
الرائعة,, @alrayaa_6
عضوة فعالة
أوقات التسبيح
ورد في القرآن الكريم تقييد التسبيح بالأزمنة والمواضع الآتية:
1- النهار وأطراف النهار،
2- الصُّبْح،
3- الغُدُوّ،
4- البُكرة،
5- قبل طلوع الشمس،
6- الإشراق،
7- الظهر،
8- العَشِيّ،
9- الأَصيل،
10- قبل غروب الشمس،
11- المساء،
12- الليل وآناء الليل،
13- إدبار النجوم،
14- حين القيام،
15_ أدبار السجود.
10
6K
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

11- الليل، آناء الليل.
ورد زمن "الليل" في القرآن الكريم اثنين وتسعين مرة. وورد زمنًا للتسبيح في موضعين منها مع "النهار". وفي موضع مع "قبل طلوع الشمس، وقبل الغروب، وأدبار السجود". وفي موضع مع "حين القيام، وإدبار النجوم".
وفي موضع منها بإضافة "آناء" إلى "الليل" مع "قبل طلوع الشمس، وقبل الغروب، وأطراف النهار".
وسائر آيات "الليل" في مقابل "النهار" مثل: البقرة: 164 و274، وآل عمران: 26. وربما جاء مقابل "الصباح" مثل: الأنعام: 96، والصافات: 138. وقد تأتي مقابل "الضحى" مثل: الضحى: 2. وقد تأتي "الليالي" مقابل "الأيام" مثل: مريم: 10. وربما جاء "الليل" بلا مقابل، مثل: الأنعام: 76، ويونس: 27.
واللّيل: ضد النهار، اسم لكل ليلة، ويبدأ وقته من انصراف النهار بغروب الشمس، وفي الصحيحين عن النبي r: « إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ، وَغَابَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ». وينتهي بإقبال الصُّبْح، وهو أول النهار، حين طلوع الفجر الصادق، كما جاء في الحديث عن النبي r: «صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى». وفي التهذيب (نهر): ((قال الفرّاء : وسمعتُ العربَ تُنْشِد :
إنْ تكُ لَيْلِيّاً فإني نَهِر مَتَى أَرَى الصُّبحَ فَلاَ أنتظِر)).
وقد قال الله Y: ﭽ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ، ففرّق بين الليل والصبح، ومثله قول الله Y: ﭽ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﭼ]، قال في العين: ((وقول الله U: ﭽ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﭼ] أي بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس)).
وقيل: الليل إلى طلوع الشمس.
وآناء الليل: ساعاته.
12- المساء.
ورد في موضع واحد من القرآن الكريم بصيغة الفعل "تمسون" مع "الصباح، والعشي، والظهر".
ووقت المساء، قيل: من بعد الزوال إلى الغروب. وقيل: إلى نصف الليل. وقيل: بعيد العصر إلى الغروب. وقيل: إذا أقبل الليل بظلامه.
والذي يظهر لي أن المساء يستعمل عند العرب لأول الليل من حين تغرب الشمس أو تدنو من الغروب إلى أن يظلم الليل.
ومما يدل على ذلك:
قول الحارث بن حلزة في نعامة:
آنَسَتْ نَبْأةً وأَفْزَعَها القَنْـــــــ ـنَاصُ عَصْراً وقَدْ دَنَا الإِمْساءُ
والعصر وقت العشي قبل الغروب، وقال أبو بكر الأنباري: ((ويروى: قَصْراً. أراد: حسّت النعامة، وسمعت صوتاً وحركة)). والقَصْر كما سبق: آخر العصر حين يدنو الغروب.
وقول امرئ القيس يصف محبوبته:
تُضِيْءُ الظَّلامَ بالعِشاء كأنَّها مَنَارةُ مُـمْسى رَاهِبٍ مُتَبَتِّلِ
والمنارة: الـمَسرجة، أو الصومعة، أي: كأنها سراج منارة. ومـُمْسى راهب، أي: إمساء راهب. قال الجوهري: ((يريد صومعته حيث يمسي فيها))، وقال الزوزني: ((يريد أن نور وجهها يغلب ظلام الليل كما أن نور مصباح الراهب يغلبه))، فعبر عن الليل بالمساء.
وقول عنترة:
أَلا يا دَهْرُ يَومِي مِثْلُ أَمْسِي وَأَعْظمُ هَيْبةً لـِمَن الْتَقَاني
فقابل اليوم بالمساء، واليوم: النهار كله.
وقول الـمُسَيَّب بن عَلَس:
فِعْلَ السَّريعةِ بَادَرَتْ جُدَّادَهَا قَبْلَ الـمَسَاءِ تَهُمُّ بالإسْرَاعِ
والسريعة: المرأة التي تسرع. والجُدَّاد: الخيوط المعقدة، أو هي التي في خيوطها ألوان فيغمرها الليل بسواده، فتصير على لون واحد، كما قال الأعشى:
أَضَاء مِظلَّتَه بالسِّرا ج والليلُ غامِرُ جُدَّادِها
فتسرع المرأة بشأن جُدادها قبل أن يحل عليها المساء بظلامه.
