تــيــمــة

تــيــمــة @tym_1

عضوة فعالة

أنا الشجرة المباركة .. في أرض مباركة .. أنا .. شجرة الزيتون ..

الأدب النبطي والفصيح

أحبك يا أرضي التي منها نبت .. أحبك أيتها التلال الفسيحة التي عليها أصبحت وأمسيت .. أحب ذلك الكوخ الصغير الذي يقبع أمامي .. أحب أهله شبانا وشيبا ...
وأحبها هي .. هي بالذات .. دينـا ..

أذكرها يوم كانت طفلة .. تلهو حولي .. ثم تستريح إلى جذعي .. فأنشر حولها ظلي .. وأغني لها أغنية الطبيعة تشاركني فيها البلابل التي تسكنني .. لتنام .. نعم كانت تنام دائما على ألحاني .. وكأنها تشعر بدفء الأمومة في أحضاني .. وعندما تصحو .. كانت تجد ثمار الزيتون تحفها من كل جانب .. فترفع رأسها إلي وتبتسم في امتنان .. تلك النظرة والابتسامة كانتا ترويان ظمأى .. فأسكن وأهدأ ..

دينا .. كم أثقلت عليك الأيام بأحزانها .. كم رويتِ جذوري بدموعك ليتغلغل ألمك في داخلي .. فأثمر ثمار الظلم والاضطهاد .. وأطعمها للأجيال القادمة .. الأجيال التي سوف تحمل قصتك وقصة شعبك على أكتافها .. تجول بها بين اليهود .. وتلطخ بدمائها تلك الوجوه السود ..

ألا زلت تذكرين صديقة طفولتك وصباك ( عزة ) ؟؟ أنا ما زلت أذكرها .. كنت تحضرينها بين الفينة والفينة .. لتسلم علي .. ثم تسندان ظهريكما إلي .. وتتسارا بكل الأحاديث الشجية .. ورأساكما متقاربان أشد القرب .
أجل .. كل أسراركما أخبئها في صدري .. وبين جوانحي .. إنها أغلى ما أملك ..

يوما ما قالت لك : دينا .. سوف نرحل .. وتهدج صوتها .. بكيتِ بحرقة : إلى أين ؟؟
نظرت إلى الأفق وقالت لك من بين دموعها : إلى الأردن .. لم يعد لنا بيت هنا .. لقد هدموه على رأس أبي .. أبي مات .. واختنق صوتها .. وأمسكت بيديك مكملة : مات يا دينا .. ليس لنا عائل الآن .. لذلك سنرحل إلى الأردن .. حيث يسكن عمي ..

ها أنا الآن أنحني تماما كما انحنيت في ذلك اليوم .. يوم تعانقتما تحتي .. وتشبثت كل منكما بالأخرى .. سمعتكما تنشدان :
تلك السويعات التي كنـا معـا
تأبى بأن نمضي وأن نتودعا

وتساقطت أوراقي تباعا تأثرا ورثاء .. لا تبكيا .. لا تبكيا .. وانظرا إلي ..
لقد انتزعوا صديقتي من جواري .. كانت تؤنسني كل يوم .. واليوم لا أنيس ولا جليس سواكما .. أرأيتما ذلك الجذع المقتول ؟؟ هناك ... هنــــاك .. كانت هي ..

فاذا بكما تنشدان ثانية :
لن تبـــاعدنا أيـهـا السـفـر
نلتقي يوما وفي الدنيا قمر

أجل يا دينا .. احملي في صدرك الأمل بعودة كل المهاجرين .. كما تحملين الحقد الدفين .. لأعداء الله .. تماما ..
وابكي ما شئت .. فدموعك الغالية أشربها قطرة قطرة .. وأوصلها للناس .. في زيتي .. في زيتوني .. في أخشابي .. في كل جزء من جسدي .. لن تضيع .. لسوف أختزنها جميعا .. ولن تضيع ..

وذهبت عزة .. وبقي الحزن والوحدة .. وجاء يوم أغبر .. ركضتِ فيه نحوي لتصرخي
- أيتها الشجرة .. أخذوا أخي .. اعتقلوا حبيبي .. وكسروا ذراع أمي .. .. لن نراه بعد اليوم .. هل سيعذبونه ؟؟ هل سيؤلمونه ؟؟ أخبرينـــــــــي ..
ورحتِ تهزينني بقوة .. فلم أملك إلا إسقاط المزيد من الأوراق الصفراء .. وتذكيرك بكلماتك الجميلة .. يوم قلت :

( يا شجرتي الأثيرة .. كم تصمدين ؟؟ عند الخريف تصفر أوراقك وتنحل أغصانك .. وفي الشتاء يسقط ردائك .. وتواجهين الرياح الباردة وأنت عارية .. وينحني جذعك المتين أمامها .. لكنك تبقين .. تتحملين أصناف الاضطرابات .. ثم تبتسمين .. وتثمرين .. كم نقسو عليك وكم تعطيننا .. ما أكرمك .. ما أقواك .. منك تعلمت الصمود .. منك تعلمت الصمود .. )


