الخطبة الثانية .
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ..أما بعد أيها الإخوة في الله
وبعد أن استعرضنا اخطر الفتن التي يمكن أن تؤثر على الإنسان في سيره إلى الله ، والتي قد تكون سببا في انحرافه عن دين الله تعالى ، فانه من المناسب أن نتذاكر سويا أهم وسائل النجاة منها ، والثبات على دين الله عز وجل
فالوسيلة الأولى :
دعاءُ الله تعالى والإكثار من طلب التثبيت على الحق والنجاة من الفتن ..كما كان لنبي صلى الله عليه وسلم يفعل ، فكان كْثيِرا ما يَقُولَ ( يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ) وكما فعل الصالحون الذين ذكر الله تعالى دعاءهم بقوله (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ) ندعوا الله بالثبات ، لعلمنا بان الله سبحانه وتعالى هو المثبت الحقيقي للمسلم كما وعد بذلك في قوله (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ، وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ)
الثاني من وسائل الثبات القران الكريم .. الذي جعله مصدر الثبات للمؤمنين سواء بقراءته أو بتطبيق أحكامه وما فيه من أوامر، أو باستعراض ما فيه من قصص وعبر..يقول الله تعالى ( قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ ءَامَنُوا ، وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) ويقول ( وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ )..
فالقرآن الكريم هو الوسيلة الثانية للتثبيت بعد دعاء الله تعالى ، فليحرص المسلم على قراءته وتدبره والعمل بما جاء فيه ، وحث أبنائه وأهله ومن يعرف على ذلك .
الثالث من وسائل التثبيت الحرص على عمل الطاعات المختلفة ..يؤكد هذا قوله تعالى ( وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا )..
فعمل الطاعات والابتعاد عن المعاصي هو السياج الواقي بإذن الله تعالى من الوقوع في الفتن مهما كانت .. يؤكد هذا قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا ، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا ) أخرجه مسلم
فالصلاة الحقيقية مثلا تحجز الإنسان عن الوقوع في الفواحش يقول تعالى (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ ، وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ )
والعمل على نصرة دين الله تعالى بأي طريق كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله والجهاد في سبيله من اكبر وسائل الثبات ..يقول تعالى مؤكدا هذا الأمر ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ، وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ )
وعموما فعمل الصالحات هو المخرج والمنجى من الوقوع الفتن كما مر معنا.
الرابع من وسائل الثبات : استعراض قصص الثابتين من قبلنا سواء ما ورد في القران الكريم أو ما ورد في السيرة وغيرها ..
فمن استعراض قصة سليمان لما آتاه الله الملك والمنصب ماذا عمل به ، وفي ماذا سخره ؟؟
فلقد سخرت له الريح يصرفها كيف يشاء ، وعلم منطق الحيوانات ، ووضعت الجن في خدمته ، ومع ذلك ثبت أمام جميع أنواع الفتن التي زلت به أقدام كثير من المسؤولين في القديم والحديث .
فنراه بعد أن احضر له عرش بلقيس في ثوان قليلة يقول ( هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي ءَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ .. وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ(40)
وكان يقول في دعائه ( رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ ، وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ) .
أيها الإخوة ومن قصص السابقين قصة يوسف عندما وقف أمام فتنة النساء وكيف انتصر ذلك الشاب على تلك الفتنة العظيمة ، بخوفه من الله وطلبه النصرة منه وتفضيل السجن على الفاحشة ..قال تعالى عنه ( قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ.. وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ )
أيها الإخوة في الله :إن قصص الثابتين على الدين كثيرة ، وقصصَ المنحرفين عنها أكثر ..فالمسلم العاقل هو الذي يعتبر بغيره ..
أيها الإخوة : إن كل تلك الوسائل للثبات على الدين سواء ( الدعاء ، أو العناية بالقرآن ، أو عمل الصالحات ، أو الاعتبار بقصص الناجين من الفتنة ) ، تحتاج إلى وسيلة مهمة ، ألا وهي الرفقة الصالحة ، والأصدقاء الصالحون الأوفياء ، الذين يعينون الإنسان على الثبات ، ويسهولنه عليه ، ويحجزونه من الفتن ويحذرونه منها ..
فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم ، وهم القوم الذين يحرص عليهم المسلم مهما اختلف معهم ، أو قسوا عليه ، أو قصروا في حقه ، فهو المحتاج لهم في زمن الفتن ..
مع الحذر الشديد من أصدقاء السوء ، وأصحاب الأهواء والشهوات ، فهولاء خطرهم عظيم على الإنسان في الدنيا والآخرة .. فلنحذرهم مهما قدموا لنا من خدمات ، ومهما كانت قرابتهم أو الحاجة إليهم .
إخواني في الله : إن المسلم الفطن العاقل هو الذي يحرص على النجاة من غضب الله وعقابه بكل الوسائل الشرعية الممكنة ، وهي كثيرة بحمد الله تعالى .
فإذا علم الله صدقه.. فان سبحانه سيعينه ويثبته في جميع مواطن الفتن .حتى يكرمه في جنات النعيم ، مع الذين انعم الله عليهم من الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ..
أسال الله تعالى أن يجعلني وإياكم منهم ..
إخوة الإيمان أقول ما سمعتم .واستغفر الله تعالى لي ولكم ..فاستغفره سبحانه انه هو الغفور الرحيم
د.مشبب القحطاني @dmshbb_alkhtany
إمام وخطيب مفكرة المجلس عضو في جماعة التوعية الإسلامية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
مسلمه في امريكا
•
جزاك الله خير الجزاء
نصائح قيمه في زمن الفتن ..
جزاك الله عناخيرالجزاء وثبتك على طريق الحق ..
والمسلمين اجمعين ..
جزاك الله عناخيرالجزاء وثبتك على طريق الحق ..
والمسلمين اجمعين ..
بسم الله الرحمن الرحيم
للأسف الفتن عظيمة في هذا الزمن نسال الله السلامة والعفو
ويجب علينا جميعا أن نجدد الأيمان دائما في قلوبنا وان نعلم أن لهذه الفتن اثر عميق على كل قلب لهذا يجب علينا الصبر والاحتساب وان للإنسان اجر عظيم في صبره في أخر هذا الزمان ومن ترك شيئا لله عوضه الله بخير منه
للأسف الفتن عظيمة في هذا الزمن نسال الله السلامة والعفو
ويجب علينا جميعا أن نجدد الأيمان دائما في قلوبنا وان نعلم أن لهذه الفتن اثر عميق على كل قلب لهذا يجب علينا الصبر والاحتساب وان للإنسان اجر عظيم في صبره في أخر هذا الزمان ومن ترك شيئا لله عوضه الله بخير منه
الصفحة الأخيرة