وقول الخنساء في رثاء أخيها صخر، وذكر شجاعته:
يُؤرّقُني التّذَكّرُ حينَ أُمْسي فأُصْبحُ قد بُليتُ بفرْطِ نُكْسِ
على صَخْرٍ ، وأيُّ فتًى كصَخْرٍ ليَوْمِ كَريهَةٍ وطِعانِ حِلْسِ
ثم قالت في كرمه:
وضَيفٍ طارقٍ أو مُسْتجيرٍ يُرَوَّع قَلْبه مِنْ كُلِّ جَرْسِ
فأَكْرَمَه وآمَنَه فَأَمْسى خَلِيًّا بالُه مِنْ كُلِّ بُؤْسِ
يُذَكّرُني طُلُوعُ الشمسِ صَخراً وأذكرُهُ لكلّ غُروبِ شَمْسِ
فهي تتذكره ويؤرقها التذكر في المساء من حين تغرب الشمس حتى تصبح، كما قالت: حين أمسي فأصبح. فالمساء في كلامها مقصود به حلول الليل، ومما يدل على ذلك تذكرها لأخيها حين تغرب الشمس، بعد أن ذكرت كرمه لضيفه الذي يمسي مكرمًا آمنًا، كما أنها تتذكره حين تطلع الشمس. وتخصيص وقتي الطلوع والغروب؛ لأن حال العرب في ذلك الزمان أنهم يجعلون طلوع الشمس وقتًا للغارات، وغروبها وقت إيقاد النيران لقرى الضيفان.
ومن ذلك قول الحطيئة:
ويَحْلِفُ حَلْفَةً لِبَنِي بَنيه لأمسوا مُعطِشين وهم رواءُ
ويَأْمُر بالجِمال فلا تَعَشَّى إذا أمْسَى وإِنْ قَرُب العَشَاءُ
قال ابن فارس: ((والعَشاء ممدود مهموز بفتح العين، هو: الطعام الذي يؤكل من آخر النهار وأول الليل)).
وقول ذي الرمة:
تَنَصَّبَتْ حَوْلَهُ يَوْماً تُراقِبُهُ صُحْر سَمَاحِيجُ فِي أَحْشَائِهَا قَبَبُ
حتى إذا اصفرَّ قرنُ الشَّمسِ أو كربتْ أمسى وقدْ جدَّ في حوبائهِ القربُ
كما يدل على استعمال المساء من حين تغرب الشمس جملة من الأحاديث، منها:
حديث الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار فانطبقت عليهم الصخرة وفيه قال النبي r: قَالَ أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ، كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ، فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ حَلَبْتُ، فَبَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ بَنِيَّ، وَإِنِّي اسْتَأْخَرْتُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَلَمْ آتِ حَتَّى أَمْسَيْتُ، فَوَجَدْتُهُمَا نَامَا، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ، فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْقِيَ الصِّبْيَةَ، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ.
وعن عبد الله بن أبي أوفى t قال: كنا مع رسول الله r في سفر، وهو صائم، فلما غربت الشمس، قال لرجل: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا». فقال: يا رسول الله، لو أمسيت. قال: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا». قال: إن علينا نهارًا. فنزل فجدح له فشرب، ثم قال: «إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا -وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ- فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ».
وعن ابن عباس t قال: بت عند خالتى ميمونة فجاء رسول الله r بعد ما أمسى فقال: «أَصَلَّى الْغُلامُ؟». قالوا : نعم. فاضطجع حتى إذا مضى من الليل ما شاء الله، قام فتوضأ، ثم صلى سبعًا أو خمسًا أوتر بهن، لم يسلم إلا في آخرهن.
وقالت عائشة في وفاة أبيها t: لم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء ودفن قبل أن يصبح.
وعن محرش الكعبي t أن النبي r خرج ليلاً من الجعرانة حين أمسى معتمرًا، فدخل مكة ليلاً فقضى عمرته، ثم خرج من تحت ليلته، فأصبح بالجعرانة كبائت، حتى إذا زالت الشمس خرج من الجعرانة في بطن سرف، حتى جامع الطريق طريق المدينة بسرف.
وعن معاذ بن جبل t قال: خرجنا مع رسول الله r في غزوة تبوك، فكان لا يروح حتى يبرد، ويجمع بين الظهر والعصر، فإذا أمسى جمع بين المغرب والعشاء.
وعن خالد بن أسلم أن عمر بن الخطاب t أفطر ذات يوم في رمضان في يوم ذي غيم، ورأى أنه قد أمسى وغابت الشمس، فجاءه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، طلعت الشمس. فقال عمر: الخطب يسير، وقد اجتهدنا.
وعن عبد الله بن دينار قال: غابت الشمس وأنا عند عبد الله بن عمر، فسرنا، فلما رأيناه قد أمسى، قلنا: الصلاة. فسار حتى غاب الشفق، وتصوبت النجوم، ثم إنه نزل فصلى الصلاتين جميعًا، ثم قال: رأيت رسول الله r إذا جد به السير صلى صلاتي هذه، يقول: يجمع بينهما بعد ليل. وفي رواية عن نافع أن ابن عمر استُصرخ على صفية، فسار في تلك الليلة مسيرة ثلاث ليال، سار حتى أمسى، فقلت: الصلاة. فسار، ولم يلتفت، فسار حتى أظلم.
وفي حديث عبد الرحمن بن أبي بكر قال: جاء أبو بكر t بضيف له أو بأضياف له. وفيه: فلما أمسى، قالت له أمي: احتبست عن ضيفك أو أضيافك منذ الليلة، قال: أما عشيتهم. قالت: لا...
ويؤكد هذا التحديد قول الله Y: ﭽﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭼ، فذكر الله U الصبح، وفيه صلاة الفجر، ثم الظهر والعشي، وهما من الزوال إلى الغروب، وفيهما صلاتا الظهر والعصر، وذكر "المساء" يدل على أنه غير وقتهما، ولم يبق من أزمان الصلوات إلا الليل، فهو المساء، وقد ورد عن ابن عباس t وقتادة وابن زيد تفسير التسبيح في المساء بصلاة المغرب، وورد عنه وعن مجاهد والحسن وسعيد بن جبير والضحاك التفسير بصلاتي المغرب والعشاء.
وإلى هذا التفسير ذهب الفراء، ومكي بن أبي طالب، وابن أبي زمنين، والبغوي، والعز بن عبدالسلام، وابن عادل الحنبلي.