دينا .. أيتها الحبيبة .. تعالي إلي .. لفيني بشالك .. كما فعلت في ذلك اليوم المثلج .. قبليني وابكي علي .. فهذا يوم الوداع ..
هل ترين تلك الآلات الرهيبة ؟؟ إنها قادمة لاقتلاعي ..
أعرف .. أعرف يا حبيبتي أن لا حيلة لك .. لا تؤنبي نفسك .. لا تكسري خاطري في آخر يوم لي .. خذي هذه الزيتونات .. ازرعيها بجواري بعدما أموت .. ليعرف الحاقدون .. أنني لا أفنى .. كما أن هذا الشعب لا يفنى .. ولن يفنى ..

فلسطين أيتها الأرض المباركة .. اذكريني يا حبيبة .. اذكري ثماري التي تكونت من لحمك ودمك .. اذكري صويحباتي اللاتي قطعن من قبلي .. واذكري عزة .. وألوفا مثل عزة يبكون كل ليلة شوقا إليك .. واذكري دينا .. دينا التي كانت كل عزاء لي في هذه الدنيا .. دينا التي روت أغصاني وتعلمت مني الصمود ..

وهوت الشجرة وهي تردد :

أنــــا ذلـــك الجبـــــــــل الأشـــــــم معانــــدا
هـــــــوج الريـــــــاح فظــــــل دون تأثــــــر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
10
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

بحور 217
بحور 217
الله يا تيمة ..

ذكرتيني بتلك المسابقة التي أنجبت هذا الإبداع وإبداعات أخرى ..

لعلنا نبدأ مسابقة جديدة إن شاء الله قريبا ..

طبعا لن أقول لك رائع ...!!!!

بات هذا أمرا معروفا ومسلما به ..










تيمة ..

هناك خطأ لغوي :

يسقط ردائك .......الصواب رداؤك .
سنوكة حنين
سنوكة حنين
بالفعل أشتاق لحرفك وإن كنت مقصرة جدا في حقه
لكن اليوم أحسست أنني أحتاج إلى الوقوف هنا
خاصة عندما تعاودنا الذكرى
وأيضا الاسمتاح بحرف متفنن في هذا المجال
مخضرم في خلجات نفسي
لا أعلم كيف أصول لك شعوري
لكن أجد عمقا هنا
وحقيقة جلية لا يحيشها إلا من أتقن الغوص
وأدمن الأعماق

نصيحتي
لا تهملي موهبتك
خضبيها بالممراسة
فيوما ما سيكتب النور لقاصة عربية كبيرة اسمها
" تيمة"

اعذري تقصيري

وتقبلي تقديري واحترامي
صباح الضامن
صباح الضامن
لقد أبكيتني يا تيمة بارك الله في قلمك وجعله دائما من غصن نادى في فلسطين فلولا هذه الاقلام المباركة لما تجدد فينا الحنين
سكارلت
سكارلت
رائعة بل واكثر من رائعة يا تيمة

بالفعل فيها تعبيرات جميلة وابداعية

وابكي ما شئت .. فدموعك الغالية أشربها قطرة قطرة .. وأوصلها للناس .. في زيتي .. في زيتوني .. في أخشابي .. في كل جزء من جسدي .. لن تضيع .. لسوف أختزنها جميعا .. ولن تضيع ..
ما اروع هذه الكلمات وما تحويه من امل
بارك الله فيك اختي واتمنى لك التوفيق
تــيــمــة
تــيــمــة
بحور عزيزتي : أملنا فيك وفي بقية الأخوات كبير في انعاش الأقلام وتجديد الأرواح والعقول .. نحن بانتظار مسابقتك التي طال عهدنا بها هذه المرة .. وشكرا على التصحيح ..

سنوكتي : لا أدري لماذا تظنين دائما أنك مقصرة .. رغم كل هذه الكلمات الرائعة التي تطرحينها هنا وهناك .. تابعي يا عزيزتي ولن يضيع الله عمل عامل باذنه تعالى .. جزاك الله خيرا على النصائح .. سوف أحاول دائما تذكرها .. واعذريني ان أنا أهملت قلمي لأيام .. فلكل جواد كبوة ..

صباح : ألف شكر لك على هذا الدعاء الجميل .. عندما أعرف أن ثمة شخص تأثر بما كتبت يصبح لكتابتي طعم آخر بالنسبة لي .. وأهرع لقراءتها ثانية بعين الشخص الآخر .. علني أجد شيئا جديدا لم أتنبه له .. ..
جزاك الله الجنة ..

سكارلت : وبارك فيك عزيزتي .. شكرا لك ..