~ أنين الوردة ~ مشاركة في مسابقة رسائل إنسانية

نافــــــــــــــــذة ~
كم من مآسي تختفي خلف تضاريس الحياة اللامرئية ..
لو تكشفت لبكت لها عين الإنسانية وتصدّع قلبها ..!
وكم من فواجع تفجر المواجع وتزلزل الكيان ..
يحضرها ويراها كل يوم ألف شاهد عيان ..!
... ... ... ...
حكايات يكرر فصولها الزمن ..
منها مايحيي معاني الإنسانية ...
ومنها مايغتال الإنسانية ويهوي بها إلى قاع العدم ..!
قصص تطرق أسماعنا ... وأخرى نراها .. نشهد فصولها ..
أو قد نكون جزءاً منها ، أو ننفعل بها .
وحين تنفعل إنسانية الإنسان..
بمعاناة أخيه تتحرك دواعي الاستجابة وتنبثق عنها فعال الخير ..
زخات من جود النفس ؛ تتآزر لكشف المحنة ..
عن المعذبين في الأرض.
... ... ... ...
صور شتى من المآسي ترسمها ريشة الحياة على جدران الزمن :
صغير اً يتيماً كسيراً زائغ النظرات ، يشعر بالضياع ،وينتظر يداً تنتشله
وقلباً يحتويه بالحنان وحضناً ترد عنه غائلة الزمان ..
فقير اً .. مسحوقاً تحت وطأة الحاجة والحرمان ..
قلوباً .. تخفق تحت خيام العراء ..تشردت من ديارها وفقدت كل ماتملك ..
دماء تُراق.. وحقوقاً تُنتهَك .. !
وشهداء مجهولين يسطرون على جبين الغياب تضحياتهم ..
لم يشهد موتهم قريب .. ولم يوارهم الثرى حبيب .




رســـــــــــالتي ..إليـــــــــــــك ..
أخيتي الثكلى ، وأنينك يذكيه نبض الحنين ، وجراحك لم تزل نديّة ..
وأنا أقف عند باب أحزانك بوجل ، وحروفي تتلعثم مخارجها على الورق ..
أريق تمتماتي حتى استجمع شجاعتي ، وألملم أطراف كلماتي ..
وألتمس نبضاً فيك قادراً على أن يستقبل ومضات التشافي
فأنفذ منه إلى جذور أوجاعك لأستلّها ..
وإلى عمق جراحك لأبلسمها ببرد الإيمان ..
أقرأ الآن في عينيك أمواج الأسى متلاطمة ..
تصاعدت من قاع محيطك الموار بالفجيعة ..
لاتضيعي وتغرقي وتبتلعك الأمواج ..
وألقي سمعك إلى حروف إنساني ..
... ... ... ...
إن لنا ربــــــــــاً رحيـــــــــــماً ودوداً شفـــــــوقاً ..
فمدي إليه يديك ، وانشدي عونه، واستجيري به ..
وتوسلي إليه بدعوة صادقة ليزور قلبك نوره
فيغمره بالغبطة والسلام ،
ويغسل همومه بمياه الوعي والرحمة..
ويلامس جراحك بالسكينة والشفاء..
فـــــرّي إليه منك... يأويـــــــك إليه..!
واستنجديه مما بك ..ينجدك..!
هو الله تعالى أقرب إلينا من حبل الوريـــــــــــد ..
... ... ... ...
أختي المبتلاة بفقد أعز من سكن الروح وملك أقطار النفس
أرواحنا جميعاً هبة علوية من روح الله ..
استودعها إنساننا .. إلى أجل مسمى ..
والوديعة لابد أن تعود يوماً إلى المودع مهما طال الزمن..
فلا تغيبن عنك هذه الحقيقة خلف غاشية الأحزان ..!
قيل وصدق من قال :
وما المال والأهلون إلا ودائع .. ولا بُّد من يومٍ تُردُّ الودائعُ
... ... ... ...
وأذكرك ونفسي أن قضاء الله تعالى وقدّ ره ..
وأعمارنا وآجالنا ..
نقشت في صفحة حياتنا قبل أن تكتب سطورها دنيانا ..
ونحن لم نزل أجنة في بطون أمهاتنا..
وما كتب فقد رفعت عنه الأقلام وجفت الصحف .
... ... ... ...
تيقني أن الابتلاءات ..جزء من الحياة ..
لتمحصنا وتصقلنا كما يصقل الحجر الجوهر ليكشف نقاء معدنه ..
وإن الموت حقيقة تستدعي منا الرضا ليسكب السكينة
فهل نحن إلا عبيداً لله ..؟ ! والعبد يرضى بما قدّ ره مولاه..؟
فاجنحي إلى فيء الرضا والتمسي ظلاله ..
ولا تركني عند وادي الجزع فيحرق فؤادك ولا ينيلك من السلام قلامة ظفر
واسألي الله أن يجعل هذا الابتلاء مكفراً لأوزارك ، ورفعة لمنزلتك في الآخرة
واحتسبي ..عسى أن تكوني من هؤلاء :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(يقول الله تعالى : ما لعبدي المؤمن جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا
ثم أحتسبه إلا الجنة ) ..
