أفكـــــــــــــــار في تربية الطفل
--------------------------------------------------------------------------------
الطفل والتربية
لعل استخدام طرق تربوية بعينها بات في الوقت الحاضر يشكل عاملا حاسما في تثبيت شخصية الطفل ويساعد على بناء روحية متفتحة متفائلة ..
فقد يتهم الآباء بالمبالغة في التربية عن طريق قوالب جامدة في دفع أطفالهم لممارسة طرق وأنماط معينة أو العكس إهمال سبل في الحياة والإقلال من تلك القوالب واتباع بعضها وتجنبا لبعض الآخر .
ومع ذلك , لو انك تعمقت في أسلوب التربية النفسية للطفل لوجدت أن المحير والمثير في هذه القضية ,هو أن كلا المسألتين , المبالغة والإهمال قد يكون أحدهما دليل السمو المتألق النادر والآخر دليل الانهيار المعتم الغث ,عندما نأخذ منها الكثير المتطرف.
وقد يعطيان لنا البناء المتماسك المتقن عندما نأخذ منها القليل المتعادل.
ولعل أخطر ما في موضوع فلسفة التربية للأبناء, هو ما يسمى صراع الأجيال, فقد يعارض الآباء بدافع من الحسد الذي يحسونه عند رؤيتهم أبنائهم يطالبون بمطلق الحرية في حياتهم والرفاهية الخاصة والرحلات وغير ذلك من الطلبات كحق طبيعي؛ بينما كان الآباء في أيامهم لا يطالبون شيئا من هذه الأمور البتة, وقد كان عليهم أن يحرموا أنفسهم من هذه المتع لأسباب معيشية اجتماعية كثيرة.
و في حقل تربية الطفل هناك عمليتين تتظافران معا في تكوين شخصية الطفل هما الوراثة والبيئة.
الـــــــــوراثـــــــــــــة :
مع تطور العلم والأبحاث إن الأمراض الوراثية في الخلية رغم إن الأسباب قد تأتيها من داخلها أو خارجها فتؤثر على النواة وقد يعتري الإنسان تغيرات فسيولوجية أو كيماوية أو نفسية لكن كل ذلك يحدث عن أسباب لها دوافعها الخارجية (خارج نواة الخلية) وتبقى الأسباب المدفوعة من تأثيرات وراثية باقية ما دام في حاملها رمق حي.
ولأن علم الوراثة الخوض فيه يحتاج منا لجهد كبير لذا سنبين فقط بعضا مما يعتبر من أوليات الوراثة لنستطيع أن نبين أثرها في الدراسات الأسرية .
تستخدم في مركباتها الكيميائية خمس من اللغات وهذه نطلق عليها اسم (آدينين )( ثايمين)(جوانين ) (وستيوزين ) ( يوراسيل ) ويمكن كتابتها بإختصار( أ. ث. ج . س . و ) .
وهي متراصة في الاشرطه الوراثية أزواجا أزواجا , بمعنى أن (أ) ترتبط مع (ث) وكذلك
ترتبط (ج) مع (س) ..... ومن تكرار وتبادل هذه الأزواج في الأشرطة بنظام خاص , تنتج بلايين من الشفرات التي لها معنى,والتي تتكون من جزيئات وأحماض امينية ورموز معينه ..
وكل جزء وراثي يحمل خطأ, فان ذلك الخطأ في الجزيء الوراثي المبعوث والذي حمله عن طريق الجزيء الوراثي الباعث . ليس له تحوير , ولا فيه تغيير ...
ومنذ عرف العلماء (الشفرة الوراثية وأشرطتها ومواقعها وسلاسلها ورموزها ) , بدأوا في معرفة الأسباب المؤدية إلي كثير من الأمراض التي كانت بمثابة لغز عويص في بداية القرن العشرين .
فبعض ظواهر التخلف العقلي في الأطفال ناتجة عن خطأ واحد في عملية واحدة من سلسلة العمليات الكيميائية التي تشرف عليها الخمائر أو الإنزيمات ... فمثلا هذا التخلف ناتج عن تحويل الحامض الأميني فينايل آلانين إلى تيروسين , وعندئذ زاد تركيز الأول عن حدوده المرسومة ,وأثر على خلايا المخ , خاصة في المرحلة لأولى للولادة وتسبب في التخلف العقل.
وإذا كانت الترجمه الأولى . للمشاهدة الأولى لعلم الوراثة , التي هي قدرة الكائنات الحية على
التكاثر وإنتاج أفراد مشابهة لها , الترجمة هي أن الشبيه وهي عبارة صحيحة, فأن للوراثة
دورا لايخلوا من أهمية في اكتساب الصفات السلوكية والتربوية وتناقلها بين الأجيال.
الــــــــــبيــئــــــــة:
نستطيع القول , إن البيئة مرادف آخر للوراثة في تأثيرها على حياة الطفل وتكاد تجمع كافة الدراساتالتي تناولت حياة الطفل منذ ولادته حتى الرابعة عشرة والخامسة عشرة من عمره رغم مابينها من تباين وتمايز , تكاد تجمع على ان النشاط الاساسي للطفل انما يتخذ أساسين يستندان إلى النشاط الحيوي للطفل وهما:
1) الاستعدادات العضوية ( البيولوجية والفسيولوجية ) ,والتي تتوفرله بواسطة
أجهزته الجسمية وأعضائه باعتبارها مكونات هذا الكائن الحي .
2) أهداف المحافظة على الذات ودعمها عن طريق التعرف على البيئة التي تحيطه وما لديه من عناصر وادوات تعينه على تحقيق هذا الغرض .
الطفل والكذب
عندما يفقد الطفل الثقة في البيئة يشعر بالحاجة الى امتلاك اكبر قدر من الاشياء
لذا يكذب في سبيل تحقيق ذلك ... كأن يدعي أنه مطلوب منه بعض الدراهم للروضة وهذا غير صحيح وأنه يريدها لمجرد الاستحواذ عليها في غير حاجة اليها.
