☆●○أنت من يؤخر النصر عن هذه الأمه●○☆

الملتقى العام

بينمــا كنت مهموماً أتابع أخبار المسلمين وما أصابهم من مصائب، خاطبتني نفسي قائلـــة : يا هـذا، أنــــت من يؤخـر النصر عن هذه اﻷ‌مة، بل وأنــــت سبب رئيسي في كل البﻼ‌ء الذي نحن فيه! قلت لها: أيا نفسي كيف ذاك وأنا عبد ضعيف ﻻ‌ أملك سلطة وﻻ‌ قوة، لو أمرت المسلمين ما ائتمروا ولو نصحتهم ما انتصحوا… فقاطعتني مسرعة: إنها ذنوبــــــــــــــــك ومعاصيـــــــــــــــك، إنها معاصيك التي بارزت بها الله ليﻼ‌ً ونهارا… إنه زهدك عن الواجبـــــات وتساهلك في المحرمـــــــــات…قلت لها: وماذا فعلت أنا حتى تلقين علىّ اللوم في تأخير النصر؟ قالت: يا عبد الله والله لو جلست أعـدُّ لك ما تفعل اﻵ‌ن لمضى وقت طويل، … فهل أنت ممن يصلون الفجــــــر في جماعــــة؟ قلت: نعم أحيانا، ويفوتني في بعض المرات…قالــت مقاطعة: هذا هو التناقض بعينه، كيف تدّعي قدرتك على الجهاد ضد عدوّك، وقد فشلت في جهاد نفسك أوﻻ‌ً، في أمر ﻻ‌ يكلفك دما وﻻ‌ ماﻻ‌ً، ﻻ‌ يعدو كونه دقائق قليلة تبذلها في ركعتيــــــن مفروضتين من الله الواحـــد القهار, …كيف تطلب الجهاد، وأنت الذي تخبّط في أداء الصلوات المفروضة، وترك صﻼ‌ة الجماعة، وضيّع السنن الراتبة، ولم يقرأ ورده من القرآن، ونسي أذكار الصباح والمساء، ولـــم يترك الغيبـــــــة، ولــم يكن بـــــــارّاً بوالديه، وﻻ‌ واصﻼ‌ً لرحمه؟ وأهمل عمله, واستمـــــــــرأ النظــــــــــــــــــر إلى محرمات في صحف أو شاشـــــــات، وأدخـــــــــــــل المفسدات، وتلهى بالطـــــــــــــرب, وقصَّــــــــــــــــر في واجـــــــــــــــــــــــب اﻷ‌مر بالمعروف والنهي عن المنكـــــــــــر والدعـــــــــــــــــــوة إلى الله، وانشغــل بالتُـرَّهَـــــــــــــــــات.واستطــــــــردت: كيف تطلب تحكيم شريعة الله في بﻼ‌دك، وأنت نفسك لم تحكمها في نفسك وبين أهل بيتك، فلم تتقِ الله فيهم، ولـــــــم تدعهم إلى الهدى، وتبعــــــــــــــدهـم عن المحرمات، ولم تحرص على إطعامهم من حﻼ‌ل، فبعــــت ما فيه منكرات، وكذبت وغششت وأخلفـــــت الوعد فاستحققت الوعيد…قلـــــــت لها مقاطعاً: ومــا لهــــــــــــذا وتأخيــــــــــــــــر النصر؟ أيتأخر النصر في اﻷ‌مة كلها بسبب واحد في المليار؟ قالــــــــت: آهٍ ثم آهٍ ثم آه، فقد استنسخت الدنيا مئـــــــات المﻼ‌يين من أمثالك إﻻ‌ من رحم الله… كلهم ينتهجون نهجك فﻼ‌ يعبؤون بطاعة وﻻ‌ يخافون معصية وتعلل الجميع أنهم يطلبون النصر ﻷ‌ن باﻷ‌مة من هو أفضل منهم، لكن الحقيقة المؤلمة أن الجميع سواء إﻻ‌ من رحم رب السماء…أما علمــت يا عبد الله أن الصحابة إذا استعجلوا النصر ولم يأتهم علموا أن بالجيش من أذنـــــب ذنبا..فما بالك بأمــــة واقعة في الذنوب مــن كبيـــــرها إلى صغيـــــرها ومــن حقيرها إلى عظيمها… أﻻ‌ ترى ما يحيق بها في مشارق اﻷ‌رض ومغاربها؟؟؟ بـــــــــدأت قطــــــــرات الدمع تنساب على وجهي، فلم أكن أتصور ولو ليوم واحد وأنا ذاك الرجل الذي أحببت الله ورسوله وأحببت اﻹ‌سﻼ‌م وأهله أننــــي قد أكون سببــــــــــــــــــــــاً من أسباب هزيمة المسلمين…وأننـــــي قد أكــــــــــــــــون شريكـــــــــــــــــــــاً في أنهار الدماء المسلمة البريئة المنهمرة في كثير من بقاع اﻷ‌رض… لقد كان من السهل علي إلقاء اللوم على هذا أو ذاك… لكنني لـــم أفكر فـــــــــــي عيبي وخطئي أوﻻ‌ً…ولم أتدبــــــــــر قول الله تعالى إن الله ﻻ‌ يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). فقلـــت لنفسي: الحمد لله الذي جعل لي نفساً لوامـــــةً، يقسم الله بمثلها في القرآن إلى يوم القيامة… فبمـــــــــــــاذا تنصحيـــــــــــــــــــــن؟ فقالــــــــت: ابدأ بنفسك، قم بالفروض فصلِّ الصلوات الخمس في أوقاتها في الجماعــة، وادفع الزكاة, وإياك وعقوق الوالدين، تحبّب إلى الله بالسنن، ﻻ‌ تترك فرصة تتقرّب فيها إلى الله -ولو كانت صغيرة- إﻻ‌ وفعلتها، وﻻ‌ تتــرك سنة نبيك عليه الصﻼ‌ة والسﻼ‌م وهديه في أي أمر, وتذكر أن تبسّمك في وجه أخيك صدقة، وأخلص في عملك وأتقنه, وﻻ‌ تدع إلى شيء وتأتـي بخﻼ‌فه، وﻻ‌ تطالــب برفع راية الجهـــاد وأنت الذي فشل في جهاد نفسه، وﻻ‌ تلقِ اللوم على اﻵ‌خرين تهرّبــــاً من المسؤولية، بـــــــــــل أصلح نفسك وسينصلــح حال غيرك، كـــــن قدوةً في كل مكان تذهب فيه,…واجتهـــــد في دعـــــــــــــوة الغير ونشــــــر وسائل الخير,...…وبعدها اسأل الله بصـــــدق أن يؤتيك النصر أنت ومن معك وكل من سار على نهجك، فتكون ممن قال الله فيهم: (إن تنصـــــروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)....واعلـــــــــــم أن كــــــل معصية تعصي الله بها وكــــــل طاعة تفرّط فيها هي دليـــــل إدانــــــــــــة ضدّك في محكمــــــة دمــــــــــــــاء المسلمين اﻷ‌برياء… فرفعت رأسي مستغفراً الله على ما كان مني ومسحت الدمــــع عن وجهي… وقلت يا رب…إنهـــــا التوبة إليك…لقد تبت إليك. ولنفتح صفحــــــــــــــــــة حياة جديــــــــدة…بدأتها بركعتين في جوف الليل…أسأل الله أن يديم عليّ نعمتها.
0
700

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️