يالله ..! ما أكرمه من عطاء .. !
فاحتسبي واسترجعي .. واحمدي عند مصيبتك ..
عسى أن يكون نصيبك في الجنة بيت الحمد ..!
... ... ... ...
كوني معي ولنقف عند هذه الآية ونرى مردودها العظيم على المبتلين :
يقول الله تعالى :
(الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}
صلوات من الله ؟! ورحمة ؟! وهدى ؟!
ألا ..ماأكبره .. من جزاء ..!!
... ... ... ...
توطين النفس أخيتي على الرضا بقضاء الله كفيل بتخفيف الهموم
وتقبل الواقع والتسليم لأمر الله ،
وهو أول الطريق نحو الطمأنينة والسكينة ..
والجزع واللواذ بالشكوى والهم ، والتبرم والسخط ..
كل ذلك لن يعيد غائبًا ولن يشفي جرحاً..بل يكسب ذنباً
فوطني نفسك على الرضا ..
... ... ... ...
ثم بعد أن يسلم قلبك ويسكن قليلاً .. أخيتي ..!
اطلبي الصبر .. فهو ضياء و بشارة بعظيم الجزاء
اسمعي قول الله سبحانه :
( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات
وبشر الصابرين )
انظري كم صبر أيوب على شتى الابتلاءات حتى ضرب المثل بصبره ..
ولم يزل يلهج لسانه بالحمد رغم عظم المصاب فكان يردد :
( الحمد لله .. الله أعطى .. والله أخذ ..) !
وكان خاتمة محنته أن عوضه الله وأتاه ضعف مافقد . !
وكيف صبر يعقوب على فقد يوسف حتى ابيضت عيناه من الحزن ..
ولم يقنط من رحمة الله .. فرده الله إليه رداً كريماً..!
وهاهو المصطفى صلوات الله وسلامه عليه يفلت ولده ابراهيم من بين أصابع الحياة
فيسلم راضياً بقضاء الله تعالى وقدره ..
استمعي مني إلى رواية قرأتهاعن أنس رضي الله عنه :
دخلنا على رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَإبراهيم يجود بنفسه
فجعلت عينا الرسول تذرفان ، فقال له بن عوف رضي الله عنه:
وأنت يارسول الله ؟!
فقال : ياابن عوف ، إنها رحمة ، ثم أتبعها بأخرى ،
ثم قال :
( إن العين لتدمع ، وإن القلب ليحزن ، ولا نقول إلا مايرضي الرب ،
وإنا بفراقك ياإبراهيم لمحزونون ).
إن البكاء مصرف اللوعة ومخفف وطأة الأوجاع ، وهو رحمة من الله
ولكن حذاري غاليتي من الولولة و تملك الجزع وفقدان الصواب ..!
تمسكي بحبل الله بقوة لينتشلك من وهدة الشتات وينير طريقك بالهداية..
أختـــــــــــي الغالية :
نحن كلنا على الأرض ضيوفاً ، وغداً مرتحلون ..
كما قال ابن مسعود : ما منكم إلا ضيف ، وماله عارية ، والضيف مرتحل ،
والعارية مؤداة إلى أهلها.
وما دمنا مؤمنين بأننا سنلاقي أحبتنا إن عاجلاً أو آجلاً..
لقاء لافراق بعده .. في عالم البقاء ..
فلنعش ونحن نحمل هذا اليقين في صدورنا ..
ولنصبر على البلاء صبراً جميلاً ..
ونزداد إيماناً وتسليماً لأمر الله ، ونقابل كل ماتأتي به الأقدا ر بالرضاوالحمد.
... .. ... ...
أخـــــــــــــــــــــــيتي :
لابد للغائب من عودة ..
ولابد لطريق السفر من نهاية ..
ومن رحل عنا فقد عاد إلى داره ..وبقينا نحن نكابد في طريق السفر
وغداً حين نبلغ نهاية الطريق ..
نجد أحبائنا في انتظارنا ، ونلقي احمالنا ونستريح ..!
فاقطعي ماكتب لك من أيامك في هذه الفانية ..
على وعد اللقاء .. في دار لانصب فيها ولا وصب ..
ولا نقصان ولا فناء ..
ولا هم ولا حزن ..
بل قيلاً سلاماً .. سلاماً..!
ولا يكون ذلك إلا بالإيمان والتسليم لأمر الله والرضا
واليقين أن ماأصابنا لم يكن ليخطئنا ..
وهذا سيجعلنا نتقبل كل مايأتي بنفس صابرة متوكلة
متطلعة إلى ماأعده الله تعالى من نعيم مقيم.
... ... ... ...
نحن هنا ننتظر ... وننتظر ..
تحقيق وعدٍ أو حلول أمنية دنيوية بشوقٍ غامر ..
أفلا يستحق منا وعد الله الحق ... الانتظار ؟!