قد يكذب الطفل لاسقاط اللوم على ما يكرهه او يغار منه, وهو من اكثر أنواع الكذب خطرا على الصحة النفسية وعلى كيان المجتمع ومثله ومبادئه. ذلك لان الكذب الناتج عن كراهية وحقد هو كذب مع سبق الاصرار.
وقد يحدث هذا النوع من الكذب بين الأخوة في الأسرة الواحدة, وذلك بسبب التفرقة في المعاملة بين الأخوة. فالطفل الذي يشعر بأن له أخا محظيا عند والديه, وأنه هو منبوذ أقل منه قبولا في المنزل, قد يلجأ الى الكذب فيتهمه باتهامات ويترتب عليها عقابه أو سوء سمعته.
كثيرا ما يتصف الأطفال في الأسرة التي يسود فيها نوع من النظام الصارم والعقوبة الشديدة بالكذب خوفا من العقاب .. وكثيرة هي الأسرة التي تسيء الى الأبناء.. والتجربة التي تخرج بها البحوث العديدة, تؤكد لنا المرة تلو المرة أن الوالد الذي يسيء معاملة ابنه ويضربه هو نفسه كان يضرب في صغره من قبل أبيه وكان يكذب خوفا من العقاب... وهو الآن يطالب ابنه أو يجبره بالقوة على منحه الحب والثقة الذي حرمه منه والده. ومما يذكر أن أما كانت تضرب ابنتها البالغة من العمر تسعة أشهر فقط حينما كانت لا تبتسم لها عند عودتها للمنزل من عملها مرهقة مضطربة. لقد كان رد فعل الأم العفوي لعدم تبسم ابنتها لها هو ان ترى فيه دلالة على الرفض وعدم المحبة مما يجعلها تضربها بشدة.
ويسود هذا النوع من الكذب في الأسر التي يختلف فيها الآباء والأمهات في طريقة معالجتهما لمشكلات الأبناء فيشتد الأب إلى درجة مفرطة, وتلين الأم لدرجة كبيرة. ففي مثل هذه الظروف نجد أن الطفل يتفنن في الكذب وينتق من كذبة الى أخرى مستخدما ذكاءه, ولا يضيره لكي يفلت من العقاب أن يلصق التهمة ببريء سواء كان أخا له أو زميل وكل هدفه الدفاع عن نفسه.
والكذب الدفاعي هو أكثر أنواع الكذب شيوعا, وقد يلجأ اليه الأطفال, جميعا من وقت لآخر خوفا من أن تقع عليهم عقوبة ما سواء في المدرسة أو في المنزل ولكن قد يدقق على هذا النوع من الكذب, الطفل القلق نفسيا لدرجة مرضية كما يزداد كذبه كلما كانت معاملته على أخطائه قاسية.
ثمة حالة أخرى, فكثيرا ما يخدع الآباء, أطفالهم, فيكذبون عليهم في كثير من الأمور, ومن ثم يتقمص الأطفال الآباء ويلجأون الى السلوك نفسه في حياتهم وأمثلة ذلك :
أخذ الطفل الى نزهة أو سينما أو مدينة الألعاب ثم يكتشف أنهم أخذوه الى طبيب الأسنان.
أن يوعد الطفل بشراء حلوى أو ملابس جديدة أو لعبة اذا نجح في المدرسة أو في مناسبة العيد القادم.. أو في أي مناسبة أخرى يحددانها له, ثم لا يفيان بالوعد رغم نجاح الطفل أو حلول المناسبة, ويختلفا الأعذار الواهية المتكررة.. وغير ذلك.
مثل هذا السلوك من الآباء لا يغرس في الطفل اتجاها قويا نحو قول الصدق والحقيقية, والوفاء بالوعد, مما يؤثر على فرص نجاحه في الحياة في المستقبل.
ولكي نعالج كذب الطفل يجب دراسة كل حالة على حدة وتقصي الباعث الحقيقي الدافع الى الكذب, وأنه لمن المهم أيضا أن تعرف على حقيقة الأمر وعما اذا كان الكذب عارضا أم أنه عادة عند الطفل, وهل هو بقصد الانتقام والتشفي او أنه بدافع لاشعوري مرضي.
ومن المهم أن نعير سن الطفل الأهمية اللازمة فلو كان الطفل دون سن الرابعة من العمر فلا نزعج لما ينسجه خياله من قصص أو وقائع غير صحيحة ولكن يجب علينا مساعدته على إدراكه الفرق بين الواقع وبين الخيال مستخدمين في ذلك الدعاية والمرح دون أن نتهمه بالكذب أو نؤنبه على ما يؤلفه من قصص خيالية.أما اذا كان عمر الطفل بعد سن الرابعة أو الخامسة فيجب أن نحدثه أهمية الصدق وفوائده ولكن بروح كلها محبة وعطف واعزاز وقبول, دون أ ن يكون حديثنا له مغزى النصيحة والتأنيب, كما يجب أن نكون على درجة كبيرة من التسامح والمرونة اذا لجأ الى أسلوب الطفولة والخيال من وقت لآخر دون أن نتهمه بالكذب, ويكفي أن نذكره دائما بأنه قد أصبح كبيرا ويفرق بوضوح بين الواقع والخيال وبين الصدق والكذب دون لوم أو عقاب.
الطفل والخوف
كما قلنا, وقال غيرنا, إن للتربية دوراً مهماً في حياة الطفل, وأن للعامل الثقافي دوراً مساعداً في تربية الطفل.
قالت المرأة لطفلها بعد أن التَهَمَ بذورَ بعض الأشجار, إن هذه البذور ستنمو بداخل بطنك وتتحول إلى شجرة. وكانت تبتغي تخويف ولدها لكي لا يعيد التهام البذور مرة أخرى!!
إذن هذه الأم هي التي تغرس في طفلها مرض الخوف. فما هو الخوف؟ يقول علماء الأمراض النفسية والعصبية. أنه أحد الصفات الشخصية الموجودة عند الإنسان وهو في أنواعه الاعتيادية شئ طبيعي لا يستوجب القلق..ولكن في بعض الأحيان يزيد الخوف عن حده الطبيعي. مما يستوجب التشخيص والعلاج. واستناداً إلى أقوال بعض أخصائي الطب النفسي. إن القلق غير الخوف. إلا أن الأول قد يصاحب الثاني لدرجة التزامن معه فيصعب التفريق بينهما.