وذهب إلى هذا التحديد أو قريبًا منه الماوردي في تفسيره، وابن كثير، والبقاعي، وابن عاشور، قال الماوردي: ((المساء: بدو الظلام بعد المغيب))، وقال ابن كثير: ((هو إقبال الليل بظلامه))، وقال البقاعي: ((أول دخول الليل بإذهاب النهار وتفريق النور))، وقال ابن عاشور: ((كلمة المساء تشمل أول الليل)) وقال: ((الإمساء: اقتراب غروب الشمس إلى العشاء)).
13- إدبار النجوم.
ورد التعبير بإدبار النجوم في سورة الطور (49), مقابل "الليل، وحين القيام".
ووقت "إدبار النجوم" وقت السحر قبيل النهار.
ورد زمن "الليل" في القرآن الكريم اثنين وتسعين مرة. وورد زمنًا للتسبيح في موضعين منها مع "النهار". وفي موضع مع "قبل طلوع الشمس، وقبل الغروب، وأدبار السجود". وفي موضع مع "حين القيام، وإدبار النجوم".
وفي موضع منها بإضافة "آناء" إلى "الليل" مع "قبل طلوع الشمس، وقبل الغروب، وأطراف النهار".
وسائر آيات "الليل" في مقابل "النهار" مثل: البقرة: 164 و274، وآل عمران: 26. وربما جاء مقابل "الصباح" مثل: الأنعام: 96، والصافات: 138. وقد تأتي مقابل "الضحى" مثل: الضحى: 2. وقد تأتي "الليالي" مقابل "الأيام" مثل: مريم: 10. وربما جاء "الليل" بلا مقابل، مثل: الأنعام: 76، ويونس: 27.
واللّيل: ضد النهار، اسم لكل ليلة، ويبدأ وقته من انصراف النهار بغروب الشمس، وفي الصحيحين عن النبي r: « إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ، وَغَابَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ». وينتهي بإقبال الصُّبْح، وهو أول النهار، حين طلوع الفجر الصادق، كما جاء في الحديث عن النبي r: «صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى». وفي التهذيب (نهر): ((قال الفرّاء : وسمعتُ العربَ تُنْشِد :
إنْ تكُ لَيْلِيّاً فإني نَهِر مَتَى أَرَى الصُّبحَ فَلاَ أنتظِر)).
وقد قال الله Y: ﭽ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ، ففرّق بين الليل والصبح، ومثله قول الله Y: ﭽ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﭼ]، قال في العين: ((وقول الله U: ﭽ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﭼ] أي بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس)).
وقيل: الليل إلى طلوع الشمس.
وآناء الليل: ساعاته.
12- المساء.
ورد في موضع واحد من القرآن الكريم بصيغة الفعل "تمسون" مع "الصباح، والعشي، والظهر".
ووقت المساء، قيل: من بعد الزوال إلى الغروب. وقيل: إلى نصف الليل. وقيل: بعيد العصر إلى الغروب. وقيل: إذا أقبل الليل بظلامه.
والذي يظهر لي أن المساء يستعمل عند العرب لأول الليل من حين تغرب الشمس أو تدنو من الغروب إلى أن يظلم الليل.
ومما يدل على ذلك:
قول الحارث بن حلزة في نعامة:
آنَسَتْ نَبْأةً وأَفْزَعَها القَنْـــــــ ـنَاصُ عَصْراً وقَدْ دَنَا الإِمْساءُ
والعصر وقت العشي قبل الغروب، وقال أبو بكر الأنباري: ((ويروى: قَصْراً. أراد: حسّت النعامة، وسمعت صوتاً وحركة)). والقَصْر كما سبق: آخر العصر حين يدنو الغروب.
وقول امرئ القيس يصف محبوبته:
تُضِيْءُ الظَّلامَ بالعِشاء كأنَّها مَنَارةُ مُـمْسى رَاهِبٍ مُتَبَتِّلِ
والمنارة: الـمَسرجة، أو الصومعة، أي: كأنها سراج منارة. ومـُمْسى راهب، أي: إمساء راهب. قال الجوهري: ((يريد صومعته حيث يمسي فيها))، وقال الزوزني: ((يريد أن نور وجهها يغلب ظلام الليل كما أن نور مصباح الراهب يغلبه))، فعبر عن الليل بالمساء.
وقول عنترة:
أَلا يا دَهْرُ يَومِي مِثْلُ أَمْسِي وَأَعْظمُ هَيْبةً لـِمَن الْتَقَاني
فقابل اليوم بالمساء، واليوم: النهار كله.
وقول الـمُسَيَّب بن عَلَس:
فِعْلَ السَّريعةِ بَادَرَتْ جُدَّادَهَا قَبْلَ الـمَسَاءِ تَهُمُّ بالإسْرَاعِ
والسريعة: المرأة التي تسرع. والجُدَّاد: الخيوط المعقدة، أو هي التي في خيوطها ألوان فيغمرها الليل بسواده، فتصير على لون واحد، كما قال الأعشى:
أَضَاء مِظلَّتَه بالسِّرا ج والليلُ غامِرُ جُدَّادِها
فتسرع المرأة بشأن جُدادها قبل أن يحل عليها المساء بظلامه.
وقول الخنساء في رثاء أخيها صخر، وذكر شجاعته:
يُؤرّقُني التّذَكّرُ حينَ أُمْسي فأُصْبحُ قد بُليتُ بفرْطِ نُكْسِ
على صَخْرٍ ، وأيُّ فتًى كصَخْرٍ ليَوْمِ كَريهَةٍ وطِعانِ حِلْسِ
ثم قالت في كرمه:
وضَيفٍ طارقٍ أو مُسْتجيرٍ يُرَوَّع قَلْبه مِنْ كُلِّ جَرْسِ
فأَكْرَمَه وآمَنَه فَأَمْسى خَلِيًّا بالُه مِنْ كُلِّ بُؤْسِ
يُذَكّرُني طُلُوعُ الشمسِ صَخراً وأذكرُهُ لكلّ غُروبِ شَمْسِ
فهي تتذكره ويؤرقها التذكر في المساء من حين تغرب الشمس حتى تصبح، كما قالت: حين أمسي فأصبح. فالمساء في كلامها مقصود به حلول الليل، ومما يدل على ذلك تذكرها لأخيها حين تغرب الشمس، بعد أن ذكرت كرمه لضيفه الذي يمسي مكرمًا آمنًا، كما أنها تتذكره حين تطلع الشمس. وتخصيص وقتي الطلوع والغروب؛ لأن حال العرب في ذلك الزمان أنهم يجعلون طلوع الشمس وقتًا للغارات، وغروبها وقت إيقاد النيران لقرى الضيفان.
ومن ذلك قول الحطيئة:
ويَحْلِفُ حَلْفَةً لِبَنِي بَنيه لأمسوا مُعطِشين وهم رواءُ
ويَأْمُر بالجِمال فلا تَعَشَّى إذا أمْسَى وإِنْ قَرُب العَشَاءُ
قال ابن فارس: ((والعَشاء ممدود مهموز بفتح العين، هو: الطعام الذي يؤكل من آخر النهار وأول الليل)).
وقول ذي الرمة:
تَنَصَّبَتْ حَوْلَهُ يَوْماً تُراقِبُهُ صُحْر سَمَاحِيجُ فِي أَحْشَائِهَا قَبَبُ
حتى إذا اصفرَّ قرنُ الشَّمسِ أو كربتْ أمسى وقدْ جدَّ في حوبائهِ القربُ
كما يدل على استعمال المساء من حين تغرب الشمس جملة من الأحاديث، منها:
حديث الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار فانطبقت عليهم الصخرة وفيه قال النبي r: قَالَ أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ، كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ، فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ حَلَبْتُ، فَبَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ بَنِيَّ، وَإِنِّي اسْتَأْخَرْتُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَلَمْ آتِ حَتَّى أَمْسَيْتُ، فَوَجَدْتُهُمَا نَامَا، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ، فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْقِيَ الصِّبْيَةَ، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ.
وعن عبد الله بن أبي أوفى t قال: كنا مع رسول الله r في سفر، وهو صائم، فلما غربت الشمس، قال لرجل: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا». فقال: يا رسول الله، لو أمسيت. قال: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا». قال: إن علينا نهارًا. فنزل فجدح له فشرب، ثم قال: «إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا -وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ- فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ».
وعن ابن عباس t قال: بت عند خالتى ميمونة فجاء رسول الله r بعد ما أمسى فقال: «أَصَلَّى الْغُلامُ؟». قالوا : نعم. فاضطجع حتى إذا مضى من الليل ما شاء الله، قام فتوضأ، ثم صلى سبعًا أو خمسًا أوتر بهن، لم يسلم إلا في آخرهن.
وقالت عائشة في وفاة أبيها t: لم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء ودفن قبل أن يصبح.
وعن محرش الكعبي t أن النبي r خرج ليلاً من الجعرانة حين أمسى معتمرًا، فدخل مكة ليلاً فقضى عمرته، ثم خرج من تحت ليلته، فأصبح بالجعرانة كبائت، حتى إذا زالت الشمس خرج من الجعرانة في بطن سرف، حتى جامع الطريق طريق المدينة بسرف.
وعن معاذ بن جبل t قال: خرجنا مع رسول الله r في غزوة تبوك، فكان لا يروح حتى يبرد، ويجمع بين الظهر والعصر، فإذا أمسى جمع بين المغرب والعشاء.
وعن خالد بن أسلم أن عمر بن الخطاب t أفطر ذات يوم في رمضان في يوم ذي غيم، ورأى أنه قد أمسى وغابت الشمس، فجاءه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، طلعت الشمس. فقال عمر: الخطب يسير، وقد اجتهدنا.
وعن عبد الله بن دينار قال: غابت الشمس وأنا عند عبد الله بن عمر، فسرنا، فلما رأيناه قد أمسى، قلنا: الصلاة. فسار حتى غاب الشفق، وتصوبت النجوم، ثم إنه نزل فصلى الصلاتين جميعًا، ثم قال: رأيت رسول الله r إذا جد به السير صلى صلاتي هذه، يقول: يجمع بينهما بعد ليل. وفي رواية عن نافع أن ابن عمر استُصرخ على صفية، فسار في تلك الليلة مسيرة ثلاث ليال، سار حتى أمسى، فقلت: الصلاة. فسار، ولم يلتفت، فسار حتى أظلم.
وفي حديث عبد الرحمن بن أبي بكر قال: جاء أبو بكر t بضيف له أو بأضياف له. وفيه: فلما أمسى، قالت له أمي: احتبست عن ضيفك أو أضيافك منذ الليلة، قال: أما عشيتهم. قالت: لا...
ويؤكد هذا التحديد قول الله Y: ﭽﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭼ، فذكر الله U الصبح، وفيه صلاة الفجر، ثم الظهر والعشي، وهما من الزوال إلى الغروب، وفيهما صلاتا الظهر والعصر، وذكر "المساء" يدل على أنه غير وقتهما، ولم يبق من أزمان الصلوات إلا الليل، فهو المساء، وقد ورد عن ابن عباس t وقتادة وابن زيد تفسير التسبيح في المساء بصلاة المغرب، وورد عنه وعن مجاهد والحسن وسعيد بن جبير والضحاك التفسير بصلاتي المغرب والعشاء.
وإلى هذا التفسير ذهب الفراء، ومكي بن أبي طالب، وابن أبي زمنين، والبغوي، والعز بن عبدالسلام، وابن عادل الحنبلي.
