إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فابدءوا بالعشاء

ملتقى الإيمان




شرح حديث: (إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فابدءوا بالعشاء)

للشيخ : ( عبد الله بن عبدالرحمن الجبرين )

قال المصنف: . حديث تقديم الطعام على الصلاة إذا حضر، المراد به -والله أعلم-إذا كانت النفس متعلقة بالطعام ومشتاقة إليه، وكان ذلك في وقت شدة جوع وجهد وفي الطعام قلة، والناس في حاجة إليه، فإن النفس تبقى مشغولة بذلك الطعام، وإذا ذهب إلى الصلاة ونفسه متعلقة بذلك الأكل لم يقبل على صلاته، ولم يطمئن فيها، وخاف ألا يبقى له طعام يكسر شوكة الجوع وحدته وشدته، فلا يقبل على صلاته؛ وذلك لأن المطلوب في الصلاة الإقبال عليها بقلب متفرغ حتى يحصل فيها الخشوع، وتحصل فيها الطمأنينة، ويحصل فيها التعقل والتأمل لما يقرؤه ويفعله، وتخشع فيها جوارحه، ويحضر قلبه ولبه في صلاته، ويتأمل الحكم التي تمر عليه، وبذلك يستفيد من صلاته، أما إذا صلى وقلبه منشغل بغيرها فإنه لا يدري ما يقول، ولا يدري ما يفعل، فينصرف من الصلاة وهو لم يدر ماذا قال، ولا بماذا قرأ ولا ماذا حصل له، فلا يستفيد من الصلاة الفائدة المطلوبة، والمطلوب في الصلاة -كما قلنا- الإقبال عليها بالقلب والقالب، فكل شيء يشغل اللب ويوجب حديث النفس ويسبب الصدود عن الإقبال عليها فإنه لا يفعله ولا يأتيه. ولأجل ذلك ينهى عن الصلاة في شدة برد مزعج لا يطمئن معه في صلاته أو في شدة حر، ويؤمر إذا اشتد الحر أن يبردوا بالصلاة حتى تنكسر شوكة الحر، وكذلك: إذا كان هناك شغل شاغل يشوش على المصلي في صلاته فإنه يباح له أن يؤخر الصلاة إلى أن يقبل على صلاته ويزيل عنه ذلك الشغل الذي يشوش عليه فكره، ويشتت عليه أمره. فالمطلوب في الصلاة أن يأتي إليها المسلم بقلب فارغ، والمطلوب من المصلي إذا أتى إلى المسجد أن يخلف الدنيا خلف ظهره، وأن يأتي إليها وقد أقبل على عبادة ربه، وجعلها شغله الشاغل وحديث نفسه حتى لا يفكر في شيء من أموره الخاصة ولا العامة، وبهذا يستفيد من صلاته الفائدة المرجوة منها.