أن الخوف المرضي المسمى بالرهاب Phobia يتصف بأنه لا يتناسب مع الموقف ولا يمكن تفسيره؛ حيث يحاول الشخص المريض به تفادي الموقف ولكنه لا توجد سيطرة إرادية لديه ومن أهم أنواعه:
أ. رهاب الساحة: هو عادة عند الإناث أكثر منه عند الذكور حيث لا تقدر الأنثى المصابة به ترك البيت. فهي تمانع بشدة عند محاولة إخراجها مما يصيبها بهلع شديد قد يوقعها في غيبوبة الإغماء.. وتتكرر الحالة عند التواجد في أماكن مزدحمة كالباصات والسينما والمحلات العامة.
ب. رهاب المجتمع: وبه يشعر المريض بخوف شديد من الوقوف أمام المجتمع أو مقابلة رئيس العمل.
ج. رهاب الحيوانات: ويكون عند الصغار بدرجة أشد من الكبار ويكثر عند الإناث كالخوف من الفأر و الصرصور والضفدع والأفعى.
د. رهاب المرض: هو القلق والوسواس من شيء سيئ حتى قبل حدوثه. مثلا يخاف الشخص أن يصاب هو أو أحد أفراد عائلته بمرض خطير. وتخاف الأم أن تحمل سكيناً بيده لئلا تؤذي أولادها.
كذلك توجد أنواع أخرى من الخوف؛ كالخوف من الظلمة والأصوات ويكثر عند الأطفال والنساء. وكذلك الخوف من الأماكن العالية والتطلع من أعلى الجسر إلى الماء وهي ظواهر لا تدعو للقلق. أما أنواع الخوف المرضي فتستوجب العلاج تحت إشراف طبيب اختصاصي.
الطفل والخجل
أية صورة نتجلاها بتذكر وكد ذهن عن طفل. هو تلميذ صغير عاقل شاطر ولكنه منكفئ على نفسه, قد أجبر على قراءة (محفوظة في الصف) على مضض.. بعد أن أغمض عينيه, وأحاط رأسه بيديه.. لا شك أنها تأتأة وبلع ريق وحركات طائشة ونسيان للسطور!.
اذن ما الذي خان ذلك الطفل وفت بعضده وهو شاطر و (يحفظ) ما طلب منه؟ أنه بلا شك الخجل.. الذي قد يصبح حالة مرضية تستدعي التدخل.
الخجل ظاهرة طبيعية انفعالية تؤدي الى سلوك سلبي, كالانفعال الشديد. أو تحاشي النظر مباشرة الى الآخرين, أو الامتناع عن الكلام, أو الرد على الأسئلة، أو التجاء الطفل الى أحضان أمه, هذا اضافة الى صعوبة في التعبير.
لا شك أن أي انسان يمتلك مقدارا من الخجل, وهو أمر ضروري, حيث أن انعدام الاحساس بالخجل يعتبر ظاهرة شاذة وغير صحية على المستوى النفسي ولكن الخجل يصبح أمرا غير طبيعي اذا كان شديدا ويعيق نمو الشخصية ويحد من تفاعلها الاجتماعي.
يبدأ الخجل عند الصغر, حيث يبدأ الطفل منكفئا على نفسه, واذا وضع ذلك الانكفاء من قبل الوالدين في حسابات بسيطة, فينتهي الطفل هاربا من الآخرين؛ حيث أن الأطفال جميعا يمرون بفترة من الشعور بالخجل وخاصة عند الاختلاط بالأجانب, ولكنهم مع تدخل الآباء في اجراء تغيرات اجتماعية. كالتفاعل الاجتماعي وتعليم الأبناء فن التحدث مع الآخرين وفن الاستماع والرد وأصول المحاورة والحديث, فانهم يتخلصون من الخجل.
أما اذا لم يتدخل الوالدان, فسيكون الخجل حينئذ وسيلة للهروب من الاحتكاك الضروري بالحياة الاجتماعية, فيغيب التفاعل وتظهر مكانه العزلة وتضيع الشجاعة لتبرز المواقف المحرجة, وعدم القدرة على التكيف, وهذه الصفات السلبية تنمو في كل مظاهرها العاطفية والسلوكية مع الطفل حتى يكبر.
من هنا, نخلص الى القول أن جذر الخجل يكمن في التربية العائلية ولعله في أدواره الأولى يكمن كالبذرة في نفسية الطفل, فتنمو عبر عملية تطور السلوك الاجتماعي. وتتخذ لها مظاهر شتى, وتنمي استجابات محددة لمواقف معينة.
أن للعوامل المحيطة خصوصا البيئة العائلية والتربوية الأثر الأكبر في نمو شخصية الطفل وتشكيلها واتخاذها وجهة محددة.
الطفل والرسم
الرسم وسيلة للتعبير يعرفها الطفل في مراحل نموه الأول, فإذا أعطى الطفل ورقاً وقلماً فإنه يقوم في الحال بعمل خطوط بطريقة ما, هذه الخطوط تعبر عن شئ معين من وجهة نظره. وفي الواقع, فإن الرسم كوسيلة للتعبير عن الطفل, يسير في خطوط متوازنة مع باقي وسائل التعبير عند الطفل وهي اللغة واللعب, والطفل يحاول باستعمال هذه الوسائل التعبيرية الثلاث؛ اللغة واللعب والرسم, أن يصل إلى مستوى الكبار وأن يسترعي انتباههم. والطفل يعبر عن الصورة كما يراها وكما يتصورها, وكما ترمز إليه من خلال ذاته. فقد يرسم خطاً فإذا سألناه ما هو يقول أنه بحر, ومرة أخرى يقول أنه شجرة, ومرة ثالثة يقول أنه باب وهكذا.