وذهب إلى هذا التحديد أو قريبًا منه الماوردي في تفسيره، وابن كثير، والبقاعي، وابن عاشور، قال الماوردي: ((المساء: بدو الظلام بعد المغيب))، وقال ابن كثير: ((هو إقبال الليل بظلامه))، وقال البقاعي: ((أول دخول الليل بإذهاب النهار وتفريق النور))، وقال ابن عاشور: ((كلمة المساء تشمل أول الليل)) وقال: ((الإمساء: اقتراب غروب الشمس إلى العشاء)).
13- إدبار النجوم.
ورد التعبير بإدبار النجوم في سورة الطور (49), مقابل "الليل، وحين القيام".
ووقت "إدبار النجوم" وقت السحر قبيل النهار.

14- حين تقوم.
ورد التعبير بهذا الزمن في سورة الشعراء (218)، وفي سورة الطور (48), وهي التي فيها الأمر بالتسبيح في هذا الزمن مع "الليل، وإدبار النجوم".
و"حِين": الوقت من الزمان، ويستعمل ظرفًا لزمان مبهم، يحدده ما أضيف إليه.
وقد أضيف "حين" في الآيتين إلى الجملة الفعلية "تقوم"، لكن الفعل لم يقيد بشيء، ولذا اختلف المفسرون في المقصود بالقيام في الطور:
1- القيام لأي صلاة من ليل أو نهار.
2- القيام للصلاة المفروضة.
3- القيام من نوم القائلة لصلاة الظهر.
4- قيام الليل.
5- القيام من كل نوم.
6- القيام من كل مجلس.
وهذه الأحوال المذكورة ورد في نصوص السنة ما يدل على التسبيح والذكر فيها، لكن غلب في القرآن الكريم أن يوصف النبي r أو يؤمر والمؤمنين بالقيام في مقام العبودية لله U، ويقصد به الصلاة، سواء كانت فرضًا أو نفلاً، كقوله تعالى: ﭽﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅﭼ، ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭼ، وقوله: ﭽﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭼ، وقال الله U عن زكريا u: ﭽﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭼ].
15- أدبار السجود.
ورد التعبير بأدبار السجود في سورة ق (40) مقابل "قبل طلوع الشمس، وقبل الغروب، والليل". وقرئ: إِدْبار.
ووقت أدبار السجود، أو: إدبارها: بعد انتهاء السجود، والسجود: الصلاة.
اللهم اجعلنا لك من المسبحين الساجدين.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ورد التعبير بهذا الزمن في سورة الشعراء (218)، وفي سورة الطور (48), وهي التي فيها الأمر بالتسبيح في هذا الزمن مع "الليل، وإدبار النجوم".
و"حِين": الوقت من الزمان، ويستعمل ظرفًا لزمان مبهم، يحدده ما أضيف إليه.
وقد أضيف "حين" في الآيتين إلى الجملة الفعلية "تقوم"، لكن الفعل لم يقيد بشيء، ولذا اختلف المفسرون في المقصود بالقيام في الطور:
1- القيام لأي صلاة من ليل أو نهار.
2- القيام للصلاة المفروضة.
3- القيام من نوم القائلة لصلاة الظهر.
4- قيام الليل.
5- القيام من كل نوم.
6- القيام من كل مجلس.
وهذه الأحوال المذكورة ورد في نصوص السنة ما يدل على التسبيح والذكر فيها، لكن غلب في القرآن الكريم أن يوصف النبي r أو يؤمر والمؤمنين بالقيام في مقام العبودية لله U، ويقصد به الصلاة، سواء كانت فرضًا أو نفلاً، كقوله تعالى: ﭽﭬ ﭭ ﭮ ﭯﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅﭼ، ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭼ، وقوله: ﭽﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠﭼ، وقال الله U عن زكريا u: ﭽﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩﭼ].
15- أدبار السجود.
ورد التعبير بأدبار السجود في سورة ق (40) مقابل "قبل طلوع الشمس، وقبل الغروب، والليل". وقرئ: إِدْبار.
ووقت أدبار السجود، أو: إدبارها: بعد انتهاء السجود، والسجود: الصلاة.
اللهم اجعلنا لك من المسبحين الساجدين.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

صيغ التسبيح:
صيغ التسبيح القرآني:
1- ﴿ سُبْحَانَ رَبِّي ﴾ ﴿ سُبْحَانَ رَبِّنَا ﴾ .
2- ﴿ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ .
3- ﴿ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ .
4- ﴿ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ .
5- ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ .
6- ﴿ فَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ العَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾
7- ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾
8- ﴿ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾
9- ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا ﴾
10- ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ﴾ وهو سنة في الركوب.
11- ﴿ سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ العَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ .
ويسن لمن مر بهذه الصيغ في التسبيح أو أي آية فيها تسبيح خارج الصلاة أو في صلاة النافلة أن يسبح الله تعالى
صيغ التسبيح في السنة النبوية:
1- سبحان الله وبحمده، وهي صيغة مأمور بها في القرآن في عدد من الآيات ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ﴾ وهو تسبيح الملائكة ﴿ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ﴾ وأمر النبي عليه الصلاة والسلام أن يختم حياته بالإكثار منها، فيا لها من صيغة ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ . وقال النبي عليه الصلاة والسلام "إِنَّ أَحَبَّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ" .
وهذه الصيغة مؤقتة في اليوم والليلة بعدد رتب عليه أجر، جاء في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ " وجاء في حديث آخر عنه عليه الصلاة والسلام قال: "مَنْ قَالَ: حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، مِائَةَ مَرَّةٍ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ " .
2- سبحان وبحمده سبحان الله العظيم، وفي فضل هذه الصيغة حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ" .
