أبهذا الرحيم تهزؤون؟! كيف من رجل السلام الأول تسخرون أيها الخاسرون؟! بل كيف على الإله الخالق تتجرؤون؟!!
أيها المتحاملون جهلاً وغروراً في الدنمرك وفي السويد، في أوروبا وفي أمريكا، وفي إسرائيل، في الشرق والغرب، وفي كل مكان من هذا العالم ما عُبِد الله بشيء مثل العقل، وما تصفون أو تعتدون به قولاً أو كتابة أو رسماً، وما تفعلون من منكرات، وما تتطاولون على رموز الدين، وما تسيئون لمقدسات المسلمين ودستورهم الخالد القويم، لا يدل على عقل أو بصيرة بل مؤشر جهل وضلال خطير، وفأل شقاء أكيد!
نعم إنه الجهل؛ الجهل بالله تعالى ومكانته وشدة عقوبته، والجهل بالدين الإسلامي الذي لم يكن يوماً ظاهرة ستتلاشى أو تضعف بل عقيدة تسمو وتبقى، ودين يسود ويقوى، فيدخل فيه الناس أفواجاً إلى أن تقوم الساعة، دين قيم مهيمن خالد، دين يحترم الأنبياء والمرسلين، ويقر احترامهم، بل ويستلزم وجوباً الإيمان بهم، كما هو الجهل بالسيد القائد العظيم رسول رب العالمين خاتم الأنبياء والمرسلين الشاهد المبشر النذير الرحمة المهداة للعالمين، من اقترن اسمه بتوحيد الله الخالق القدير، ومع عظمة هذا الرجل المرسل بالحق تراه لا يريد علواً في الأرض ولا تمجيداً، بل اتباعاً ونجاة للعالمين كافة من عذاب الله المهين.
ويا أمة الإسلام في كل مكان من هذا العالم:
صباح الحقائق المتكشفة لكل أعمى بصيرة منكم!
أسعد الله صباحكم بكل حقيقة تنجلي.. هل ترون الحقائق بوضوح تتكشف تظهر الآن واقعاً ملموساً ودليلاً إضافياً على ما يدور حولنا نحن المسلمين، وما يُحاك ضدنا؟ هل عرفتم الأخ من العدو، والصاحب من المخادع الكاذب؟
هل نعرف الحقيقة الآن؟ هل ندرك من هو الآخر؟ ذاك الذي لطالما حسبناه أو بعضُنا رمزاً للحضارة والرقي، وهو ليس إلا مخالفاً ومؤكداً أنه لا يرضى عنكم وعن إسلامكم يا من ترضون بالله تعالى رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبياً ورسولاً؟!
أما أنتم يا من بضاعتهم رُدّت إليهم، أيها الناطحون برؤوسكم الجبال الشامخة:
هل تعرفون رسول الله هذا الذي إياه له تتعرضون؟! لا والله ما عرفتموه، لو عرفتم محمداً يا شعوب غير الإسلام –المتطاولون منكم خاصة- عليه أفضل الصلاة وأكمل السلام- حق المعرفة لأسلمتم لمرسله الإله الواحد، بل لبكيتم ندماً أن تتعرضوا لشخصه الطاهر المطهر، أو أن تريدوا النيل منه بل وتصروا على ذلك!!
كيف لمن هو مضرب المثل في حسن الخلق والإصلاح وقدوة في أحسن الآداب ومدرسة في أروع الشمائل، رمز الحلم والرفق والرحمة والعفو عند المقدرة، والحب للخير والإعمار والسلام، المتسامح الكريم الذي لم يزده مع كثرة الأذى إلا صبراً، وعلى إسراف الجاهل إلا حلماً، الشكور لربه الصابر الأمين أصدق الناس لهجة، وألينهم عريكة، وأوفاهم ذمة، وأشدهم حياء، من كان خلقه القرآن، ومن أدبه ربه فأحسن تأديبه، قال الله تعالى مخاطباً له مثنياً عليه (وإنك لعلى خلق عظيم) الذي لا يرضى لكم إلا الجنة، ويصف ويمهد طريقها لكم أن يُقال فيه ما قيل أو يكتب عنه ما كتب؟!
أمينٌ مصطفى بالخير يدعو كضوءِ البدرِ زايله الظلامُ
وانظروا لقطرة من سجاياه عليه الصلاة والسلام:
• لقد شُجّت وجنتاه وكُسرت رباعيته ودخل "المغفر" في رأسه صلى الله عليه وسلم يوم أحد فقال: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون".
• لم ينتصر لنفسه من مظلمة يوماً قط ما لم تكن حرمة من محارم الله.
• عفا عمن سحره.
