بسم الله الرحمن الرحيم
إذا تثعلبت القطط..فقد قرب الخطر
في قرية صغيرة.. على شاطئ بحيرة بالماء وفيرة..
كانت تسكن أسر واعية.. بدينها مستمسكة.. وبأخلاقها مفتخرة..
كان لكل رجل حضيرة مجاورة.. قد أودع فيها دجاجات.. في الحسن بديعات.. وفي الجسم أنيقات..
يحرسها كما يحرس أهله.. ويحميها كما يحمي عياله..
عاشت تلك الدجاجات في رفاهية عالية.. وأمن وارف.. تعيش في أمان.. وترفل في أطمئنان..
وكان حول الحضيرة.. قطط أليفة.. حريصة على بيت صاحبها.. أمينة على دجاج أهلها..
قطط حريصة.. ذكية فطينة.. تحمي المنازل من الفئران.. وتحرصها من الجرذان..
قد أحبها أهل القرية.. ومنحوها الأمن والأمان..
أصبحت لهم محببة.. ومنهم مقربة..
لا يُخشى غدرها.. ولا يُخاف مكرها..
وفي ليلة من الليالي.. بعد غروب الشمس الصافية.. وحلول الظلمة القاتمة..
عاد الرجال إلى الدور.. واجتمعوا بالأبناء والأحفاد..
هدأت القرية.. وأنقطعت فيها الأصوات.. وحلت عليها الظلمات..
دخل ذئب جائع.. فصال فيها وجال.. على غفلة من القطط.. ووحشة من البشر..
فرأى تلك الدجاجات.. ولمح جمال تلك الأنيقات..
ثم خرج إلى صحبه.. يسيل لعابه من فمه.. وتسبق قدمه يده..
واجتمع بأخوانه من الذئاب.. وشاركهم في ذلك الأجتماع.. ثلة من الكلاب.. على غير عادة..
قال ذلك الذئب.. وفمه يسيل باللعاب.. وأمعاؤعه تئن من المجاع.. اسمعوني يا صحاب..
وقعت عيني على شيء لذيذ في الجوار.. لا يقاوم تركه فالعقل في وصفه يحار..
وقعت عيني على وجبة دجاج ناعمات.. وجبة أحلى وأجمل وأمتع من جميع الكائنات..
وإذا طاولة البحث مئلية باللعاب.. كل *** سال من فيه لعاب كالقباب.. وكذا كل الذئاب..
قال *** شرس في عينه من الشر الكثير.. يا رفاقي حان وقت الغزو للأكل الوفير.. حان وقت الفوز بالطعم اللذيذ..
وكذا أبرز بعض من ذئاب الجمع أنياباً تهاب.. قال هيا.. اسمعوا نصح الكلاب..
قال ذاك الذئب في عقل رزين كالجبال: ورجال القرية الأبطال ماذا يا تراهم يصنعون؟!..
هل تراهم يتركون الداجن الوافر باللحم السمين؟!.. لكلاب وذئاب جائعات من سنين..
لا أرى هذا يكون، ولا أرى هذا يصير..
قال ذاك ال*** في لهف وشوق لا يطاق.. فدعوها وابحثوا عن ناصح منكم حكيم.. يحبك الأفكار في عقل نبيه مستبين.. ثم يأتينا برأي ثاقب يقضي المراد..
خيَّم الصمت على كل الحضور.. وبدا كل يفكر في طريق للوصول.. في سبيل يوصل الجائع إلى وكر الدجاج..
صاح ذئب فيهم هذا السبيل.. اسمعوني واعقلوا قولي فقولي لا يخيب..
انصت الجمع وكل ينتظر ذاك الطريق.. قال هذا الذئب في جوع وشوق للسمين..
هل بتلك القرية المزيونة قط أليف؟.. فأجاب الذئب في حزن نعم فيها كثير.. غير ماذا يجدي القط الضعيف؟..
قال في مكر وفي غدر وفي حرص شديد.. احضروا لي ذلك القط الاليف..
وانطلق *** صغير يشبه القط الكبير.. واقترب من ذلك القط الشهير.. قال يا ذا القط كم عمرك.. أما تدري السنين؟..
كم مضى من عمرك الحلو السعيد.. بين أبيات وأسوار وبين الإنس في تلك القيود..
أوما ترغب في عيش فسيح في الجوار... أوما ترغب في صحبة كبار وصلوا نجم السماء.. أو ما ترغب في عيش سعيد يا شقي..
إن إخواني وصحبي وأبي كل له شأن مهاب.. اسمهم يلمع في كل فضاء..
وجدوا تلك السعادة.. والنجابة.. والوفاء.. هم مع الذئب الذي إن صاح هز الأرض من خوف وهيبة..
