أَمَوَاتٌ نحن ؟!
ما ذلك البرود الذي عَمَّ القلوب والنفوس ؟!
إننا نحن المسلمين عامة والعرب خاصة نمر بطَوْرٍ حياتي مُخْزٍ ، خلا من كل علامات الشرف والكرامة ، فرغ من كل أمارات النخوة والرجولة .
إن الإسلام تُقَطَّعُ أشلاؤه من كل جانب ولا منقذ .
إن المسلمين تُنْتَهَكُ أرضهم وأعراضهم في كل فج ولا غاضب .
أَمَوَاتٌ نحن ؟!
إننا نعيش حالا تفرض على كل منا أن يسأل نفسه :
ما واجبي ؟
ما دوري ؟
ماذا أستطيع أن أفعل ؟
ما أسوأ أن نرى أو نسمع ، فنذكر ، فنتألم قليلا ، ونتمتم بشفاهنا ، وتنقبض وجوهنا ، ثم ما نلبث أن نعود سراعا إلى ما كنا عليه من عبث ولهو.
ما أسرع أن ننسى ونلهى ونغفل . لا ننتبه لصوت أَنَّات إخواننا وأبنائهم ونسائهم ، رغم أن تلك الأنَّات لا تنقطع ، ولكن نحن الذين ننقطع عنها ، وما يلفتنا إليها من حين لآخر إلا اشتدادها وعلو الصراخ ، فإذا ما صَدَعَ الآذانَ صُرَاخُها ، أفقنا قليلا فذكرنا ودعونا على أمريكا واليهود والظالمين ، ثم ما نلبث أن نعود إلى الغفلة ، نحيا والدنيا ملء عيوننا وقلوبنا ، لا يزاحمها فيهما دين ولا أخوة ولا نخوة .
أَمَوَاتٌ نحن ؟!
إن الله تعالى خلقنا ووضع في أعناقنا رسالة وأمانة ، فما أدينا الرسالة ، ولا رعينا الأمانة ، قال الله تعالى : " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (56) سورة الذاريات "
وقال الله تعالى : {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} (72) سورة الأحزاب
لقد خلقنا الله تعالى للعبادة فهل كنا بحق عابدين ؟ هل أدينا رسالة العبادة حقها ؟
لقد حملنا أمانة نَأَتْ عنها السموات والأرض والجبال إشفاقا ، هل حفظناها ؟ هل رعينا حقوقها ؟
أَمَوَاتٌ نحن ؟!
إن الإسلام عظيم عزيز كريم ، وإن كان هِينَ في هذا الزمان ـ زمن البُغَاة والخنازير والأذناب ـ فإنما هان بهوان أهله ..
والله إني لأخشى أن يستبدل الله بنا قوما خيرا منا يقومون على أداء الرسالة وحفظ الأمانة .. اللهم لا .. اللهم أصلحنا ، وأَبْدِلْنَا بنا ، ولا تُبْدِلْ بنا غيرنا ، إنك على كل شيء قدير .
لكلٍّ دورٌ :
لا شك .. إن لكل منا دورا ـ كل على أقصى طاقته ـ كل في موقعه له دور ، وقد يمتد هذا الدور ويمتد حتى يشمل الأرض إن استطاع ، كل مسلم وجب عليه الجهاد ، فإن لم يكن باليد ـ إن لم يستطع ـ فبالمال واللسان ، ومع هذا وذاك القلب والجنان .
ابدأ بنفسك :
فليبدأ كل منا أولا بنفسه فَلْيُصْلِحْها ، ولْيُهَذِبْها بالتحصن بحصن الإسلام ، ولْيُرَوِّضْها ولْيُعِدَّها لخوض غمار الميدان ، ثم علينا بأهلينا وولدنا فلننشئهم على دين الله محبين لله ورسوله وآله وصحبه ، محبين راغبين شائقين للفوز بالشهادة جهادا في سبيل الله .
وأذكر من بيننا طوائف ثلاثة :
أولها العلماء :
وهؤلاء لا تصلح الأمة إلا بهم ـ وهل فسدت إلا من قِبَلِهم ؟ ـ فإن صَلُحَ العلماء صلح بصلاحهم الأمراء ، وصلح بهما أمر الدنيا والدين معا .
والله وكأني أرى الأرض خلت منهم ؛ فلا أراه عالما إلا من يصدق فيه قول الله تعالى " إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ" (28) سورة فاطر...... فأين هم إذن ؟!
ثانيهما ذوي الأقلام :
يا ذوي الأقلام :
إن الجهاد بالسنان قد يفعل ما لاتفعله النيران ، إنكم تصنعون فكرا وعقولا ونفوسا ، فهل تُقَدِّرُون موقعكم هذا ؟ هل تعلمون أثر صناعتكم هذه ؟ إنها من الممكن أن تبني بنيانا متينا عظيما ، كما يمكن أن تدمر الأخضر واليابس في العقول والقلوب والنفوس ، فإياكم معشر الكاتبين الفاقهين المخلصين والزلل ؛ فإنه يَزِلُ بزللكم أكثر من يقرأ لكم .
ثالثهما :
ما أعظم وما أخطر الدور الذي تقومون به ، إنكم تصنعون أجيالا ، تبنون بها أمما ، هي في جملتها أمة الإسلام ، وقد جمعت هؤلاء الثلاثة معا لأن الهدف واحد ، والغاية واحدة ، والطريق واحد ، وأسألكم أسئلة ثلاثة ثم تَدَبَّرُوا الأمر بعد ذلك ولْيَخْتَرْ كُلٌّ منكم طريقه :
هل الآجال بيد أحد غير الله ؟
هل الأرزاق بيد أحد غير الله ؟
فمم الخوف إذن ؟!
ثم أذكر حديثا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عَلَّهُ يكون دافعا لدعاة الخير ، زاجرا لداعاة الشر ، قال صلى الله عليه وسلم ما معناه " من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ... ، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ... " .
هل تذكر ؟
جدير بنا مع أداء الواجب ، وكذا جدير بكل من أخذه العجز ، أن نذكر إخواننا المقهورين في كل مكان .
وأنت تأكل ، هل سألت نفسك هل يجد أخوانك في فلسطين والعراق والشيشان وغيرها ما يسد رمقهم ؟
وأنت تلهو وتلعب هل ذكرت أخوانك تدك المدافع والطائرات بيوتهم ، ويُيَتَّمُ أبناؤهم ، ويُقَتَّلُ أولادهم ؟
وحين تأوي إلى فراشك أذكرت أخاك هناك هل يستطيع النوم ، هل يجد ساعة يضع فيها جنبه على الأرض آمنا مطمئنا ؟
حين تنظر في وجه أبنائك أذكرت أبناء أخوانك ؟
هل ذكرت أخواتك هناك ؟ وكيف هُنَّ ؟ وماذا يُفْعَلُ بِهِنَّ ؟
هل تعيش مع هؤلاء المقهورين من أخوانك وأخواتك هناك ولو بالذكر والفكر ؟
والله لو ذكرنا حقا ، كمسلمين صدقا ، لما راقت لنا حياة ، ولما طاب لنا مطعم ولا مشرب ، ولما لان لنا فراش ، ولما هنئنا بزوج أو ولد
حاشجيات @hashgyat
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️