• تآمر عليه المنافقون، فتجاوز عنهم وسامحهم.
• يقابل الإساءة بالإحسان، والأذى بالإكرام.
• ولم يكن ضعيفاً بل أشجع إنسان على الإطلاق، فقد كان يتقي به المجاهدون إذا حمي البأس واشتد الحنق.
• لم يتراجع عن معركة قط، وكان أقرب المقاتلين إلى العدو، وما لقي كتيبة إلا كان أول من يضرب، وقد نهى عن قتل النساء والشيوخ الكبار والولدان، وإزهاق الأنفس المعصومة دون حق، وكذا نهى عن إتلاف الزرع، والإفساد في الأرض.
• محمد عليه الصلاة والسلام نبينا وحبيبنا وقدوتنا كان دائم البشر، لين الجانب ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صخّاب، ولا فحّاش، وقد زكت نفسه عن الرياء والإكثار وما لا يعنيه، لا يذم أحداًَ، ولا يعبره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم في غير حاجة، بل فيما يرجو عند الله تعالى ثوابه.
• وسع الناس بسطه وخلقه، فصار لهم أباً، وصاروا عنده في الحق متقاربين، يوقّر الكبير، ويرحم الصغير، ويرفد ذا الحاجة، ويؤنس الغريب، ولا فضل لأحد عنده إلا بالتقوى.
• يحب –بأبي هو وأمي- المساكين ويجالسهم، ولا يحقر فقيراً، ولا يدع أحداً يمشي خلفه، ولا يحب أن يتميز بين أصحابه، يتفقد أصحابه، ويؤلف بينهم وكان في خدمة أهله.
• أشد الناس لله تعالى خشية، وأكثرهم له شكراً وتواضعاً، ومع أنه أقربهم عنده منـزلة، مع هذا يقول لمن دخل عليه وقد أصابته منه رعدة: "هون على نفسك فإني لست ملكاً وإنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد".
• مع كل هذا لا يريد إطراء، أو تجاوزاً في الثناء، بل لا يرضى منا قولاً في حق نفسه إلا الشهادة بأنه عبد الله ورسوله فحسب.
أين هذه السجايا من سجايا ملوك العالم وسادتها؟!
أنى لمن ينبذ العنف والإرهاب والظلم والاعتداء على أي إنسان بغير حق مهما كانت ديانته، ويحذر من البغي والإفساد في الأرض، بل ويوصي بالرفق حتى للحيوان، ويأمر بالعدل ويحث عليه أن يُصور بمن يحمل ما هو رمز للدمار والخراب والتهديد والرعب فوق رأسه؟!
إن توقير النبي عليه الصلاة والسلام واحترامه واجب أكيد، وفي هذا يقول الله تعالى: (...فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
أما الاستخفاف به وبما جاء به فما هو من الكفر ببعيد، بل هو كفر عتيد، وعقوبته شديدة حتى لدى المسلم أو لو كان فاعله مؤمناً.
يقول سبحانه (...قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ).
أيها المناصرون المتبعون يا أحباب الرحمة المهداة:
هل يكون ما حدث أو يحدث لكم درساً وعبرة وضارة نافعة لتتحدوا وتقوى شوكتكم وتتقوا الله حق تقاته وتعظموا الله في قلوبكم حق التعظيم؟ أم نعود نُلدغ من جحر الكافر مراراً وتكراراً لا سمح الله، وقد صفت سماء مداركنا، واتضحت السبل أمامنا لنعبر بمأمن من العدو؟
يا أحباب محمد، أيها المخلصون الصامدون، أبشروا (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين)، رسولكم دليلكم إلى الجنة، إلى السعادة والنعيم، وأنتم أيها المستهزئون الطاغون أبشروا أيضاً فقائدكم يقودكم إلى المقاطعة وليست الاقتصادية في الدنيا وحسب، بل مقاطعة الخير والنعيم عنكم، بل وإلى بئس المصير إن أصررتم وتماديتم، وتحسبون أنكم إيانا تعادون بل عداؤكم ليس معنا نحن المخلوقين بل مع الله تعالى الخالق العظيم الذي جعل طاعة الرسول من طاعته، وحبه من حبه سبحانه، ومن يحارب الله تعالى أو يتجرأ على ذلك إلا كل ظالم لنفسه مبين. إنه سبحانه حسبنا ونعم الوكيل، قال تعالى (إنا كفيناك المستهزئين) ، إنها والله بشرى بالنصر من الله تعالى وبحوله، وهي سنته في الكون، قال سبحانه (...قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ).
وقال وقوله الحق(فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) .
وقال أصدق القائلين (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعه إلى يوم الدين.
د. أسماء الحسين
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️