تعد الرئتان أكثر أعضاء الجسم إصابة بالأمراض؛ وذلك لاتصالهما المباشر بالبيئة الخارجية عبر استنشاق الهواء وتأثرهما بما يحمله من ملوثات وبكتيريا وفيروسات وفطريات ومواد كيماوية وغبار وعوالق تلامس خلايا الرئة في كل عملية شهيق.. وهناك مئات من الأمراض التي تصيب الرئة تبعاً لذلك، وحيث إنه في السنوات الحالية يأتي موسم الحج في فصل الربيع ويقترب تباعاً من فصل الشتاء، فبالتالي تكون أكثر أمراض الرئة انتشاراً بين الحجيج أمراض الجهاز التنفسي العلوي الحادة مثل: الرشح، والزكام، والأنفلونزا، والتهابات الجهاز التنفسي السفلي مثل التهاب الرئتين. وقد يتعرض الحجاج الذين يعانون مرض الربو إلى استثارة الأزمات الربوية أيضاً. وتتلخص العوامل المعرضة لخطر الإصابة بهذه الأمراض في وجود الشخص بين المصابين بهذه الأمراض، والوجود في أماكن الازدحام والتدخين سواء المباشر أو السلبي (الجلوس مع المدخنين). كما لوحظ في الآونة الأخيرة ازدياد نسبة الإصابة بالدرن في دول العالم الحديث وذلك بسبب انتشار مرض نقص المناعة، كما أن العوامل الأخرى التي تساعد على الإصابة بمرض الدرن كثيرة مثل نقص التغذية والإصابة بمرض السكر ونقص المناعة والفشل الكلوي وأمراض الرئة الكلسية والإصابة السابقة بالدرن، ولا يخلو الحجيج من الإصابة بالدرن بسبب قدوم نسبة كبيرة منهم من مناطق موبوءة بالدرن. وهناك دراسة قام بها الدكتور عبدالعزيز الزير - استشاري الأمراض الصدرية والعناية المركزة ورئيس قسم العناية المركزة بمستشفى الملك خالد الجامعي وكلية الطب بالمستشفيات الجامعية بجامعة الملك سعود - بحث فيها عن الأسباب الرئيسة لالتهاب الرئة في أثناء الحج، حيث قام بتدوين معلومات المرضى الذين تم إدخالهم إلى مستشفيات مكة في أثناء الحج ووجد أن العينة التي قام بدراستها من أربعة وستين مريضاً كانوا يعانون هذا الالتهاب في موسم حج عام 1414هـ. وقد لاحظ أن 70% من هؤلاء المرضى يعانون التهاب الرئة بسبب بكتيريا الدرن، و18% يعانون التهاب الرئة بسبب بكتيريا السالبة، و10% فقط يعانون البكتيريا العقدية الإيجابية. وكان أهم ملاحظاته في هذه الدراسة أن التهاب الرئة بسبب الدرن هو السبب الرئيس لدى المرضى المنومين في المستشفى في أثناء الحج. وعلل ذلك لكون معظم هؤلاء المرضى قادمين من مناطق ينتشر فيها الدرن مثل شبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا، بالإضافة إلى تقدمهم في العمر ونقص التغذية الواضح لديهم. ولذلك وبناء على هذه الدراسة أنصح الأطباء العاملين في المستشفيات في أثناء الحج بالانتباه لهذا السبب، كسبب رئيس لالتهاب الرئة والمبادرة لعلاجه، حيث إنه لا يستجيب للمضادات الحيوية المعروفة التي تستعمل عادة كعلاج لالتهاب الرئة. وأهم طرائق الوقاية من هذه الأمراض الابتعاد عن الازدحام قدر المستطاع، وعدم مخالطة المصابين بالرشح، والعناية بنظافة اليدين وتجنب ملامستهما للأغشية المبطنة للعين والأنف، وتجنب استعمال الأدوات الخاصة بالغير مثل المنشفة أو أدوات الأكل أو الشرب. أما الأنفلونزا فإن لها تطعيماً خاصاً ويعطى بشكل سنوي قبل دخول فصل الشتاء، وخصوصاً لأولئك الذين تجاوزت أعمارهم الخامسة والستين، ومن يعانون أمراضاً مزمنة في الرئة أو القلب، وأولئك الذين يعانون السكر