أولا:الايات
1- قال الله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} [غافر: 55].
2- وقال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} [محمد: 19].
3- وقال تعالى: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران: 15-17].
4- وقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135].
5- وقال تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النمل: 46].
6- وقال تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ * وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} [هود: 1-3].
7- وقال تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ * يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ * وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} [هود: 50-52].
8- وقال تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10-12].
9- وقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا * وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 105، 106].
10- وقال سبحانه: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110].
11- وقال تعالى: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 32، 33].
12- وقال تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر].
ثانيا:التفسير
* عن مجاهد في قول الله عز وجل: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135]، قال: لم يواقعوا. وقال آخرون: «معنى «الإصرار» السكوت على الذنب وترك الاستغفار( ).
* وعن أبي موسى قال: إنه كان قبل أمانان، قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33] قال: أما النبي فقد مضى، وأما الاستغفار فهو دائر فيكم إلى يوم القيامة ( ).
* عن قتادة: في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}، قال: إن القوم لم يكونوا يستغفرون، ولو كانوا يستغفرون ما عذبوا، وكان بعض أهل العلم يقول: هما أمانان أنزلهما الله؛ فأما أحدهما فمضى؛ نبي الله، وأما الآخر فأبقاه الله رحمة بين أظهركم؛ الاستغفار والتوبة( ).
* وفي قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}: قال ابن عباس: كان فيهم أمانان: النبي ، والاستغفار، فذهب النبي وبقي الاستغفار( ).
* وعن الحسن في قوله تعالى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]: قال: قيام الليل.
* وعنه قال: مدُّوا في الصلاة ونشطوا، حتى كان الاستغفار بسحر ( ).
* قال تعالى: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران: 17]، قال ابن كثير: دَلَّ على فضيلة الاستغفار وقت الأسحار ( ).
* وفي قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [محمد: 19] تهييج للأمة على الاستغفار، {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ} [غافر: 55]؛ أي: في أواخر النهار وأوائل الليل، {وَالْإِبْكَارِ}، وهي أوائل النهار وأواخر الليل ( ).
* قال تعالى: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} [القلم: 44]؛ قال أبو روق: أي كلما أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وأنسيناهم الاستغفار ( ).
* قال السعدي في قوله تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ} [هود: 3] عن ما صدر منكم من الذنوب، {تُوبُوا إِلَيْهِ} فيما تستقبلون من أعماركم بالرجوع إليه بالإنابة والرجوع عما يكرهه الله إلى ما يحبه ويرضاه، ثم ذكر ما يترتب على الاستغفار والتوبة فقال: {يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا}؛ أي: يعطيكم من رزقه ما تتمتعون به وتنتفعون، {إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}: أي: إلى وقتِ وَفَاتِكم، {وَيُؤْتِ} منكم {كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ}: أي: يعطي أهل الإحسان والبِرِّ مِنْ فَضْله وبِرِّه ما هو جزاء لإحسانهم؛ من حصول ما يحبون، ودفع ما يكرهون، {وَإِنْ تَوَلَّوْا} عن ما دعوتكم إليه، بل أعرضتم عنه، وربما كذبتم به {فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ}: وهو يوم القيامة الذي يجمع الله فيه الأَوَّلين والآخرين، فيجازيهم الله بأعمالهم؛ إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر ( ).
ثالثا : الاحاديث
* عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله يقول: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة»( ).
* وعن حذيفة قال: يا رسول الله، إني ذَرِبُ اللسان، وإنَّ عامَّةَ ذلك على أهلي. فقال: «أين أنت من الاستغفار؟» فقال: «إني لأستغفر في اليوم والليلة - أو في اليوم - مائة مرة»( ).
* وعن حذيفة قال: كنت رجلاً ذَرِبَ اللسان على أهلي فقلتُ: يا رسول الله قد خشيت أن يدخلني لساني النار. قال: «فأين أنت من الاستغفار؟ إني لأستغفر الله في اليوم مائةً»( ).
* وعن عبد الله بن بسر قال: سمعت النبي يقول: «طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا»( ).
* وعن أبي بردة عن الأَغَرِّ المزنيِّ وكانت له صحبة أن رسول الله قال: «إنه لَيُغَانُ على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة»( ).
* وعن ابن أبي موسى عن أبيه عن النبي أنه كان يدعو بهذا الدعاء: «رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي خطاياي وعمدي وجهلي وهزلي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير»( ).
