
وهو يحلم بالعيد ..
كان يجلس في حجر أمه ..
وقد تخللت أصابعها شعر رأسه ..
وهو يتحدث إليها بكل الحب ..
وهي تبادله الحنان ..
وتمنحه الراحة ..
وتملأ نفسه بالأماني .
غداً يأتي العيد ..
وتلبي ثوبك الجديد ..
وتخرج إلى الحديقة المجاورة ..
لتعلب مع الأطفال وتسعد كما يسعدون .
لقد كانت الأم المحزونة ..
وهي تهدهد صغيرها التعيس ..
تحاول أن تنسيه الآم الفقر وجراحات الأمس ..
وقد ذهب والده ولم يعد .
لقد سألها منذ عدة أيام :
لماذا لم يعد أبي حتى الآن ؟! ..
لقد تأخر هذه المرة كثيراً ! .
وفجأة
انتفض في حجرها وهو يقول لها :
ألا يريد أبي العودة إلينا لنقضي العيد معاً ؟! .
هذه المرة لم تستطع الأم أن توقف دمعة ساخنة ..
قد خرجت على وجنتيها ..
وهي تحترق من الداخل ..
لكنها حاولت أن تخفي الحقيقة ..
ومسحت بيدها على رأسه وهي تقول :
أرفع يدك إلى السماء وادع له ..
فقد يعود إلينا يا عزيزي ..
رفع الصغير كلتا يديه ..
وراح يبتهل إلى الله أن يعيد إليه أباه ..
وتمتم بعبارات مليئة باليأس ..
والخوف والاضطراب ..
نظرت الأم إلى طفلها وقبلته ..
وكأنها تقرأ في عينيه ملامح غد كئيب .
وفجأة !! ..
وقف الجندي " أرعن " أمامها ..
وقد بدا ساخطاً دون أن يتحدث إليهما ..
صوب إليهما فوهة مدفعه الرشاش !! ..
وإذا الأم والطفل وبقايا الحلم
كومة من لحم ودماء ..
وذهب آخر الأحلام .
ونام الإنسان إلى الأبد ..
ومات معهما السؤال عن الأب ..
الذي اغتاله من قبل نفس الأيدي القذرة .

فأي عيد هذا الذي نعيشه اليوم ؟!
فأي عيد هذا الذي نعيشه اليوم ؟!
فأي عيد هذا الذي نعيشه اليوم ؟!