3- سبحان الله العظيم وبحمده، وفي فضل هذه الصيغة حديث جَابِرٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: "مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ، غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي الجَنَّةِ" .
4- سبحان الله، أو سبحان ربي، وهي من الصيغ التي جاءت في القرآن، وفي فضلها حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ، كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ؟» فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ؟ قَالَ: «يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ، فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ، أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ خَطِيئَةٍ» . وقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «... وَسُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ -أَوْ تَمْلَأُ- مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ... » .
وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ» وهذه الصيغة (سبحان الله) مع التكبير والتحميد من الأذكار البعدية للصلاة المفروضة، تقال ثلاثا وثلاثين مرة.
5- سبحان ربي العظيم في الركوع، وعند قراءة قول الله تعالى ﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظِيمِ ﴾ . وسبحان ربي الأعلى في السجود، وعند قراءة قول الله تعالى ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ﴾ . ومن الصيغ التي جاءت في الركوع والسجود ما جاء في حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي" .
وصيغة أخرى جاءت في حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ» . ومعناه: مسبح مقدس رب الملائكة والروح.
وفي حديث لها آخر أنه عليه الصلاة والسلام قال في ركوعه أو سجوده «سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» . وورد في الركوع أيضا حديث عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قيام الليل قال في ركوعه: «سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ» .
6- سبحان الله وبحمده، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته، وفي فضلها حديث جُوَيْرِيَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى، وَهِيَ جَالِسَةٌ، فَقَالَ: «مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟» قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ ".
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وهذا يسمى الذكر المضاعف، وهو أعظم ثناء من الذكر المفرد فلهذا كان أفضل منه، وهذا إنما يظهر في معرفة هذا الذكر وفهمه؛ فإن قول المسبح: سبحان الله وبحمده عدد خلقه يتضمن ***** وإخبارا عما يستحقه الرب من التسبيح عدد كل مخلوق كان أو هو كائن إلى ما لا نهاية له..
7- ما جاء في حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مِنَ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟» قَالَ رَجُلٌ مَنِ الْقَوْمِ: أَنَا، يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «عَجِبْتُ لَهَا، فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ» قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ ذَلِكَ» .
8- سبحان الملك القدوس، وفيها حديث أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا سَلَّمَ فِي الْوِتْرِ، قَالَ: «سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ» وفي حديث عبدالرحمن بن أبزى يقولها ثلاثا . وجاء في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام يقولها عشرا قبل شروعه في صلاة الليل. .
9- ما جاء في حديث أَبَي أُمَامَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ:" أَفَلَا أُخْبِرُكَ بِأَكْثَرَ أَوْ أَفْضَلَ مِنْ ذِكْرِكَ اللَّيْلَ مَعَ النَّهَارِ، وَالنَّهَارَ مَعَ اللَّيْلِ؟ أَنْ تَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ مِلْءَ مَا خَلَقَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ مِلْءَ مَا فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ مِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَتَقُولُ الْحَمْدُ مِثْلَ ذَلِكَ ". فحري بالمؤمن أن يحفظ هذه الصيغ، وأن يكثر مما أطلق منها، ويأتي بالمقيد منها في موضعه بالعدد الوارد في النص

الصفحة الأخيرة
1- النهار، أطراف النهار.
ورد زمن "النهار" في القرآن الكريم سبعًا وخمسين مرة، وورد زمنًا للتسبيح في موضعين منها مع "الليل".
وورد في موضع منها مضافًا إليه "أطراف" بالجمع مع "قبل طلوع الشمس، وآناء الليل، وأدبار السجود". وفي موضع آخر بالتثنية "طرفي النهار" مع "زلف من الليل".
والنّهار: ضد الليل، وهو اسم لكل يوم، قال ابن فارس: ((النَّهار: انفِتاح الظُّلمة عن الضِّياء: ما بين طُلوع الفجر إلى غروب الشَّمس))، قال ابن سيده: ((قيل: من طلوع الشمس إلى غروبها))، وهذا على القول بأن الليل ينتهي بطلوع الشمس.
وطرفا النهار: الصُّبح والعَشِيّ، وصلاتهما: الفجر في طرف الصبح، والظهر والعصر في طرف العشي.
وأطراف النهار: ساعاته. وقيل: أراد طرفيه، فجمع.
2- الصُّبْح.
وردت مادة (صبح) دالة على زمن "الصُّبْح" في القرآن الكريم في ثلاثة وعشرين موضعًا، بصيغ مختلفة، فعلية واسمية. وورد هذا الزمن مع التسبيح فعلاً مضارعًا بلفظ "تصبحون" في سورة الروم (17) مع أزمان "المساء، والعشي، والظهر".
ووقت الصُّبْح، أو الصَّبَاح: أول النهار، من طلوع الفجر، حيث يبدو ضَوْء الصَّباح، إلى طلوع الشمس. هذا الأصل في تسمية الصبح، وربما أطلق إلى الزوال. وتسمى صلاة الفجر بالصُّبْح، وفي الحديث عن النبي r: «صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى»، وفي الحديث عن النبي r: «أَصْبِحُوا بِالصُّبْحِ؛ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لأُجُورِكُمْ».
3- الغُدُوّ.
ورد هذا الزمن بلفظ "الغدو" في القرآن في خمسة مواضع، في ثلاثة منها مع زمن "الآصال"، وفي موضع مع "العشي"، وفي موضع مع "الرَّوَاح".
وورد بلفظ "الغداة، والغُدْوة" على قراءتين في موضعين, وكلاهما جاء الزمن مع زمن "العَشِيّ".
ووقت الغُدُوّ: ما بين الفجر وطلوع الشمس. وهو وقت "الغُدْوة" و"الغَدَاة"، قال ابن فارس: ((الغين والدال والحرف المعتل: أصل صحيح يدل على زمان. من ذلك: الغُدُوّ، يقال: غَدَا يَغْدو، والغُدْوة، والغَدَاة)).