* وعن أبي موسى الأشعري عن النبي أنه كان يدعو: «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي هَزْلي وجِدِّي وخطاياي وعمدي وكل ذلك عندي»( ).
* وعن ثوبان قال: كان رسول الله إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثًا وقال: «اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام». قال الوليد: فقلت للأوزاعي: كيف الاستغفار؟ قال: تقول: «أستغفر الله أستغفر الله»( ).
* وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «كان النبي يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي» يتأول القرآن( ).
* وعن شداد بن أوس عن النبي : «سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عَلَيَّ وأبوء لَكَ بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. قال: ومن قالها من النهار موقنًا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة»( ).
* وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا ومن كل هم فرجًا ورزقه من حيث لا يحتسب»( ).
* وعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما إن كنا لنَعُدُّ لرسول الله في المجلس يقول: «رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور» مائة مرة( ).
* عن علي بن ربيعة قال: شهدت عليًا وأتي بدابَّةٍ ليركبها؛ فلما وضع رجلَه في الرِّكابِ قال: بسم الله. فلمَّا اسْتَوَى على ظهرها قال: الحمد لله. ثم قال: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون. ثم قال: الحمد لله. ثلاث مرات، ثم قال: الله أكبر. ثلاث مرات، ثم قال: سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. ثم ضحك، فقيل: يا أمير المؤمنين، من أي شيء ضحكت؟ قال: رأيت النبي فعل كما فعلت ثم ضحك. فقلت: يا رسول الله من أي شيء ضحكت؟ قال: «إن ربك يعجب من عبده إذا قال اغفر لي ذنوبي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري»( ).
* وعن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله يقول: «قال الله - تبارك وتعالى: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبُك عنانَ السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتُك بقرابها مغفرة». قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ( ).
* وعن أبي برزة الأسلمي قال: كان رسول الله إذا جلس مجلسًا يقول بآخره إذا أراد أن يقوم من المجلس: «سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك». فقال رجل: يا رسول الله، إنك لتقول قولاً ما كنت تقوله فيما مضى. فقال: «كفارة لما يكون في المجلس»( ).
* وعن أبي بكر الصديق أنه قال لرسول الله : عَلِّمْني دعاء أدعو به في صلاتي. قال: «قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم»( ).
* وعن بلال بن يسار بن زيد مولى النبي قال: سمعت أبي يحدثنيه عن جدي أنه سمع رسول الله يقول: «من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان قد فَرَّ من الزحف»( ).
* وعن علي أنه قال في الاستسقاء: «إذا خرجتم فاحمدوا الله، وأثنوا عليه بما هو أهله، وصلوا على النبي واستغفروا؛ فإن الاستسقاء الاستغفار». قال: وقال علي : «إن النبي حول رداءه وهو قائم حين أراد أن يدعو»( ).
* وعن أبي بكر قال: سمعت رسول الله يقول: «إن الله قد وهب لكم ذنوبكم عند الاستغفار، من استغفر الله بنية صادقة، ومن قال: لا إله إلا الله. رَجَحَ ميزانُه»( ).
* وعن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله يقول: «إن إبليس قال لربه عز وجل: وعزتك وجلالك لا أبرح أغوي بني آدم ما دامت الأرواح فيهم فقال له ربه عز وجل: فبعزتي وجلالي لا أبرح أغفر لهم ما استغفروني»( ).
* وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول: هل من سائل يعطى هل من داع يستجاب له هل من مستغفر يغفر له. حتى ينفجر الصبح»( ).
* وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «القنطار اثنا عشر ألف أوقية كل أوقية خير مما بين السماء والأرض». وقال رسول الله : «إن الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول: أنى هذا فيقال باستغفار ولدك لك»( ).
* وعن الشعبي قال: خرج عمر بن الخطاب يستسقي بالناس، فما زاد على الاستغفار حتى رجع فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما رأيناك استسقيت. قال: لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي تستنزل بها المطر: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10-12]. {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: 52] ( ).
* وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «والذي نفسي بيده لو لم تُذْنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم»( ).
* وعن علي قال: كنت رجلاً إذا سمعت من رسول الله حديثًا نفعني الله به بما شاء أن ينفعني، وإذا حدثني أحد من أصحابه استحلفته فإذا حلف لي صدقته، وقال: وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر أنه قال: سمعت رسول الله يقول: «ما من عبد يذنب ذنبًا فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر له». ثم قرأ هذه الآية: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [آل عمران: 135]»( ) إلى آخر الآية.
* عن بكر بن عبد الله المزني يقول: «لقيت أخًا لي من إخواني الضعفاء فقلت: يا أخي أوصني. فقال: ما أدري ما أقول؛ غير أنه ينبغي لهذا العبد أن لا يفتر عن الحمد والاستغفار وابن آدم بين نعمة وذنب ولا تصلح النعمة إلا بالحمد والشكر ولا الذنب إلا بالتوبة والاستغفار. قال: فأوسعني علمًا ما شئت»( ).
* عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال: «رأيت أبي في النوم بعد موته كأنه في حديقة فرفع إلي تفاحات فأولتُهن بالولد فقلت: أي الأعمال وجدت أفضل قال: الاستغفار يا بني»( ).
* وعن مخلد قال: جاء رجل إلى أبان بن أبي عياش فقال: إن فلانًا يقع فيك قال: أقرئه السلام وأعلمه أنه قد هيجني على الاستغفار ( ).
* حدثنا الوليد بن مسلم، قال: سألت عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن قول الله: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران: 17] فقال: حدثني سليمان بن موسى، حدثني نافع أن ابن عمر كان يحيى الليل صلاة فيقول: يا نافع: أسحرنا؟ فيقول: لا، فيعاود الصلاة فإذا قلت: نعم، قعد يستغفر الله ويدعو حتى يصبح ( ).
* عن نافع قال: «كان ابن عمر يكثر الصلاة من الليل وكنت أقوم على الباب فأفهم عامة قراءته فربما ناداني: يا نافع هل كان السحر بعد؟ فإن قلت: نعم. نزع عن القراءة فأخذ في الاستغفار»( ). إسناده حسن.
* قال سفيان: دخلت على جعفر بن محمد، فقال: «إذا كثرت همومك فأكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار، وإذا تداركت عليك النعم فأكثر حمدًا لله»( ).
* عن الربيع بن خثيم، أنه قال لأصحابه: ما الداء؟ وما الدواء؟ وما الشفاء؟ قال: «الداء الذنوب، والدواء الاستغفار، والشفاء أن تتوب فلا تعود»( ).
* حدثنا مالك بن مغول قال: سمعت أبا يحيى يقول: شكوت إلى مجاهد الذنوب قال: «أين أنت من الممحاة؟ يعني من الاستغفار»( ).
* عن جعفر بن برقان، قال: قلت لرجل من أهل البصرة: كيف لا يشتهي أحدنا أنه لا يزال متبركًا إلى ربه يستغفر من ذنب، ثم يعود ثم يستغفر ثم يعود، قال: قد ذكر للحسن، فقال: «ود الشيطان لو ظفر منكم بهذه فلا تملوا من الاستغفار»( ).
* عن الحسن يقول: «أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طرقكم، وفي أسواقكم، وفي مجالسكم، أينما كنتم؛ فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة»( ).
* عن يونس بن عبيد، قال: سمعت بكر بن عبد الله المزني، يقول: «إنكم تكثرون من الذنوب، فاستكثروا من الاستغفار؛ فإن العبد إذا وجد يوم القيامة بين كل سطرين من كتابه استغفارًا سره مكان ذلك»( ).
* روى إبراهيم بن حاطب عن أبيه قال: سمعت رجلاً في السحر في ناحية المسجد يقول: يا رب، أمرتني فأطعتك، وهذا سحر فاغفر لي. فنظرت فإذا هو ابن مسعود .
.
قلت - والكلام للقرطبي: فهذا كله يدل على أنه استغفار باللسان مع حضور القلب( ).
* وروى مكحول عن أبي هريرة قال: «ما رأيت أكثر استغفارًا من رسول الله ».
وقال مكحول: ما رأيت أكثر استغفارًا من أبي هريرة ، وكان مكحول كثير الاستغفار.
قال علماؤنا: الاستغفار المطلوب هو الذي يحل عقد الإصرار ويثبت معناه في الجنان، لا التلفظ باللسان ( ).
* عن ابن المبارك عن الأوزاعي قال: قال إبليس لأوليائه: من أي شيء تأتون بني آدم؟ فقالوا: من كل شيء. قال: فهل تأتونهم من قبل الاستغفار؟ فقالوا: هيهات ذاك شيء قُرِنَ بالتوحيد. قال: لأبُثَّنَّ فيهم شيئًا لا يستغفرون الله منه. قال: فبث فيهم الأهواء( ).
* قال الفضيل: «يقول العبد أستغفر الله، وتفسيرها أقلني»( ).
* قال الألباني رحمه الله تعالى في الكلام على قول النبي : «لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقًا يذنبون فيغفر لهم»: وليس المقصود من الحديث وأمثاله الحضَّ على الإكثار من الذنوب والمعاصي ولا الإخبار فقط بأن الله غفور رحيم؛ وإنما الحض على الإكثار من الاستغفار ليغفر الله له ذنوبه؛ فهذا هو المقصود بالذات من هذه الأحاديث، وإن اختصر ذلك منه بعض الرواة( ). والله أعلم.
* قال صاحب عون المعبود شارحًا حديث النبي : «من لزم الاستغفار»: أي: عند صدور معصية وظهور بلية، أو من داوم عليه فإنه في كل نفس يحتاج إليه، ولذا قال : «طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا». [رواه ابن ماجه بإسناد حسن صحيح].
«من كل ضيق»: أي: شدة ومحنة.
«مخرجًا»: أي: طريقًا وسببًا يخرج إلى سعة ومنحة، والجارُّ متعلق به وقدم عليه للاهتمام وكذا.
«ومن كل هم»: أي: غم يهمه.
«فرجًا»: أي خلاصًا.
«ورزقه»: حلالاً طيبًا.
«من حيث لا يحتسب»: أي: لا يظن ولا يرجو ولا يخطر بباله.
والحديث مقتبس من قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}
[الطلاق: 2، 3] كذا في المرقاة ( ).
* وقال أيضا في شرحه لهذا الحديث: «وإن العالم ليستغفر له».
قال الخطابي: إن الله سبحانه قد قيض للحيتان وغيرها من أنواع الحيوان العلم على ألسنة العلماء أنواعًا من المنافع والمصالح والأرزاق؛ فهم الذين بيَّنوا الحكم فيما يحل ويحرم منها وأرشدوا إلى المصلحة في بابها وأوصوا بالإحسان إليها ونفي الضرر عنها فألهمها الله الاستغفار للعلماء مجازاة على حسن صنيعهم بها وشفقتهم عليها( ).
أولا:الايات
1- قال الله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ...
1- قال الله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} .
2- وقال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} .
3- وقال تعالى: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} .
4- وقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} .
5- وقال تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} .
6- وقال تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ * وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} .
7- وقال تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ * يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ * وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} .
8- وقال تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} .
9- وقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا * وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} .
10- وقال سبحانه: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} .
11- وقال تعالى: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} .
12- وقال تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} .
ثانيا:التفسير
* عن مجاهد في قول الله عز وجل: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ، قال: لم يواقعوا. وقال آخرون: «معنى «الإصرار» السكوت على الذنب وترك الاستغفار( ).
* وعن أبي موسى قال: إنه كان قبل أمانان، قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} قال: أما النبي فقد مضى، وأما الاستغفار فهو دائر فيكم إلى يوم القيامة ( ).
* عن قتادة: في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}، قال: إن القوم لم يكونوا يستغفرون، ولو كانوا يستغفرون ما عذبوا، وكان بعض أهل العلم يقول: هما أمانان أنزلهما الله؛ فأما أحدهما فمضى؛ نبي الله، وأما الآخر فأبقاه الله رحمة بين أظهركم؛ الاستغفار والتوبة( ).
* وفي قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}: قال ابن عباس: كان فيهم أمانان: النبي ، والاستغفار، فذهب النبي وبقي الاستغفار( ).
* وعن الحسن في قوله تعالى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} : قال: قيام الليل.
* وعنه قال: مدُّوا في الصلاة ونشطوا، حتى كان الاستغفار بسحر ( ).
* قال تعالى: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} ، قال ابن كثير: دَلَّ على فضيلة الاستغفار وقت الأسحار ( ).
* وفي قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} تهييج للأمة على الاستغفار، {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ} ؛ أي: في أواخر النهار وأوائل الليل، {وَالْإِبْكَارِ}، وهي أوائل النهار وأواخر الليل ( ).
* قال تعالى: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} ؛ قال أبو روق: أي كلما أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وأنسيناهم الاستغفار ( ).
