أقرئي للآخر
وكأنكِ لستِ من أهل الدنيا :
أفضل العبادة
💫كلام قيّم لابن القيم💫
قال ابن القيم - رحمه الله :
" إن أفضل العبادة العمل على مرضاة الرب في كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته،
فأفضل العبادات في وقت الجهاد: الجهاد، وإن آل إلى ترك الأوراد، من صلاة الليل وصيام النهار، بل ومن ترك إتمام صلاة الفرض، كما في حالة الأمن.
والأفضل في وقت حضور الضيف مثلاً:
القيام بحقه والاشتغال به عن الوِرد المستحب، وكذلك في أداء حق الزوجة والأهل.
والأفضل في أوقات السَّحَر:
الاشتغال بالصلاة والقرآن، والدعاء والذكر والاستغفار.
والأفضل في وقت استرشاد الطالب وتعليم الجاهل:
الإقبال على تعليمه والاشتغال به.
والأفضل في أوقات الأذان:
ترك ما هو فيه من ورده، والاشتغال بإجابة المؤذن.
والأفضل في أوقات الصلوات الخمس:
الجدُّ والنصح في إيقاعها على أكمل الوجوه، والمبادرة إليها في أول الوقت، والخروج إلى الجامع، وإن بَعُد كان أفضل.
والأفضل في أوقات ضرورة المحتاج إلى المساعدة بالجاه أو البدن أو المال:
الاشتغال بمساعدته وإغاثة لهفته وإيثار ذلك على أورادك وخلوتك.
والأفضل في وقت قراءة القرآن:
جمع القلب والهمة على تدبُّره وتفهمه، حتى كأن الله - تعالى - يخاطبك به، فتجمع قلبك على فهمه وتدبره، والعزم على تنفيذ أوامره، أعظم من جمعية قلب من جاءه كتاب من السلطان على ذلك.
والأفضل في وقت الوقوف بعرفة:
الاجتهاد في التضرع والدعاء والذكر، دون الصوم المضعِف عن ذلك.
والأفضل في أيام عشر ذي الحجة:
الإكثار من التعبد، لاسيما التكبير والتهليل والتحميد، فهو أفضل من الجهاد غير المتعين.
والأفضل في العشر الأواخر من رمضان: لزوم المسجد فيه، والخلوة والاعتكاف، دون التصدي لمخالطة الناس والاشتغال بهم، حتى إنه أفضل من الإقبال على تعليمهم العلم، وإقرائهم القرآن، عند كثير من العلماء.
والأفضل في وقت مرض أخيك المسلم أو موته:
عيادته، وحضور جنازته وتشييعه، وتقديم ذلك على خلوتك وجمعيتك.
والأفضل في وقت نزول النوازل وأذى الناس لك:
أداء واجب الصبر مع خلطتك بهم، دون الهرب منهم، فإن المؤمن الذي يخالط الناس ليصبر على أذاهم أفضل من الذي لا يخالطهم ولا يؤذونه.
والأفضل خلطتهم في الخير، فهي خير من اعتزالهم فيه، واعتزالهم في الشر، فهو أفضل من خلطتهم فيه، فإن علم أنه إذا خالطهم أزاله أو قَلَّله، فخلطتهم حينئذ أفضل من اعتزالهم.
فالأفضل في كل وقت وحال إيثار مرضاة الله في ذلك الوقت والحال، والاشتغال بواجب ذلك الوقت ووظيفته ومقتضاه
وهؤلاء هم أهلُ التعبُّد المطلق،
والأصناف قبلهم أهل التعبد المقيد،
فمتى خرج أحدُهم عن النوع الذي تعلق به من العبادة وفارقه، يرىَ نفسه كأنه قد نقص وترك عبادته، فهو يعبد الله على وجه واحد،
وصاحب التعبُّد المطلق ليس له غرضٌ في تعبد بعينه يؤثره على غيره؛
بل غرضه تتبُّع مرضاة الله تعالى أين كانت، فمدار تعبُّده عليها،
فهو لا يزال متنقلاً في منازل العبودية، كلما رفعت له منزلة عمل على سيره إليها، واشتغل بها حتى تلوح له منزلة أخرى، فهذا دأبه في السير حتى ينتهي سيره،
فإن رأيت العلماء رأيته معهم، وإن رأيت العباد رأيته معهم، وإن رأيت المجاهدين رأيته معهم،
وإن رأيت الذاكرين رأيته معهم،
وإن رأيت المتصدقين المحسنين رأيته معهم،
وإن رأيت أرباب الجمعية وعكوف القلب على الله رأيته معهم،
💫 فهذا هو العبد المطلق، الذي لم تملكه الرسوم، ولم تقيده القيود، ولم يكن عمله على مراد نفسه وما فيه لذتها وراحتها من العبادات؛ بل هو على مراد ربه، ولو كانت راحة نفسه ولذتها في سواه،
💫 فهذا هو المتحقق بـ{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} حقًّا،
القائم بهما صدقًا،
ملبسه ما تهيأ،
ومأكله ما تيسر،
واشتغاله بما أمر الله به في كل وقت بوقته،
ومجلسه حيث انتهى به المكان ووجده خاليًا،
لا تملكه إشارة،
ولا يتعبده قيد،
ولا يستولي عليه رَسْم،
حرٌّ مجرَّد،
دائر مع الأمر حيث دار،
يدين بدين الآمر أنى توجهت ركائبه،
ويدور معه حيث استقلت مضاربه،
يأنس به كل محقٍّ، ويستوحش منه كل مبطل، كالغيث حيث وقع نفع، وكالنخلة لا يسقط ورقها وكلها منفعة حتى شوكها،
وهو موضع الغلظة منه على المخالفين لأمر الله، والغضب إذا انتهكت محارم الله،
💫فهو لله وبالله ومع الله،
قد صحب الله بلا خلق، وصحب الناس بلا نفس،
بل إذا كان مع الله عزل الخلائق عن البين وتخلى عنهم،
وإذا كان مع خلقه عزل نفسه من الوسط وتخلى عنها،
فواها له!
ما أغربه بين الناس!
وما أشد وحشته منهم!
وما أعظم أنسه بالله وفرحه به،
وطمأنينته وسكونه إليه!
والله المستعان،
وعليه التكلان".
مدارج السالكين
ابن القيم

*أم المنصور* @am_almnsor_2
عضوة مميزة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

**الدره الثمينة**
•
جزاك الله خير




الصفحة الأخيرة