Lina2005

Lina2005 @lina2005

عضوة نشيطة

إحياء سنة مهجورة

ملتقى الإيمان

إحياء سنة مهجورة

إن التناصح بين المسلمين أمر مطلوب ، حتى وإن كان الناصح مقصراً فيما

ينصح به مع بذله الجهد للامتثال ، وفي هذه الوريقات أذكر نفسي وإخواني بسنة

هجرت ، ففات بهجرانها أجر عظيم ، وليت هجرها من عامة الناس ، بل من

علمائهم وعبادهم ودعاتهم ، فلا تكاد تر هنا إلا في النذر اليسير على أزمنة متفاوتة .

وهذه السنة هي : المكوث في المصلى بعد صلاة الغداة جماعةً ، حتى تطلع

الشمس وترتفع ، ثم أداء ركعتين .

فضلها :

قال الترمذي باب ( ذكر ما يستحب من الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح

حتى تطلع الشمس ) ، ثم أورد بسنده عن أنس بن مالك-رحمه الله-قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ( من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ، ثم صلى ركعتين ، كانت له كأجر حجة وعمرة ) ، قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ( تامة ، تامة ، تامة ) .

وعن أبي أمامة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : ( لأن أقعد أذكر الله تعالى وأُكبره ، وأحمده وأسبحه ، وأهلله ، حتى تطلع الشمس ، أحب إلى من أن أعتق رقبتين أو أكثر من ولد إسماعيل ، ومن بعد العصر حتى

تغرب الشمس : أحب إلى من أن أعتق أربع رقاب من ولد إسماعيل ) .

فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- لها :

عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال : ( كان رسول الله -صلى الله عليه

وسلم- إذا صلى الفجر لم يقم من مجلسه حتى تمكنه الصلاة ) ، وقال : ( من صلى

الصبح ثم جلس في مجلسه حتى تمكنه الصلاة ، كان بمنزلة عمرة وحجة

متقبلتين ) .

وفى ( صحيح مسلم ) عن سماك بن حرب قال : قلت لجابر بن سمرة : أَكنت

تجالس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؟ قال : نعم ، كثيراً ، كان لا يقوم من

مصلاه الذي يصلي فيه الصبح أو الغداة حتى تطلع الشمس ، فإذا طلعت قام .

وهذا الحديث يدل في أقل أحواله على كثرة فعل النبي -صلى الله عليه

وسلم- لها ، إن لم يكن فيه دلالة على مداومة الرسول عليها . إذ أن لفظ ( كان )

يفيد الاستمرار غالباً .

مسائل مختصرة تتعلق بهذه السنة :

الأولى : هل يختص المكوث بالمسجد أو المصلى أم لا ؟

ظاهر الحديث يدل على أن السنة : المكوث في المصلى وعدم الانتقال منه

إلى بيت أو نحوه ، وعلى هذا تراجم العلماء أيضا ، وقد سبق قول الترمذي في

ترجمته لحديث الباب ، ومثله ترجم النووي لحديث صحيح مسلم قال : ( باب :

فضل الجلوس في مصلاه بعد الصبح وفضل المساجد ) ، وقال المناوي في

( فيض القدير ) : ( وفيه ندب القعود في المصلى بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس

مع ذكر الله -عز وجل- ) - ومثله قال المباركفوري .

الثانية : هل هاتان الركعتان هما سنة الضحى ؟

ورد في حديث معاذ الجهني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : ( من قعد

في مصلاه حين ينصرف من مصلاه الصبح حتى يسبح الضحى ، لا يقول إلا خيراً ، غفر الله له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر ) . أخرجه أبو داود ، والبهيقي في

السنن الكبرى 3/490 ، وترجم له بقوله : باب : من استحب أن لا يقوم من مصلاه

حتى تطلع الشمس ، فيصلي صلاة الضحى ، ولكن هذا الحديث إسناده ضعيف .