* قال السعدي في قوله تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ} عن ما صدر منكم من الذنوب، {تُوبُوا إِلَيْهِ} فيما تستقبلون من أعماركم بالرجوع إليه بالإنابة والرجوع عما يكرهه الله إلى ما يحبه ويرضاه، ثم ذكر ما يترتب على الاستغفار والتوبة فقال: {يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا}؛ أي: يعطيكم من رزقه ما تتمتعون به وتنتفعون، {إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}: أي: إلى وقتِ وَفَاتِكم، {وَيُؤْتِ} منكم {كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ}: أي: يعطي أهل الإحسان والبِرِّ مِنْ فَضْله وبِرِّه ما هو جزاء لإحسانهم؛ من حصول ما يحبون، ودفع ما يكرهون، {وَإِنْ تَوَلَّوْا} عن ما دعوتكم إليه، بل أعرضتم عنه، وربما كذبتم به {فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ}: وهو يوم القيامة الذي يجمع الله فيه الأَوَّلين والآخرين، فيجازيهم الله بأعمالهم؛ إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر ( ).
ثالثا : الاحاديث
* عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله يقول: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة»( ).
* وعن حذيفة قال: يا رسول الله، إني ذَرِبُ اللسان، وإنَّ عامَّةَ ذلك على أهلي. فقال: «أين أنت من الاستغفار؟» فقال: «إني لأستغفر في اليوم والليلة - أو في اليوم - مائة مرة»( ).
* وعن حذيفة قال: كنت رجلاً ذَرِبَ اللسان على أهلي فقلتُ: يا رسول الله قد خشيت أن يدخلني لساني النار. قال: «فأين أنت من الاستغفار؟ إني لأستغفر الله في اليوم مائةً»( ).
* وعن عبد الله بن بسر قال: سمعت النبي يقول: «طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا»( ).
* وعن أبي بردة عن الأَغَرِّ المزنيِّ وكانت له صحبة أن رسول الله قال: «إنه لَيُغَانُ على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة»( ).
* وعن ابن أبي موسى عن أبيه عن النبي أنه كان يدعو بهذا الدعاء: «رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي خطاياي وعمدي وجهلي وهزلي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير»( ).
* وعن أبي موسى الأشعري عن النبي أنه كان يدعو: «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي هَزْلي وجِدِّي وخطاياي وعمدي وكل ذلك عندي»( ).
* وعن ثوبان قال: كان رسول الله إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثًا وقال: «اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام». قال الوليد: فقلت للأوزاعي: كيف الاستغفار؟ قال: تقول: «أستغفر الله أستغفر الله»( ).
* وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «كان النبي يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي» يتأول القرآن( ).
* وعن شداد بن أوس عن النبي : «سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عَلَيَّ وأبوء لَكَ بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. قال: ومن قالها من النهار موقنًا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة»( ).
* وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا ومن كل هم فرجًا ورزقه من حيث لا يحتسب»( ).
* وعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما إن كنا لنَعُدُّ لرسول الله في المجلس يقول: «رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور» مائة مرة( ).
* عن علي بن ربيعة قال: شهدت عليًا وأتي بدابَّةٍ ليركبها؛ فلما وضع رجلَه في الرِّكابِ قال: بسم الله. فلمَّا اسْتَوَى على ظهرها قال: الحمد لله. ثم قال: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون. ثم قال: الحمد لله. ثلاث مرات، ثم قال: الله أكبر. ثلاث مرات، ثم قال: سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. ثم ضحك، فقيل: يا أمير المؤمنين، من أي شيء ضحكت؟ قال: رأيت النبي فعل كما فعلت ثم ضحك. فقلت: يا رسول الله من أي شيء ضحكت؟ قال: «إن ربك يعجب من عبده إذا قال اغفر لي ذنوبي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري»( ).
* وعن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله يقول: «قال الله - تبارك وتعالى: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبُك عنانَ السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتُك بقرابها مغفرة». قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ( ).
* وعن أبي برزة الأسلمي قال: كان رسول الله إذا جلس مجلسًا يقول بآخره إذا أراد أن يقوم من المجلس: «سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك». فقال رجل: يا رسول الله، إنك لتقول قولاً ما كنت تقوله فيما مضى. فقال: «كفارة لما يكون في المجلس»( ).
