لا يمكنك السفر إلى معظم بلاد العالم بدون أن يكون في يدك دفتر صغير هو جواز سفرك إلى الدول الأخرى. ما هي قصة هذه الوثيقة، كيف بدأت وتطورت وما هي النظم التي تحكمها؟
لا أحد يعلم على وجه التحديد متى صدر أول جواز سفر، ولكن المؤكد أن نوعا من الوثائق كان يستخدم في تنقل الناس من دولة لأخرى. ومن المؤكد أيضا أن جواز السفر بشكله الحالي لم يكن معروفا قبل عام 1915. وأول مرة ذكرت فيها كلمة جواز السفر كانت في حوالى 450 قبل الميلاد. فقد طلب نحيميا وهو موظف في بلاط ملك الفرس أرتاكزيركزس الأذن له بالسفر إلى مملكة جودا، فوافق الملك ومنحه خطابا ( إلى حكام ولايات ما وراء النهر) يطلب منهم السماح له بالمرور في أمان أثناء سفره في أراضيهم. ولا تزال معظم جوازات السفر التي تصدر اليوم تحمل عبارات بنفس المعنى يطلب فيها رئيس الدولة أو من ينوب عنه المرور في أمان لرعاياهم.
وإلى عهد لويس الرابع عشر ملك فرنسا لم تكن الوثيقة ذات أهمية بالنسبة لكثير من الناس. وأصدر لويس خطابا لموظفي بلاطه أطلق عليه اسم passé port (عبور الميناء) لأن معظم السفر في العالم حينذاك كان عن طريق المواني البحرية والنهرية. وكانت تلك بداية مصطلح "باسبورت" passport.
وخلال 100 عام بعد لويس الرابع عشر، أسست معظم دول أوروبا نُظماً لإصدار جوازات السفر لمواطنيها، ومطالبة من يدخلون أراضيها بحمل وثيقة مماثلة والحصول على تأشيرات (فيزا) تسمح لهم بالدخول. وأدى رواج السفر بالقطار في منتصف القرن التاسع عشر في أوروبا لازدهار السياحة والسفر بصورة لم يسبق لها مثيل نجم عنها انهيار تام لنظم جوازات السفر والتأشيرات في أوروبا. ونتيجة لذلك ألغت فرنسا الجوازات والتأشيرات في عام 1861، وتبعتها الدول الأوروبية الأخرى. وفي عام 1914 كانت الجوازات والتأشيرات قد ألغيت تماما في أوروبا. ولكن الحرب العالمية الأولى أثارت قلقا أمنيا جعل من الضروري إعادة نظم الجوازات والتأشيرات كإجراء مؤقت.
جواز السفر البريطاني
أول إشارة إلى جواز سفر بريطاني وردت في قانون صدر في عهد الملك هنري الخامس في عام 1414 طلب فيه الملك من الدول الأجنبية السماح لرعاياه بحرية السفر، كما التزم بعدم إلحاق الأذى أو سلب ممتلكات الأجانب الذين يزورون بريطانيا. ويبدو أن البلاط الملكي أصدر وثائق "المرور الآمن" Safe Conducts منذ فترة طويلة قبل تأسيس سجل بذلك في عام 1540 وقد استمر ذلك السجل إلى عام 1685. وأقدم جواز بريطاني لا يزال محتفظا به فقد صدر بتاريخ 18 يونيو 1641 ووقع عليه الملك شارلس الأول.
وتشير وثائق مجلس العموم البريطاني أن جوازات سفر منحت لبريطانيين ورعايا أجانب بين أعوام 1644 و 1649 من قبل مجلسي البرلمان. واشترط أمر صادر بتاريخ 14 إبريل 1649 عدم منح جواز سفر لأي شخص يعمل ضد مصلحة الكومنويلث البريطاني. وإلى عهد شارلس الثاني كانت جميع جوازات السفر تصدر بتوقيع الملك، ولكن نوعا آخر من الجوازات صدر في عهده بتوقيع وزير الدولة. وإلى عام 1794 ظلت الحكومة البريطانية تصدر نوعين من الجوازات: أحدهما يحمل توقيع الملك ووزير الدولة، والآخر يحمل توقيع وزير الدولة فقط. ومنذ ذلك التاريخ أصبحت الجوازات تصدر عن وزير الدولة وحده. وهناك سجلات دونت فيها الجوازات التي صدرت منذ عام 1794، وكانت الجوازات تمنح لكل شخص بغض النظر عن جنسيته، ولكن البريطانيين وحدهم هم الذين يدفعون رسوما للحصول عليها. وفي عام 1858 أصبح إصدار الجوازات قاصرا على البريطانيين وحدهم، وأصبح أيضا وثيقة هوية.