كما أن ظاهر الأحاديث الواردة في هذه السنة لا يدل على أنها صلاة الضحى ، ويؤيده : أن وقت السنة لصلاة الضحى كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- :

( صلاة الأوابين حين ترمض الفصال ) أي : إذا وجد الفصيل - وهو ولد الإبل -

حر الشمس ، ولا يكون ذلك إلا عند ارتفاعها ، وهذا الوقت لا يكون إلا بعد ارتفاع

الشمس بمقدار أكبر من رمح أو رمحين ، كما هو وقت أداء هذه السنة .

ثالثاً : متى تؤدى ؟

من المعلوم أن الوقت بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس وترتفع قيد رمح

هو وقت نهي ، فعن عقبة بن عامر قال : ( ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى

الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا ، حين تطلع الشمس

بازغة حتى ترتفع ... ) رواه مسلم رقم : 831 ..

وورد في أحاديث أخرى تحديد هذا الارتفاع ب : ( قيد رمح أو رمحين ) كما

في حديث عمرو بن عبسة ، وهنا لفظ أبي داود ، ولفظ النسائي : ( ندع الصلاة

حتى ترتفع قيد رمح ويذهب شعاعها ) .

فعلى هذا : يكون وقت أدائها بعد خروج وقت النهي وهو ارتفاع الشمس قيد

رمح ، ولعل هذا معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر

المتقدم : ( من صلى الصبح ، ثم جلس في مجلسه حتى تمكنه الصلاة ) ، وكذلك ما

ورد في حديث جابر ابن سمرة : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر ،

تربَّع في مجلسه حتى تطلع الشمس حسناً ) ، قال النووي : (هو بفتح السين وبالتنوين ، أي : طلوعاً حسناً ، أي : مرتفعة) .

وقت مشهود للذكر :

قال النووي في ( الأذكار ) (باب : الحث على ذكر الله تعالى بعد صلاة

الصبح) ، ثم قال : اعلم أن أشرف أوقات الذكر في النهار : الذكر بعد صلاة الصبح . اهـ . ثم أورد حديث أنس المتقدم .

وفي هامش مختصر سنن أبي داود للمنذري : (قيل : وفي فعله فائدتان :

أحدهما : الجلوس للذكر ، فإنه وقت شريف ، وقد جاءت أحاديث في الذكر في ذلك الوقت .

والثانية : أنه لما تعبد الإنسان لله -عز وجل- قبل طلوع الشمس ، لازم

مكان التعبد إلى أن تنتهي حركات الساجدين للشمس إذا طلعت) .

وعن عمرو بن عبسة قال : قلت : يا رسول الله : هل من ساعة أقرب من

الله -عز وجل- من الأخرى ؟ أو : أَهَل من ساعة يبتغى ذكرها ؟ قال : ( نعم ، إن

أقرب ما يكون الرب -عز وجل- من العبد جوف الليل الآخر ، فإن استطعت أن

تكون ممن يذكر الله -عز وجل-في تلك الساعة فكن ، فإن الصلاة محضورة

مشهودة إلى طلوع الشمس ، فإنها تطلع بين قرني شيطان ، وهي ساعة صلاة الكفار ، فدع الصلاة حتى ترتفع قيد رمح ، ويذهب شعاعها ، ثم الصلاة محضورة مشهودة

حتى تعتدل الشمس اعتدال رمح ... ) الحديث . رواه أبو داود والنسائي ، وهذه

رواية النسائي .

قال الشوكاني : (أي : تشهدها الملائكة ويحضرونها ، وذلك أقرب إلى القبول

والرحمة) .

ولعل الإمام ابن تيمية فقه هذا حقَّ الفقه ، يروي عنه تلميذه ابن القيم -رحمه

الله : (كان إذا صلى الفجر يجلس في مكانه حتى يتعالى النار جداً ، يقول : هذه

غدوتي ، لو لم أتغد هذه الغدوة سقطت قواي) .