لقد وجد الباحثون صعوبة في عزل القدرات الأدبية عن قدرات الطفل الفنية حيث أن الطفل يستخدم الغناء وترديد الكلمات مع رسوماته, وهو يدخل مجال التعبير الأدبي. إذن – وكما ذكرنا فهناك توازن بين نمو وتطور استخدام اللغة والرسم عند الأطفال, حيث أن ذلك يمر بسبع مراحل نوجزها بما يلي:-
مرحلة الخطوط: وهي تقابل مرحلة الصراخ ,وهي مرحلة تكاد تكون منعكسة أي فيها يقوم الطفل بحركات غير مقصودة.
مرحلة الشخبطة: وهي تقابل مرحلة المناغاة, وهي تشمل مجموعة غير منظمة من الخطوط, لا تمثل أي شئ من وجهة نظر الطفل.
مرحلة "الشخبطة" بالألوان: وهي تقابل مرحلة المناغاة التي تنطوي على شئ من القصد, وفيها يحاول الطفل أن يمثل المكان في الرسم ويرى بعض الباحثين؛ أن الطفل يعبر عن حبه للتدريب والنظام في هذه المرحلة خلال الرسم.
مرحلة الرسم الرمزي: وهي تقابل مرحلة الكلمة الواحدة التي تقوم مقام الجملة الواحدة. فالطفل إلى سن 3 أو 4 سنوات, لا يزال خاضعا لمركزية الذات, فهو لا يرسم ما يرى بل ما يعرفه عن الشيء وهو عاجز عن إدراك الحجم أو المنظور. فالصور التي يرسمها هي إضافة صفات منفصلة, بعضها إلى بعض بدون رابط منظم.
مرحلة الرسم الاجتماعي: وفيها يكون الرسم من الممكن تشخيصه وتسميته وهذه المرحلة توازي مرحلة الجملة المكونة من عدة كلمات ثم الجملة المركبة حسب قواعد النحو.
مرحلة البيت الشفاف: حتى سن 4 سنوات لا يهتم الطفل بالنموذج الخارجي قد يرسم رأساً جانبياً على جسم مواجه أو جسماً تحت ملابس؛ وهذا يسمى بالواقعية المنطقية.
في المرحلة السابعة:يهتم الطفل بالحياة الواقعية فيهتم بالأشخاص والحيوانات والأشياء المألوفة وفي إمكانه أن يرسم من مخيلته القصص التي يسمعها.
الرسم والذكاء
هل هناك علاقة بين الرسم والذكاء؟ لقد أجريت بحوث كثيرة في هذا الموضوع. من أهمها البحث الذي قامت به الباحثة "جودانف" وانتهى بها إلى إعداد اختبار ذكاء (أو رائز). وهو يتضمن مجموعة من الأسئلة أو المسائل المختلفة أو الرسوم والأشكال الهندسية؛ يطلب عادة من الطفل الإجابة عليها ضمن شروط معينة بالنسبة للوقت المحدد والسن.
ويعتبر اختبار أو رائز الذكاء هذا باختبار رسم الرجل. وفيه يطلب من الطفل أن يرسم رجلاً وتعطى درجات على الأجزاء المختلفة الموجودة في الرسم. كما تعطى درجات على التناسب والمنظر الجانبي إلى غير ذلك ويلاحظ أن هذا الاختبار لا يهتم بالنواحي الفنية أو الجمالية وإنما يهتم بوجود التفاصيل وتناسبها.
وتبنى الفكرة الأساسية في استخدام فكرة الرجل. كاختبار للذكاء. على أن الطفل العادي أثناء نموه, يستطيع أن يدرك نفسه, وان يدرك الآخرين بطريقة غير مقصودة في ذاتها, وانه عن طريق الرسم يسقط هذه المدركات. فبعض الباحثين يرى أن الذكاء يشمل ضمن ما يشمل, القدرة على إدراك الأشياء العادية وموضوعات الخبرة اليومية بطريقة غير مقصودة. وهذا الاختبار يستخدم كثيراً في العيادات النفسية ويعتمد عليه إلى حدٍ ما.
كذلك فأن الطفل يحاول خلال الرسم, التعبير عن نفسه, عن دوافعه وصراعاته ومشكلاته وآماله. بعبارة أخرى تتم عملية إسقاط مكبوتات الفرد خلال الرسم, تلك المكبوتات التي لا يستطيع التعبير عنها مباشرة لوجودها في العقل الباطن واللاشعور.
ومن هذه المعلومات عن دراسة لرسوم الأطفال للكشف عن أخيلتهم المعبر عنها فيها, تطغى على دراسة نشاطهم الفني في المجالات الأخرى. بتعبير آخر فأن رسوم الأطفال ذات أهمية تربوية وسيكولوجية كبيرة باعتبارها دلائل واضحة على خصائص مرحلة النمو العقلي لا سيما في مجال الخيال أثناء الطفولة. اعتماداً على الاستقراءات السابقة, فقد حظيت تعبيرات قدرات الطفولة الخيالية وبخاصة الرسم, بعناية الباحثين وذوي الاختصاص وأغنيت بالدراسات العلمية والسيكولوجية على الأصعدة النظرية والميدانية.
من الضروري, لكي يخرج الطفل من ركام بيته معافى, أن ندعه يتلمس ما يحيط به بأصابعه هو لا بأصابع غيره. ذلك نمط تربوي اتبعه المربي سيزاك. حينما ترك الطفل يرسم على سجيته وبمبادراته الفردية العفوية دون تدخل أو توجيه يبديه الكبار المحيطون به, لتتجلى ذاتيته العفوية.
فالاهتمام بالطفل, يعني المواءمة بين التعبير الحر للأطفال في رسومهم وبين التوجيه الخارجي لهم. حيث أن الضغط ونقل الخبرات كما هي أمر مغلوط فكما لا يسع الأم إجبار طفلها على التهام طعام عافته نفسه, كذلك لا ينبغي للمربين فرض نمط من التربية والتفكير على طفل تراه يتململ من ذلك النمط وتتراخى معه سبل القناعة به.
