تدور أحداثها حول الأمانة والحفاظ عليها وأدائها إلى أصحابها ، ويتخلله عددٌ من الفقرات الفكاهية المرحة ، وقد حاز هذا الفيلم على جائزة مهرجان القاهرة الدولي التاسع للأطفال لعام 1999م ، وقال عنه أحد الخبراء البريطانيين وهو المنتج التلفزيوني سام كاش : (كانت سعادتي غامرة وأنا أشاهد فيلم الجرة ، فالجرة فيلم يتمتع بمستوى فني متميز) . ثم كانت الثمرة الثانية للتعاون بين المؤسستين فيلم (حكايات باح يا باح-الجزء الأول) وهو شريط يحوي ثمان حكايات متنوعة ، كل واحدةٍ منها تسعى لغرس خلق نبيل أو فكرة هادفة في نفوس الأطفال ، وفي آخر كل قصة نشيد مصوّر بعبارات لطيفة مناسبة لأطفال .
وقد تميز هذان الفيلمان الأخيران بورعة الإخراج والرسم والتلوين ، واستخدام تقنيات جديدة ، وإبداع في تصوير الحركة .
وقد ركزنا على أعمال مؤسسة آلاء دون غيرها للأسباب التي ذكرناها ، لكن لا شك أن ثمة أعمال أخرى لبعض المؤسسات كانت جيدة إلا أن المشكلة في انقطاع الإنتاج .
ومما يجدر الإشارة إليه أنه في الآونة الأخيرة اتجهت بعض المؤسسات الإسلامية إلى دبلجة بعض الأفلام الأجنبية ومحاولة جعلها تربوية هادفة ، ومن هذه المؤسسات (دار البلاغ للإنتاج والتوزيع بجدة) ، والتي كان لها عدة منتجات من هذا القبيل ، أحدها فيلم (الابن البار) وهو مسلسل من عدة أشرطة يحكي قصة مجموعة من الحيوانات الصغيرة ، ويحاول أن يستغل مواقف المسلسل لإظهار بعض الأخلاق الإسلامية الحميدة ، وإن كان ثمة ثغرات فيه لأنه من الصعب تحوير كل موقف ليكون بصورة تربوية هادفة ، لكنه في غالبه جيد . إلا أن المشكلة تكمن في مسلسل آخر وهو (الفاتحون) وهو في الأصل كذلك مسلسل من إنتاج أجنبي يدور حول حرب بين فريقين من البشر ، فحاول المدبلجون تحويره ليكون حرباً بين فئة مسلمة وعدو لها ، لكنهم وقعوا في محاذير كثيرة ابتداء من أصل الرسومات وتمثيلها للمسلمين حيث أن هيئة هؤلاء الذين صوّروا كمسلمين تنفّر المتابع للفيلم منهم ، إضافة إلى محاذير أخرى كثيرة ليس هذا مجال تفصيلها .
وكان لمؤسسة (روائع غرناطة) محاولات كذلك في دبلجة أفلام الكرتون الأجنبية دبلجة إسلامية مثل (مذكرات سامي) و (البطريق لولو) وغيرها ، لكنها اضطرت لبتر كثير من المشاهد من هذه الأفلام لما فيها من مناظر مخلة بالآداب الإسلامية ، فظهرت بعض أفلامها مقطعة لا يمكن للطفل أن يتابعها بصورة مقبولة .
ولذلك فإن التوجّه نحو الإنتاج الإسلامي الكامل رسماً ونصاً لا شك هو الوسيلة الأجدى والأكثر نفعاً وتأثيراً على الأطفال المسلمين ، وهي البديل الحقيقي للأفلام الكرتونية الأجنبية .
2
7K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

S-ALNAHADI
S-ALNAHADI
طرح راااااااااااااائع
مشكوووووووورة
أم ريان ولينا
أم ريان ولينا
مشكورررررة الموضوع رائع
اللهم طهر قلوبهم كما طهروا بيوتنا من الموسيقى