من البلاء على المؤمن أن يدعو فلا يجاب , فيكرر الدعاء ويبالغ فيه , فتطول المدة فلا يرى أثراً للإجابة .
ومن هنا يجد الشيطان فرصته , فيبدأ بالوسوس له , وإساءة الظن بربه , وإيقاعه بالإعتراض على حكمته .
فينبغي لمن وقعت له هذه الحال ألا يختلج في قلبه شيء مما يلقيه الشيطان , ذلك أن تأخر الإجابة مع المبالغة في الدعاء يحمل في طياته حكماً باهرة , وأسراراً بديعة , لو تدبرها الداعي لما دار في خلده تضجر من تأخر الإجابة .
وهذه بعض الحكم والأسرار والتي يحسن بالمؤمن أن يتدبرها :
1 ) أن تأخر الإجابة من البلاء الذي يحتاج إلى صبر :
فتأخر الإجابة من الإبتلاء , كما أن سرعة الإجابة من الإبتلاء .
قال تعالى { ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون }
فلا تيأسن من روح الله وإن طال البلاء .
قال عمر بن عبد العزيز " أصبحت ومالي سرور إلا في انتظار مواقع القدر , إن تكن السراء فعندي الشكر , وإن تكن الضراء فعندي الصبر "
2 ) أن الله عز وجل هو مالك الملك :
فله التصرف المطلق بالعطاء والمنع , إن أعطى فبفضل وإن منع فبعدل .
3 ) أن الله عز وجل له الحكمة البالغة :
فلا يعطي إلا لحكمة , ولا يمنع إلا لحكمة .
فتأخر الإجابة قد يكون عين المصلحة للداعي .
4 ) قد يكون في تحقيق المطلوب زيادة في الشر :
فربما تحقق للداعي مطلوبه , وأجيب له سؤله , فكان ذلك زيادة إثم , أو تأخير عن مرتبة , أو كان ذلك حاملاً على الأشر والبطر , فكان التأخير أو المنع أصلح .
5 ) أن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه :
وهذا سر بديع يحسن بالعبد أن يتفطن له حال دعائه لربه , ذلك أن الله عز وجل أحكم الحاكمين , وأرحم الراحمين .
ولو مكنوا من الاختيار لأنفسهم لعجزوا عن القيام بمصالحهم علماً وإرادةً , وعملاً .
فإذا سلم العبد لله , وأيقن بأن الملك ملكه , والأمر أمره , وأنه أرحم به من نفسه ـ طاب قلبه , قضيت حاجته أو لم تقضَ .
ومع هذا فلا خروج له عما قدر عليه , فلو رضي باختيار الله أصابه القدر وهو محمود مشكور ملطوف به , وإلا جري عليه القدر وهو مذموم غير ملطوف به .
6 ) أن الإنسان لا يعلم عاقبة أمره :
فربما يطلب مالا يحمد عاقبته , وربما كان فيه ضرر , قال تعالى { وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم }
ولهذا من لطف الله تعالى لعبده أنه ربما طمحت نفسه لسبب من الأسباب الدنيوية , التي يظن بها إدراك بغيته , فيعلم الله أنها تضره , وتصده عما ينفعه , فيحول بينه وبينها , فيظل العبد كارهاً ولا يعلم أن ربه قد لطف به , حيث أبقى له الأمر النافع , وصرف عنه الأمر الضار .
7 ) الدخول في زمرة المحبوبين لله عز وجل :
فالذين يدعون ربهم , ويبتلون بتأخر الإجابة عنهم ـ يدخلون في زمرة المحبوبين , المُشرَّفين بمحبة رب العالمين , فهو سبحانه أذا أحب قوماً ابتلاهم .
8 ) قد تكون الدعوة مستجابة دون علم الداعي :
فإذا أتى الإنسان بأسباب الإجابة , وسلم من موانعها , فالداعي لا يخلو بأن يستجاب له دعاؤه فيرى أثره في الدنيا , أو لا يستجاب له لوجود أحد موانع الدعاء , أو أن يستجاب له ولكن لا يرى أثراً للإجابة في الدنيا وإنما يؤخر له من الأجر مثل دعوته يوم القيامة , أو أن يصرف الله عنه من السوء مثل دعوته وهو لا يعلم .
فلماذا لا يحسن العبد ظنه بربه ويقول : لعله استجيب لي من حيث لا أعلم ؟ .
9 ) قد يكون الإنسان سد طريق الإجابة بالمعاصي :
ولو فتحها بالتقوى لحصل مراده .
أما علم أما علم أن التقوى سبب الراحة , وأنها مفتاح كل خير ؟
أما سمع قول الله عز وجل { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب } .
:26: أخواتي الغاليات أحبكم في الله تعالى وأسأل الله أن يجمعنا تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله .

أم رغد المتفائلة @am_rghd_almtfayl
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

عصفوره مشاكسه
•
الحمد لله على كل شي راضين بالي كاتبه الله

الصفحة الأخيرة