أمل والتلفاز

الأدب النبطي والفصيح

ألقت جسدها المرهق على الفراش , بعدما أمسكت بنظارتها وأزالتها عن عيونها وألقتها بعيداً, حلقت النظر أمامها خارج شرفة غرفتها بعيداً حيث الاعشاب الخضراء, والأزهار الملونة , والمياه الرقراقة العذبة المتلألئة كاللؤلؤ الدري, المنسابة بجوار الأشجار المثمرة بألوان الفاكهة المختلفة.
رفعت نظرها قليلاً إلى السماء الزرقاء المخالطة للصوف الابيض المنتوف حيث يخرج من بين طياته شعاع الشمس الخافت ليعكس على مرآتها ليملأ الغرفة نوراً وضياءً, والطيور المرفرفة لأجنحتها قد ملأت السماء زينة, كالنقوش السوداء على الصفحة البيضاء, وزقزقة العصافير الهادئة قد أطلقت أنغاماً عذبة ملأت نفس أمل هدوءً وسكينة, لتدب الطمأنينة إلى نفسها, ولكن سرعان ماتزول تلك الطمأنينة لتُخرج زفيراً قوياً: وآه ياليتني أستطيع أن أرى تلك المناظر الخلابة جيداً دون ذلك القيد الذي يوضع على عيني, آه ليتنى أستطيع.
ثم بدأت نفسها لتسكن تارة أخرى لتسبح في الفضاء الخارجي وفي عالم الماضي.
وفجأة وإذا بصوتٍ يداخلها :
- أمل أمل, تعالي ياابنتي.
- نعم ياأمي ماذاتريدين ؟.
ردت الأم قائلة :
- ياابنتي إنني أريد أن أوجه نصحي لك.
قالت أمل في استغراب :
- وفيما تنصحيننى ؟ا.
- فيما أنصحك ؟! وهل هناك أمر غيره؟ في التلفاز الذي طالما جلست أمامه الساعات الطوال.
- ولكن ياأمي, يجب أن أجلس تلك الساعات الطوال لأنني لا أجد شيئاً أفعله, لاسيما وأنك مشغولة في زياراتك الدائمة والمستمرة وفي أمورك, وأخوتى في أعمالهم, ولا أجد من يكون في جانبي فأمضي وقتي بتلك القنوات, وكذلك أثقف نفسي من خلاله.
- وفي ماذا تثقفين نفسك في التمثيليات السخيفة أم في الأفلام المخجلة أم في ماذا ؟!. ثم أنك في فترة الصبا وجسمك مازال ينمو وذلك التلفاز يؤثر على نموك ويضف نظرك, مما يجعلك تضرين للبس نظارة .
- أعلم ذلك ولكنني لا أستطيع الاستغناء عنه.
وبعد زمن من الحوار قامت أمل لتأوي إلى فراشها لتستيقظ في الصباح الباكر.
آه مازالت الساعة الخامسة والنصف متى سوف تشرق الشمس متى ؟. حدثت أمل بها بعدما نظرت إلى الساعة وهى تفرك عيناها بعد صلاتها للفجر .
أوووف كم حركة العقارب بطيئة ليتها تجري بسرعة.
وبعد فترة من الانتظار, بدأت الشمس ترسل شعاعها الذهبي شيئاً فشيئاً ليدخل بعد ذلك من النافذة.
وبعد ساعات, استيقظ عبد الله لينهض من فراشه ويقول:
لابد أن أمل للآن لم تستيقظ لأذهب إلى التلفاز لأتابع ذلك البرنامج المفيد.
- أمل ماهذا من متى وأنت هنا, هيا ضعي لي على تلك القناة لأتابع برنامجي المهم هيا.
أجابته أمل قائلة:
- لاداعي لهذا الكلام, لقد استيقظت مبكراً, استيقظ قبلي وخذه .
وبعد عدة ايام:
- أمل, أمل.
- نعم ياأبي.
- تعالى بسرعة, تعالي ياأمل لتتناولي العشاء.
- لحظه يا أبي دعني قليلا.
- أنك أمام شاشة التلفاز أليس كذلك ؟ اتركي التلفاز وأسرعي للعشاء معنا
اضطربت نفس أمل وتمتمت قائلة:
- ماهذا لايتركونني من متابعة هذه التمثيلية.
قال الأب وهو على مائدة الطعام :
- قم ياعبد الله وناد أختك لتأتي وتأكل برفقتنا.
- أبي ألا تعلم بأمل أنها تتابع تلك التمثيلية, ولا أمل لنا ان تأتي انها محبة التلفاز, لايستطيع أن يحركها شيء, فهي أمام التلفاز صخراً لايزحزح.
- اسمع كلامي يابني, وإذا لم ينفع معها الكلام استخدم وسائلك العضلية في تحريكها.
- حسناً ياأبي.
مشى عبد الله خطوات حيث غرفة التلفاز, ليخاطب أمل قائلاً:
- أمل هيا انهضي فوراً للعشاء.
- أنت أيضاً دعني وشأني لأنهي من مشاهدتي لتلك التمثيلية.
غضب عبدالله وقال:
- إذا لم تقومي للطعام سوف اطفئ لك التلفاز, كم أنت عنيدة ياأمل.
- عبد الله, قلت لك اذهب ودعني ألم تفهم ؟
هنا صاحت أمل بعدما أطفأ لها التلفاز قائلة:
- تباً لك ياعبد الله ألاتعرف أن هذه آخر حلقة؟!.
- أنت لاتحرصين على مصلحتك, إنك تعرضين نفسك لأمراض بسب التلفاز ألاتعلمين أنه يورث لك مخاطر, خصوصاً على عينيك, وأفكاراً خطيرة على عقلك.
وفي ليالي أحد الأيام, بينما الأسرة نيام, تحركت أمل من غرفتها خطوة خطوة خشية أن يستيقظ أحد من أفراد الأسرة ويعلم بها, توجهت نحو الغرفة وفتحت التلفاز بكل هدوء وخفضت الصوت.
وبعد زمن غير يسير, وإذا بصوت باب أحد الغرف يغلق بعنف, تفاجأت أمل من هذا الصوت, أغلقت التلفاز بسرعة وانسحبت إلى غرفتها, لكي لا يراها أحد أو يعلم بها.
وفي عصر اليوم التالي, دخلت أم أمل إلى غرفة التلفاز وهي تقول:
أمل ,أمل الم تكفى عن الجلوس أمام ذلك الجهاز الضار ساعات طويلة؟ هيا ياأمل جهزي نفسك للخروج.
قالت أمل:
- و أي خروج
اجابتها وقالت:
- ألا تريدين الخروج معنا إلى الخارج ؟.
- لا لا إنني مشغولة جداً.
قالت الأم بعدما احمر وجهها غضباً:
- ماهذا ياأمل؟ ماهذا؟ الطعام لاتريدين أن تأكليه, النوم لاتنامين وتسهرين من أجل متابعتك للفلم هذا وللتمثيلية تلك, ثم إنك الآن تأبين الخروج, ولماذا كل هذا؟.
وبعد أسابيع عديدة قالت أمل بصوت حزين:
- آه كم سأمت من الجلوس في هذا البيت أريد الخروج .
قال والدها بتعجب:
- تريدين الخروج! هذه أول مرة أسمع منك هذه الكلمة, ولكن إلى أين؟.
- إلى أي مكان أريد أن أمشي خارج الجدران الأربع.
وذهبت أمل إلى الخارج, وهى تمشى في أحد الأماكن برفقة والديها صرخت في تألم:
- آه إنني أشعر بدوخة شديدة, أنني لاأرى الذي أمامي آه أمي آه ....
ردت الأم وقالت:
- من الجوع أليس كذلك.
- نعم لأنكم لاتنتظرونني حتى أنتهي من مشاهدة التلفاز, حيث أنني آتى للطعام ولا أجد سوى النفايات والبقايا والعظام .
واستمرت أمل على هذه الحالة سنوات عديدة, لم تجني من التلفاز سوى شوك الأفكار المنحرفة والهزال والنحول.
وفجأة وإذا بصوت يداخل ذكرياتها ويوقفها, لتفزع أمل وتتحرك من مكانها صوب الباب تفتحه, وإذا بوالدها يقول لها:
هيا يا أمل أعطني نظارتك لنبدل عدساتها في المكان المخصص لذلك.
1
587

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

عطاء
عطاء
القصة هادفة..ولكن الجمود كان يكتنف أحداثها...أخذت صورة التقرير..مع أن البداية كانت حسنة

لكن لاأعرف ..ربما الإغراق في التفاصيل والتركيز على كل الأحداث..وإبعاد القاريء عن أن يكون

له دورٌ يشارك به في القصة أخرج القصة عن المتعة المتوقعة منها..ركزت على العبرة وأغفلت عناصر

القصة...وبكل حال هي محاولة جيدة...أنتظر محاولات أخرى..لعلنا نشهد ولادة قاصة في واحتنا...

عزيزتي ..ينان أرجو العناية بالهمزات..وهناك كثير من التعبيرات حبذا لو أنك راجعتها..وإذا أحببت أرشدتك

إليها...

ننتظر مشاركاتك ..وأهلاً بك..عزيزتي بنان:26: :26: