أهم الإشارات الطبية في قصة أصحاب الكهف

ملتقى الإيمان

أهم الإشارات الطبية في قصة أصحاب الكهف
بقلم الدكتور محمد جميل الحبال


حتى ينام أصحاب الكهف بصورة هادئة وصحيحة هذه المدة الطويلة من دون تعرضهم للأذى، والضرر وحتى لا يكون هذا المكان موحشا ويصبح مناسبا لمعيشتهم فقد وفر لهم الباري عز وجل الأسباب التالية:

1- تعطيل حاسة السمع :حيث إن الصوت الخارجي يوقظ النائم وذلك في قوله تعالى: (فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا) والضرب هنا التعطيل والمنع أي عطلنا حاسة السمع عندهم مؤقتا والموجودة في الأذن والمرتبطة بالعصب القحفي الثامن. ذلك إن حاسة
السمع في الإذن هي الحاسة الوحيدة التي تعمل بصورة مستمرة في كافة الظروف وتربط الإنسان بمحيطة الخارجي.

2- تعطيل الجهاز المنشط الشبكي (ascending reticular activating system ):-
الموجود في الجذع الدماغ والذي يرتبط بالعصب القحفي الثامن أيضا (فرع التوازن) حيث إن هذا العصب له قسمان :الأول مسؤول عن السمع والثاني مسؤول عن التوازن في الجسم داخليا وخارجيا؛ ولذلك قال الباري عز وجل: (فضربنا على آذانهم) ولم يقل: (فضربنا على سمعهم )أي إن التعطيل حصل للقسمين معا وهذا الجهاز الهام مسؤول أيضا عن حالة اليقظة والوعي وتنشيط فعاليات أجهزة الجسم المختلفة والإحساس بالمحفزات جميعا وفي حالة تعطيله أو تخديره يدخل الإنسان في النوم العميق وتقل جميع فعالياته الحيوية وتقل كذلك وحرارة جسمه كما في حالة السبات والانقطاع عن العالم الخارجي قال تعالى: (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً ) والسبات هو النوم والراحة (والمسبوت) هو الميت أو المغشي عليه (راجع مختار الصحاح ص:214). فنتج عن ذلك ما يلي :

أ- المحافظة على أجهزتهم حية تعمل في الحد الأدنى من استهلاك الطاقة فتوقفت عقارب الزمن بالنسبة لهم داخل كهفهم إلا إنها بقيت دائرة خارجه (كالخلايا والأنسجة التي تحافظ في درجات حرارة واطئة فتتوقف عن النمو وهي حية ).

ب- تعطيل المحفزات الداخلية التي توقظ النائم عادة بواسطة الجهاز المذكور أعلاه كالشعور بالألم أو الجوع أو العطش أو الأحلام المزعجة (الكوابيس).

3 - المحافظة على أجسامهم سليمة طبيا وصحيا وحمايتها داخليا وخارجيا والتي منها:

أ- التقليب المستمر لهم أثناء نومهم كما في قولة تعالى:-
(وَتَحْسَبُهُمْ أيقاظاً وَهُمْ رُقودٌ وَنُقلّبُهُمْ ذاتَ اليْمَين وذاتَ الشّمَالِ ) . لئلا تآكل الأرض أجسادهم بحدوث تقرحات الفراش في جلودهم والجلطات في الأوعية الدموية والرئتين وهذا ما يوصي به الطب ألتأهيلي حديثا في معالجة المرضى فاقدي الوعي أو الذين لا يستطيعون الحركة بسبب الشلل وغيرة.

ب- تعرض أجسادهم وفناء الكهف لضياء الشمس بصورة متوازنة ومعتدلة في أول النهار وآخرة للمحافظة عليها منعاً من حصول الرطوبة والتعفن داخل الكهف في حالة كونه معتما وذلك في قولة تعالى: (وَتَرَى الشَّمس إذا طَلَعتْ تَزاورُ عن كهْفِهمَ ذاتَ الْيَمين وإذا غرَبتْ تَفْرضُهُمْ ذاتَ الشِّمال ) . والشمس ضرورية كما هو معلوم طبيا للتطهير أولا، ولتقوية عظام الإنسان وأنسجته بتكوين فيتامين د عن طريق الجلد ثانيا، وغيرها من الفوائد ثالثا.
يقول القرطبي في تفسيره : وقيل( إذا غربت تقرضهم ) أي: يصيبهم يسير منها من قراضة الذهب والفضة أي تعطيهم الشمس اليسير من شعاعها إصلاحا لأجسادهم فمعنى الآية في ذلك أن الله تعالى آواهم إلى كهف هذه صفته لا إلى كهف آخر يتأذون فيه بانبساط الشمس عليهم في معظم النهار والمقصود بيان حفظهم عن تطرق البلاء وتغير الأبدان والألوان إليهم والتأذي بحر أو برد). (القرطبي ،الجامع لأحكام القران ،ج1 ص 369،دار الكتاب العربي –القاهرة 1967).

ج- وجود فتحة في سقف الكهف تصل فناءه بالخارج تساعد على تعريض الكهف إلى جو مثالي من التهوية ولإضاءة عن طريق تلك الفتحة ووجود الفجوة (وهي المتسع في المكان )في الكهف في قولة تعالى: (وَهُمْ في فَجْوَةٍ مِنْهُ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ مَنْ يَهْدِ اللهُ فهُوَ الْمُهتْدى وَمَنْ يُضْلِلْ فلَنْ تَجِدْ لَهُ ولياَ مُرْشداً ) .