أفكـــــــــــــــار في تربية الطفل...
--------------------------------------------------------------------------------
الطفل والتربية
لعل استخدام طرق تربوية بعينها بات في الوقت الحاضر يشكل عاملا حاسما في تثبيت شخصية الطفل ويساعد على بناء روحية متفتحة متفائلة ..
فقد يتهم الآباء بالمبالغة في التربية عن طريق قوالب جامدة في دفع أطفالهم لممارسة طرق وأنماط معينة أو العكس إهمال سبل في الحياة والإقلال من تلك القوالب واتباع بعضها وتجنبا لبعض الآخر .
ومع ذلك , لو انك تعمقت في أسلوب التربية النفسية للطفل لوجدت أن المحير والمثير في هذه القضية ,هو أن كلا المسألتين , المبالغة والإهمال قد يكون أحدهما دليل السمو المتألق النادر والآخر دليل الانهيار المعتم الغث ,عندما نأخذ منها الكثير المتطرف.
وقد يعطيان لنا البناء المتماسك المتقن عندما نأخذ منها القليل المتعادل.
ولعل أخطر ما في موضوع فلسفة التربية للأبناء, هو ما يسمى صراع الأجيال, فقد يعارض الآباء بدافع من الحسد الذي يحسونه عند رؤيتهم أبنائهم يطالبون بمطلق الحرية في حياتهم والرفاهية الخاصة والرحلات وغير ذلك من الطلبات كحق طبيعي؛ بينما كان الآباء في أيامهم لا يطالبون شيئا من هذه الأمور البتة, وقد كان عليهم أن يحرموا أنفسهم من هذه المتع لأسباب معيشية اجتماعية كثيرة.
و في حقل تربية الطفل هناك عمليتين تتظافران معا في تكوين شخصية الطفل هما الوراثة والبيئة.
الـــــــــوراثـــــــــــــة :
مع تطور العلم والأبحاث إن الأمراض الوراثية في الخلية رغم إن الأسباب قد تأتيها من داخلها أو خارجها فتؤثر على النواة وقد يعتري الإنسان تغيرات فسيولوجية أو كيماوية أو نفسية لكن كل ذلك يحدث عن أسباب لها دوافعها الخارجية (خارج نواة الخلية) وتبقى الأسباب المدفوعة من تأثيرات وراثية باقية ما دام في حاملها رمق حي.
ولأن علم الوراثة الخوض فيه يحتاج منا لجهد كبير لذا سنبين فقط بعضا مما يعتبر من أوليات الوراثة لنستطيع أن نبين أثرها في الدراسات الأسرية .
تستخدم في مركباتها الكيميائية خمس من اللغات وهذه نطلق عليها اسم (آدينين )( ثايمين)(جوانين ) (وستيوزين ) ( يوراسيل ) ويمكن كتابتها بإختصار( أ. ث. ج . س . و ) .
وهي متراصة في الاشرطه الوراثية أزواجا أزواجا , بمعنى أن (أ) ترتبط مع (ث) وكذلك
ترتبط (ج) مع (س) ..... ومن تكرار وتبادل هذه الأزواج في الأشرطة بنظام خاص , تنتج بلايين من الشفرات التي لها معنى,والتي تتكون من جزيئات وأحماض امينية ورموز معينه ..
وكل جزء وراثي يحمل خطأ, فان ذلك الخطأ في الجزيء الوراثي المبعوث والذي حمله عن طريق الجزيء الوراثي الباعث . ليس له تحوير , ولا فيه تغيير ...
ومنذ عرف العلماء (الشفرة الوراثية وأشرطتها ومواقعها وسلاسلها ورموزها ) , بدأوا في معرفة الأسباب المؤدية إلي كثير من الأمراض التي كانت بمثابة لغز عويص في بداية القرن العشرين .
فبعض ظواهر التخلف العقلي في الأطفال ناتجة عن خطأ واحد في عملية واحدة من سلسلة العمليات الكيميائية التي تشرف عليها الخمائر أو الإنزيمات ... فمثلا هذا التخلف ناتج عن تحويل الحامض الأميني فينايل آلانين إلى تيروسين , وعندئذ زاد تركيز الأول عن حدوده المرسومة ,وأثر على خلايا المخ , خاصة في المرحلة لأولى للولادة وتسبب في التخلف العقل.
وإذا كانت الترجمه الأولى . للمشاهدة الأولى لعلم الوراثة , التي هي قدرة الكائنات الحية على
التكاثر وإنتاج أفراد مشابهة لها , الترجمة هي أن الشبيه وهي عبارة صحيحة, فأن للوراثة
دورا لايخلوا من أهمية في اكتساب الصفات السلوكية والتربوية وتناقلها بين الأجيال.
الــــــــــبيــئــــــــة:
نستطيع القول , إن البيئة مرادف آخر للوراثة في تأثيرها على حياة الطفل وتكاد تجمع كافة الدراساتالتي تناولت حياة الطفل منذ ولادته حتى الرابعة عشرة والخامسة عشرة من عمره رغم مابينها من تباين وتمايز , تكاد تجمع على ان النشاط الاساسي للطفل انما يتخذ أساسين يستندان إلى النشاط الحيوي للطفل وهما:
1) الاستعدادات العضوية ( البيولوجية والفسيولوجية ) ,والتي تتوفرله بواسطة
أجهزته الجسمية وأعضائه باعتبارها مكونات هذا الكائن الحي .
2) أهداف المحافظة على الذات ودعمها عن طريق التعرف على البيئة التي تحيطه وما لديه من عناصر وادوات تعينه على تحقيق هذا الغرض .
الطفل والكذب
عندما يفقد الطفل الثقة في البيئة يشعر بالحاجة الى امتلاك اكبر قدر من الاشياء
لذا يكذب في سبيل تحقيق ذلك ... كأن يدعي أنه مطلوب منه بعض الدراهم للروضة وهذا غير صحيح وأنه يريدها لمجرد الاستحواذ عليها في غير حاجة اليها.
