إحرام القلب

إحرام قلب

🌹🌹
إن للقلب إحراماً كإحرام الجسد ، فهذا يحرم بثوبه وأنت تحرم بقلبك لربك ، وإحرام القلب يشترك فيه الحاج وغيره ..
🌹🌹
فهل أحرم قلبك ؟!
إن إحرام القلب يكون بإخلاصه لمعبوده ، يعمل العمل خالصا منيبا راجيا عفو ربك ..
🌹🌹
فيمضي أعمى البصر إلا عن ربه .. لا يرى سوى معبوده من هذة الحياة .. لا يريد إلا رضاه سبحانه .. فقد قطع الشوق إلا إليه ونبذ الحب إلا له وآثر مرضاة ربه على راحة بدنه ..
🌹🌹
فسار لربه لا يألم من قدر أحل به ، ولا يأبى لفوات دنيا فانية .. فمبتغاه وأسمى أمنياته وجه الكريم سبحانه..
🌹🌹
والناس يتفاوتون في إحرام الأبدان ، وكذلك يتفاوتون في إحرام القلوب ..
🌹🌹
وكما أن لإحرام الأبدان محظورات كذلك إحرام القلب له محظورات منها:
الرياء والسمعة والحسد والضغينة ...الخ .
🌹🌹
وهذه نفحات العشر الأول من ذي الحجة قد أهلّت ومواسم طاعات قد أقبلت
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
"مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ "
فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
"وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ " .
🌹🌹
فيا سعد قلبك المحرم حين يعلم أن العمل في هذة الأيام محبوبة لمحبوبه .. بل هي أحبها إليه سبحانه ..
"الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّه"
🌹🌹
والعمل الصالح يشترك فيه الحاج وغيره وأيضا للعمل شرط قبول يشترك فيهما الحاج وغيره
قال تعالى :
"الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ" (الملك:2)
🌹🌹
قال الفضيل بن عياض رحمه اللهفيها : "أخلصه وأصوبه"
فقال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا، لم يقبل ، وإذا كان صوابا ، ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصا صوابا.
والخالص: أن يكون لوجه الله، والصواب: أن يكون متبعا فيه الشرع والسنة
🌹🌹
والقلب المحرم يسأل نفسه سؤالين قبل الفعل :
لمَ أفعل ؟ وكيف أفعل ؟
فالأول سؤال عن الإخلاص ، والثاني سؤال عن الاتباع ،
🌹🌹
فقلب المحرم إذا كان لله مضي بشوق وحب وإقبال على مولاه .. فإن وجده موافقا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم مضى مسرعا فهو الطريق الوحيد لربه ، وإن لم يكن : بعد عنه فهذا ليس طريق ربه إنما هي السبل ..
🌹🌹
فمَن طلب الإخلاص رجا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم الخلاص.
🌹🌹
وللأسف قد كثر سؤال الحجيج عن مميزات الحملات من أكل وشرب وراحة وقليل من سأل عن: لمَ أحج ؟ وكيف أحج؟ إلا مارحم ربي ..
🌹🌹
كذلك يشترك الحاج وغيره في معنى التلبية لبيك اللهم لبيك ..
أي : إجابة يارب لك بعد إجابة وطاعة لك بعدها طاعة..
فقلب المحرم أنسه بطاعة مولاه وسيده فما ينفك من طاعة إلا واشتاق قلبه للأخرى..
🌹🌹
فإن الحجيج ومع تعب وعناء الحج تجدهم بعد انتهاء المناسك وهموا بمغادرة الأراضي عائدين إلى أهليهم قد دب شوقهم للحج قبل أن يفارقوا البلاد .. لا بل قبيل غروب شمس عرفات وقبل تحللهم .. وتجد ألسنتهم لهجت أن لا يكون هذا آخر عهدهم بالبيت ..
🌹🌹
وكذا قلب المخلص .. أحرم ولم ينفك من إحرامه .. ولم يتحلل من طاعة مولاه .. ناب وآب ربه فما وجد راحته إلا عند عتبات باب خالقه ..
🌹🌹
ويشترك أيضاً في التكبير والتحميد والتهليل المحرم ببدنه ومن أحرم قلبه لربه ..
قال تعالى: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ"(البقرة: من الآية203)
وقال سبحانه: "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ "(الحج: من الآية28)
🌹🌹
قال ابن عباس رضي الله عنها:
وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ أَيَّامُ الْعَشْرِ وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا.
🌹🌹
ذكر ابن رجب في اللطائف :
أنه رأى بعض الصالحين الحجاج في وقت خروجهم فوقف يبكي ويقول : واضعفاه وينشد على أثر ذلك :
فقال دعوني واتباعي ركابكم أكن طوع أيديكم كما يفعل العبد
ثم تنفس وقال : هذه حسرة من انقطع عن الوصول إلى البيت ، فكيف تكون حسرة من انقطع عن الوصول إلى رب البيت !
🌹🌹
يا حسرة مَن انقطع عن العمل الصالح في هذه العشر
يا حسرة مَن فتحت له الدنيا أسواقها وشهواتها فانغمس وضيّع مواسم العبادة فيها
الغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة فما منها عوض فهي أحب الأعمال لله
فالمبادرة المبادرة بالعمل،والعجل العجل قبل هجوم الأجل
قبل أن يندم المُفرّط على ما فعل
قبل أن يسأل الرجعة فيعمل صالحا فلا يُجاب إلى ما سأل
قبل أن يحول الموت بين المؤمّل وبلوغ الأمل
قبل أن يصير المرء مُرتهنا في حفرته بما قدّم من عمل
ليس للميت في قبره....فطر ولا أضحى و لا عشر
ناءٍ عن الأهل على قربه....كذاك من مسكنه القبر
فبادروا إخواننا وأقبلوا بقلوب محرمة على الله سبحانه .. واعلموا أن ما عملتم فيها من عمل أفضل عند مولاكم من الجهاد في سبيل الله سبحانه ..
🌹🌹
واجعل شعارك :
لبيـك ربي وإن لم اكنّ بينَ الزحَام مُلبيـا
لبيـك ربي وإن لم اكنّ بينَ الحجيج ساعيا
لبيـك ربي وإن لم اكنّ بينَ عبادك داعيا
لبيـك ربي وإن لم اكنّ بينَ الصفوف مصليا
لبيـك ربي وإن لم اكنّ بينَ الجموع عفوك طالبا
لبيـك ربي فااغفر جميع ذنوبي أدقها وأجلها?♡
🌹🌹
اللهم أعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
وصلّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
🌹🌹
كتبه : يسري صابر فنجر ( بتصريف )
موقع : صيد الفوائد ..
👍🌹🌹