أقدار الله بين التسليم و القبول و الجحود و الرفض

الملتقى العام

بسم الله
والصلاة والسلام على سيد المرسلين و آله وصحبه والتابعين ..,

في هذه الحياة التي يخوض الإنسان غمارها ويشق عباب بحرها بحرص و تشبث وطمع تظهر أقدار الله لتحرف مسار الحياة مما يصعب على الإنسان سوغ تحريفها , لإجل ذلك كان الرضا بالقضاء والقدر من مراتب الإيمان الستة " وأن تؤمن بالقدر خيره وشره " والقدر على المؤمن لا يأتي بشر وإن كان ظاهره كذلك .., يقول النبي صلى الله عليه وسلم " عجباً لأمر المؤمن , إن أمره كله له خير , إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له , وإن أصابته سراء شكر , فكان خيراً له , وليس ذلك إلا للمؤمن "

ومعنى قوله " وليس ذلك إلا للمؤمن " أي : هذا التسليم لا يقدر عليه إلا المؤمن و لا يكون الخير إلا له , لأن المؤمن هو المصدق قولاً وعملاً و إعتقاداً , وعندما وعد الله الصابرين بالأجر العظيم ورتب الجزاء العميم والخير الكثير الذي قد لا يلمسه الإنسان الذي تعود على إستعجال الأجر و الإيمان بالمحسوس الحاضر ,

كان للمؤمن المصدق بالغيب هذه الرتبة وهذه المنزلة التي لا ينالها إلا من صدق وصدّق .., ولقد إمتدح الله المؤمن الذي يؤمن بالغيب , لأن هذا الإيمان نابع من تصديق عميق راسخ فهو يؤمن بالوعد و الجزاء الذي قد لا يرى أثر له غير أنه جاء بالغيب و أخبر عنه الغيب ..,

هذا من جهة ومن جهة أخرى : فإن الإيمان بالقضاء و تغير إتجاه القضاء للواقع الذي يعايشه العبد مما يكدره فيه خير و دفع سوء لو كشف للعبد فإنه لا يسعه إلا تقديم القضاء على إرادته .., لذلك قلت ملخصاً الأمر :

حِكم الله في أقداره تغيب دائماً عن الإنسان لأن من طبعه العجلة و بلوغ المقصود باسرع طريق وأيسره وما علم أن هذه الأقدار تجري بقدر ...,
و النية تُوصِلُ إلى المقصود قبل وصول الجسد فاحرص على النية حتى تبلغ ..,


يقول الله تعالى "وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ "
فالعبد لا يعلم عن الغيب ولم تكشف له الحجب حتى يتخير من أمره ما يوافقه
ولكن الله يعلم لذلك ختم الآية ببيان علمه وقدرته و إحاطته و حكمته في أقداره التي تجري على عبيده ..,

وكل من رضي بقضاء الله وقدره فإنه قد بلغ منزلة كبيرة في حسن الظن به , فالله لا يريد لنا إلا الخير فعلى عصياننا له و مخلفتنا لأوامره و ضعفنا في الإتيان بأوامره إلا أنه يتودد إلينا وينعم ويشملنا بعفوه ويلطف ثم يجيب الدعاء و يرزقنا من حيث لا ندري ولا نحتسب .., فلا مجال من الأصل لسوء الظن به و أنه يريد بنا السوء المتمثل في هذه الأقدار فمكان ظن السوء منتف لسابق جوده سبحانه وتعالى .., ولكنها الأقدار التي تجري على جميع العباد ..,

ومن لطف الله بالعبد أن يقترب العبد منه فيقربه ثم يجهد في سؤال الله الحاجة فلا يجد أثراً للإجابة فيلح ولا يجد أثراً .., وما علم العبد أن الله قد سبق في علمه إن أجاب كان فيه هلاك عبده , فيصرف الرب السوء عن العبد .., ولا يخفاكم درجاة حديث الإجابة في الدعاء "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا " ، قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ ؟ ، قَالَ : اللَّهُ أَكْثَرُ "

ومعنى الحديث : أن الداعي لن يجد من دعائه إلا الخير والبركة وليس هناك دعاء لا يجد العبد أجراً عليه ما دام أن الإثم فيه ..,

وكذلك تجد قضاء الله يرتفع ويعظم على حسب الإيمان و شدته , فيفقد العبد أمه أو أباه أو أحد أبنائه أو أهل بيته , فيحترق القلب ويذوب ولا ملامة على من احترق قلبه وذاب ولكن ما ينتظره عند الله أعظم و أكثر .., ولا خيار للجازع فالجزع لا يرد المفقود بل يزيد من ألم الفاقد , ولا مصير له إلا الصبر عليه و الإحتساب ولما ينتظره يوم القيامة أعظم مما فقده في الدنيا ..,

و من فوائد هذه الأقدار أنها تكدر على العبد عيشه فلا يركن لدنيا ويترك عبادة ربه , فيصيّره الله لعبادته والرجوع إليه حتى يعظم أجره ويحرث لآخرته ..,
فلا يعلم المسلم ما تحمله الأقدار من خير و بركة على صاحبها ..,

وكل من أراد أن يصيب هذا الخير فعليه بالذكرى والتذكرة قال الله تعالى " وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ " أي : لا ينتفع بالذكرى إلا المؤمن و إن التذكير بها يدفع الغفلة عنها مما يُبقي العبد في دائرة الإيمان والتسليم ..,

أكتفي بها القدر , وأسأل الله أن يدفع عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن و أن يرزقنا الصبر والرضا بقضاء الله والقدر , وأن يرزقنا الشهادة في سبيله مقبلين غير مدبرين صابرين محتسبين ونحن صيام .., ويجمعنا مع حبيبنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم ..,

أخوكم سنجر

يااااارب يااااارب يااارب انصر المجاهدين المخلصين في سبيلك في كل مكان
يااااارب كن معهم اشدد ازرهم وارض عنهم وارحمهم واشف صدورهم بنصرك وباقامة دينك
شريعةً ومنهاجا
لا حول ولا قوة الا بالله
لا اله الا الله
6
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ام البلبل
ام البلبل
راااااااااااائع مشكوره
اخو دنياي
اخو دنياي
جزاك الله خير
معليش سوال الله يسعدكم
اذا كتبت موضوع جديد بعدها ما عاد اقدر ادخل الموقع
يطلع لي رسالة فيه مشكلة لمدة يوم يومين
لا حول ولا قوة الا بالله
لا اله الا الله
عروسة شهر عشرة
اخو دنياي
اخو دنياي
يااااارب يااااارب يااارب انصر المجاهدين المخلصين في سبيلك في كل مكان
يااااارب كن معهم اشدد ازرهم وارض عنهم وارحمهم واشف صدورهم بنصرك وباقامة دينك
شريعةً ومنهاجا
لا حول ولا قوة الا بالله
لا اله الا الله
witty&pretty
witty&pretty
ومن لطف الله بالعبد أن يقترب العبد منه فيقربه ثم يجهد في سؤال الله الحاجة فلا يجد أثراً للإجابة فيلح ولا يجد أثراً .., وما علم العبد أن الله قد سبق في علمه إن أجاب كان فيه هلاك عبده , فيصرف الرب السوء عن العبد .., ولا يخفاكم درجاة حديث الإجابة في الدعاء "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا " ، قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ ؟ ، قَالَ : اللَّهُ أَكْثَرُ "

ومعنى الحديث : أن الداعي لن يجد من دعائه إلا الخير والبركة وليس هناك دعاء لا يجد العبد أجراً عليه ما دام أن الإثم فيه ..,

جزاك الله خير اختي
هذا الكلام في الصميم