قد يكذب الطفل لاسقاط اللوم على ما يكرهه او يغار منه, وهو من اكثر أنواع الكذب خطرا على الصحة النفسية وعلى كيان المجتمع ومثله ومبادئه. ذلك لان الكذب الناتج عن كراهية وحقد هو كذب مع سبق الاصرار.
وقد يحدث هذا النوع من الكذب بين الأخوة في الأسرة الواحدة, وذلك بسبب التفرقة في المعاملة بين الأخوة. فالطفل الذي يشعر بأن له أخا محظيا عند والديه, وأنه هو منبوذ أقل منه قبولا في المنزل, قد يلجأ الى الكذب فيتهمه باتهامات ويترتب عليها عقابه أو سوء سمعته.
كثيرا ما يتصف الأطفال في الأسرة التي يسود فيها نوع من النظام الصارم والعقوبة الشديدة بالكذب خوفا من العقاب .. وكثيرة هي الأسرة التي تسيء الى الأبناء.. والتجربة التي تخرج بها البحوث العديدة, تؤكد لنا المرة تلو المرة أن الوالد الذي يسيء معاملة ابنه ويضربه هو نفسه كان يضرب في صغره من قبل أبيه وكان يكذب خوفا من العقاب... وهو الآن يطالب ابنه أو يجبره بالقوة على منحه الحب والثقة الذي حرمه منه والده. ومما يذكر أن أما كانت تضرب ابنتها البالغة من العمر تسعة أشهر فقط حينما كانت لا تبتسم لها عند عودتها للمنزل من عملها مرهقة مضطربة. لقد كان رد فعل الأم العفوي لعدم تبسم ابنتها لها هو ان ترى فيه دلالة على الرفض وعدم المحبة مما يجعلها تضربها بشدة.
ويسود هذا النوع من الكذب في الأسر التي يختلف فيها الآباء والأمهات في طريقة معالجتهما لمشكلات الأبناء فيشتد الأب إلى درجة مفرطة, وتلين الأم لدرجة كبيرة. ففي مثل هذه الظروف نجد أن الطفل يتفنن في الكذب وينتق من كذبة الى أخرى مستخدما ذكاءه, ولا يضيره لكي يفلت من العقاب أن يلصق التهمة ببريء سواء كان أخا له أو زميل وكل هدفه الدفاع عن نفسه.
والكذب الدفاعي هو أكثر أنواع الكذب شيوعا, وقد يلجأ اليه الأطفال, جميعا من وقت لآخر خوفا من أن تقع عليهم عقوبة ما سواء في المدرسة أو في المنزل ولكن قد يدقق على هذا النوع من الكذب, الطفل القلق نفسيا لدرجة مرضية كما يزداد كذبه كلما كانت معاملته على أخطائه قاسية.
ثمة حالة أخرى, فكثيرا ما يخدع الآباء, أطفالهم, فيكذبون عليهم في كثير من الأمور, ومن ثم يتقمص الأطفال الآباء ويلجأون الى السلوك نفسه في حياتهم وأمثلة ذلك :
أخذ الطفل الى نزهة أو سينما أو مدينة الألعاب ثم يكتشف أنهم أخذوه الى طبيب الأسنان.
أن يوعد الطفل بشراء حلوى أو ملابس جديدة أو لعبة اذا نجح في المدرسة أو في مناسبة العيد القادم.. أو في أي مناسبة أخرى يحددانها له, ثم لا يفيان بالوعد رغم نجاح الطفل أو حلول المناسبة, ويختلفا الأعذار الواهية المتكررة.. وغير ذلك.
مثل هذا السلوك من الآباء لا يغرس في الطفل اتجاها قويا نحو قول الصدق والحقيقية, والوفاء بالوعد, مما يؤثر على فرص نجاحه في الحياة في المستقبل.
ولكي نعالج كذب الطفل يجب دراسة كل حالة على حدة وتقصي الباعث الحقيقي الدافع الى الكذب, وأنه لمن المهم أيضا أن تعرف على حقيقة الأمر وعما اذا كان الكذب عارضا أم أنه عادة عند الطفل, وهل هو بقصد الانتقام والتشفي او أنه بدافع لاشعوري مرضي.
ومن المهم أن نعير سن الطفل الأهمية اللازمة فلو كان الطفل دون سن الرابعة من العمر فلا نزعج لما ينسجه خياله من قصص أو وقائع غير صحيحة ولكن يجب علينا مساعدته على إدراكه الفرق بين الواقع وبين الخيال مستخدمين في ذلك الدعاية والمرح دون أن نتهمه بالكذب أو نؤنبه على ما يؤلفه من قصص خيالية.أما اذا كان عمر الطفل بعد سن الرابعة أو الخامسة فيجب أن نحدثه أهمية الصدق وفوائده ولكن بروح كلها محبة وعطف واعزاز وقبول, دون أ ن يكون حديثنا له مغزى النصيحة والتأنيب, كما يجب أن نكون على درجة كبيرة من التسامح والمرونة اذا لجأ الى أسلوب الطفولة والخيال من وقت لآخر دون أن نتهمه بالكذب, ويكفي أن نذكره دائما بأنه قد أصبح كبيرا ويفرق بوضوح بين الواقع والخيال وبين الصدق والكذب دون لوم أو عقاب.
الطفل والخوف
كما قلنا, وقال غيرنا, إن للتربية دوراً مهماً في حياة الطفل, وأن للعامل الثقافي دوراً مساعداً في تربية الطفل.
قالت المرأة لطفلها بعد أن التَهَمَ بذورَ بعض الأشجار, إن هذه البذور ستنمو بداخل بطنك وتتحول إلى شجرة. وكانت تبتغي تخويف ولدها لكي لا يعيد التهام البذور مرة أخرى!!
إذن هذه الأم هي التي تغرس في طفلها مرض الخوف. فما هو الخوف؟ يقول علماء الأمراض النفسية والعصبية. أنه أحد الصفات الشخصية الموجودة عند الإنسان وهو في أنواعه الاعتيادية شئ طبيعي لا يستوجب القلق..ولكن في بعض الأحيان يزيد الخوف عن حده الطبيعي. مما يستوجب التشخيص والعلاج. واستناداً إلى أقوال بعض أخصائي الطب النفسي. إن القلق غير الخوف. إلا أن الأول قد يصاحب الثاني لدرجة التزامن معه فيصعب التفريق بينهما.
