....
في ثقة،ويقين .. وبقلب عامربالرجاء ،
وبصدق توجه ،وفي عزلة وخفية..
بعيداً عن أعين الناس ، بعيداً عن أسماعهم ..
يكشف زكريا كربه ..ويتضرع لربه ..
والمكروب يستريح حين يبوح بمايضيق به صدره
فكيف حين يتوجه بشكواه إلى رب العالمين ....؟
بإيمان ويقين أنه تعالى يسمع ويرى ويستجيب؟
فهو تعالى الجناب الذي لايضام من قصده..
ولا يخيب من توكل عليه ..
...
ترسم لنا حروف القرآن في ظل إيقاعها الرخي
صورة زكرياراكعاً في محرابه وهو يبثُ نجواه ، وشكواه ..
بقلبٍ خالص التوجه إلى الله ..
وبهذا المشهد تفتتح السورة بعد :
كهيعص.. بقوله تعالى :
( ذكر رحمة ربك عبده زكريا ) ..
تأملي في مناسبة اقتران كلمة الرحمة بالرب ..
لتبين لنا أنه تعالى المنعم المتصرف ..
يختص برحمته من يشاء من عباده ..
ولتوحي أن التعبد لله من أعظم أسباب الرحمة والإجابة .
أولسنا جميعاً عباد الله ؟
إذن ليكن إخلاصنا في العبودية تأكيداً لعبادتنا ودليلاً عليها ..
ولنكن بعدها على يقين ونحن في خلوة الدعاء
أن أجنحة الرحمة تظللنا ..
وأن طريق الدعاء ..قد اتصل بأسباب السماء..!
:
قومي بجوف الليل بعيداً عن أعين الناس..
في خلوة يخلص فيها القلب لربه واكشفي عما ينوء به كاهلك .
وتأملي في نجوى زكريا
( إذ نادى ربه نداءً خفيا )..
نداء خافت صادر من قلب عبدذليل
ممتلئ بالخشية والرجاء ..!
....
وماالذي همس به زكريا وهو يناجي ربه ..؟
(قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا..)
هاهو زكريا ..
يكشف لربه عما ينوء بحمله ،
وما يثقل كاهله، ويعتلج بصدره..
يناديه دون أبواب وحُجّاب ، في قرب واتصال :
:
( رب...)..!
بهذا النداء وحده هدأ واستراح قلبه ..
وآمن أن مايعقبه من دعاء لايخيب آمله ، ولا يُرد راجيه ..
:
( ربّ ِ) كلمة نداء عظيمة للخالق العظيم..
تصدر من قلب المؤمن ..
مع التوجه الصادق المخلص تكفي لتزيح جبال الهموم ..
:
لاتتوجهي لغير الله ..
ولا تعقدي أمالك على أحد فتُخذلي ..
قولي فقط : ياالله ..!
:
:
ويستغرق زكريا في نداءه ..
ولنتخيل صورته وهو راكع في محرابه
وأعماقه تتهدج انفعالاً وخشية .. ..
ودموعه تنهمر بصمت وخشوع فتبلل لحيته ..
وشفتيه ترتجفتان تأثراً وتضرعاً :
( رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً..)
هو ذا يشكو إلى ربه ماأصبح عليه من ضعف بعد قوة ..
يشكو وهن عظمه ، ورقة حاله ، وخور قواه ،
وكيف أن الشيب غزا سواد شعره فاشتعل بياضاً
كالنار سرت في الهشيم ..!
....
كان زكريا يبسط واقع حاله أمام الله .. ويقول :
رب هذا حالي الآن وانت أعلم بي مني ..
ورغم وهني وضعفي ،
فأنا مؤمن بقدرتك على تحقيق مطلبي .
:
لاتقولي :
إن الظروف المقسرة التي تحيطني محال أن تتبدل..
وأن كل الوقائع تشهد بذلك ..
وأن تغييرها يحتاج لمعجزة ..
لا ..! كوني على يقين وأنت تسألين أن الله لايعجزه شيء .
:
ويستطرد زكريا :
( ولم أكن بدعائك رب شقياً).
زكريا لم يشقَ مع دعائه لربه، وهو في فتوته وقوته.