وقيل: الغُدُوّ: جمع "غُدْوة"، وتجمع أيضًا على: غَدَوات، وغُدَى، كما ذكر في العين.ويرى ابن فارس أن ((جمع الغُدوة: غُدَى، وجمع الغَداة: غَدَوات)). وقال الفيروزأبادي: ((الغُدْوَةُ بالضمِّ... كالغَداةِ والغَدِيَّةِ، ج: غَدَوات، وغَدِيَّات، وغَدايا، وغُدُوٌّ. ولا يقال: غَدايا إلا مع عَشايا)).
و"الغُدُوّ" أيضًا: السير في ذلك الوقت، كما أن "الرَّواح" لآخر النهار، قال الله تعالى: ﭽﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮥﭼ].
4- البُكْرة، الإبكار، الأبكار.
ورد هذا الزمن بلفظ "بُكْرة" في سبعة مواضع من القرآن: في موضعين مع "العشي"، وفي أربعة مع "الأصيل"، وفي موضع وحده.
وورد بلفظ "الإِبْكار، الأَبْكار" على قراءتين في موضعين، وكلاهما جاء الزمن مع زمن "العَشِيّ".
ووقت "البُكْرة" هو وقت "الغُدْوة، والغَدَاة"، كما نص على ذلك أهل اللغة، وهو: ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، قال في العين: ((البُكَر: جمع البُكرَة، وهي: الغداة))، وتجمع على أَبْكار. و"الإِبْكار" اسم للبُكْرة، كالإِصْباح للصُبْح. ويقال للسير في ذلك الوقت: الإِبْكار. والمضيّ فيه: التّبكير، والبُكُور، والابتكار، وقال الأزهري: ((والبُكور، والتبكير: الخروج في ذلك الوقت. والإبكار: الدُّخول في ذلك الوقت))، ويرى سيبويه أنه مصدر أَبْكَر، كما في اللسان والتاج، قال الجوهري: ((وقوله تعالى: (بالعشي والإبكار) وهو فعل يدل على الوقت وهو البكرة، كما قال: (بالغدو والآصال) جعل الغدو وهو مصدر، يدل على الغداة)).
5- قبل طلوع الشمس.
ورد في موضعين من القرآن مع "قبل طلوع الشمس".
وهو وقت الغُدْوة، والبُكْرة.
6- الإشراق.
ورد هذا الزمن بهذا اللفظ في موضع واحد مع "العشي". وورد في موضعين بلفظ "مشرقين".
وهو: وقت شروق الشمس.
7- الظهر.
ورد هذا الزمن بلفظ "الظهيرة" في سورة النور حينما عدّد الأوقات التي لا يدخل الأطفال فيها على آبائهم، وهي: قبل صلاة الفجر، والظهيرة، وبعد صلاة العشاء. وورد في سورة الروم فعلاً "تظهرون" مع أزمان "المساء، والصباح، والعشي".
ووقت الظُّهْر: من زوال الشمس إلى العصر. وأَظْهَر، أي: دخل فيه. وقيل: الظهيرة: شدة الحرّ نصف النَّهار، ولا يقال في الشِّتاء ظَهيرة، وإنما ذلك في القيظ.
8- العشي.
ورد هذا الزمن في القرآن بلفظ "عَشِيّ" في عشرة مواضع، وبلفظ "عَشِيّة" في موضع واحد.
وقد ورد في تلك المواضع مع "الإبكار" في موضعين، ومع "البُكْرة" في موضعين، ومع "الغداة" في موضعين. ومع "الغدو" في موضع. ومع "الصباح، والمساء، والظهر" في موضع. ومع "الإشراق" في موضع. ومع "الضحى" في موضع. وفي موضع وحده.
و"العَشِيّ" يطلق على الوقت من زوال الشمس إلى غروبها، فيدخل فيه وقتا الظهر والعصر، كما ذكر ذلك الأزهري، قال: ((أمّا العَشِيّ فإن المنذري أخبرني عن أبي الهيثم أنه قال: إذا زالت الشمس دُعي ذلك الوقت العشيّ، فتحول الظل شرقياً وتحولت الشمس غربية. قلت: وصلاتا العشِيّ هما الظهر والعصر... قلت: ويقع العَشِيّ على ما بين زوال الشمس إلى وقت غروبها، كل ذلك عَشيّ، فإذا غابت الشمس فهو العِشاء))، واستدل على ذلك بحديث ابن سيرين قال: سمعت أبا هريرة t يقول: صلى بنا رسول الله r إحدى صلاتي العشي، إما الظهر وإما العصر... الحديث. ومثله حديث عبد الله بن شداد عن أبيه t قال: خرج علينا رسول الله r في إحدى صلاتي العشي: الظهر أو العصر، وهو حامل الحسن أو الحسين... الحديث.
ومما جاء في الدلالة على أن العشي من بعد الزوال قول ذي الرمة:
يَظَلُّ بِهَا الْحِرْباءُ لِلشَّمْسِ مَاثلاً عَلَى الْجَذْلِ إِلاَّ أنَّهُ لاَ يُكَبِّرُ
إِذَا حَوَّلَ الظلُّ الْعَشيَّ رَأَيْتَهُ حَنِيفاً وَفِي قَرْنِ الضُّحَى يَتَنَصَّرُ
قال ابن قتيبة: ((يقول: فهذا الحرباء بالغداة يستقبل الشمس إذا طلعت، وتلك قبلة النصاري. وإذا زالت الشمس يستقبلها، وتلك قبلة المسلمين، لأن الشمس تدور، فهو حينئذ حنيف، والحرباء تراه أبدًا إذا بدت الشمس قد ألجأ ظهره إلى جذيل، فإن رمضت الأرض ارتفع، ثم ينقلب بوجهه مع الشمس كيفما دارت، حتى تغرب، إلا أن يخاف شيئًا، ثم هو شائح بيديه كالمصلوب)).