أن الخوف المرضي المسمى بالرهاب Phobia يتصف بأنه لا يتناسب مع الموقف ولا يمكن تفسيره؛ حيث يحاول الشخص المريض به تفادي الموقف ولكنه لا توجد سيطرة إرادية لديه ومن أهم أنواعه:
أ. رهاب الساحة: هو عادة عند الإناث أكثر منه عند الذكور حيث لا تقدر الأنثى المصابة به ترك البيت. فهي تمانع بشدة عند محاولة إخراجها مما يصيبها بهلع شديد قد يوقعها في غيبوبة الإغماء.. وتتكرر الحالة عند التواجد في أماكن مزدحمة كالباصات والسينما والمحلات العامة.
ب. رهاب المجتمع: وبه يشعر المريض بخوف شديد من الوقوف أمام المجتمع أو مقابلة رئيس العمل.
ج. رهاب الحيوانات: ويكون عند الصغار بدرجة أشد من الكبار ويكثر عند الإناث كالخوف من الفأر و الصرصور والضفدع والأفعى.
د. رهاب المرض: هو القلق والوسواس من شيء سيئ حتى قبل حدوثه. مثلا يخاف الشخص أن يصاب هو أو أحد أفراد عائلته بمرض خطير. وتخاف الأم أن تحمل سكيناً بيده لئلا تؤذي أولادها.
كذلك توجد أنواع أخرى من الخوف؛ كالخوف من الظلمة والأصوات ويكثر عند الأطفال والنساء. وكذلك الخوف من الأماكن العالية والتطلع من أعلى الجسر إلى الماء وهي ظواهر لا تدعو للقلق. أما أنواع الخوف المرضي فتستوجب العلاج تحت إشراف طبيب اختصاصي.
الطفل والخجل
أية صورة نتجلاها بتذكر وكد ذهن عن طفل. هو تلميذ صغير عاقل شاطر ولكنه منكفئ على نفسه, قد أجبر على قراءة (محفوظة في الصف) على مضض.. بعد أن أغمض عينيه, وأحاط رأسه بيديه.. لا شك أنها تأتأة وبلع ريق وحركات طائشة ونسيان للسطور!.
اذن ما الذي خان ذلك الطفل وفت بعضده وهو شاطر و (يحفظ) ما طلب منه؟ أنه بلا شك الخجل.. الذي قد يصبح حالة مرضية تستدعي التدخل.
الخجل ظاهرة طبيعية انفعالية تؤدي الى سلوك سلبي, كالانفعال الشديد. أو تحاشي النظر مباشرة الى الآخرين, أو الامتناع عن الكلام, أو الرد على الأسئلة، أو التجاء الطفل الى أحضان أمه, هذا اضافة الى صعوبة في التعبير.
لا شك أن أي انسان يمتلك مقدارا من الخجل, وهو أمر ضروري, حيث أن انعدام الاحساس بالخجل يعتبر ظاهرة شاذة وغير صحية على المستوى النفسي ولكن الخجل يصبح أمرا غير طبيعي اذا كان شديدا ويعيق نمو الشخصية ويحد من تفاعلها الاجتماعي.
يبدأ الخجل عند الصغر, حيث يبدأ الطفل منكفئا على نفسه, واذا وضع ذلك الانكفاء من قبل الوالدين في حسابات بسيطة, فينتهي الطفل هاربا من الآخرين؛ حيث أن الأطفال جميعا يمرون بفترة من الشعور بالخجل وخاصة عند الاختلاط بالأجانب, ولكنهم مع تدخل الآباء في اجراء تغيرات اجتماعية. كالتفاعل الاجتماعي وتعليم الأبناء فن التحدث مع الآخرين وفن الاستماع والرد وأصول المحاورة والحديث, فانهم يتخلصون من الخجل.
أما اذا لم يتدخل الوالدان, فسيكون الخجل حينئذ وسيلة للهروب من الاحتكاك الضروري بالحياة الاجتماعية, فيغيب التفاعل وتظهر مكانه العزلة وتضيع الشجاعة لتبرز المواقف المحرجة, وعدم القدرة على التكيف, وهذه الصفات السلبية تنمو في كل مظاهرها العاطفية والسلوكية مع الطفل حتى يكبر.
من هنا, نخلص الى القول أن جذر الخجل يكمن في التربية العائلية ولعله في أدواره الأولى يكمن كالبذرة في نفسية الطفل, فتنمو عبر عملية تطور السلوك الاجتماعي. وتتخذ لها مظاهر شتى, وتنمي استجابات محددة لمواقف معينة.
أن للعوامل المحيطة خصوصا البيئة العائلية والتربوية الأثر الأكبر في نمو شخصية الطفل وتشكيلها واتخاذها وجهة محددة.
الطفل والرسم
الرسم وسيلة للتعبير يعرفها الطفل في مراحل نموه الأول, فإذا أعطى الطفل ورقاً وقلماً فإنه يقوم في الحال بعمل خطوط بطريقة ما, هذه الخطوط تعبر عن شئ معين من وجهة نظره. وفي الواقع, فإن الرسم كوسيلة للتعبير عن الطفل, يسير في خطوط متوازنة مع باقي وسائل التعبير عند الطفل وهي اللغة واللعب, والطفل يحاول باستعمال هذه الوسائل التعبيرية الثلاث؛ اللغة واللعب والرسم, أن يصل إلى مستوى الكبار وأن يسترعي انتباههم. والطفل يعبر عن الصورة كما يراها وكما يتصورها, وكما ترمز إليه من خلال ذاته. فقد يرسم خطاً فإذا سألناه ما هو يقول أنه بحر, ومرة أخرى يقول أنه شجرة, ومرة ثالثة يقول أنه باب وهكذا.
