أنـــــا مـــــلـــــكـــــة...

الملوك والأمراء من منظور الإنسان العادي هم أهل الثروات الطائلة، يسكنون أفخم القصور،

يلبسون أغلى الأنواع من ملابسٍ ومجوهراتٍ وأحذية، يركبون أفخم السيارات وأغلاها ثمناً،

يقتنون طائراتٍ خاصة حتى يتفادوا ازدحام المطارات والإجراءات التي لها بداية ولا تنتهي إلا

وقد قطعت شوطاً طويلاً من التعب والملل لإنهاء الاجراءات اللازمة...

ملوك الدنيا وأُمراؤها لهم عادات وتقاليد والتزامات صارمة داخل حدود قصورهم لا يطلع عليها

ولا يعرف حيثياتها إلا الطبقة القريبة جداً من حياتهم وأحداثها...

يا ليت الملك هو فقط من يملك السلطة والمال والقصور والسيارات والطائرات الفارهة فهذا ليس

ملكاً له بل هو مُلك وهبه الله سبحانه وتعالى إياه وولاه إياه ليتصرف فيه بما يرضي الله، جعله الله

أمانة في عنقه حيث عجزت الجبال عن تحملها ولكن تحملها الإنسان... فهل أدى حق الله والعباد

في هذه الأمانة!!!...

المُلك الحقيقي هو أن تملك نفسك التي بين جنبيك...تتوجها بتاج الأخلاق الراقية وتلبسها ثياب

التواضع لكل صغيرٍ وكبير، غنيٍ وفقير...المُلك الحقيقي هو أن تملك لسانك عن الخوض في القيل

والقال والغيبة والبهتان...المُلك الحقيقي هو نفعك وفائدة وجودك في محيطك الذي تعيش فيه

تبر والديك، تصل أرحامك، تحترم حق جارك وتكرم ضيوفك...المُلك الحقيقي هو أن تتأنى في كل

ردة فعل تجاه موقفٍ معين حتى لا تتسبب في نطق كلمات سيئة أو القيام بأفعالٍ تجرح الطرف

الآخر جرحاً لا يستحقه منك ولكن تهورك تسبب في إضعاف العلاقة أو ربما قطعها مع هذا

الشخص ولكن لماذا؟؟؟...لسببٍ تافه لم تحكم عقلك قبل أن ينطق لسانك وتبطش يدك...

المُلك الحقيقي هو أن تكون سبب سعادة من حولك لأنك تملك مفاتيح سعادتهم وتعرف كيف وأين

تستخدمها...المُلك الحقيقي هو القدرة الشجاعة والمبادرة الصادقة لإصلاح غلطةٍ تسببت بها

وراجعت نفسك وحاسبتها قبل أن يحاسبك ملك الملوك...المُلك الحقيقي هو امتلاك القدرة على

المبادرة والسعي في كل طريقٍ لا ينتهي إلا برضى الله واتباع سنة نبيه محمد صلى الله عليه

وسلم وجنةٍ عرضها السماوات والأرض...المُلك الحقيقي هو أن امتلك قلب أمي وأبي ببرهما

والسهر على راحتهما وأيضاً أن امتلك قلباً امتلأ بمحبتي والدعاء لي في ظهر الغيب...

المُلك الحقيقي هو أن أملك السيطرة على نفسي في أي محنة تمر بي ولا أسلم نفسي للشيطان

الرجيم يرمي بي بوسوسته يُمنةً ويُسرة...بل امتلك رفع يدي لمن رفع السماء بلا عمد لكي يرفع

عني ما حل بي من بلاء...المُلك الحقيقي هو امتلاك الوقت المتاح لي في هذه الدنيا الفانية لكي

أجهز به حقيبة سفري للحياة البرزخية حيث يعود عني المال والولد وأُترك وحيداً في تلك الحفرة

وأنا امتلك القرار في كيفية تحويل هذه الحفرة إلى روضة من رياض الجنة لا حفرةً من حفر

النيران...

المُلك الحقيقي هو أن أمتلك القدرة على مد يد العون لكل من يحتاجني دون أن يطلب هذا مني

وأن أبذل قصارى جهدي في قضاء حاجته أياً كانت حاجته...المُلك الحقيقي هو أن أمتلك قرار

انقاذ شخصٍ تجرفه طرق الشيطان وتتلاعب به شياطين الإنس لأعيده إلى جادة الصواب...

المُلك الحقيقي هو أن امتلك يداً حانية أمسح بها على رأس يتيم، أو أمدها لإطعام مسكين...

المُلك الحقيقي هو أن أمتلك خصلة إماطة الأذى عن الطريق...

المُلك الحقيقي هو أن أكون أنا ملكةً في حياتي امتلكها واستعملها فيما يرضي الله...

أنا ملكة أعيش في قصور قلوبٍ مُحبة، ارتدي ثياب الإحسان في العبادة والإحسان إلى خلق

الله...أنا ملكة وأعيش حياتي على هذا الأساس لكي أنال خيري الدنيا والآخرة وجنةٍ عرضها

السماوات والأرض بمحافظتي على كل شيءٍ ملكني إياه ملك الملوك عزوجلّ شأنه...