ويغلب استعمال العشي على آخر النهار، قال في العين: ((العَشِيّ بغير هاء: آخرُ النهار))، وقال في المحكم: ((العَشِيُّ والعَشِيَّةُ: آخر النهار))، ويوافق بذلك وقت العصر، وجاء تحديد "العشي" بـ"العصر" عند بعض اللغويين.
ومما يدل على استعماله في آخر النهار قول الطِّرِمَّاح:
كأخنس ذبّ رياد العشىّ ... إذا ورّكت شمسه جانحه
قال الفراء: ((أخنس ثور وذلك لأن في أنفه خنسا، ذب رياد العشى يريد أنه يرتاد بالعشى ويذب في رياده، وورّكت تحرفت للغروب)). وذكر عن الكسائي قال: ((أنشدنى الأسَدِىّ:
عَلى أحْوذِيَّيْن استقلت عَشِيَّة فما هي إلاَّ لمحة فتغيب)).
وذكر الخطابي عن البراء بن مالك t قال: شهدت اليمامة فكَفُّونا أول النهار، فرجعت من العَشي، فوجدتهم في حائط، فكأن نفسى جاشت، فقلت: لا وَأَلْتُ. أفرارًا من أوّل النهار، وجُبنًا آخره! فانقحمت عليهم.
وقال أبو بكر الأنباري: ((وقولهم: قد صَلَّيْتُ العَصْرَ. معناه: قد صليت صلاة العَشِيّ، وصلاة آخر النهار، يقال للعَشِيّ: عَصْر وقَصْر، ويقال القَصر حين يدنو غروب الشمس... ويقال للغداة والعشي العصران)).
ولعل مما يقرب غلبة إطلاق "العشي" على آخر النهار قربه من الليل، ودخول الظلمة فيه على الضياء، ومادة "عشو" ومعانيها المستخدمة فيها دلالة الظلام واختلاطه وقلة الوضوح في الشيء، كما قال ابن فارس (ت395هـ): ((العين والشين والحرف المعتل: أصل صحيح، يدل على ظلام وقلة وضوح في الشيء، ثم يفرَّع منه ما يقاربه. من ذلك العِشاء، وهو: أول ظلام الليل. وعَشواء الليل: ظُلمته. ومنه عَشَوْت إلى ناره: ولا يكون ذلك إلا أن تَخْبِط إليه الظلام... والعاشية: كل شيء يعشُو بالليل إلى ضوء نار. والتَّعاشي: التَّجاهُل في الأمر...
قال الخليل: والعَشَا، مقصور: مصدر الأعشى، والمرأة عَشْواء، ورجال عُشْو، وهو: الذي لا يُبصِر بالليل وهو بالنهار بصير... والعَشْواء من النُّوق: التي كأنَّها لا تُبصِر ما أمامها فتخبِط كل شيء بيديها)) وقال في أثناء ذلك: ((العَشِيّ إنما هو آخر النهار. وقد قيل: كل ما كان بعد الزَّوال فهو عَشِيّ)).
كما يدل على أنه آخر النهار استعمال القرآن الكريم له مع "الظهر"، قال الله Y: ﭽﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭼ الروم: ١٧-١٨]، واستعماله في الآيات مقابل "البكرة، والإبكار، والغدو، والغداة، والإشراق، والضحى"، وكل ذلك أول النهار، فقابل بها آخره، والله أعلم.
وأما "العَشِيّة" فقال في العين: ((إذا قلت: عَشِيّة، فهي ليوم واحد، تقول: لقيتُه عشيّةَ يومِ كذا وعشيَّةً من العَشيّاتِ)).
ومال الفراء إلى أن العَشِيّة بمعنى العَشِيّ، قال الفراء: ((قال الآخر:
هنِيئا لِسعدٍ ما اقتضى بعد وقعتِى بِناقةِ سعدٍ والعشِيَّةُ باردُ
كأن العَشِية فى معنى العَشِيّ)) ، وإلى هذا ذهب ابن فارس، وقال: ((هذا الذي حُكي عن الخليل فهو مذهب، والأصح عندنا أن يقال في العَشِيّ مثل ما يقال في العَشِيَّة، يقال: لقيته عَشِيَّ يوم كذا، كما يقال عَشِيَّة يوم كذا، إذ العشيّ إنما هو آخِر النَّهار)).
ويرى الجوهري أن العَشِي والعَشِيّة: من صلاة المغرب إلى العتمة، وقال ابن الأثير: ((وقيل: العَشِيّ: من زوال الشمس إلى الصباح))، وهو قول للراغب في مفرداته.
ولكن ما ذكر من قبل يدل على أن "العَشِيّ" هو آخر النهار، ويطلق على ما بعد الزوال إلى الغروب.
9- الأَصِيل، الآصَال.
ورد هذا الزمن في سبعة مواضع من القرآن: ورد مفردًا "أصيل" مع "البُكْرة" في أربعة مواضع، وورد جمعًا "الآصال" مع "الغدو" في ثلاثة مواضع.
ووقت الأَصِيل: بعد العصر إلى غروب الشمس. وحدده بعضهم بـ"العَشِيّ"، وقال ابن فارس: ((الأصيل بعد العَشِيّ))، ولعله يقصد آخر العَشِي؛ لأنه يرى أن العشي آخر النهار. ويقال للأصيل: الأُصُل، ويجمع على: آصال، وأصائل، وقيل: إن "أُصُل" جمع "أَصيل".
10- قبل غروب الشمس.
ورد في موضعين من القرآن مع "قبل طلوع الشمس".
وهو وقت الأَصيل، والعَشِيّ.