ليس مثلك بين فئران تطاردها وتشعر بالمذلة.. بين ناس ودجاج داخل الأقفاص في ذل وفي هم وخيبة..
بدار القط الكبير الضخم ما الحل؟ أما تسدي النصيحة!..
قال بل انصح من مثلك يصدق ما أريده.. هات كفك وانطلق في صحبتي نحو الخميلة.. نحو عيش ليس محكوماً ولا في النفس ريبة..
وانطلق ذاك القطيط الضخم يسعى نحو صحبه.. والتقى بالذئب في تلك الخميلة..
قال أهلاً مرحباً يا صاحب النفس العزيزة.. أنت كفء للعلا يا صحاب النفس النزيهة.. أنت من تصلح يا هذا لتحرير الأسيرة.. أنت من تقدر يا هذا على منح السعادة للدجاجة..
آه يا تلك الحزينة.. كم يمزق قلبي المحزون ما تحيا به تلك الحبيسة.. كم يؤنبني ضميري حين لم أسدي النصيحة.. للدجاجات الحبيسة..
قال هذا القط في نكر وفي دهشة عجيبة.. أنا لم افهم.. وما شأن الدجاج؟..
إنه في أمن قوم بأسهم مثل الجبال.. إنه في قرية أمنها يضرب به ألف مثال..
قال: يا مسكين ما الأمن المعاب.. لا ولا ما ينبني منه المثال.. إنما المكسين من عاش السنين.. قانعاً في داخل السجين اللعين..
إنني أرحم شخصاً لم ير أرضاً بلا شبك ولا حجر ولا جدر يحاط...
إنني أرغب في إخرج تلك القاصرات.. نحو أرض الخِصب والماء الزلال.. نحو أرض الورد والزهر الممال..
قاطع القط الأمين الذئب قال: كيف أخرج تلك من أمن وأمان.. نحو أرض أنت فيها وكذا كل الكلاب؟!
أوما تذكر أنك يا صديقي أحد السباع.. أو تدري أنك يا صديقي من الذئاب.. فتح الذئب فماً تملؤه أنياب طوال.. وضحك ضحكاً مليئاً بالشراسة والهيام..
قال: يا مسكين يا قطي الحبيب.. قد مضى ذاك الزمان المر يا قطي الأليف.. قد مضى زمن الخصام المر والذئب المخيف..
أوما تبصر أن الشاة ترعى في الفلا لا تخشى السباع.. أوما تبصر أن الحمل في هذا الزمان.. ينطلق في صحبة الذئب مع كل السباع..
قد مضى زمن الحذر.. قد مضى زمن الخطر.. نحن في أمن وفي سلم وفي صحبة نقاء..
فرح القط الأليف.. ذلك القط السخيف.. قال: حقاً لم أكن أدري عن هذا التحول.. لم أكن أشعر أن الكون في هذا التطور..
قال أنظر كم جميل أن نعيش.. في أمان وسلام وبعيداً عن دماء الأبرياء..
قال حقاً يا صديقي أنت أنموذج وفاء.. أنت أصل للأمان والسلام والوفاء... آه يا تلك الدجاجات لو تدري بما يجري هنا.. كم هي مظلومة أن لم تكن مثلي هنا..
قال ذاك الذئب يا شبه الأسد.. أنت قط نابه فيك تباشير الذكاء.. وتعي ما العالم المجروح يحتاج وما يحيي الهناء..
وإذا كنت فهمت الدرس يا شبه الأسد.. فليكن ذلك منك وعد أن تنفذ ما نريد.. نحن نسعى في فكاك العالم المسكين من سجين العبيد.. وليكن كل كما نحن يعيش في سلام..
وليكن كل مخلوق له درب الأمان.. انطلق نحو الدجاجات وأخبرها الخبر.. ولتكن في قرية الأشباح أستاذ الوفاء..
اجمع الأخوان والأصحاب من تلك القطط.. واشرح الدرس وبين ما ترى يكفي القطط.. لتكونوا بذرة في السلم والنصح لهن.. ثم انظر في أمورك واطرح كل البشر.. وإذا واجهت شيئاً
لا يساهم في النجاح.. فلتكن مرسول خير بيننا نحو الفلاح..
ومضى القط الأليف الضخم نحو الداجنات.. ونظر فيهن حتى قطرت من عينه الدمعات.. قال حقاً ما روى لي صاحبي في الخلوات.. قد قضت تلك الدجاجات سنيناً في السجون..
آه من تلك السنين.. قد أتى الفجر ولاح النور يا سجناً كئب.. سوف أسعى جاهداً في كسر أبواب الحديد.. سوف أسعى جاهداً في فك أقفال القيود..
