أقسم بالله أن

الملتقى العام

أقسم بالله أن

أنهى محمد الثانوية بمعدل شرَحَ صدْرَ والديه وعائلته، فأنجز والده وعده بإرساله إلى خارج البلاد ليتعلم. انتهت إجراءات القَبول ومعها إجراءات السفر، وسافر بعد وداع وكثير من الدعاء والدموع.

استقرت أوضاع محمد في جامعته وحياته الجديدة، وطابت نفسه بالأصدقاء وكل ما حوله. يرسل له والداه المصروف شهراً تلو شهر، وفي معظم الشهور لم يكن يكفيه المصروف، فيطلب المزيد من المدد بعد تردد واستحياء! لكن ليس أمامه إلا أن يفعل: فممّن يطلب؟ ومَن سيُسعفه غير الوالدين؟

انتهى عامه الدراسيّ الأول، فعاد بعده إلى بلاده ناجحاً مشتاقاً. استقبله والده في المطار واصطحبه إلى المنزل ممسكاً بيده سعيداً فخوراً، وقف الجميع صفّاً ينتظر دوره في السلام على الحبيب العائد، تتقدمهم الحنونة.

استطاع محمد الذكيّ من خلال قراءة لغة الجسد، استطاع أن يقرأ تعباً وجهداً غير عاديَيْن على وجه أمه مهما حاولت الإخفاء!

ثم اكتشف أن والده أيضاً يحاول أن يُخفي آهات غلبته عندما أراد الوقوف، فأخذت الخطوة الأولى بعض الوقت.

سأله محمد: ما بها رجلك يا أبي؟

قال الأب: وقعت مرة على ركبتي، لا تهتم!

قال محمد: وهل ذهبت للطبيب؟

قال الأب: لا داعي لذلك، فالأمر بسيط.

عرف محمد بعد ذلك أن الطبيب طلب من والده إجراء تصوير مغناطيسي، وعرف أنه لم يُجره بسبب تكلفته العالية!

يومه الأول بعد عودته كان أطول من الأربع والعشرين ساعة.. يوم امتلأ بالعاجل والمؤثر.. أحس في نهايته محمد بصفعة على عقله!

يبيع أبي سيارته من أجلي أنا، من أجل أن أتعلم وأصبح رجلاً مهماً! فلا أبالي ولا أُحس وأستمر في التدخين!

المصروف الذي يرسله والداي يكفي غيري، لكنه لا يكفيني، لأنني أحرق نصفه في التدخين!

يظن والداي أنني السويّ المستقيم، ويفخران بي في كل مناسبة ومجلس، لكنني كاذب مراوغ ومستمر في التدخين!

لم أستح من جهودهما ولم أعمل بتربيتهما ونُصحهما، ولم أرحم قلبيهما ولم أوقِّر سهرهما وتضحياتهما!

أي إنسان أنا؟ أي قلب أحمل في صدري؟! يجب أن أحس وأنتهي! إن لم يكن من أجل نفسي، فمن أجل هذيْن الحبيبيْن، من أجل الله الذي يراني ولا أراه..

أقسم بالله العظيم أنني لن أدخن بعد اليوم! نعم أقسم!

صوت والدته الناعم الحنون يناديه، فيلبي النداء مسرعاً.

عرضت عليه والدته سراً علبة السجائر التي وجدتها في حقيبته!

انحنى على يد والدته يقبلها قائلاً: قبل لحظة يا أمي أقسمتُ أن أمتنع عنه.

قالت: أريد أن أصدّقك يا بني! دعوتُ الله كثيراً أن يبعدَ عنك هذا السُّم، يبدو أنّ الله لم يستجب لي!

قال محمد: أوَتعرفين؟

قالت مبتسمة: نعم أعرف، عرفت بقلبي قبل أن أرى الدليل منذ فترة.

سأل: ولماذا لم تواجهيني؟

قالت: خشيتُ أن تأخذ راحتك طالما أننا نعرف.

بكى محمد، وبكت والدته، ووفّى بقسَمه ولم يَعُد إلى السُّم ثانية.

نجح وتفوّق وتخرّج مهندساً بارّاً. وكتب لافتة علّقها في مكتبه: لا تدخن بِراً بوالديك.


تُنشر هذه المادة بالتعاون مع مجلة منبر الداعيات




رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Social/0/39207/#ixzz1pUK4jf5S
10
809

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

مبتغآآي آلجنه
لله يجزاك خير من حيث لاتحتسبين
لا اله الا الله محمد رسول الله
الهمه طريق القمه
جزاك الله خير
حياتي غير
حياتي غير
الله يجزاك الفردوس
*الورده الناعمه*
جزاك الله خير
.:.الكروان.:.
.:.الكروان.:.
قصة مؤثرة وفيها عبرة وعظه فجزاك الله خير الحزاء