ضوابط تقديم الطعام على الصلاة

موضوع تقديم الطعام على الصلاة ذكر العلماء أن الأولين كانوا في وقت قلة من الطعام، وإذا حضر الإفطار والنفس مشتاقة إلى الأكل، وكان في الأكل والأزواد قلة فيما بينهم؛ فإذا أفطروا قدموا عشاءهم، فإذا قدموه وأقيمت الصلاة قام بعضهم ونفسه متعلقة بذلك الطعام حتى لا تفوته الصلاة، فإذا قام لأجل المحافظة على الصلاة رجع وقد أكل الطعام، ولم يبق له ما يسد جوعته، فيبقى مشوش الفكر، أولاً: لأنه صلى وقلبه متعلق بالطعام. ثانياً: لأنه لما رجع لم يجد ما يسد جوعه، فبقي كأنه متكره لتلك الصلاة التي حالت بينه وبين أن يساهم في الأكل؛ فلأجل ذلك أصبح عذراً في تأخير الصلاة. ولا شك أن هذا يعتبر عذراً مع شدة الحاجة إلى الطعام، ومع القلة في الأزواد، ومع خوف فناء الأكل، وبقاء الصائم جائعاً بلا أكل، ولذلك روي عن ابن عمر أنه كان يتعشى وهو يسمع الإقامة إذا كان صائماً؛ وذلك لأجل أن يقبل على صلاته بقلب متفرغ ولا يكون قلبه مشتغلاً بالطعام. ثم معلوم أن طعامهم وعشاءهم لم يكن مثل أطعمة الناس في هذه الأزمنة، إنما يأكلون العلقة من الطعام كما قالت عائشة : (إنما كن النساء يأكلن العلقة من الطعام)، ويمتثلون قوله عليه الصلاة والسلام: (بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه)، هذا أكلهم، إنما يأكلون ما يسد الرمق ويسد الجوعة، أما أنهم يستغرقون في أنواع الأطعمة فإن في هذا شيئاً من الإسراف، ثم فيه أيضاً كثير من الانشغال، فإذا كانت النفس متعلقة بالطعام فلا يقوم إلى الصلاة إلا بعدما يعطي نفسه ما يسد جوعته، وما يخفف حاجته إلى ذلك الأكل، دون إفراط وإسراف في الأكل، ودون تأخير زائد للصلاة. وكذلك أيضاً لا ينبغي أن يجعل الناس مواقيت الأكل هي مواقيت الصلاة، بحيث يعتذر أحدهم بأنه جاءه وقت الصلاة وهو يأكل وقد حضر الأكل؛ لأن للأكل مواقيت معروفة، كان الأكل فيما مضى أول النهار بعد الصبح غداء وأول الليل عشاء، بعد المغرب، هذا هو الوقت المعتاد، أما أنهم يتحرون وقت الفجر أو وقت المغرب أو وقت العصر للأكل ويعتذرون بأنهم أخروا الصلاة اشتغالاً بالأكل، ويجعلون ذلك عادة متبعة؛ فإن هذا لا يسوغ ولا يجوز، أعني: تعمد جعل وقت الطعام هو وقت الصلاة مع إمكان تقديمه أو تأخيره. وكذلك نعرف أن القصد أن ذلك في حالة قلة الأزواد والحاجة الشديدة إلى الطعام وتعلق النفس به.





النهي عن الصلاة وهو يدافعه الأخبثان

وأما قوله: (لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان) الأخبثان: البول والغائط، والمراد: أن الصلاة في حالة كونه حاقناً يعني: حاصر البول، أو محتاجاً إلى التبرز (للغائط) فإنه في تلك الحالة لا يقبل على صلاته، ولا يطمئن فيها؛ لكون ذلك الأمر مما يشوش عليه فكره، ومما يكدر عليه حالته، فلا يقبل على العبادة، فأمر والحالة هذه بأن يتخلى حتى ولو فاتته الجماعة، حتى يقبل على الصلاة فارغ القلب، حتى رفع إلى بعض العلماء سؤال: إذا كان الإنسان في حاجة إلى التخلي-يعني: إما حاقناً وإما حاقباً- وليس عنده ماء يتوضأ به إذا تخلى، فهل يصلي حاقناً وهو على طهر أو يتبرز ويصلي متيمماً؟ فرجح أن عليه أن يتخلى ولو لم يجد ماء، ويصلي بالتيمم بعد فراغه، ومع سعة باله، ومع بعده عما يشوش عليه فكره. لا شك أن الذي يحس باحتقان البول وحرقه والحاجة إلى التخلي يبقى متشوشاً، وأن ذلك يذهب طمأنينته وإقباله على الصلاة، وقد عرفنا أن روح الصلاة ولبها هو الخشوع، وأنه لا يتصور الخشوع مع هذه الحال التي هي كونه حاقناً أو حاقباً، يعني: محتاجاً إلى إخراج البراز ونحوه، وكذلك كونه متعلقاً بأكل وبحاجة إليه أو بشراب كمن كان شديد الظمأ أو شديد الجوع أو ما أشبه ذلك. والأصل من هذه الأحاديث: أن المصلي مأمور بأن يأتي إليها وهو فارغ القلب؛ حتى يستفيد من صلاته، وينصرف وقد تأثر بالعبادة.


8
662

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

الامــيــرة01
الامــيــرة01
غفرالله لي والوالديني
ولجميع المؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
مؤمنة صابرة
مؤمنة صابرة
جزاك الله خيرا
الؤلوه مريم
الؤلوه مريم
جزاك الله خيرا
جزاك الله خيرا
جزاكي الله خير
الامــيــرة01
الامــيــرة01
يعطيكم العافيه على
المرور

وجزاكم الله خيرا ونفع بكم الامة وجعلكم من السعداء

رفع الله قدركم وغفرلكم ولوالديكم
ولجميع المؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
الحاجة ام طه
الحاجة ام طه
جزاك الله كل خيرا على موضوع