أنت تحبين الاخضر وهو لا يطيقه، يمشي بخطوات سريعة بينما أنت بطيئة، أنت تحبين الناس والكلام وهو يميل الى العزلة، أنت عصبية وهو هادئ.. هكذا انتما دائما لا تتفقان حول شيء،
صحيح انها تفاصيل صغيرة، لكنها تؤدي مع الوقت الى خلافات تعكر المزاج وتفسد مشاعر الانسجام. فكل منكما في واد ويحاول جذب الحبل لناحيته لكي يكسب، والسؤال: هل يتوه الحب والاستقرار وسط لعبة «شد الحبل» بين الزوجين؟ وهل المطلوب التوافق والتشابه الدائمان لتسيير دفة مركب زواج هادئ دون عواصف؟
مشاحنات بالإحصاءات
ان الارقام تؤكد ان 60% من اسباب المشاحنات بين الازواج ترجع الى عملية الشد والجذب، والحقيقة انه لا توجد حياة زوجية خالية من المشاكل، خاصة في سنوات الزواج الأولى، حيث يكتشف كل من الزوجين ان لكل منهما مزاجه وأفكاره وآراءه واساليبه في النظر الى الامور وتحليلها. وما يزيد الطين بلة ان الطرفين يتعرضان في عصرنا هذا الى تعقيدات الحياة وضغوطها التي لا حصر لها، فيستخدم كل طرف الآخر كمتنفس أو «فشة خلق» فيعاندان ويكابران ولا يتفقان حول أمر واحد.
أبجدية المعرفة
ان ما يحصل واقع لا مفر منه. فالرجل لا يقبل الاشياء كما تقبلها المرأة، كما لا ترفض المرأة الاشياء كما يرفضها الرجل وهكذا.. وهذا ليس مدعاة للاستغراب اذا ما ادى الى نزاعات، فذلك يحدث قبل ان تتفاعل ابجدية المعرفة بين الزوجين وقبل ان يتعلم كل منهما كيف يضبط مشاعره وسلوكه وايقاع حياته ليتماشى مع الطرف الآخر، ويدرك بعمق مفاتيح شخصيته.
و «الغريب ان معظم الرجال والنساء العرب يختارون الشريك المختلف عنهم اختلافا كبيرا، اي أن كل واحد يسعى للبحث عن نقيضه وكأن كل طرف يتعلق بفضائل الطرف الآخر من دون التفكير بعواقب ما قد يحصل لاحقا. لذا يفضل ان يندمج الطرفان اندماجا كليا يخفف من اندفاعهما مستقبلا في ممارسة لعبة «شد الحبل».
إغاظة الحبيب
ان المولى عز وجل خلقنا من ذكر وأنثى، كائنا بشريا له حقوق وعليه واجبات، والمحصلة انهما متكاملان وليسا متناقضين، اي ان كلا منهما يكمل الآخر وادوارهما قد تتشابه في اشياء وتختلف في اشياء أخرى، فمثلا في تربيتهما لاولادهما تتشابه ادوارهما في واجب رعايتهم والاهتمام بهم، لكنهما يختلفان في دوريهما الاجتماعي والنفسي، فالأم مطلوب منها الحب والعطف والحنان، بينما المطلوب من الاب الحكمة والحسم. في الوقت نفسه يحتفظ كل منهما بصفاته وكيانه وشخصيته وفوق كل ذلك ثقته بنفسه التي تسمح له بممارسة لعبة شد الحبل لاثبات موقف واحيانا «لاغاظة الحبيب».
حكمة الاختلاف
الاختلاف الذي يؤدي الى التناغم بصورة متفق عليها بين الزوجين. وعدم التطابق هنا حكمة، اذ يصبح كل طرف محتاجا لوجود الطرف الآخر بما يمثله من صفات حتى تستمر حياته وتزداد تجربته الشخصية.
إياك ووهم التطابق
مع استمرار الحياة الزوجية قد يتناسى الزوجان اختلافهما ويعيشان في وهم انهما متطابقان كنفس واحدة، والحقيقة انه لا توجد شخصيتان متطابقتان 100%، بل يمكن القول ان هناك نوعا من شبه الاتفاق على تغاضي الهفوات والتكابر لتقديم التنازل عندما يحاول احد الطرفين جذب الحبل نحوه، وهو ما يطلق عليه «وهم التطابق».