وأمراض الكلى واعتلالات الهيموجلوبين مثل الأنيميا المنجلية، كما يعطى لمن لديهم نقص في المناعة مهما كان السبب. وينصح الأشخاص الذين لديهم علاقة مباشرة بالحجيج والجمهور بتناول هذا التطعيم مثل الأطباء والممرضات ورجال الشرطة وموظفي الاستقبال في الإدارات المزدحمة والمطارات والجمارك، كما يعطى اللقاح لكل من يرغب في تناوله للوقاية من الأنفلونزا. ويعتبر اللقاح مأموناً ويمكن إعطاؤه حتى للحوامل في حالة حاجتهن إليه لأي سبب من الأسباب السابقة، ويجب تجنب إعطائه لأولئك الذين يعانون حساسية ضد البيض؛ نظراً لأن اللقاح يحضر من البيض. وفي هذه الحالة يستعاض عن إعطاء اللقاح بتناول دواء أمانتادين وهو فعال وخاصة لنوع «A» من أنواع الأنفلونزا. كما يمكن تناول هذا الدواء في أثناء انتشار وباء الأنفلونزا وتأخر الشخص في الحصول على اللقاح، حيث يمكن تناولهما معاً دون تأثير. ويؤخذ هذا العلاج مرتين يومياً لمدة عشرة أيام في أثناء التعرض للأنفلونزا، ومؤخراً تم استحداث دواءين جديدين وفعالين للأنفلونزا بنوعيها «أ» و«ب». وللوقاية من أمراض الالتهاب الرئوي يجب علينا أن نتعرف على العوامل المؤدية للإصابة بها مثل كبر السن أو صغره، نقص التغذية، أمراض اللثة والأسنان، السكن في أماكن مزدحمة وعديمة التهوية، عدم معالجة السعال، الغيبوبة المتكررة، عدم القدرة على التحكم في عضلات البلع، استئصال الطحال، التعرض للتدخين سواء مباشرة أو بالجلوس مع مدخنين. وتتلخص الإجراءات الوقائية في تناول لقاح تيموفاكس لأولئك الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، والأشخاص الذين يعانون أمراضاً مزمنة مثل أمراض القلب والرئتين والسكر والكلى واعتلالات الهيموجلوبين، ونقص المناعة المكتسب، والأنيميا المنجلية، وعند استئصال الطحال. ويعطى اللقاح مرة واحدة فقط ويحتاج أحياناً إلى إعادة التطعيم بعد ثلاث سنوات للأطفال الذين تم إعطاؤهم اللقاح قبل السنة الخامسة من العمر. وإعادته أيضاً بعد ست سنوات للذين لديهم قابلية للإصابة بالالتهاب بشكل متكرر. وللوقاية من الدرن يجب تحسين الوضع المعيشي في السكن والابتعاد عن الأماكن المزدحمة، وعدم الاختلاط بالمصابين بالمرض. ويمكن في حالة الاختلاط بمرضى الدرن تناول دواء أيزونيازيد بصفة وقائية لتقليل فرص الإصابة بالمرض، كما يجب عند اكتشاف حالة جديدة من المرض القيام بالكشف على جميع المخالطين للمريض لمنع حدوث إصابات جديدة. أما الدور الذي يجب أن يلعبه المسؤولون في الخدمات الصحية فيكمن في توجيه الحجاج والحكومات المسؤولة عنهم في أهمية تطعيم الحاج بلقاح الأنفلونزا، وعدم السماح للمصابين بالدرن بالسفر للحج إلا إذا تم علاجهم وتحت إشراف مباشر من المراكز الصحية. وتوجيه بعثات الحج بضرورة عدم تكديس الحجاج في المساكن الضيقة قليلة التهوية، وعدم السماح للحجاج بافتراش الأرصفة والشوارع. كما أنصح الأطباء العاملين في المستشفيات في أثناء الحج بالانتباه لإمكانية الدرن كسبب رئيس لالتهاب الرئة والمبادرة لعلاجه، حيث إنه لا يستجيب للمضادات الحيوية المعروفة التي تستعمل عادة كعلاج لالتهاب الرئة.
باب

سيدة الوسط @syd_alost
عضوة شرف في عالم حواء
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

الصفحة الأخيرة
موضوع قيم ومفيد :)