وما أعجب ما نقله البغوي وغيره عن علقمة بن قيس - وكان أشبه الناس

سمتاً وهدياً بعبد الله بن مسعود - قال : بلغنا أن الأرض تعج إلى الله من

نومة العالم بعد صلاة الصبح .

هل نسير على خُطاهم ؟ :

وبعد أن رأينا الأجر العظيم لهذه السنة ، وحرص سلفنا على فعلها ، استطرد

هنا قائلاً :

إن كثيراً من الدعاة إلى الله فضلاً عن غيرهم في هذه الأيام يشكون كثيراً من

الإحساس بنقص الإيمان وقسوة القلب ، فهم يبحثون دائماً عن علاج لهذا ، وإذا

نظرنا نظرة متجردة لأنفسنا ، فنجدنا تاركين لسنن كثيرة ، مع أن لها أثراً كبيراً في

إحياء قلوبنا ، في الوقت الذي نجدنا حريصين على سنن أخرى ، لغرابتها بين

الناس ، فهي تجلب الأنظار لفاعلها وتصف صاحبها بأنه متبع للسنة ، مع سهولة

أداءها ، متعلقين بقولنا : (نشر السنة وإظهارها واجب ... ) ، أما السنة التي تشق

علينا والتي لا تظهر غالباً للخلق والرقيب عليها هو الله فحسب ، فنحن متهاونون

فيها تاركون لأكثرها .

فما هو مقدار حرصنا على صوم يومي الاثنين والخميس ؟ ! ، وأكون

صريحاً أكثر إن قلت : كم صمنا فعلاً هذين اليومين ؟ وما هو مقدار حرصنا على

التبكر إلى الصلاة وحضور الصف الأول ؟ ! ، أم انشغال الدعاة بالأمور الهامة هو

سبب امتلاء الصفوف الأخيرة بهم ؟ ، وما هو ؟ .. وما هو ؟ .. وغير هذا كثير .

وختاماً : وبعد هذه الذكرى ، فهل سنرى الأمر تغير وأصبحت المساجد

تمتليء بعمَّارها في هذا الوقت ؟ ، أم هل ستكون هذه الذكرى مجرد (علم) أضفناه

إلى (علمنا) أو موعظة جديدة نخاطب بها الآخرين وننسى أنفسنا ؟ .

________________________

(1) رواه الترمذي في1/482و2/586 ، وقال : حديث حسن غريب ، وهو حديث حسن ، حسنه غير واحد منهم : الألباني والأرناؤوط وغيرهم .

(2) في الترغيب والترهيب 294/1 ، رواه أحمد بإسناد حسن ، كما حسنه الألباني في صحيح الترغيب و الترهيب .

(3) قال المنذري في الترغيب والترهيب 292/1 : رواه الطبراني في الأوسط ورواته ثقات ، إلا الفضل بن الموفق ففيه كلام ، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب .

(4) رواه مسلم 1/463 ، رقم670 - طبع عبد الباقى .

(5) النووي على مسلم 5/170 .

(6) قاله المعلق على جامع الأصول 400/9 .

(7) الروايات مفصلة في جامع الأصول5/258رقم3338 .

(8) الأذكار للنووى / 70 .

(9) مختصر سنن أبي داود بتعليق الفقي وشاكر 201/7 .

(10) راجع جامع الأصول 257/5 .

(11) النيل 3/ 90 .

(12) الرد لابن ناصر الدين .

(13) انظر ترجمته .

(14) شرح السنة للبغوى 222/3 .

منقول من البريد الإلكتروني
3
550

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

* أم عمر*
* أم عمر*
جزاك الله خيرا:26:
Fragrance
Fragrance
بارك الله فيك ونفع بك :26:
Lina2005
Lina2005
شكرا على مرورك أخت رسالة شوق
شاكرة مرورك أخت Fragrance
:26: