سؤال مهم يتطرق إلى ذهن كثير منا : هل قيام المرأة بقياس الملابس داخل المصليات في الأسواق وما على شاكلتها من غرف قياس يدخل ضمن نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن نزع ثيابها في غير بيت زوجها أو أمها .. ؟
ورد في التحذير من نزع المرأة ثيابها في غير بيت زوجها أشد التحذير عدة أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها :
عن أبي المليح الهذلي أن نساء من أهل حمص - أو من أهل الشام - دخلن على عائشة رضي الله عنها فقالت : أنتنّ اللاتي يدخلن نساؤكم الحمامات ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت زوجها إلا هتكت الستر بينها وبين ربها " صحيح الجامع .
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها خرق الله عنها ستره " صحيح الترغيب .
وعن أم الدرداء رضي الله عنها قالت : خرجت من الحمام فلقيني النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " من أين يا أم الدرداء ؟ فقلت : من الحمام ، فقال : والذي نفسي بيده ، ما من امرأة تنزع ثيابها في غير بيت أحد من أمهاتها إلا وهي هاتكة كل ستر بينها وبين الرحمن عز وجل " صحيح الترغيب .
فهذه الأحاديث صحيحة الإسناد ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيها الوعيد الشديد على من تنزع ثيابها في غير بيتها أو بيت أمهاتها ، والمقصود الثياب الساترة لها ، لأنها بذلك قد هتكت الستر أي حجاب الحياء بينها وبين ربها ، لأن الله عز وجل أمرها بالستر والحجاب والعفاف ، والله تعالى أنزل لباس التقوى ، ولباس الستر الذي به تستر العورات والأمران متلازمان فالمؤمنة التي سترت نفسها وعورتها إلا من زوجها قد اتقت ربها في ذلك ، كما أن التي لا تتقي الله في ذلك هي التي تكشف هذا الستر بينها وبين الله تعالى .
وهذه الأحاديث تدل على خصوصية مسألة معينة وهي نزع الثياب كلها حتى لا يبقى منها شيء أو يبقى أقل القليل كما هو واضح في سبب الحديث وهو دخول الحمام ، ومعلوم أن المقصود به الحمامات التي كانت في الزمن القديم ، حين كانت البيوت لا يوجد بها حمامات ، وإنما هناك حمامات لعموم النساء وأخرى للرجال يأتون إليها من بيوتهم لتوفر الماء الحار فيها ووسائل النظافة ، فكانت المرأة تخرج من بيتها وتذهب إلى هذه الحمامات ، وهناك يقع من كشف العورات والاختلاط ما هو معلوم ، أما الحمام الخاص الذي هو داخل البيوت فلا يدخل في النهي الوارد هنا .
وإن مما نستطيع قياسه على هذه الحمامات صالونات التجميل التي تذهب إليها النساء لعمل حمامات التنظيف والتجميل لبشرة أجسادهن مما يفضي إلى كشف العورات وما إلى ذلك ، ومن ذلك أيضا غرف قياس الملابس التي توجد في الأسواق والمحلات ، وهو من أظهر ما يدخل في النهي ، فقد اعتادت بعض النساء إذا اشترت ثوبا جديدا أن تلجأ إلى أحد الأمكنة لتنزع ما عليها من ثياب ثم تلبس أو تقيس هذه الثياب التي اشترتها ، وقد تعمل على نزع ثيابها بالكلية لأجل ذلك ، وهذا لا يجوز لدخوله في عموم النهي في الحديث ، سواء فعلت ذلك في الغرف داخل المحلات المهيأة لقياس الثياب أو المصليات النسائية الموجودة في السوق أو غيرها ، والنهي هنا لأمور :
أن الأسواق غير مأمونة فقد يتلصص بعض الرجال أو الباعة ، أو توضع بعض المرايا العاكسة في غرف القياس ، وقد يضع بعض الفسقة آلات تصوير خفية .
فعلى المرأة المسلمة تقوى الله ومراعاة حدوده ، ومراقبته في جميع أمورها ، ومن ذلك هذا الأمر الذي تساهل فيه الكثير من النساء ، وأن تتذكر أحاديث الرسول السابقة وتخاف من وعيد ربها .
كما يجب عليها عدم التساهل في ذلك بين النساء وفي الأماكن العامة لما له أثره السيئ على المرأة في عفافها وحجابها ، وقد يكون ذلك سببا في تسلط الذئاب من الفسقة عليها .
ويجب النصيحة لباقي الأخوات وتحذيرهن من هذه العادة السيئة وإيجاد البدائل لذلك من أخذ الملابس إلى البيت وقياسها هناك ، واشتراط ذلك على البائع ، وعلى ولي الأمر أن لا يقر زوجته أو ابنته على ذلك ، وأن يحذرها من هذا الفعل .
كما يجب تعويد البنت من الصغر على التستر والعفاف ، والحذر من أن تنام البنت في غير بيت والديها ، كما يحدث مع البعض من نوم البنات المراهقات مع قريباتهن أو صديقاتهن ، وهذا مدخل خطير كما هو معلوم ، فالبنت يجب ألا تفارق أمها ، وألا تبيت إلا عند أهلها .
فضيلة الشيخ / عبد الرحمن المحمود

نصر @nsr_1
محرر في عالم حواء
هذا الموضوع مغلق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️