* وعن أبي بكر الصديق أنه قال لرسول الله : عَلِّمْني دعاء أدعو به في صلاتي. قال: «قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم»( ).
* وعن بلال بن يسار بن زيد مولى النبي قال: سمعت أبي يحدثنيه عن جدي أنه سمع رسول الله يقول: «من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان قد فَرَّ من الزحف»( ).
* وعن علي أنه قال في الاستسقاء: «إذا خرجتم فاحمدوا الله، وأثنوا عليه بما هو أهله، وصلوا على النبي واستغفروا؛ فإن الاستسقاء الاستغفار». قال: وقال علي : «إن النبي حول رداءه وهو قائم حين أراد أن يدعو»( ).
* وعن أبي بكر قال: سمعت رسول الله يقول: «إن الله قد وهب لكم ذنوبكم عند الاستغفار، من استغفر الله بنية صادقة، ومن قال: لا إله إلا الله. رَجَحَ ميزانُه»( ).
* وعن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله يقول: «إن إبليس قال لربه عز وجل: وعزتك وجلالك لا أبرح أغوي بني آدم ما دامت الأرواح فيهم فقال له ربه عز وجل: فبعزتي وجلالي لا أبرح أغفر لهم ما استغفروني»( ).
* وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول: هل من سائل يعطى هل من داع يستجاب له هل من مستغفر يغفر له. حتى ينفجر الصبح»( ).
* وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «القنطار اثنا عشر ألف أوقية كل أوقية خير مما بين السماء والأرض». وقال رسول الله : «إن الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول: أنى هذا فيقال باستغفار ولدك لك»( ).
* وعن الشعبي قال: خرج عمر بن الخطاب يستسقي بالناس، فما زاد على الاستغفار حتى رجع فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما رأيناك استسقيت. قال: لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي تستنزل بها المطر: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} . {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} ( ).
* وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «والذي نفسي بيده لو لم تُذْنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم»( ).
* وعن علي قال: كنت رجلاً إذا سمعت من رسول الله حديثًا نفعني الله به بما شاء أن ينفعني، وإذا حدثني أحد من أصحابه استحلفته فإذا حلف لي صدقته، وقال: وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر أنه قال: سمعت رسول الله يقول: «ما من عبد يذنب ذنبًا فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر له». ثم قرأ هذه الآية: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} »( ) إلى آخر الآية.
* عن بكر بن عبد الله المزني يقول: «لقيت أخًا لي من إخواني الضعفاء فقلت: يا أخي أوصني. فقال: ما أدري ما أقول؛ غير أنه ينبغي لهذا العبد أن لا يفتر عن الحمد والاستغفار وابن آدم بين نعمة وذنب ولا تصلح النعمة إلا بالحمد والشكر ولا الذنب إلا بالتوبة والاستغفار. قال: فأوسعني علمًا ما شئت»( ).
* عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال: «رأيت أبي في النوم بعد موته كأنه في حديقة فرفع إلي تفاحات فأولتُهن بالولد فقلت: أي الأعمال وجدت أفضل قال: الاستغفار يا بني»( ).
* وعن مخلد قال: جاء رجل إلى أبان بن أبي عياش فقال: إن فلانًا يقع فيك قال: أقرئه السلام وأعلمه أنه قد هيجني على الاستغفار ( ).
* حدثنا الوليد بن مسلم، قال: سألت عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن قول الله: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} فقال: حدثني سليمان بن موسى، حدثني نافع أن ابن عمر كان يحيى الليل صلاة فيقول: يا نافع: أسحرنا؟ فيقول: لا، فيعاود الصلاة فإذا قلت: نعم، قعد يستغفر الله ويدعو حتى يصبح ( ).
* عن نافع قال: «كان ابن عمر يكثر الصلاة من الليل وكنت أقوم على الباب فأفهم عامة قراءته فربما ناداني: يا نافع هل كان السحر بعد؟ فإن قلت: نعم. نزع عن القراءة فأخذ في الاستغفار»( ). إسناده حسن.
* قال سفيان: دخلت على جعفر بن محمد، فقال: «إذا كثرت همومك فأكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار، وإذا تداركت عليك النعم فأكثر حمدًا لله»( ).
* عن الربيع بن خثيم، أنه قال لأصحابه: ما الداء؟ وما الدواء؟ وما الشفاء؟ قال: «الداء الذنوب، والدواء الاستغفار، والشفاء أن تتوب فلا تعود»( ).