ومضى يسعى على شوق إلى إخواته.. هل لكم في الأجر يا أخوة.. ويا خير الرفاق.. إن في فك الأسر الأجر والحظ الوفير.. إن في قريتنا ظلماً عظيماً لا يطاق..
اجتمع كل القطط.. وتنادت في وجل.. هات ما عندك يا هذا وكنا فيها عجل.. قال يا صحبي رويداً إنه حلم كبير..
سوف نبدأ في كفاح سوف نبدأ في النجاح.. إنه حلم كبير يا رفاقي للفلاح..
وبدا هذا الأليف الغر في نشر الخبر.. وشرح درساً طويلاً لا يَمل..
انقسم جمع القطط في ذلك اليوم الأغر.. كل قسم حاد عن بعض وفي كل وجل..
ثم نادى في الدجاجات وقال: هل لكن في التحرر والتخلص يا صحاب.. أخرجوا نحو الحياة الطيبة.. اخرجوا نحو المياة الباردة.. اخرجوا نحو الديار الحالمة.. والسماء الصافية..
اخرجوا نحو السلام.. اخرجوا نحو الهيام.. كيف تبقين وراء السجن في هم وغم.. وهناك العيشة الحلوة من غير خصام.. أخرجوا إن وجدت الحب
والأمن المراد.. عند أصحابي وفي أرض الذئاب.. هتفت تلك الدجاجات بأعلى الصوت في وجل وخوف.. قل كلاماً عاقلاً يا هر إن المكر بان.. كيف نحيا في أمان
عند من عادى الأمان؟.. كيف نحيا في أمان أيها القط الظنين؟..
إن من يزعم ذاك يا هُرَيرُ في جنون.. أوما تدري يا هذا بأن الوحش لا يصبح حنون..
قال هذا القط في ضحك بدت منه السهام.. لا تخافوا يا رفاقي إن ذاك الوحش نام.. أصبح اليوم صديقاً آمناً ليس مهاب.. لا ولا يخشى على حمل صغير أو ظباء..
إن هذا الكون يا صحبي أمان في أمان.. وسلام في سلام.. نحن في عصر مضى فيه المهاب.. أصبح الكل سوياً في رضى رب العباد.. لا يخاف الذئب من ***.. ولا
تُخشى النمور.. هكذا العالم هذا اليوم يرفل في أمان..
صدت الداجن عن هذا الهراء.. وتولت وهي في إصرار جلد لا يفكر في البغاء..
ثم عاد القط يوماً قال هيا يا صحاب.. فكروا في الأمر حتى يظهر الأمر المراد..
بادرت إحدى الدجاجات وقالت: هل لنا منك الأمان؟ قال حقاً، وأنا أظمن كل الكون يا صحبي فهبوا للفضاء..
أخذت تلك الدجاجات تجادل في شقاء.. وتعادي بعضها بعضاً وحار الكل حار..
ومع كل صباح باكر يأتي القطيط.. مقنعاً يوماً ويوماً في تفاهات يهيم..
ذات يوم في المساء الرحب في ليل سكين.. كان ذاك القط بالقرب من الحصن الحصين.. وإذا نبح الكلاب وعواء الذئب يمضي في الهواء .. ليخالط مسمعي ذاك القطيط..
فأخذ يرقص مشغوفاً بتلك النغمات.. قال هيا يا بنات.. أرقصوا هيا لكي تحلو الحياة.. إنها الدنيا جميلة.. غير هذا السجن موت..
رقصت بعض الدجاجات على صوت الذئاب.. وبقي بعض الدجاجات يصارع في العباب..
خرج القوم وأهل القرية المزيونة نحو الدجاج.. فإذا هن على الباب يبادرن الخروج.. نحو ذاك القط في فرح شديد ولجاج..
فتعجب كل فرد من أهالي القرية الصغرى أما هذا عجاب؟
كيف تسعى يا بشر تلك الدجاج إلى لقيا القطط؟! كيف يفرحن ويرقصن على صوت الذئاب؟
إنه حقاً عجاب...
هكذا كانت وما زالت تلك القرية.. يعزف الألحان الذئاب والكلاب.. ويتراقص القطط وبعض الدجاج.. لكن الباب موصد والحضيرة آمنة..
ولا أعلم ما سيحصل في غدٍ.. والله الحافظ والمستعان..
لا تنسوني من الدعاء في ظهر الغيب
غفر الله لي ولكم
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
أم البتول 2008
•
سبحان الله العظيم
سار الدجاج بالامل لعل السعادة هنا بلاملل فالتقمها ذاك الذئب النذل والقط ينضررررررر بحسررررررررره وقلبهامتلا فشل وعقله توارى جدل
الصفحة الأخيرة