كانت الجوازات البريطانية تكتب قبل عام 1771 باللغة اللاتينية أو الفرنسية. وبين عامي 1772 و1858 كانت تكتب بالفرنسية فقط. ومنذ ذلك التاريخ أصبحت تكتب باللغة الإنجليزية، وأضيفت اللغة الفرنسية بعد عام 1921 في بعض أجزائه.
جواز السفر الكندي
قبل عام 1862 كان الكنديون، كرعايا لبريطانيا، لا يحتاجون لجواز سفر لزيارة جارتهم الولايات المتحدة، ولكنهم يحتاجون إلى جواز سفر بريطاني صادر من لندن لزيارة أوروبا. ولكن الولايات المتحدة فرضت الحصول على جواز سفر أثناء الحرب الأهلية الأمريكية. ولهذا أسس الحاكم العام نظاماً مركزياً لإصدار الجوازات. وأطرف ما في الجوازات الكندية أنها كانت قليلة العدد بصورة تلفت الأنظار اليوم، فقد أظهر البيان المالي للحكومة في عام 1878 أن عائدات إصدار الجوازات كانت 50 دولارا في ذلك العام، وبما أن رسوم إصدار الجواز كانت دولارا وحدا فإن عدد الجوازات كان 50 فقط، وكانت عائداتها خلال السنوات التالية تتراوح بين 35 و50 دولاراً.
كان الجواز الكندي يتكون من ورقة واحدة. وفي عام 1915 تبنت كندا النظام البريطاني وهو ورقة واحدة مقسمة إلى 10 أجزاء.
جوازات السفر الأسترالية
كانت جوازات السفر الأسترالية تصدر باسم ملكة بريطانيا إلى عام 1949
ولكنها بدات تحمل اسم أستراليا منذ ذلك العام. وقد صدر منها في عام 1950 حوالى 30 ألف جواز، وارتفع العدد إلى 1,450,000 جواز في عام 2000 يستهلك إنتاجها 37 طنا من الورق 95,000 متر من الخيوط و69,000 مترا من الشريط الذهبي. ويصدر في المتوسط جواز سفر كل 27,5 ثانية. وقبل عام 1983 كانت الزوجة تحتاج لموافقة زوجها خطيا لمنحها جواز سفر. وفي عام 1986 اعتبر الجواز وثيقة هوية وبالتالي يجب أن يحمل كل فرد جوازا خاصا به حتى ولو كان طفلا رضيعاً، بعكس ما كان عليه الحال بعدم منح جواز منفصل لمن يقل عمره عن 18 عاماً.
نظام جواز السفر الحديث
حدد شكل جواز السفر الذي يحمله الناس في الوقت الراهن في مؤتمرات دولية عقدت في أعوام 1920 و1926 و1947. فقد أوصى مؤتمر 1920 بأن يكون جواز السفر في شكل كتيب صغير مكتوبا بلغتين على الأقل أحدهما هي اللغة الفرنسية، وأن يكون صالحا لمدة سنتين على الأقل ويفضل أن تكون صلاحيته لفترة خمس سنوات
منقول

*أم مروة* @am_mro_1
محررة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

إشراق 55
•
أختي بنت الجزائر جزاك الله خيراً على مقالك القيم .



لا يسعني أختي العزيزة إلا أن أشكرك على هذا الموضوع وهذه المعلومات التي لم أكن أعرفها قبل أن أقرأ مقالك الطيب هذا .
بارك الله فيك .
بارك الله فيك .

الصفحة الأخيرة