* حدثنا مالك بن مغول قال: سمعت أبا يحيى يقول: شكوت إلى مجاهد الذنوب قال: «أين أنت من الممحاة؟ يعني من الاستغفار»( ).
* عن جعفر بن برقان، قال: قلت لرجل من أهل البصرة: كيف لا يشتهي أحدنا أنه لا يزال متبركًا إلى ربه يستغفر من ذنب، ثم يعود ثم يستغفر ثم يعود، قال: قد ذكر للحسن، فقال: «ود الشيطان لو ظفر منكم بهذه فلا تملوا من الاستغفار»( ).
* عن الحسن يقول: «أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طرقكم، وفي أسواقكم، وفي مجالسكم، أينما كنتم؛ فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة»( ).
* عن يونس بن عبيد، قال: سمعت بكر بن عبد الله المزني، يقول: «إنكم تكثرون من الذنوب، فاستكثروا من الاستغفار؛ فإن العبد إذا وجد يوم القيامة بين كل سطرين من كتابه استغفارًا سره مكان ذلك»( ).
* روى إبراهيم بن حاطب عن أبيه قال: سمعت رجلاً في السحر في ناحية المسجد يقول: يا رب، أمرتني فأطعتك، وهذا سحر فاغفر لي. فنظرت فإذا هو ابن مسعود .
.
قلت - والكلام للقرطبي: فهذا كله يدل على أنه استغفار باللسان مع حضور القلب( ).
* وروى مكحول عن أبي هريرة قال: «ما رأيت أكثر استغفارًا من رسول الله ».
وقال مكحول: ما رأيت أكثر استغفارًا من أبي هريرة ، وكان مكحول كثير الاستغفار.
قال علماؤنا: الاستغفار المطلوب هو الذي يحل عقد الإصرار ويثبت معناه في الجنان، لا التلفظ باللسان ( ).
* عن ابن المبارك عن الأوزاعي قال: قال إبليس لأوليائه: من أي شيء تأتون بني آدم؟ فقالوا: من كل شيء. قال: فهل تأتونهم من قبل الاستغفار؟ فقالوا: هيهات ذاك شيء قُرِنَ بالتوحيد. قال: لأبُثَّنَّ فيهم شيئًا لا يستغفرون الله منه. قال: فبث فيهم الأهواء( ).
* قال الفضيل: «يقول العبد أستغفر الله، وتفسيرها أقلني»( ).
* قال الألباني رحمه الله تعالى في الكلام على قول النبي : «لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقًا يذنبون فيغفر لهم»: وليس المقصود من الحديث وأمثاله الحضَّ على الإكثار من الذنوب والمعاصي ولا الإخبار فقط بأن الله غفور رحيم؛ وإنما الحض على الإكثار من الاستغفار ليغفر الله له ذنوبه؛ فهذا هو المقصود بالذات من هذه الأحاديث، وإن اختصر ذلك منه بعض الرواة( ). والله أعلم.
* قال صاحب عون المعبود شارحًا حديث النبي : «من لزم الاستغفار»: أي: عند صدور معصية وظهور بلية، أو من داوم عليه فإنه في كل نفس يحتاج إليه، ولذا قال : «طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا». .
«من كل ضيق»: أي: شدة ومحنة.
«مخرجًا»: أي: طريقًا وسببًا يخرج إلى سعة ومنحة، والجارُّ متعلق به وقدم عليه للاهتمام وكذا.
«ومن كل هم»: أي: غم يهمه.
«فرجًا»: أي خلاصًا.
«ورزقه»: حلالاً طيبًا.
«من حيث لا يحتسب»: أي: لا يظن ولا يرجو ولا يخطر بباله.
والحديث مقتبس من قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}
كذا في المرقاة ( ).
* وقال أيضا في شرحه لهذا الحديث: «وإن العالم ليستغفر له».
قال الخطابي: إن الله سبحانه قد قيض للحيتان وغيرها من أنواع الحيوان العلم على ألسنة العلماء أنواعًا من المنافع والمصالح والأرزاق؛ فهم الذين بيَّنوا الحكم فيما يحل ويحرم منها وأرشدوا إلى المصلحة في بابها وأوصوا بالإحسان إليها ونفي الضرر عنها فألهمها الله الاستغفار للعلماء مجازاة على حسن صنيعهم بها وشفقتهم عليها( ).