«نعم» : «في البداية يخسر كل من الزوجين استقراره الدائم مع الطرف الآخر، طالما انهما يمارسان لعبة «شد الحبل» في كل صغيرة وكبيرة، وهذا بدوره قد يزعزع مشاعر الود والثقة بينهما، الهم الاكبر هو الطفل الذي يطبق ما يفعله الآباء وليس ما يقولونه فمع اختلاف وجهات نظر كل من الزوج والزوجة، تتمزق شخصية الطفل وبعد صراع يميل الى من يفضله ويتبع ارشاداته، ما يؤدي الى تكوين احزاب صغيرة في البيت الاسري».
نصائح لأصول «اللعبة»
حتى تنتهي لعبة «الشد والجذب» بين المتزوجين لصالح الاسرة والاستقرار العائلي على الزوجة ان تستمع للنصائح التي وضعتها مجموعة من اساتذة الطب النفسي وهي:
* اعلمي ان الحب بين قلبين اصبحا شريكين في الرأي والطريق يلفه الشعور بالمسؤولية، لذا احفظي مسؤولياتك واحرصي على اتمامها بأسلوب سليم.
* أنت وحدك مسؤولة عن سعادتك ومفتاحها بداخلك، فالاختلاف لا يعني الخلاف والتغاضي، والتنازل من شيم الكبار.
* لا بد من تحكيم العقل والصراحة وليس تحكيم العواطف وحدها.
* لا مانع من الاعتذار عما بدر في حق الآخر. مع ضمان الاحترام وعدم التعدي والتعامل بعقلانية في كل موقف.
* كل مشاكلك لها حلول اذا وضعت في حسبانك انك تتعاملين مع شريك حياتك، كأخت وأم وصديقة، تلفتين نظره بهدوء وعطف وتسامح وحب الى ما تعترضين عليه.
* وفري لعائلتك الرغبة الجادة في تكوين أسرة، مع احساس كل منكما بالمسؤولية المطلوبة منه.
* لا مانع من التعرف على الاشياء التي تفرح شريكك والأخرى التي تضايقه، وعمل نوع من الموازنة الحياتية النفسية، بتقديم تنازل ليحدث التقارب.
* لا تتوقعي ان يقوم شريك حياتك بكل شيء بنفس طريقتك أو ان تكون ردود أفعاله مثلما تريدينها.. هذا غير موجود وغير ممكن.
* تخطئين كثيرا لو حكمت على سلوك شريكك بميزان الخطأ والصواب، فالفوارق الصغيرة بينك وبينه سلوك عادي وليس اختلافا لا حل له.
* بدون التوافق أو التناغم لن يحدث تقارب بينكما، وسيتحول الخلاف الى نقمة فظيعة قد تقضي على مركب حياتكما الزوجية.
* عليك بالتخلي عن سوء الظن من تفكيرك تجاه زوجك، فهو يتصرف بطبيعته، ولا يتعمد الظهور بصورة أخرى.
* تذكري ان طباع زوجك من الاشياء المهمة التي جعلتك تتعلقين به وتتزوجينه.
* لكل منا سلبياته وايجابياته، فلا داعي للتركيز على السلبيات وحدها، فما ترينه غير مناسب في شريك حياتك قد يكون عنصرا مفيدا لحياتكما.
* لا ترتبطي بزوج لا تعجبك صفاته على أمل تغييره في المستقبل.. هذا وهم كبير.
* بالحب تنسين التناقضات وتتوفر الثقة وحسن النية.
* تخيري الاسلوب اللائق عندما تتحدثين عن سلبيات زوجك، وليكن ذلك بهدف الاصلاح وليس التوبيخ أو التقريع.
* أحيانا كثيرة يكون الاختلاف في الرأي والشد والجذب اعراضا لمشكلة أخرى، وهي نقص التواصل الفكري بينكما ومرات يكون الرفض احد أنواع الانتقام النفسي لجرح قديم سببه الزوج. لذا حلي مشكلتك قبل ان تتفاقم اكثر.
* الرسالة وصلت جملة ترددها الزوجة المحبة لزوجها عندما توافقه الرأي أمام الابناء رغم اعتراضها الضمني، فلا بأس من استخدامها بين وقت وآخر.
فينوس @fynos
محررة ماسية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️