لقد وجد الباحثون صعوبة في عزل القدرات الأدبية عن قدرات الطفل الفنية حيث أن الطفل يستخدم الغناء وترديد الكلمات مع رسوماته, وهو يدخل مجال التعبير الأدبي. إذن – وكما ذكرنا فهناك توازن بين نمو وتطور استخدام اللغة والرسم عند الأطفال, حيث أن ذلك يمر بسبع مراحل نوجزها بما يلي:-
مرحلة الخطوط: وهي تقابل مرحلة الصراخ ,وهي مرحلة تكاد تكون منعكسة أي فيها يقوم الطفل بحركات غير مقصودة.
مرحلة الشخبطة: وهي تقابل مرحلة المناغاة, وهي تشمل مجموعة غير منظمة من الخطوط, لا تمثل أي شئ من وجهة نظر الطفل.
مرحلة "الشخبطة" بالألوان: وهي تقابل مرحلة المناغاة التي تنطوي على شئ من القصد, وفيها يحاول الطفل أن يمثل المكان في الرسم ويرى بعض الباحثين؛ أن الطفل يعبر عن حبه للتدريب والنظام في هذه المرحلة خلال الرسم.
مرحلة الرسم الرمزي: وهي تقابل مرحلة الكلمة الواحدة التي تقوم مقام الجملة الواحدة. فالطفل إلى سن 3 أو 4 سنوات, لا يزال خاضعا لمركزية الذات, فهو لا يرسم ما يرى بل ما يعرفه عن الشيء وهو عاجز عن إدراك الحجم أو المنظور. فالصور التي يرسمها هي إضافة صفات منفصلة, بعضها إلى بعض بدون رابط منظم.
مرحلة الرسم الاجتماعي: وفيها يكون الرسم من الممكن تشخيصه وتسميته وهذه المرحلة توازي مرحلة الجملة المكونة من عدة كلمات ثم الجملة المركبة حسب قواعد النحو.
مرحلة البيت الشفاف: حتى سن 4 سنوات لا يهتم الطفل بالنموذج الخارجي قد يرسم رأساً جانبياً على جسم مواجه أو جسماً تحت ملابس؛ وهذا يسمى بالواقعية المنطقية.
في المرحلة السابعة:يهتم الطفل بالحياة الواقعية فيهتم بالأشخاص والحيوانات والأشياء المألوفة وفي إمكانه أن يرسم من مخيلته القصص التي يسمعها.
الرسم والذكاء
هل هناك علاقة بين الرسم والذكاء؟ لقد أجريت بحوث كثيرة في هذا الموضوع. من أهمها البحث الذي قامت به الباحثة "جودانف" وانتهى بها إلى إعداد اختبار ذكاء (أو رائز). وهو يتضمن مجموعة من الأسئلة أو المسائل المختلفة أو الرسوم والأشكال الهندسية؛ يطلب عادة من الطفل الإجابة عليها ضمن شروط معينة بالنسبة للوقت المحدد والسن.
ويعتبر اختبار أو رائز الذكاء هذا باختبار رسم الرجل. وفيه يطلب من الطفل أن يرسم رجلاً وتعطى درجات على الأجزاء المختلفة الموجودة في الرسم. كما تعطى درجات على التناسب والمنظر الجانبي إلى غير ذلك ويلاحظ أن هذا الاختبار لا يهتم بالنواحي الفنية أو الجمالية وإنما يهتم بوجود التفاصيل وتناسبها.
وتبنى الفكرة الأساسية في استخدام فكرة الرجل. كاختبار للذكاء. على أن الطفل العادي أثناء نموه, يستطيع أن يدرك نفسه, وان يدرك الآخرين بطريقة غير مقصودة في ذاتها, وانه عن طريق الرسم يسقط هذه المدركات. فبعض الباحثين يرى أن الذكاء يشمل ضمن ما يشمل, القدرة على إدراك الأشياء العادية وموضوعات الخبرة اليومية بطريقة غير مقصودة. وهذا الاختبار يستخدم كثيراً في العيادات النفسية ويعتمد عليه إلى حدٍ ما.
كذلك فأن الطفل يحاول خلال الرسم, التعبير عن نفسه, عن دوافعه وصراعاته ومشكلاته وآماله. بعبارة أخرى تتم عملية إسقاط مكبوتات الفرد خلال الرسم, تلك المكبوتات التي لا يستطيع التعبير عنها مباشرة لوجودها في العقل الباطن واللاشعور.
ومن هذه المعلومات عن دراسة لرسوم الأطفال للكشف عن أخيلتهم المعبر عنها فيها, تطغى على دراسة نشاطهم الفني في المجالات الأخرى. بتعبير آخر فأن رسوم الأطفال ذات أهمية تربوية وسيكولوجية كبيرة باعتبارها دلائل واضحة على خصائص مرحلة النمو العقلي لا سيما في مجال الخيال أثناء الطفولة. اعتماداً على الاستقراءات السابقة, فقد حظيت تعبيرات قدرات الطفولة الخيالية وبخاصة الرسم, بعناية الباحثين وذوي الاختصاص وأغنيت بالدراسات العلمية والسيكولوجية على الأصعدة النظرية والميدانية.
من الضروري, لكي يخرج الطفل من ركام بيته معافى, أن ندعه يتلمس ما يحيط به بأصابعه هو لا بأصابع غيره. ذلك نمط تربوي اتبعه المربي سيزاك. حينما ترك الطفل يرسم على سجيته وبمبادراته الفردية العفوية دون تدخل أو توجيه يبديه الكبار المحيطون به, لتتجلى ذاتيته العفوية.
فالاهتمام بالطفل, يعني المواءمة بين التعبير الحر للأطفال في رسومهم وبين التوجيه الخارجي لهم. حيث أن الضغط ونقل الخبرات كما هي أمر مغلوط فكما لا يسع الأم إجبار طفلها على التهام طعام عافته نفسه, كذلك لا ينبغي للمربين فرض نمط من التربية والتفكير على طفل تراه يتململ من ذلك النمط وتتراخى معه سبل القناعة به.