د- الحماية الخارجية بإلقاء الرهبة منهم وجعلهم في حالة غريبة جدا غير مألوفة لا هم بالموتى ولا بالإحياء (إذ يراهم الناظر كالأيقاظ يتقلبون ولا يستيقظون ) بحيث إن من يطلع عليهم يهرب هلعا من مشهدهم؛ وكان لوجود الكلب في باب فناء الكهف دور في حمايتهم لقولة تعالى: (وَكلْبُهُمْ باسِط ذِراعِيْهِ بالْوَصيدِ لَوْ اطَّلعْتَ عَلْيَهمْ لَوَلَيتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلمُلِئْتَ مِنْهُمً رُعْباَ ) . إضافة إلى تعطيل حاسة السمع لديهم كما ذكرنا أعلاه كحماية من الأصوات الخارجية.

هـ- حمايته تعالى لأعينهم و إلقاء الرهبة منها، ففي قولة تعالى: (وتحسبهم أيقاظ وهم رقود ) ، فيه إشارات علمية دقيقة جدا فقد ثبت طبياً :

1- أن العين في حالة كونها مفتوحة على الدوام ولأسباب مرضية متعددة تتعرض للمؤثرات الخارجية فتدخلها الجراثيم والأجسام الغريبة مما يؤدي إلى حدوث تقرحات القرنية (مقدمة العين) وعتمتها؛ وبالتالي فقدان حاسة البصر.

2- والعين في حالة كونها منغلقة على الدوام فإن ذلك يؤدي ذلك إلى ضمور العصب البصري بعدم تعرضه للضوء الذي يمنع العين من قيامها بوظيفتها حيث إن من المعروف في علم وظائف الأعضاء (علم الفسلجة ) أن أي عضو من أعضاء الإنسان أو أجهزته يصاب بالضمور والموت التدريجي آن لم تهيأ له الأسباب للقيام بوظيفته؛ ودليل ذلك أن المسجونين لفترات طويلة في الأماكن المظلمة يصابون بالعمى.

3-أما في الحالة الطبيعية (اليقظة) فان أجفان الإنسان ترمش وتتحرك بصورة دورية لا إرادية على مقلة العين تعينها الغدد الدمعية التي تفرز السائل الدمعي النقي الذي يغسل العين ويحافظ عليها من المؤثرات الخارجية الضارة، فهذه العملية المركبة تحافظ على سلامة العين فالله سبحانه وتعالى الذي حافظ على أجسادهم وجلودهم من التلف بالتقلب المستمر مع التعرض المناسب لضوء الشمس هو نفسه الذي حفظ عيونهم بهذه الطريقة العلمية من العمى حيث قال في محكم كتابه (وتحسبهم أيقاظا وهم رقود) ولم يقل (وتحسبهم أمواتا وهم رقود)؛ لأن إحدى علامات اليقظة هي حركة رمش أجفانهم وقد يكون في هذا أيضا والله اعلم السر في إلقاء الرهبة في منظرهم .
في قوله تعالى: (لو اطلعت عليهم لوليت منهم فراراً ولملئت منهم رعبا ) ، فهذا الوضع الغريب والغير مألوف حيال كونهم ليسوا موتى ولا بمستيقظين ولا بنائمين نومة طبيعية (لأن النائم لا ترمش عينه) هذه الهيئة جعلت الناظر إليهم يهرب فزعا ويمتلئ قلبه رعبا من منظرهم.

وخلاصة القول: أن الله تعالى هيّأ أسباب الحماية الطبيعية والطبية، فقد جعل الشمس تدخل كهفهم بصورة متوازنة وكأنها حانية عليهم ترعاهم في الصباح والمساء، وقلب أجسادهم فحفظها من التلف، وعطل حواسهم عن التأثر بالمحفزات الداخلية والخارجية، وجعل أعينهم ترمش فحافظ عليها من العمى، وجعل فوق الكهف فتحة لتغيير هواء الكهف بصورة متواصلة، وحماهم كذلك من دخول أحد عليهم وغير مما لا يعلمه إلا الله تعالى، وقد يكشف عنه العلم مستقبلاً.

4 ـ الكلب حيوان تجريبي :
حيث جرت عليه نفس أحوال أصحاب الكهف، وفي ذلك إشارة إلى أنه يصلح لإجراء التجارب العلمية عليه كأنموذج تجريبي في حالة القيام بأبحاث طبية مستقبلاً (كالتجارب على الجهاز المنشط الشبكي في الدماغ مثلاً) .

ودمتم سالمين

ملاحظة هذا الموضوع منقول



.:: سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم ::.
4
497

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ilorenze
ilorenze
سبحان الله
موضوع حلو
نقل موفق
شيماءالصغيرة
شيماءالصغيرة
موضوع رائع...لاول مره اقرأموضوع دقيق يخص اصحاب الكهف واحوالهم
الله يعطيك العافيه..
واستغفر الله
واستغفر الله
أسعدتموني بردودكم الجميله
وهذا دليل على الأعجاز القراني
ووفقنا الله في نشر الخير دوماً
سـاجدة
سـاجدة
الله يجزاكي كل خير و
معلومات رائعه واول مره اقراها