أنت مسافر ! فما زادك ، وأين راحلتك...؟?

المشاريع والافكار التجارية الشاملة

إنَّكَ في هذهِ الحياةِ مُسافِرٌ إلى الله؛ فهلْ تُطيقُ السَّفَرَ في ظُلمَةِ الليلِ، وضعْفِ الرَّاحِلةِ، وانعِدامِ الأنيسِ، وفُقدانِ الدليلِ، وقِّلةِ الزادِ؟! إنَّكَ مالَمْ تتخِذْ صَاحِبًا ودلِيلًا، وتتزودْ زادًا كافِيًا وسلِيمًا، وإلا مللتَ المسِيرَ، وضللتَ الطريقَ، وسقطتَ في وسطهِ .

وفي غمرةِ البحثِ، وكثرةِ الطُّرقِ، واختلافِ المزاودِ والرواحلِ لن تجدَ كالقلبِ السليمِ، المملوءِ باليقينِ، والصلةِ بالله، راحلةً لا تنقطِعُ أبدًا، ولنْ تجدَ زادًا كزادِ التَّقْوى، لا تُنفِقُ منهُ إلا ربا أضعافًا مُضاعفةً، ولن تجدَ كالعلمِ الصحيحِ يهديكَ في ظُلماتِ الليلِ البهيمِ؛ فهذهِ راحتُلكَ، وهذا زادُكَ، وهذا دلِيلُكَ.

إنَّ الواقِعَ الذي يعيشُهُ العبدُ قد يقطَعُ عليه الطَّريقَ، ويحولُ بينهُ وبينَ ما يصبُوا إليهِ من طاعَةِ اللهِ وعبادَتِهِِ، والاستقامَةِ على دِينِهِ، بل رُبَّما حملهُ هذا الواقِعُ على فِعلِ ما يكْرَهُ، وتركِ ما يُحِبُّ، وإنَّ نظراتِ الآخرِينَ، وكلماتِهِم، وأفعالَهُم قد تكونُ حائلاً عظِيماً بينَ العبدِ وبين الاستمرارِ في طريقِ النجاةِ، ولكنَّ الله رحِمَ عِبادَهُ، وجعلَ لَهُم مَّن الزادِ والغذاءِ ما يُعينُهم على تحمُّلِ ذلكَ كلِّه، ويسلِّيهِم في سفرِهِم إليه، ويُغنِيهِم عن كلِّ شيءٍ؛ فأولُّ ذلكَ الصِّدقُ معَ الله، وإخلاصُ العملِ لهُ دونَ سِواهُ؛ فالصدقُ سيفُ اللهِ في الأرضِ، ما وقعَ على شيءٍ إلا قطَعَهُ {يا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}، ولَنْ تكُونَ صادِقًا إلا بِعِلْمِ صحيحٍ، وعملٍ صالحٍ، قالَ تعَالى {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً ولا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أحَداً}، ثُم الرُِّفقَةُ الصَّالِحَةُ التي تُعينُ على الحقِّ وعلى الصبرِ، قالَ تعالى {والعَصْرِ، إنَّ الإنسَانَ لفِي خُسْرٍ، إلا الذِينَ آمَنُواْ وعَمِلواْ الصَّالِحَاتِ، وتَواصَواْ بِالْحَقِ وتَواصَوا بِالصبرِ}، ثُم الدُّعاءُ ، وهو بابٌ عظيمٌ من أبوابِ النجاةِ في هذا الطريقِ الطويلِ {إياكَ نعبُدُ وإياكَ نستعينُ ، اهدِنَا الصِّراطَ المستقيمَ ..}، {وإذَا سألَكَ عبادِي عَنَّي فإني قريبٌ أُجيبُ دَعوةَ الداعِ إذا دعان..} فكيف شعورُكَ ومن أنتَ مُسافِرٌ إليه قريبٌ منكَ يجيبُ دُعاءك، ويكشِفُ ضُرَّكَ؟! ثم إذا بَذلتَ السببَ فتوكلْ على الله، وتبرأْ من الحولِ والطولِ، وأكثِرْ من قولِ (لا حولَ ولا قُوةَ إلا بالله).

فتفقدْ راحلتكَ ، وتزودْ لسفركَ، وانزعِ الغِطاءَ عن عينيكَ، وارفع الْحُجُبَ عن قلبِكَ وأُذُنيكَ، حتى تكونَ ممن يُقالُ فيه {مَنْ خشِيَ الرحمنَ بالغيبِ وجاءَ بقلبٍ منيبٍ ادْخُلُوها بسلامٍ ذلكَ يومُ الْخُلودِ لَهُم مَّا يشاؤنَ فيها ولدينا مزيدٌ}.






بقلم الشيخ الدكتورعبد السلام بن إبراهيم الحصين


المصدر / منابر الدعوة

.
.
.
4
547

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

همس _المشاعر
همس _المشاعر
جزاك الله خير
عنـوده
عنـوده
جزاك الله خير اختي :)
q_jl_j_c
q_jl_j_c
الله يجزاك عنا خير اختي
سبدرا1392
سبدرا1392
جزاااااااااك الله كل خير
وجعله الله في موازين اعمالك