عندما يضطرب القلب تذبل ورود السكينة ..
وتنكمش أوراقها ..
وينحني غصنها بحزن ٍ انحناء القامة ..
إذا عبرت فوقها سنوات العمر ..
وعندما تتسلل الطمأنينة إلى القلب ..
تسلل الماء العذب إلى عروق الأديم
تتفتح أوراق الورد ..
ويستوي ساقه
ويبسم فيه ثغر الربيع .
💐❤️💐 الطمأنينة .. السكينة ... السلام ..
مراد النفوس ، وغاية مطلبها ..
فلا المال يُغني ..
ولا العافية تُذاق .. وتُستطعم ..
إن أمسى القلب وأصبح في قلق ٍ واضطرابٍ وخوف.. 💐❤️💐
لكن ..! ماهي السكينة ؟
هي الطمأنينة والسكون والأمان ..
يقذفه الله تعالى في قلب المؤمن ..
عند كل أمر يبتلى به ..
فلا يجزع قلبه ، ولا تجرح الأشواك وروده ..
بل يغمره هدوء وراحة نفس ..وانشراح صدر..
ينظر هذا القلب الساكن إلى الشدائد ..
على أنها كفارات ..
وأنها أمارة اصطفاء له ..
تمنيه بالعطاء ورفعة الدرجات .. 💐❤️💐
لجنة السكينة في الدنيا نتمثل سطوراً من حياة :
ابن تيمية العابد الزاهد المترع القلب إيماناً ..
فقد أُلقيَ به في سجن القلعة ..
فماذا كان موقفه ؟
وهل اهتزّ قلبه خوفاً وجزعاً؟
لا ... أبداً !!
بل قال كمن يقذف حجراً في وجوه من سجنوه :
ماذا يصنع أعدائي بي ؟!
أنا جنتي وبستاني في صدري ..
إن معي كتاب الله وسنة نبيه ..
إن قتلوني فقتلي شهادة ..
وإن سجنوني فسجني خلوة مع ربي ..
إن المحبوس من حِبس عن ربه ..
وإن الأسير من أسره هواه .
....
كان يعِدّ سجنه نعمة ً كبيرة فيقول :
لو بذلت ملء هذه القلعة ذهباً ،
ماعدل عندي شكر هذه النعمة ..
....
ولما صار داخل سور القلعة وبين قضبانها نظر إلى السور
مستشهداً بقول الله تعالى :
( فضرب بينهم بسورٍ له باب باطنه فيه الرحمة
وظاهره من قبله العذاب ).
....
وهذا تلميذه ابن القيم يتحدث عن هذا الأثر الإيماني
في نفس أستاذه .. ويصفه بأنه جنة قبل الجنة ..
ونعيم قبل النعيم الأعظم .. يقول :
مارأيت أحداً أطيب منه عيشاً مع ماكان فيه من ضيق العيش ..
كان من أشرح الناس صدراً ، وأقواهم قلباً ، وأسرّهم نفساً
تلوح نظرة النعيم على وجهه ..
كنا إذا اشتدبنا الخوف وساءت منا الظنون ..
وضاقت بنا الأرض أتيناه ..
فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه
فيذهب ذلك كله ، وينقلب انشراحاً ،
وقوة ويقيناً وطمأنينة .
....
ومع أن ابن تيمية كان طوال حياته ينتقل من بلاءٍ إلى بلاء
لكنه آثر الطاعات مستعيناً بالله ..
متمسكاً بحبال الصبر ..
مما جعله لايبالي بما تدور عليه رحى الأيام من محن ..
وفي هذا يقول :
( كمائن القلوب تظهر عند المحن ). 💐❤️💐 إن السكينة عطاء رباني يتربع على عرش القلوب المؤمنة
يلهج فيها القلب بالشكر في كل حالاته ..
ويعيش في نعيم لايعرفه من لم يضيء سراج الإيمان ردهات قلبه
والله وحده يملك مفاتيح القلوب المغلقة ..
ويمنّ على من يشاء بالرضا القلبي في كل حالاته ..
ولكن الله تعالى يقذف هذا النور ..
في قلب كل من أسلم لله قياده ..
واطمأن به .. وسأله ، وتقرب إليه بالطاعات ..
وآمن بقضاءه وقدره . 💐❤️💐 إن الزمان لايصفو بكأس شاربه ..
فغالباً مايشوبه كدر ..
و يخالط حلوه المرارة ويطغي على لذتها ..
...
ورياح الأيام عواصف ..
قلّ أن ترخي حبال اللين ..
...
والناس في تقلبها بين تيارات الحياة اثنان :
فمنهم من يتضعضع وينهزم
ومنهم من يرسخ كالطود الأشم في وجه العاصفات
ولا يكون هذا إلا بطاقة روحية هائلة ..
يكتسبها المرء عبر رحلة إيمانية طويلة..
يزداد فيها اقتراباً من الخالق ..
حتى يحتل الرضا مجامع قلبه فلا يترك فيه حيزاً لغيره . 💐❤️💐 والعبد لاتظهر حقيقة إيمانه إلا عند مواسم الشدة..
فالناس سواسية حال الأمن والعافية ..
فإذا نزلت الشدائد والمحن كانوا أنماطا ومعادن وألوان ..
وفي ذلك يقول الحسن البصري :
< استوى الناس في العافية ، فإذا نزل البلاء تباينوا > 💐❤️💐
يعلمنا الرسول خلال هذا الدرس الإيماني
كيف نزرع السكينة في قلوبنا ..
ونجنيها ثمراً كريماً في الآخرة :
كان في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أصحابه
رجل له ابن صغير يأتيه من خلف ظهره ..
فيقعده بين يديه ..
مات ذاك الغلام فانقطع الرجل عن الحلقة لذكر ابنه ..
افتقده النبي الكريم فسأل:
( مالي لاأرى فلاناً ؟).
قالوا : يارسول الله ، بنيّهُ الذي رأيته هلك ..
فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم .. وعزّاه ، ثم قال :
( يافلان ! أيهما أحب إليك :
أن تمتٌع به عمرك ..
أو لاتأتي غداً إلى باب من أبواب الجنة ..
إلا وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك ؟ ).
قال : يانبي الله .. بل يسبقني إلى باب الجنة فيفتحها لي
لهو أحبُّ إليّ.
قال ( فذلك لك ).
❤️💐
هكذا ..
من يضع هذا الميزان أمام عينيه ..
لن تسلبه المحن سكينة القلب
بارك الله بيومك و حياتك كلها
و جزاك خيرا على طرحك العامر بالخير