السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
نكران الجميل من شيم اللئام
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه
لا يستغني الناس في هذه الحياة عن بعضهم البعض، فلا يستطيع إنسان أن يعيش وحده. ومعنى ذلك أن هذا الإنسان سيؤدي إلى الآخرين بعض ما يحتاجون إليه، كما إنه سيأخذ منهم بعض ما يحتاج إليه. وقد وجه النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى الاعتراف بالجميل وعدم نكرانه، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من أُعطيَ عطاءً فوجد فليجْز به، ومن لم يجد فليثن فإن مَن أثنى فقد شكر، ومن كتم فقد كفر، ومن تحلَّى بما لم يُعْطَهْ كان كلابس ثوبَي زور )) صحيح، رواه الترمذي وأبو داود.
أما أن يحسن الآخرون إلى أحدنا فلا يجدون إلا نكرانًا فهذا دليل على خِسَّة النفس وحقارتها، إذ النفوس الكريمة لا تعرف الجحود ولا النكران، بل إنها على الدوام وفية معترفة لذوي الفضل بالفضل
هذا المرض الاجتماعي اصبح متفشيا في هذه الايام للأسف !!
فكم صعبا على الانسان حين يجد ان اقرب شخص اليه وهو يطعنه بخنجر الجحود والاساءة ... وكم مؤلما حين ترى ان من قدمت له كل عون وكل ما تستطيع تقديمه من جهد ومن ود وحتى من وقت وهو في نفس الوقت يقابلك بكل لؤم وصلف ناكرا عليك كل جمائلك وافضالك التي قدمتها له عن طيب خاطر .
والاصعب هي الصورة الجميلة والبهية التي ترسمها لمثل هؤلاء وهي في حقيقتها صورة بالية كالحة تسقط عنها الوانها المبهرجة عند اول قطرة مطر ... !!!
و الادهى ان هؤلاء الجاحدين اللئام انهم يتعمدون نسيان محاسنك ولا يتذكروا حسناتك وحين يذكروك لا يتذكرون الا عيوبك التي يحاولون ان يغطوا على محاسنك وان يوهموا انفسهم بوجودها ((وحتى بفرض وجود هذه المساوئ لعدم وجود اي انسان معصوم من العيوب )) !! .
السؤال .. لماذا لا يتذكرهؤلاء الناكرين للجميل سوى عيوب الاخرين ممن انكروا جمائلهم ، وينسوا كل خصالهم الطيبة عامدين ؟؟!!
ولو ناتي ونسلط الضوء على ناكر الجميل وعديم الوفاء فنراه في حقيقته انه اما احمق جاهل وحمقه هذا ناتج عن النقص في الوعي يحاول ان يخفيه باخفاء محاسن الاخرين ، او ربما هو في أصله حسود ناقم ويحمل حقدا دفينا في داخله نتيجة عقد الطفولة او النقص الذي يحويه ، ويحاول هذا الحاقد اللئيم ان يكمله عبر انتقاصه ممن هم افضل منه .
فمن عدم الشكر الى إنكار الجميل الى الإساءة كل هذه الصفات هي خصال مذمومة لا يحملها البشر الاسوياء والاصحاء (( عقليا ونفسيا )) .
الا ان العزاء الوحيد هو ان هؤلاء الاشخاص لا يستطيعوا ان يحافظوا على الصورة البراقة التي يرسموها لانفسهم فترة طويلة فسرعان ما تتضح امام الجميع وعندها سيكون امثالهم منعزلين في قواقع عقدهم قابعين في كهوفهم المظلمة ، فكما هو معلوم ان حبل الكذب قصير ولا يدوم طويلا ... فليس من الصعب ان تكذب ولكن ليس من السهل ان تبقي الاخرين يصدقون كذبك .
نعم ... ان من فيه مثل هكذا مرض اجتماعي سيبقى وحيدا فريدا وان الذين من حوله سينفضوا عنه عاجلا ام اجلا ، فنصيحتي لاصحاب هذه الخصلة السيئة ان يعالجوا انفسهم من مثل هذه الادران وان يعودا لانسانيتهم قبل فوات الاوان
- من لم يشكر الناس لم يشكر الله :
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر : (( من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، التحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب )) صحيح الترغيب والترهيب.
وهكذا يوجه النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى الإقرار بالجميل وشكر من أسداه، بل والدعاء له حتى يعلم أنه قد كافأه، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن أتى عليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه )) صحيح الترغيب والترهيب.
ولكل هذا الذي اوردناه يجب على المرء ان يكون اكثر حذرا في تعامله مع الاخرين وان لا نصدق صورة الحمل الوديع التي يظهرها الاخرون لنا فلقد يجوز ان داخلها يكمن ذئبا متوحشا وهو متحفز للانقضاض على فريسته ... وهذه ليست نظرة تشاؤمية لانها تحمل الكثير من الواقع ،وبالفعل صدق من قال " اتق شر من احسنت اليه " .
فإياك إياك ونكران الجميل، واشكر صنائع المعروف، وكن من الأوفياء، فإن الكريم يحفظ ود ساعة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

مريومة توتو @mryom_toto
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

أناياأنا
•
اتقي شر من احسنت اليه




الصفحة الأخيرة