تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ .
الصحــة نعمة .. العافية نعمة .. سلامة الجوارح نعمة .. والحمد لله .. الحمد لله والشكر لله على تلك النعم ..
مكان المشهد : أحد المستشفيات
الزمن : أيام متفرقة من العمر
مشــاهد حفرت في ذاكرتي للأبد .. وكلما غفلت عنهـا مـا تلبث أن تجر تفكيري إليهـا جرا .. فمـا تركتني إلا كجثة هامدة .. فأصبحت كمن يهرب منهـا إليهـا ! .
المشهد الأول ..
جوزيف .. كما يحلو لأمه أن تناديه .. أو يوسف الموثق في أوراقه الرسمية .. طفل جميل في الثانية من عمره .. طريح ذلك السرير الأبيض .. الذي يضم جسده الصغير .. ودموعه .. وأنينه .. وآلامه وأوجاعه .. وابتسامته تلك التي تشق طريقها بين الدموع متحدية تلك الكمامة التي تنقل له الأكسجين كلمـا جاءت إحدى الممرضات تلاعبه وتخاطبه .. وأراى يوسف يفهم الملامح أكثر من الكلام .. فالغريب أن بعضهن يتحدثن معه العربية وآخريات يتحدثن الأنجليزية .. هو عربي الأصل .. عربي اللسان ولكن بناء على طلب الأم على الجميع أن يتحدث معه بغير لغته ربمـا لهدف في نفسهـا .. .. لا أدري ! .
لم تغب عيناي عنه لحظة .. طوال ذلك الليل الموحش .. والذي لم يقطع صمته إلا تلك الأصوات الصادرة عن تلك الأجهزة .. كنت اراقب جهازه وجهاز ابني في جواري .. كلمـا سقطت منه تلك الكمامة طلبت من احداهن ارجاعهـا .. وكلما قل مستوى الأكسجين هرعت للبحث عن ممرضته .. لم يفارق عيني في حين فارقهـا النوم .. ولم يكف لساني عن الدعوة له ولابني ولكل طفل يعاني السقم .
نسيت ان أخبركم فيوسف .. مصاب بتشوهـات في القلب وخضع لعمليتين في أمريكا والآن يقبع في وحدة العناية المركزة سألت عنه منذ عدة أيام فقد كان آخر عهدي به منذ شهرين صديقة تعمل هنـاك فأخبرتني أنه مازال موجود .. شافاه الله وعافاه
والله آلمني وضعه .. فلا أحد يسأل .. ولا أحد يكترث لحاله .. طوال تواجدي لمدة 24 ساعة هناك وأنا أسأل نفسي أين أمه .. أي نوم هذا الي يهنئ لهـا ! .. وأي طعام وشراب يحلو .. أما من أب !! .. أين تلك الرحمة عن قلوبهم .. يتقلب في ذلك السرير بين أسلاك الأجهزة .. والتهاب الصدر وألم القلب .. المكان بارد و أنينه لا يتوقف .. يبكي بصمت وما أرى أمامي سوى دموع .. وجسد يتلوى على ذلك السرير .. والله لو وصفت ما وصفت من وضعه ما افلحت لكن له الله .
وقبل انحسار الليل بقليل .. اصدر جهازه صوت ينذر بنقص الأكسجين لديه هرع إليه كل من كان في تلك الغرفة وتم استدعاء الأطباء .. والله كان قلبي يتفطر عليه وكأنه ابني .. وإذا بالدكتورة تقول سامح الله أمك .. تركتك منذ فترة .. ولا تدري عن وضعك الصحي شئ .. اخذت تتصل بها فلا مجيب ! .. فتم اخضاعه لعمليه مصغرة ساعتهـا .. سألت الممرضة أين أمه .. فأخبرتني أنها كانت تأتي في الاسبوع مرة واحدة وفي وقت لا يتواجد فيه إلا طبيب مناوب يتجول هنـا وهناك .. ربما لكي لا يتحدث إليها أحد .. ومن ثم انقطعت إلا من بعض الاتصالات الهاتفية .. قلت لها ربمـا ظروفها قالت لا أظن أن هناك ما يمنعهـا ربمـا تكون قد سئمت وضعه ! .. فقد أخبرتها أنها حزنت لقدومه حزن يعقوب على يوسف حزناً لا ينسيها وجوده فقد كانت ترغب بـ بنت تكون خامس أخوانها الذكور .. فجاء يوسف رغم عنهـا .. جاء ليذكرها كلمـا رأته بأن هذا جزاء من يعترض على حكم الله ! .. ولا حول ولا قوة إلا بالله
مشهد يوسف لا يفارقني .. رغم مرور زمن عليه .. استغرب أن هناك من يترك فلذة كبدة وخاصة في وضع كهذا .. زمن مخيف .. ومشهد احزنني .. فلك الله يا يوسف ولكل طفل يعاني مثلك .. وهو مشهد من عدة مشاهد سارويهـا لاحقاً ..
والحمد لله والشكر لله على صحة ننعم بهأ نحن وابناؤنـا .. الحمد لله والشكر لله على مـا قضى وقدر .

قطرة من فضة @ktr_mn_fd
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

ليس نقل عزيزتي ..
هذا موضوع بقلمي و كلماتي .. فأنا لا أعرف أن انقل احاسيس احد ..
شكراً لمرورك ..
هذا موضوع بقلمي و كلماتي .. فأنا لا أعرف أن انقل احاسيس احد ..
شكراً لمرورك ..



الصفحة الأخيرة
اللهم لك الحمد والشكر