فلطالما دعاه وما رده يوماً خائباً
فما أحوجه الآن في هرمه وتظافر أسباب عجزه..
أن يستجيب الله له ويتم نعمته عليه!
:
يقول الله تعالى :
( ادعوني أستجب لكم )
لم يقيد دعاءنا بشرط ..
ولم يفرض علينا حدود زمان أو مكان ..
ادعِي في كل آن :
في العسر واليسر
في الشدة والرخاء .. في الليل والنهار
فقط كوني مخلصة في توجهك ..
يكون الله معك ، ويستجيب لك .
:وهنا يفصح زكريا عن مطلبه :
(وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقراً،
فهب لي من لدنك ولياً،
يرثني ويرث من آل يعقوب ...)
...
وبعد أن صور زكريا حاله ..
ذكر مايخشاه ، وبسط مايطلبه اتقاءً لما يخاف منه
إنه يخشى وهو احد أنبياء بني إسرائيل ..
والقائم على أمور أهله ، ورعاية مريم التي كفلها
والمسؤول في بيت المقدس وعلى شؤون الإنفاق والتدبير
أن يضيع من يتولى بعده .. ميراثه ..!
وهو ميراث علم النبوة ..!
فالأنبياء لايورثون ، وزكريا لم يخلف مالاً ..
كما أن آل يعقوب انقطعوا منذ زمن بعيد..
:
زكريا شيخ كبير .. وامرأته عاقراً ..
وشروط استحالة أن يرزق بالولد ..متظافرة ..!
لكن اليأس ماكان ليتطرق إلى نفسه..
وما كان حبل أمله لينصرم ..
:
وهكذا الواقع قد يستحيل إلى جدار من الموانع والعقبات
وتعلن الشواهد أنه لايمكن التغلب عليها وتجاوزها
ولكن المعجزات تحدث بأمر الله وإرادته ..!
فتأملي حال زكريا وموقفه .!
:
( واجعله رب رضيا)
انظري إلى حسن الظن بالله تعالى والرجاء الواسع بعطاءه
إن النبي الصالح زكريا يصور أمله في ذلك الوريث الذي يرجوه
ويتمنى على الله أن يجعله رضيا..
يمشي بالرضا بين الناس ، ويلقي ظلال الرضا فيما حوله ..
ليس بجبار ولا غليظ ولا طامع ..
ولكن يجمع كل صفات الخير بكلمة واحدة .. (الرضا ).
:
اطلبي الرضا في دعاءك ..
لك .. لولدك .. لأهلك ..
فالرضا كنز من كنوز المحبة ..!
:
ذلك كان دعاء أيوب وتضرعه الخفي ..
والله تعالى قريب .. سامع مجيب ..
وحصلت الاستجابة ..
واختُص بهبة إلهية معجزة متميزة في نوعها ..
وهبه تعالى ( وليا ) كما تمنى ..
وبشره بغلام ( رضيٍّ) كما أحب اسمه يحي ..
لم يكن له من قبل له سمياً ..
( يازكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا).
...
إنه فيض الكرم الإلهي على العبد المخبت زكريا ..!
ورحمة عظيمة وبشارة معجزة دهش لها زكريا ..!
وردّ الله تعالى عليه :
( هو علي. هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا )
خلقُكَ من عدم ..
هو أمرٌ أعظم ..مما وهبك .!
فسبحان الله القادر المستحق وحده للعبادة ..!
فيضٌ وعِطرْ @fyd_oaatr
فريق الإدارة والمحتوى
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الحبيبة فيض
طرح أكثر من رائع كروعة قلمك دائما
نعم لنا رب عظيم رحيم كيف نقنط او نياس
سلمت يداك حبيبتي وجزاك الله كل خير على ما خطه قلمك المبدع فيض الواحة الرقراق
تقبلي مرورى ودمت بود وحب دائمين غاليتي فيض
طرح أكثر من رائع كروعة قلمك دائما
نعم لنا رب عظيم رحيم كيف نقنط او نياس
سلمت يداك حبيبتي وجزاك الله كل خير على ما خطه قلمك المبدع فيض الواحة الرقراق
تقبلي مرورى ودمت بود وحب دائمين غاليتي فيض
الصفحة الأخيرة
ياااارب حققلي مااتمناه وبشرني عن قريب بتحقيقه