hasbona Allah

hasbona Allah @hasbona_allah

العضوية الراقية

أول من تُسعّر بهم النار يوم القيامة - أجارنا الله و إياكم -.

الأسرة والمجتمع

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
ثبت في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:إن أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه رجلٌ استشهد فأُتيَ به فعرَّفه نعمَه فعرفها، قال فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال هو جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسُحبَ على وجهه حتى ألقي في النار، ورجلٌ تعلَّم العلم وعلَّمه وقرأ القرآن فأتي به فعرَّفه نعمَه فعرفها، قال فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال كذبت، ولكنك تعلمت ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل ثم أمر به فسُحبَ على وجهه حتى ألقي في النار، ورجلٌ وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال كذبت، ولكنك فعلت ليقال هو جواد، فقد قيل ثم أمر به فسُحبَ على وجهه ثم ألقي في النار ) رواه مسلم.

قال الإمام النووي: شرح النووي على صحيح مسلم 5/46.

وفي الحديث السابق ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أصناف من الناس هم أول من تسعر بهم نار جهنم والعياذ بالله، وأولهم هو من قاتل ليقال عنه جريء، أو قاتل عصبية أو قاتل غير مريدٍ وجهَ الله عز وجل، فلما لم يكن عمله لله تعالى كان مصيره إلى نار جهنم، كما ورد في الحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليُرَى مكانُه، فمن في سبيل الله؟ قال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) رواه البخاري ومسلم.

وأما الصنف الثاني فهم حملة العلم والقرآن الذين لا يعملون بعلمهم، وهؤلاء قد كثروا في زماننا مع الأسف الشديد، فكم ممن ينتسبون إلى العلم الشرعي، ويتبوءون المناصب الدينية العليا، كالمفتين والقضاة الشرعيين وقراء القرآن الكريم وغيرهم من حملة الشهادات العليا في العلوم الشرعية، كم من هؤلاء لا يصونون العلم الذي يحملونه، ويقفون مواقف الريب والشبهات، بل يقفون مواقف مخزية مع أعداء الإسلام وأعوانهم، وقد صدق الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال: (… والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدُ فبائعٌ نفسه فمعتقها أو موبقها) رواه مسلم، ومعناه أن قارئ القرآن ينتفع به إن تلاه وعمل به وإلا فهو حجة عليه.

وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يُؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمُه سورةُ البقرة وآلُ عمران، تحاجَّان عن صاحبهما) رواه مسلم.

قال العلامة ملا علي القاري: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 4/627. وهذا الحديث يدل على أن أهل القرآن هم العاملون به وليس الأمر مقتصراً على حفظه وتلاوته وتجويده والتشدق به، فلا بد من التزام أخلاق القرآن، والتأدب بآدابه، وتحريم حرامه والعمل بما فيه.

قال عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-: التذكار في أفضل الأذكار ص 68.

وقال الحسن البصري: الزهد لابن المبارك ص 274.

وقال الحافظ ابن عبد البر: التمهيد 17/430. وقال الإمام القرطبي: التذكار في أفضل الأذكار ص 87.

وهذا الأمر الخطير وهو الانفصال ما بين الأقوال والأفعال صار ديدناً لكثير من حملة القرآن، الذين يزعمون أنهم أهل القرآن، وهم أبعد الناس عنه بأفعالهم، التي تتعارض مع تعاليم القرآن الكريم وأخلاقه وآدابه، فتراهم يقولون ما لا يفعلون ويتلاعبون بالأحكام الشرعية ويتطاولون على العلم وأهله، بل ديدنهم سب العلماء وشتمهم والوقيعة فيهم، فهؤلاء هم أهل القرآن الجافين عنه كما ورد في الحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط ) رواه أبو داود والبيهقي في شعب الإيمان، وقال العلامة الألباني حديث حسن كما في صحيح الجامع الصغير 1/438.

قال العلامة ملا علي القاري: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 8/706-707.

وقد ورد في الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عام تبوك خطب الناس وهو مُضيفٌ ظهرَه إلى نخلة فقال: ألا أخبركم بخير الناس وشر الناس ؟ إن من خير الناس رجلاً عمل في سبيل الله على ظهر فرسه أو على ظهر بعيره أو على قدميه حتى يأتيه الموت، وإن من شر الناس رجلاً فاجراً جريئاً يقرأ كتاب الله لا يرعوي إلى شيء منه) رواه النسائي وأحمد والحاكم، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.

قال العلامة المناوي في شرح الحديث: فيض القدير 3/133.

وأخرج الدرامي عن علي رضي الله عنه أنه قال: سنن الدارمي 1/73.

وورد في الحديث الإخبار عن أولئك الذين ( يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ) رواه البخاري ومسلم. وقال أبو عبد الرحمن السُّلمي: .

ويقول الخطيب البغدادي: اقتضاء العلم العمل ص 158. لذا فإن الواجب على المنتسبين للعلم الشرعي أن يصونوا العلم الذي يحملونه، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: رواه ابن ماجة والبيهقي في شعب الإيمان . انظر ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين ص 54-55 .
وقال الشاعر: ولو أن أهل العلم صانوه صانهم .. ولو عظَّموه في النفوس لعُظِّما

وأما الصنف الثالث فهم المراءون في الإنفاق، الذين لا يريدون وجه الله عز وجل في النفقة، ولذا استحب أهل العلم إخفاء الإنفاق في سبيل الله كما ورد في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله رواه البخاري ومسلم.


وخلاصة الأمر أن إخلاص العمل مطلوب، وهو علامة قبول العمل، فكل عملٍ إن لم يكن خالصاً لوجه الله عز وجل فهو مردود، والواجب على أهل العلم أن يكونوا على قدر المسؤولية والأمانة التي يحملونها، وكذا حملة القرآن لا بد لهم أن يعملوا به وإلا فالقرآن حجة عليهم.
والله أعلم.
1
555

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️