إخوان الشياطين

الملتقى العام

دعتنا جارة لنا - أمي وأنا - إلى عرس إبنها في إحدى صالات الأفراح الفخمة, فلبينا دعوتها وذهبنا البارحة الخميس.. وكان عدد المدعوات الحاضرات - حسب تقديري - لا يزيد عن مئة وخمسين إمرأة.. وحين قمنا إلى العشاء فوجئت بأن الأطعمة الموجودة تكفي لإشباع ألف وخمسمئة إمرأة جائعة بدون أي مبالغة!. فقد كان على الموائد ثلاثون ذبيحة قابعة فوق أكوام من الأرز, ما عدا أصناف المآكل الأخرى التي لا تحصى!
سألت أخت العريس: في كمان دفعات جديدة راح تجي من المدعوات؟!. فضحكت وقالت: لأ..ليه تسألين؟!. قلت: لأني شايفة الأكل ما شا الله بيطعمي عشر أضعاف الموجودات!. قالت: خير الله عندنا كثير!
وقد علمت أن الطعام الذي يزيد في الحفلات - غير الفواكه – يُرمى كله في حاويات القمامة!. فهل يجوز هذا التبذير الشنيع إذا كان "خير الله كثير"؟!
قال الله عز وجل ((كُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)).. وقال ((إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا))
إن مثل ذلك الإسراف حرام حتى لو لم يكن في البلد فقير واحد, فكيف والبلد فيه عدد كبير من الفقراء الذين نرى الكثيرين منهم يتسولون ليلاً ونهاراً في الشوارع والأسواق؟!. بل ونرى بعضهم يبحثون في حاويات الزبالة عن أي شيء يؤكل, وغالبيتهم من أولئك الذين يُسمون بالوافدين!
لماذا لا يتم إنشاء جمعية خيرية ينحصر عملها في أخذ الفائض يومياً من موائد القصور والفنادق وصالات الأفراح, ثم توزيعه على الأسر المعدمة التي لا تجد ما تأكله؟!
البطر وعدم الحفاظ على النعمة ذنب عظيم جداً!. وحكت لي أمي أنه كانت لأهلها جارة غنية, وكانت تنظف زجاج نوافذها بلب خبز الساندويش!. فنهاها عن ذلك بعض الناس الذين حولها, ولكنها لم ترتدع!. وكان العقاب الرباني لها بالمرصاد, وجاء جزاؤها من جنس عملها!. إذ قصفت طائرة حربية إسرائيلية عمارة في حي أبي رمانة بدمشق, أثناء حرب ثلاثة وسبعين من القرن الماضي, وكانت تلك المرأة وقتئذ تمشي بالصدفة على الرصيف أمام البناية!. فماذا حصل لها؟. وجدوها حيةً بالقرب من الأنقاض وقد شوهتها شظايا الزجاج التي إنغرزت كالخناجر في جسمها كله!
1
404

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

زين على زين
زين على زين
الله يهديهم ويهدي الجميع:26: